۳۷۵مشاهدات

جنود بريطانيون قاتلوا في العراق وافغانستان يتسولون في الشوارع

أغلبهم يعانون من أمراض نفسية ومن اضطرابات ما بعد الصدمة التي عادة ما يصاب بها من عاشوا تجارب قتل مروعة، كما أن تلك التقارير تشير إلى أن أجسادهم تنهشها المخدرات والخمور والمشاكل الصحية.
رمز الخبر: ۱۴۰۰۹
تأريخ النشر: 20 October 2013
شبكة تابناك الاخبارية: بعد سنوات من الخدمة في عدة مناطق بالعالم حملوا خلالها أرواحهم على أكفهم، وجد العديد من الجنود البريطانيين السابقين أنفسهم يتقاسمون الشوارع مع المشردين والمتسولين، إذ 'تنكر لهم الجميع' وصاروا يفترشون الأرض ويلتحفون السماء.

محاربون سابقون عادوا إلى بلادهم محملين بحكايات القتل والرعب من يوغسلافيا وأفغانستان والعراق وغيرها من بقاع الدنيا التي أوحى لهم رؤساؤهم يوما بأنهم أرسلوهم إليها دفاعا عن المصالح العليا لبلادهم وعن القيم الإنسانية والديمقراطية.

ما بعد الصدمة
تقول تقارير بريطانية إن هؤلاء الجنود القدامى يشكلون 25% من المشردين في شوارع البلاد، وأصبح مألوفا أن تجدهم ينامون على الأرصفة وفي الحدائق العامة والمقابر، حتى إن بعضهم -كما تقول هذه التقارير- ماتوا من البرد أو جراء جرعات زائدة من المخدرات.

أغلبهم يعانون من أمراض نفسية ومن اضطرابات ما بعد الصدمة التي عادة ما يصاب بها من عاشوا تجارب قتل مروعة، كما أن تلك التقارير تشير إلى أن أجسادهم تنهشها المخدرات والخمور والمشاكل الصحية.

الجزيرة نت التقت بعضهم ممن ينتمون إلى أفواج عدة من القوات المسلحة البريطانية، منها سلاح الجو وقوات النخبة، واستمعت إلى قصصهم التي لم يستطع بعضهم مقاومة الدموع والزفرات وهم يحكونها.

الجندي آرون في العقد الخامس من عمره، خدم في فوج المشاة الملكي لمدة سبع سنوات في عدة أماكن بينها أفغانستان (عام 2006)، وهو الآن بدون مأوى منذ بضعة أشهر، ويتسكع في شارع مزدحم بحي هوف جنوبي العاصمة لندن.

يصر آرون على التسول وهو يرتدي الزي العسكري، ويرفض الخوض في وضعه الأسري، ويكتفي بالقول إنه عاش بعيدا عن أسرته لفترة طويلة لم تترك له غير ذكريات جميلة قضاها مع ابنته البالغة من العمر 21 عاما.

آرون قال للجزيرة نت إنه سرح من الجيش بداية أغسطس/آب 2012 بعد تشخيص حالته باضطراب ما بعد الصدمة، ولما سألناه عن سبب إصابته بهذا الاضطراب توقف عن الحديث وبدا متأثرا بجراحه النفسية والصدمات وأجهش بالبكاء.

جرب آرون حظه للاندماج في الحياة المدنية بعد تسريحه من الجيش، فعمل في قارب صيد، لكنه فقد عمله هذا أيضا، وهو يعيش في الشارع منذ ذلك الحين، وما زال يبحث عن عمل يحفظ ماء وجهه وشرف العسكرية التي قضى فيها جزءا لا يستهان به من عمره. ويؤكد أنه لم يتلق أي مساعدة من الجهات الرسمية لتنتشله مما هو فيه.

خيانة زوجية
أما الجندي جيمس الذي خدم في قوات المظليين، والذي أغرته في بادئ الأمر الدعاية القوية التي تبثها وزارة الدفاع لتشجيع الشباب على الالتحاق بالقوات المسلحة، فيعترف أنه استفاق على سراب.

يقول جيمس بمرارة 'أوهمونا أننا ذاهبون لتخليص الناس في العراق من شيطان اسمه صدام حسين'، وقبل أن يمضي في الحديث تساءل: هل سيجد كلامه طريقا إلى القراء؟ بعد أن ساوره الشك في أننا ربما لن ننشر كل ما يبوح به.

عاد في إجازة مرضية من العراق بعد معاناته من اضطراب ما بعد الصدمة, لكنه وجد أمامه صدمة أخرى يصورها قائلا 'كنت أعتقد أن أول من سيساعدني زوجتي التي اكتشفتُ أنها أصبحت مع رجل آخر، ومنذ ذلك الحين وأنا في الشارع، ولا أريد أن أعود إلى الحياة الطبيعية'.

لا يستطيع جيمس أن ينتشل نفسه من ذكريات الحرب اللعينة، فصور فتى ووالدته وقد مزقهما رصاص الجنود البريطانيين في مزارع النخيل بإحدى مناطق العراق ما زالت تأبى أن تفارق مخيلته، وهو الآن يعيش في انتظار أن يموت كغيره من المشردين 'بهدوء وسلام'.

وبمرارة أكثر يواصل سرد قصته 'خلال عملياتنا في العراق كان قادتنا على السواحل في بريطانيا وإسبانيا ودولة عمان والكويت، ونساؤنا في الحانات يبحثن عن رجال في غيابنا'.

ويضيف 'جنَّننا العراق وشردتنا حربه، وهناك العديد من أفراد فوجي في الشوارع، منهم من ماتوا من البرد أو بجرعات زائدة من المخدرات، ومنهم واحد انتحر'.

وعود حكومية
متحدث باسم وزارة الدفاع طلب عدم ذكر اسمه رد في حديث للجزيرة نت على ما صرح به الجنود المشردون بالقول إن الحكومة تبذل جهودا حثيثة لإدماج الجنود العائدين من ساحات المعركة في الحياة العامة.

ويضيف أنه يتم إعطاء جميع أفراد الخدمة الذين يغادرون القوات المسلحة 'مجموعة واسعة من الدعم مخصصة لجعل عملية انتقالهم إلى الحياة المدنية ناجحة'، مؤكدا أن الدعم يشمل المشورة والإسكان وتوفير مخصصات مالية، فضلا عن المنح التدريبية والبدلات.

ويشير المتحدث إلى أن حكومته تلتزم بتخفيض عدد الأشخاص الذين ينامون في شوارع بريطانيا, حيث خصصت 470 مليون جنيه إسترليني لمعالجة التشرد بجميع أشكاله.
رایکم