۵۳۸مشاهدات

نجوى وعدت بن لادن بــ«الحب حتى الموت»

تقول نجوى «كان قلبي يتوق للارتباط بأسامة، كنت أحب كل شيء فيه، مظهره وهدوءه وطريقة تعامله وقوة شخصيته أيضا، لكننا لم نتحدث أبدا عن مشاعرنا ولا عن الزواج».
رمز الخبر: ۱۷۶۱۴
تأريخ النشر: 14 January 2014
شبكة تابناك الاخبارية: بعيداً عن تنظيم القاعدة ونشاطه الدموي، وعن الهجمات الإرهابية التي ارتبطت باسم زعيم التنظيم كيف كان أسامة بن لادن هذا الشخص الذي يرتعب العالم لاسمه وينشر تنظيمه الخوف والموت في غير مكان، كيف كان يعامل زوجاته وأطفاله؟

كيف كان يقضي أوقاته معهم؟ ماذا كان يلقنهم وأين؟ وكيف كان يعيش معهم رغم مطاردات أجهزة الاستخبارات العالمية له؟

أسئلة عدة طرحتها الكاتبة الفرنسية ديان دوكريه، التي حاولت رسم صورة غير معروفة، ومختلفة تماماً عن تلك التي يعرفها الجميع، عن هذا الرجل منذ اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر 2001 حتى اصطياده واغتياله في 2 مايو 2011 في منزله في أبوت اباد الباكستانية.

أسامة بن لادن الزوج والأب ورب الاسرة تقدمه الكاتبة عبر هذه الحلقات التي تروي تفاصيل الحياة الخاصة، لرجل اصبح فجأة، الرجل الأشهر في القرن العشرين.. وتنشرها القبس ابتداءً من اليوم.

بروكسل في عام 2000

.. كانت مليكة وزوجها عبدالستار، يشاهدان التلفزيون في شقتهما، حين ظهرت صورة شخص، خلفت لديهما مشاعر غير منتظرة تماماً.

سحرت الصورة عبدالستار، مما دفعه الى رفع صوته والقول «انظري ملامحه، أليست رائعة».

بعد بضع لحظات عبر الزوج عن حبه لطلعة هذا الرجل البهية، فيما ردت زوجته «انا احبه ايضا».

تقول مليكة العرود «في تلك اللحظة، اندمجت صورتا زوجي وأسامة بن لادن في مخيلتي. لقد كانت تقاسيم وجهيهما تعبّر عن الصفاء والنبل.. كانت عيناي تنتقلان من وجه زوجي، باتجاه وجه الزعيم الاسلامي، الذي كان يناشد خلف الكاميرا، الجميع لمحاربة الفقر والاعتداءات التي تستهدف الفقراء والعزل».

الأشهر والأكثر غموضاً

افتتن الزوجان التونسيان المقيمان في بلجيكا كثيراً بالرجل. وبعد أقل من عام أي في 9 سبتمبر 2001، فجّر عبدالستار دحمان نفسه في افغانستان، التي دخلها زاعماً بأنه صحافي، مما ادى الى مقتل احمد شاه مسعود الملقب أسد بنشجير الذي كان على رأس طالبان منذ عشرة اعوام.

بعد اقل من شهر ظهر اسامة بن لادن مجدداً على شاشات التلفزيون معلناً تبنيه الهجمات التي استهدفت الولايات المتحدة الاميركية في 11 سبتمبر، كما جدد الدعوة الى محاربة الغرب.

وهكذا وفي بضع لحظات، أصبح هذا الرجل الأربعيني المجهول ،أشهر رجل في الكون، ولكن أيضاً الرجل الأكثر غموضاً. لم تكن مليكة وزوجها عبدالستار وحدهما من تأثر ببن لادن، فالكثيرات من النساء عبر المعمورة وقعن في سحر الرجل في أكتوبر من ذلك العام.

وإن كانت الكثيرات منهن لا يشاطرنه الرأي بخصوص أهدافه، ولا الحرب المقدسة التي يريد أن يقودها ضد الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، إلا أن الكثيرات منهن استسلمن للنظرة العميقة التي تميز بها بن لادن.

سباق على أم أسامة

من جهتهن، كانت شابات الشبكة الإسلامية «هوفستاد» في مدينة لاهاي، يتسابقن من اجل أن يحظين بلقب أم أسامة، والذي أضحى أشهر لقب حينها.

وتقول جاني غروون في كتابها «شبكة إسلامية في هولندا»، «أن كل النساء كن يرغبن في أن يطلق عليهن لقب أم أسامة، منذ أول ظهور له على شاشة التلفزيون».

أما عبد الجابر فان دي فان، فيقول في كتابه «الرسائل المفخخة» «تقول مراهقة إن وجود صورة من صور بن لادن في خلفية شاشة حاسوبها الشخصي أمر رائع جدا، والداي لا يمنعانني من مشاهدة فيديوهاته وصوره في غرفتي، وليس علي إخفاؤها، وأما معلمة في مدرسة ابتدائية، فتقول كنا نتبادل الأشرطة المسجلة للزعيم الجديد, وكنا نعلق نحن النساء فيما بيننا على إصراره ونظرته الفولاذية من اجل قضيته».

لكن قبل أن يتحول أسامة إلى «بن لادن»، كانت هناك امرأة ترى فيه الرجل، الذي يمكن أن يوفر ويمنح لها الأفضل والأفضل فقط.. إنها نجوى غانم، التي لم تكن سوى مراهقة، حين وعدت الشاب السعودي بالحب حتى الموت.

في مدرسة برمانا

كانت نجوى صغيرة ولم تكتشف بعد مشاعرها تجاه أسامة «لم أكن أفهم ما الذي يجري، لكني كنت أدرك بأن بيننا علاقة فريدة من نوعها، ودون شك أسامة لم يحدثني أبدا في الموضوع، لكن عينيه البنيتين، كانتا تلمعان كلما ولجت الغرفة، أما أنا فكنت أشعر برعشة، حين ألحظ بأنه مهتم بي». لم تكن السن مناسبة للزواج بالنسبة لأولاد عائلة بن لادن، وإنما كان مناسبا للدراسة، فغالبية أبناء العائلة أرسلوا إلى مدرسة برمانا في بيروت.

وتعد هذه المدرسة التي أسسها مبشر بروتستانتي في القرن التاسع عشر، من أشهر المدارس التي تستقبل أبناء العائلات المرموقة في الشرق الأوسط، حيث درس فيها ملك ليبيا إدريس والرئيس اللبناني اميل لحود والكثير من أفراد عائلة آل سعود.

هذه المدرسة المختلطة، التي تعتمد نظام تدريس غربياً، اهتمت بتحضير أبناء عائلة بن لادن لمواصلة دراستهم مستقبلا في أماكن راقية، لكن هؤلاء الشباب كانوا مهتمين بحياة الترف بالعاصمة اللبنانية. ويقول أستاذ الرياضة الذي أصبح يوفر لهم أشرطة أغاني البوب بعد أن فتح محلا مقابل المدرسة، انه يتذكر الأولاد الخمسة الذين ينتمون لعائلة بن لادن «لقد كانوا يحبون الموسيقى كثيرا، خصوصا أغاني فرقة البيتلز وشيكاغو وجيمي هندريكس ومايك غيجر، وكانوا يستقلون سيارتهم أحيانا من أجل التردد على دور السينما في بيروت لمشاهدة أفلام ألفيس وبروس لي وليس الأفلام العربية».

لقد كانوا يرتدون الملابس التي كانت رائجة ذلك الوقت، كالبناطيل العريضة، والأقمصة المفتوحة والمزينة بالورود، والتسريحة الافريقية بطبيعة الحال.

وأما شيرلي بومان، البريطانية التي كانت تخرج مع أحد أشقاء بن لادن فتقول «لقد كانوا غرباء فعلا وكان بعضهم يخرج مع الفتيات الأوروبيات اللواتي كن معهم في المدرسة».

وأما أسامة فمنذ دخوله المدرسة في نهاية عام 1966، كان يفضل متابعة دروسه، وكان قليل الاختلاط بأفراد عائلته، وعن دراسته تقول والدته «لم يكن الأول في الصف، لكنه كان متوسطا».

لم تكن الموسيقى الغربية تستقطب أسامة وإنما أفلام رعاة البقر والكارتيه التي كان يشاهدها في دور السينما البيروتية، غير أن حادثة أبعدت فجأة أسامة عن بيروت وعن كل الملذات.

فقدان الوالد

لقد تحطمت الطائرة التي كانت تقل والده في 3 من سبتمبر 1967... كانت الصدمة عنيفة جدا بالنسبة لأفراد عائلة بن لادن، فهذا الرجل الذي أصبح من أقوى رجال المملكة العربية السعودية بفضل الصداقة التي كانت تجمعه بالملك عبد العزيز بن سعود، هاجر صغيرا من اليمن بسبب صفقة أبقار اشتراها بالدين لكنها نفقت قبل أن يستطيع دفع ثمنها، مما دفعه إلى الالتحاق بميناء جدة للعمل كبناء.

زادت مسؤوليات الرجل، فقرر في عام 1930 إنشاء شركة خاصة بالأشغال العامة، وهكذا سيطر على أكبر المواقع في هذه الدولة التي كانت قد اكتشفت للتو بأن أراضيها تكتنز أكبر احتياطي للنفط في العالم.

عقد الرجل الكثير من التحالفات، وحتى تتوسع إمبراطوريته، تزوج عشرين مرة وأنجب أكثر من 55 طفلا، وقد ورث كل واحد من هؤلاء عند وفاة محمد بن لادن 330 مليون دولار، فيما ورثت بناته نصف المبلغ وفق ما تنصه عليه الشريعة الإسلامية حين توزيع التركة.

كان زواج محمد بن لادن بعلياء قصيرا جدا، حيث طلبت هذه الأخيرة الطلاق، مباشرة بعد ميلاد ابنها الوحيد أسامة، ويقول مقرب من العائلة يدعى خالد بطرفي «لقد كانت كل شيء بالنسبة لأسامة، الذي كان مطيعا لها».

أحاطت علياء ابنها اليتيم برعايتها وحنانها «لقد كان طفلا خجولا وطيبا وخدوما جدا، حيث حاولت أن اغرس فيه حب الله والخوف منه واحترام الآخرين والجيران والأساتذة».

تزوجت علياء مرة ثانية بشخص يعمل في مجموعة بن لادن، ويدعى محمد العطاس، لكنه ورغم أنه كان زوجا حريصا على عائلته وربيبه، فانه لم ينجح في أن يعوض حنان الأب بالنسبة لأسامة، الذي لجأ إلى بيت خالته آل غانم، وهكذا درس أسامة سنتين في اللاذقية ويتذكره الأستاذ الذي درسه اللغة الانكليزية في قوله «لقد تأثر كثيرا بفقدان والده، لقد كان وحيدا».

في اللاذقية

كانت نجوى تراقب التغيرات التي طرأت على الفتى الذي لم يتجاوز عمره العاشرة «لقد أصبح قليل الكلام وبمرور السنوات، ما عاد يتحدث إلا قليلا عن هذه الحادثة»، وقد اهتم سليمان شقيق نجوى بإعطائه أول درس ديني بهدف إخراجه من حالة الكآبة «لقد كان يقول دوما انه يرغب في أن يكبر سريعا حتى يخلف والده، لقد كان متلهفا حقا للبدء في العمل».

حين أصبحت نجوى مراهقة، ثارت ضد الزي التقليدي الذي كانت تفرضه عليها والدتها، مفضلة عنه الملابس العصرية الملونة، وحين حل الصيف تخلصت من كل التنانير التي تغطي كامل ساقيها والقمصان التي تغطي ذراعيها أيضا.

تقول نجوى «كان قلبي يتوق للارتباط بأسامة، كنت أحب كل شيء فيه، مظهره وهدوءه وطريقة تعامله وقوة شخصيته أيضا، لكننا لم نتحدث أبدا عن مشاعرنا ولا عن الزواج».

يبدو أن أسامة قد ارتاح في اللاذقية، حيث كان يتردد باستمرار على جزيرة تقع وسط بحيرة، غير بعيدة عن منزل خالته.. لقد كان يحب هذه الواحة بشكل كبير حتى انه سأل سليمان أن كان في إمكانه ان يشتري بيتا ليعيش فيه.

تأليف ديان دوكريه
ترجمة وإعداد سليمة لبال
صحيفة القبس الكويتية
رایکم