شبكة تابناك الإخبارية : لم
يأت موقف الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله الرافض للحرب التي
بدأها الائتلاف الغربي العربي برئاسة الولايات المتحدة على "داعش" وأخواتها
من فراغ ولا انسجامًا مع الموقف السوري أو الايراني أو حتى الروسي، بل لرفع السقف التفاوضي
بشكل صارخ بعد سلسلة التحولات التي طرأت على خريطة الانتشار السياسي والعسكري في المنطقة،
فإيران التي قلبت الطاولة على رأس المملكة العربية السعودية وسائر الدول الخليجية من
خلال المشهد اليمني وما استتبعه من سيطرة للحوثيين على العاصمة صنعاء، وخلافًا لما
يظنّ صغار اللاعبين أو بعض المحللين هي من الدول المستفيدة من عدم مشاركتها في الغارات
الجوية على التنظيم التكفيري باعتبار أنّ النتائج مهما كانت أو تبدّلت ستصبّ في مصلحة
طهران التي التقى وزير خارجيتها نظيره البريطاني وخرج بعرض للدول الاوروبية للاستفادة
من الغاز الايراني في مشهدٍ يؤكد على استمرار التعاون والمفاوضات بين إيران من جهة
والدول الاوروبية وواشنطن من جهةٍ ثانية. بيد أنّ المفاوضات حول النووي وما يتصل به
لم تتوقف على الاطلاق، بل على العكس تمامًا فإنّها تنتقل من مرحلة إلى مرحلة في ظلّ
المزيد من عمليات الافراج عن الارصدة الايرانية المجمدة في الولايات المتحدة.
ويبدو بحسب الدبلوماسية الغربية
أنّ إيران هي من زوّدت بعض الدول المعنية بالحرب على الارهاب بالكثير من الأهداف الاستراتيجية
التابعة للتنظيم لا سيما أنّ متابعة دقيقة لخريطة المواقع المستهدفة تظهر أنّها تشكل
هلالا يضمّ أكثر من عشر آبار للنفط مع معابرها ومصبّاتها بما يشكل إحراجًا كبيرًا للمصالح
الأميركية المعتمدة بشكل أساسي على النفط الخليجي، إضافة إلى دول منظمة "الاوبك"
التي تشكو في السر والعلن من شراء تركيا للنفط الذي تستخرجه "داعش" واستثماره
لاستهلاكها المحلي بكلفة أدنى بكثير من المتعارف عليها ولا تبلغ أكثر من ثلاثين دولارًا
للبرميل الواحد ما يعرّض السوق للاهتزاز، فضلا عن تدفق الاموال إلى التنظيم التكفيري
الذي بدأت المملكة العربية السعودية تخشاه بالرغم ممّا يُحكى عن رعايتها له أو أقله
لبعض اجنحته.
وبالرغم من الموقف السوري
المعترض في الشكل، فإنّ المؤشرات تدلّ على عكس ذلك خصوصًا بعد إعلان وزير الاعلام السوري
عمران الزعبي أنّ بلاده لا ترى في الغارات الأميركية انتهاكا للسيادة السورية طالما
أنها تقع في اطار قرار أممي صادر عن مرجعية دولية ويحظى بموافقة روسيا والصين الضمنية
بدليل أنّ أيًا منهما لم يسعَ إلى استخدام حق النقض ولم يستدرج مجلس الامن الدولي لاستخدامه،
ما يعني أنّ الأمور ما زالت في دائرة الضبط خصوصًا أنّ كلّ الغارات المنفذة حتى الآن
تصبّ في مصلحة النظام السوري وإن كان الغرب يعمد إلى ضرب أهدافٍ لا يستفيد منها الجيش
السوري في الوقت الراهن.
غير أنّ علامة الاستفهام تكبر
مع مرور الوقت وسقوط منطقة القلمون السورية امتدادًا إلى جرود عرسال من خريطة الأهداف
الأميركية بالرغم من خطورة هذه الجبهة على لبنان القريب من الساحل المتوسطي الذي تسعى
إليه داعش بكلّ ما أوتيت من قوة، إضافة إلى علامة استفهام لا تقلّ خطورة عن سابقاتها
وهي تتمحور حول الظروف التي سمحت بتحويل جرود عرسال إلى أكبر مركز تواجد لقيادتي
"النصرة" و"داعش" رغمًا عن الحصار المضروب من قبل الجيش السوري
و"حزب الله"، وتاليًا الاهداف المطلوبة من استهداف الرقة السورية واستبعاد
القلمون بالرغم من خطورة الجبهة الاخيرة على خريطة المنطقة الممتدة من سوريا الى لبنان
مرورًا بمراكز ثقل "حزب الله".