شبکة تابناک الاخباریة: لعل اللبناني يشعر في هذه الأيام بشيء من الرضا والثقة، عندما يرى أن الدولة العظمى التي تحاول بسط سيطرتها على العالم كله وتتباهى بقوتها وتفوقها الصناعي والتقني ونموذجها السياسي الفريد... الخ، هذه الدولة أيضا تعرضت لانقسام جاد في المجتمع، كما المجتمع اللبناني، وهو انقسام أدى وسيؤدي إلى كوارث اقتصادية كبيرة، فضلا عن "شماتة" الأعداء... وطبعا لن تتوقف الخسائر الأميركية في هذا الصدد على الخسائر الاقتصادية الفادحة، بل ستتعدى إلى اهتزاز الثقة بالنموذج الأميركي المتعالي، بل المتعجرف والذي ينظر إلى بقية المجتمعات من علٍ وبنظرة لا تخلو من الكبرياء والغطرسة.
يقف الإنسان مشدوها: هل هذه هي الدولة نفسها التي كانت منذ أقل من شهر فقط تهدد بحرب على سوريا وعلى المنطقة دون أن تخشى عواقب هذه الحرب واحتمال تحولها إلى حرب عالمية؟ هل هذه هي الدولة نفسها التي تعرض من خلال وسائل إعلامها خرائط جديدة محتملة للعالم، وكأنها تقول للعالم كله أنها قادرة على تغيير مقادير الدول ومصائر الشعوب دون أن تخاف من أية ردة فعل محتملة؟
انها بالفعل نمر من ورق، تتباهى على العالم وهي ترزح تحت ديون هائلة للصين ولكثير من دول العالم، ان كان اللبناني اليوم سيشعر بشيء من المواساة باعتبار انه يرى هذا الانقسام الأميركي وآثاره الكارثية، ويحق له أن يقول ليس عندي فقط تتوقف الدولة ومؤسساتها ويتأخر تشكيل الحكومة ويتأجل استخراج النفط والغاز وتعيش إدارات ومؤسسات كبرى بمسؤولين بالوكالة ... الخ، بسبب الانقسام السياسي بل أيضا يحدث مثل ذلك بل اشد في اكبر دول العالم وأكثرها تفوقا ... الخ.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى يبرز هذا الحدث العالمي الخطير صوابية الموقف السوري الذي رفض الخضوع للابتزاز الأميركي الرخيص في موضوع السلاح الكيميائي وغيره، ويبرز صوابية موقف كل من روسيا وإيران والمقاومة في لبنان وكافة الدول والقوى التي قررت مواجهة المؤامرة الأميركية – الغربية في سوريا ورفضت الرضوخ إلى هذا النمر الورقي الذي يبرز عضلاته في العالم، ولكنه لا يستطيع إخفاء عوراته الداخلية.
إن الانقسام الأميركي والأزمات التي برزت ويمكن أن تبرز في أميركا تجعلنا نتفاءل في كثير من الأمور، وخاصة على صعيد صراعنا مع الكيان الصهيوني، حيث لا يخفى على احد أن قوة الكيان الصهيوني المصطنعة إنما هي قوة مستوردة من أميركا ومن بقية العالم الغربي، بما يتوافق مع قوله تعالى: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ...} آل عمران112 ، حبل الناس هذا اليوم هو الدعم الأميركي المالي والسياسي والمعنوي ... الخ، فإذا انقطع هذا الحبل لأي سبب من الأسباب، كم ستستطيع إسرائيل أن تصمد في وجه المقاومة وفي وجه الشعب الفلسطيني الذي اثبت صبرا وبأسا ومثابرة عز نظيرها بين الشعوب.
إن هذه الأزمة في أميركا تبرز لنا وكأنها المقدمة التي لا بد منها لزوال السيطرة الأميركية على منطقتنا تمهيدا لزوال إسرائيل القريب بإذن الله.
أما في لبنان فكل التعاطف مع الضحايا الذين غرقوا في العبارة في اندونيسيا، ونقول ليت هذه الحادثة تكون فاتحة لمواجهة المشاكل التي ترزح تحتها المناطق الفقيرة، فأي مجتمع لا يتعاون من اجل إنقاذ الفقراء والضعفاء لا تستحق الاحترام.
والنقاش اليوم دائر في بعض الدوائر: من أكثر تمثيلا للشعب السوري ومن أكثر إسلاما، داعش،، أم جبهة النصرة، أم الجيش الحر أم المجموعات الأخرى؟
نقاش خارج الموضوع: كل جهة تحترم المقاومة وانجازاتها، ولا تستطيع أن ترى حسنات المقاومة بسبب التعصب المذهبي، وأي جهة تلخص المقاومة بأخطاء يرونها، كالمشاركة في القتال في سوريا أو غير ذلك، كل جهة لا تستطيع التجرد لتحكم بما ينفع الناس ويمكث في الأرض تذهب بعيدا عن الحق ولن تستطيع الدخول إلى شيء والله اعلم.
النهاية