۶۴۱مشاهدات

تأثير المحادثات بين طهران وواشنطن على محور المقاومة

لو أعيدت جسور الثقة بين طهران وواشنطن وترسخت العلاقات الثنائية، فما هو مصير المقاومة الإسلامية التي ترتكز في مبادئها على مناهضة الاستكبار والصهيونية؟
رمز الخبر: ۱۵۸۶۲
تأريخ النشر: 15 October 2013
شبكة تابناك الاخبارية: كتب الباحث الايراني "فرزان شهيدي" في مقال له، في الماضي القريب صدرت دعوات تحرض على التسوية مع الإدارة الأميركية ونبذ التوتر من قبل بعض وسائل الإعلام والتيارات السياسية ولا سيما الإصلاحية منها انطلاقاً من بعض المفاهيم كالمصالح الوطنية وعدم التأكيد على القضية الفلسطينية أكثر من الفلسطينيين أنفسهم.

إن محور المقاومة يعد من المحاور الاستراتيجية الهامة على الساحة الإقليمية وبالطبع، فإن مركزه هو الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حيث يشمل بعض حلفائها من أمثال سوريا وحزب الله اللبناني وبعض الفصائل الفسلطينية.

والسؤال المهم الذي يطرح اليوم هو: لو أعيدت جسور الثقة بين طهران وواشنطن وترسخت العلاقات الثنائية، فما هو مصير المقاومة الإسلامية التي ترتكز في مبادئها على مناهضة الاستكبار والصهيونية؟ فهل يا ترى أن هذا المحور سوف يواصل طريقه بحزم أو أنه سيتأثر بهذه العلاقات ويصيبه الوهن وبالتالي الأفول؟


بالتأكيد فإن ثقافة المقاومة الإسلامية تعتبر واحدة من الأركان الاستراتيجية الثورية التي لا يمكن التخلي عنها بوجه بالنسبة إلى إيران وقائد الثورة الإسلامية السيد علي الخامنئي يؤكد دائماً عليها وعلى مكانتها الهامة، حيث ينظر إليها من زاوية دينية عقائدية، وذلك بمعنى أنها هي السبيل الحق الذي يضمن تحقيق الوعد الإلهي وانتصار جبهة الحق على الباطل.

وقائد الثورة الإسلامية بالطبع يسير في هذا المبدأ على خطى الإمام الراحل السيد الخميني (رحمه الله) الذي كان يحرض الشعب الإيراني بأن لا يتخلى عن المقاومة مهما كانت الظروف مستقبلاً وأن لا يخضع لإملاءات القوى الاستكبارية ويستمر بالدفاع عن المستضعفين والمظلومين والحفاظ على الإسلام والقرآن الكريم لرفع راية التوحيد.

وهكذا رؤية قد أدرجت في المادة رقم 154 من دستور الجمهورية الإسلامية، حيث أشارت هذه المادة إلى ضرورة دعم الحركات التحررية في سياسة البلاد الخارجية. وبعد أن رفعت الحكومة الإيرانية الجديدة شعار "الاعتدال"، فإن قائد الثورة الإسلامية قد أكد ضرورة "المرونة البطولية" في دبلوماسية الجمهورية الإسلامية لتجربة حل دبلوماسي واختبار نية الطرف المقابل وهذا المصطلح بالطبع لا يعني مخالفة السيد القائد للتسوية أو حتى القيام بمحادثات مع واشنطن في مختلف المستويات؛ أي أنه ليس خطاً أحمر للمحادثات، بل يعني إجراء المحادثات على أساس مصالح الجمهورية الإسلامية ومراعاة مبادئ الثورة الإسلامية.

فهو لا يعارض التفاوض رغم عدم تفائله بنتائجه كونه يعلم بأنه لا يمكن الوثوق بالأمريكان أو الاطمئنان بوعودهم الواهية، وهذا بالفعل ما أثبتته التجربة، ولكن للأسف فإن بعض الأوساط الإعلامية قد روجت لمفهوم "المرونة البطولية" وكأن الجمهورية الإسلامية تريد التسوية والتراجع عن مصالحها الوطنية ومبادئها، حيث فسرت "المرونة" بـ "الاستدارة" أي الإعراض عن الأصول المبدئية.

ومن الفرضيات المطروحة بعد إقرار علاقات دبلوماسية بين طهران وواشنطن هي قيام الإدارة الأميركية بالضغط على الجمهورية الإسلامية لتلطيف الأجواء مع الكيان الإسرائيلي ونبذ الخصومات معها، وذلك بمعنى رفع الدعم عن الشعب الفلسطيني والمقاومة في جنوب لبنان، وبالتالي الاعتراف رسمياً بـ "دولة إسرائيل"، لكن الجمهورية الإسلامية ما تخلت يوماً عن دعم محور المقاومة بما في ذلك الحفاظ على السيادة الفلسطينية، وتعتبر هذا الأمر من استراتيجياتها الثابتة التي لا تساوم عليها.

في الماضي القريب صدرت دعوات تحرض على ضرورة التسوية مع البيت الأبيض والتخلي عن التوتر من قبل بعض وسائل الإعلام والتيارات السياسية ولا سيما الإصلاحية منها انطلاقاً من بعض المفاهيم، من قبيل المصالح الوطنية وعدم الالتزام بالدفاع عن القضية الفلسطينية أكثر من الفلسطينيين أنفسهم وهذا ما شاع بشكل كبير على الساحة الإيرانية في عام 2009م بعد الأحداث التي شهدتها طهران إثر الانتخابات الرئاسية آنذاك.

وهناك سيناريو آخر مطروح على طاولة المحادثات المفترضة وهو عدم التطرق في هذه المحادثات إلى محور المقاومة والتركيز على الخلافات الثنائية اقتصادياً وسياسياً، ولكن هذا السيناريو قد لا يتحقق لأنه لا ينسجم مع مصالح الكيان الصهيوني الذي يسعى دائماً إلى توتير العلاقات بين طهران وواشنطن واتخذ هذا الأمر استراتيجية له.

أما الفرضية الثالثة فهي إجراء المحادثات بشكل متساو بين الطرفين؛ أي الحفاظ على أصول الجمهورية الإسلامية والمواقفة على طلبات الطرف المقابل وهذا يعني اعتراف البيت الأبيض بمكانة الجمهورية الإسلامية في المنطقة والعالم ورفع الحظر عنها وبالتالي فإن طهران ستخرج فائزة من هذه المنافسة مما يزعج واشنطن ويقلل من شأنها إقليمياً وعالمياً. فهل سترضى واشنطن بذلك؟!
رایکم