۹۲۳مشاهدات

المذهبیة في العلاقات الإیرانیة المصریة

د. حسين أبو سعود
رمز الخبر: ۱۴۵۹
تأريخ النشر: 30 October 2010
شبکة تابناک الأخبارية: لا احد يجادل بان مصر دولة عظيمة بشعبها وتاريخها وأدبائها وعلمائها ورؤسائها ونيلها الخالد وحضارتها المبهرة، وإيران هي الأخرى ارض الآداب والفلسفات والشعر والعلم والفكر، إذن فكلاهما في العظمة سواء وان الأمة الإسلامية تحتاج إليهما لقيادة المسيرة الإسلامية المتعثرة.

نعم إن إيران دولة شيعية ولكنها تميل إلى السنة أكثر وتعمل دائما على الاقتراب  من الآخرين ولو أردت أن أحصي ما فعلته إيران من اجل الوحدة الإسلامية فلن اقدر، ولعل أهمها مؤتمرات التقريب التي ترعاها الدولة، والخطوات الوحدوية الجريئة التي قام بها الخميني الراحل.

على أن التقارب الشيعي الإيراني مع مصر  له تاريخ قديم يرجع الى ما قبل تأسيس دار التقريب في القاهرة ولم يتم اختيار القاهرة ليكون مقرا لدار التقريب جزافا وإنما لأسباب موضوعية منها أنها زعيمة الحواضر الإسلامية ووجود الأزهر الشريف فيها، ذلك الأزهر المعروف بالانفتاح و الفكر  الغير متعصب، وعلماء الأزهر عُرفوا منذ القدم بسعة الأفق وبعد النظر والتسامح، وأكاد لا اصدق ما صرح به شيخ الأزهر الحالي الدكتور احمد الطيب حول عودة العلاقات الثنائية بين مصر وإيران  الذي طالب بهدم قبر (فيروز ابو لؤلؤة) وهو مزار وهمي (مغلق حاليا) يرتاده بعض العوام في مدينة كاشان الإيرانية ويُقال انه ضريح لأحد العارفين من أهل السنة والجماعة، فشيخ الأزهر ليس رجل دين عادي فكل كلمة تخرج منه محسوبة وتترتب عليها آثار، فهو وان كان تابعا للحكومة ومعينا من قبلها إلا إن ذلك لا يعني أبدا أن ليس له استقلالية في التصريح والتلميح، فهو يظل شخصية اعتبارية كبيرة، فهو الإمام الأكبر ولا ينبغي له ان يكون طرفا في إيقاظ الفتن النائمة، ولا يليق به أن يربط حادثة تاريخية  بعودة علاقات سياسية مقطوعة بين بلدين إسلاميين مهمين، وكان يجب النظر منه ومن غيره الى خطوة إيران بتغيير اسم شارع خالد الاسلامبولي الى مسمى آخر  بعين الرضا والاعتبار، فإيران لم تسمي الشارع بذلك الاسم لأنها تتبنى قتل الرؤساء فهي قد رأت بان عودة العلاقات بين البلدين أهم بكثير  من اسم شارع.

وفيما يخص قبر (بابا شجاع الدين ابو لؤلؤة فيروز) يقول عنه الأستاذ وليد الطبطبائي بأنه قبر وهمي لان المذكور  قد نحر نفسه بعد القبض عليه فور قتله الخليفة، إذن فهو مدفون في المدينة، والقبر يعود لأحد العارفين السنّة وكان يجدر المطالبة بتغيير اللوحة المكتوبة على المزار وكفى.

ثم من يتعهد بتوقف المطالب بعد هدم المزار فقد يتم بعد ذلك المطالبة بتنقية الكتب الشيعية، وهو مطلب معقول ولكن هل سيقابله تنقية في كتب  الطرف الآخر، وهل سيقابل هدم المزار بناء قبة على قبر الإمام جعفر الصادق مثلا، ومن يقول بان هدم المزار لن يؤدي الى فتنة جديدة وإراقة دماء لوجود طائفة قد تعتقد بذلك فالملل كثيرة والفرق غزيرة والأهواء لا تعد ولا تحصى، وليكن ديدن أهل العلم البحث في بساتين التاريخ وليس في مزابله لتقويض الخلاف القائم منذ أكثر من ألف سنة.

وعودة الى مصر وأهل مصر فأشيد بقدرتهم على الانفتاح ولا عبرة ببعض الأصوات المصرية المتعصبة النشاز التي ترتفع بين آن وآخر ولا يليق أن نربط المصالح الكبرى بالمصالح الصغرى وقول الإمام الأكبر أن لا حوار مع إيران قبل هدم المزار يحتاج الى مراجعة وعليه أن يدعم جهود لم الشمل و إعادة العلاقات أولا ثم يدعو الى التباحث في قضايا الأمة، لان ما بين المذهبين ليس مجرد مزار وهمي وعليه أن يكون  من اول المرحبين بعودة العلاقات بين البلدين المسلمين الكبيرين لان لهما تأثيرا كبيرا على مجريات الأحداث، وحري بمصر أن تكون العمق الاستراتيجي لإيران والعكس صحيح، وليس من الإنصاف أن تكون لمصر علاقات ثنائية وتمثيل دبلوماسي مع الفاتيكان والارغواي مثلا ولا تكون لها علاقات مثيلة مع دولة إسلامية كبيرة مثل إيران، ولا شك بان عودة العلاقات بين البلدين سيكون لها آثار ايجابية في النواحي الاقتصادية والعلمية والاجتماعية والثقافية والسياسية وستمتد تلك الآثار لتشمل العالم الإسلامي بأسره الذي يعاني ازدياد الفجوة بين الفقراء والأغنياء ويساعد على محاربة الفقر ومكافحة الأمراض وتعزيز التعليم وغيرها، واتخاذ خطوات استباقية على المظاهر السلبية الكثيرة، وقد شاهدنا نهضة اليابان بالأمس ونشاهد الآن الصين التي تريد أن تحقق ما يسمى بالمعجزة الصينية، التي يجب أن تحفز الشعور بالمسئولية لدى قادة المسلمين تجاه الأجيال القادمة، وأنا أرى بان فتوى السيد الخامنئي بتحريم النيل من الشخصيات الإسلامية فرصة كبرى ليس أمام مصر فقط بل وأمام الدول العربية كلها لتسعى الى تحسين علاقاتها مع إيران، ويتوجب على الجميع الترحيب بالفتوى بلا قيود وشروط، والتصدي للبعض  الذي أراد في محاولة يائسة للتقليل  من أهمية الفتوى بالقول: إن الفتوى غير مكتملة لأنها لم تذكر حكم الشاتم وانه قال زوج الرسول ولم يقل أم المؤمنين،مع إن هؤلاء يعلمون بان الفتوى ليس مكانا مناسبا للتفاصيل والتفريعات، والفتوى لاقت الصدى المطلوب بدليل وجود موجة عارمة من الترحيب في أوساط العقلاء وأهل العلم الذين اعتبروها  فتوى جامعة شاملة على اختصارها ومؤدية للغرض.

و هؤلاء هم أنفسهم من رحبوا  بإعادة العلاقات السياسية بين إيران ومصر من خلال الخطوة الأولى وهي استئناف الرحلات الجوية بين طهران والقاهرة، وأعربوا عن الأمل في أن تعزز هذه الخطوة الجهود المبذولة لإعادة العلاقات  الكاملة بين البلدين لما فيه صلاحهما وخير الأمة الإسلامية جمعاء.
رایکم