شبکة تابناک الأخبارية: قبل انتفاضتي تونس ومصر كنا نقدم تحليلا وقرائة للقارئ الكريم - ونحن على ثقة من ذلك - باننا نقترب من "شرق اوسط" من دون (اسرائيل).
اما وقد استعادت مصر عافيتها ونفضت عنها غبار الزمن الردئ وتقترب من تحرير روحها وجسدها من عار كامب ديفيد فاننا نستطيع ان نقول وبثقة عالية باننا نقترب من شطب هذا العار "الجيو سياسي" المسمى بالشرق الاوسط و الذي الصقته بريطانيا العجوز بخريطة بلادنا , ونتجه بكل فخر واعتزاز لنسمي الاشياء باسمائها : الوطن العربي وايران وتركيا ومعه سائر امم الشرق اي مثلث القوة لهذه الامة كما تحدث عنه المفكر المصري الراحل جمال حمدان ما يعني آليا انتفاء وجود الكيان الصهيوني قطعا.
تقول النيويورك تايمز تعليقا على احداث مصر :" ان اسرائيل ترتعد من المظاهرات التي تحيط النظام المصري من كل جانب".
ويقول موشي ارينز منتقدا سادته في واشنطن حول حديثهم عن التحول الديمقراطي في بلادنا : ان الولايات المتحدة الامريكية تخطئ خطا استرايجيا عندما تتحدث عن الديمقراطسة في منطقة فيها ايران وحزب الله والاخوان المسلمون وحماس "
وبينما يمضي الشعب المصري على طريق ثورته الشعبية المستقلة الصميمة ترتفع عقيرة الكثيرون في العالم الغربي وبعض من بطاناته او خلاياه التائهة في بلادنا منددين بمسير ومسار هذه الثورة مرة باتهامها بان لها اجندة خارجية ومرة بانها من صناعة الاخوان المسلمين ومرة بانها تابعة او عميلة لايران ومرة بانها ستقع في قبضة التشيع او ولاية الفقيه ودائما بانها قد تكشف عن وجهها الديني الحقيقي الذي تخفيه الآن تكتيكا .
لقد نسي هؤلاء جميعا بان بلادنا هذه التي يتحدثون عنها مثلهم مثل السواح الاجانب الذين يزورونها لاول مرة - هذا ان احسنا الظن ببعضهم - انما هي مهد الرسالات السماوية ومهد الحضارات البشرية الكبرى وان جل ما يمتلكونه من "مدنية" يفخرون بها او يتفاخرون انما صدرت اليهم من هذا الشرق المتدين و وانه هو صاحب تلك الاخلاق الرفيعة العالية والثقافات السامية التي علمتهم يوما كيف يتحممون ويغتسلون في عصورهم الوسطى المظلمة .
والسؤال الكبير الذي يجب ان تتم مسائلتهم حوله هو : اذا كانت الديمقراطية هذه التي تتغنون بها والتغيير الذي تتشدقون به من بنات افكاركم العظيمة او منجزاتكم التي تفاخرون العالم بها قلماذا اذن ترتعدون منها كلما لاح في الافق احتمال ان تؤدي تلك الديمقراطية او ذلك الانتقال السلس والسلمي للسلطة الى صعود الاسلاميين او المتدينين باي شكل من اشكالهم اليها ؟
الا يعني هذا بانكم تريدون الديمقراطية والتغيير في بلادنا "بشرط السكين" ؟! كما يقول المثل الشهير حول من يريد شراء البطيخ !
بمعنى آخر بان كل ممارسة ديمقراطية تريدون منحنا اياها لابد بان تاتي بالعلمانيين او التابعين لنمط حياتكم الغربية الى سدة السلطة والا فهي ممنوعة علينا وان تم انتزاعها من قبلنا فان انتخاباتنا ستكون عندئذ مزورة وغير نزيهة حتما !!
اليس هذا هو ما يقوله الصهيوني موشي ارينز وتؤكده تقارير الغربيين وممارساتهم مع حكامنا سواء اولئك الحلفاء لكم او المعادين لسياساتكم ؟
ثم لماذا هو من حقكم "الطبيعي" التدخل في الصغيرة والكبيرة عندنا واحيانا الى درجة وضع "خريطة طريق" تمديد عمر هذا الحاكم او ذاك او منع شعبه من ازاحته عن السلطة الا في الوقت والظروف والسياقات التي تحددونها انتم و فقط بعد وضع المواصفات للبديل الذي يوائمكم ؟.
في حين تمنعون على اهل البلاد الواحدة والامة الواحدة والدين الواحد والحضارة الواحدة والثقافة الواحدة بل واحيانا الشعب الواحد من ابداء الراي في هذا وتقيمون الدنيا ولا تقعدونها عليه مرة بحجة التدخل في شؤون الآخرين ومرة بذريعة تصدير نموذجه الخاص ودائما بشعارات الكذب والخداع والتهويل بما هو آت اليهم , من نمط اجندة الاخوان المسلمين او اجندة حزب الله او اجندة الحرس الثوري الايراني او اجندة ولاية الفقيه مثلا ؟
اليس هذا هو جزء اساسي ومهم مما يعرقل حركة التطور السلمي والديمقراطي للثورتين التونسية والمصرية وتاليا الثورة العربية الكبرى حتى الآن ويمنعها من الوصول الى نهاياتاتها الحتمية ؟
ثم بالله عليكم اليس هذا اهانة واضحة وموصوفة لشعوبنا عندما تتهمونها بانها غير راشدة وغير واعية كلما ارادت التواصل مع سائر اجزاء امتها الواحدة , بينما هو حلال وطبيعي عليها ان تستهدي بنماذجكم المنخورة والتي باتت وصمة عار في جبين التاريخ الانساني !!
ماذا يوجد عند ايران اصلا لتصدره للعرب غير ما هو منهم اصلا كمسلمين او شرقيين؟
او ماذا يوجد اصلا لدى حزب الله او حماس او الاخوان المسلمين من اجندات خاصة وهم اهل البلاد الاصليين حتى تعيبون عليهم فيه فيما انتم تاتون الينا مما وراء البحار حاملين معكم اجنداتكم الخاصة قطعا والتي يعرفها الصغير والكبير لدينا لعل اهمها وابلغها خطرا تغليب امن الصهاينة على امن اهلنا ونهب مقدراتنا من نفط وغاز وماء وغذاء ليصل اليكم واليهم بسلاسة و"ببلاش" فيما يتم استئصال اقتصادياتنا تجويعا وافقارا ومزيدا من التبعية لمشاريع انقاذ اقتصادياتكم الكبرى المتعددة الجنسية ؟ّ
في مثل هذه الايام قبل اثنين وثلاثين عاما اذا كنتم تتذكرون كان الغرب هذا نفسه يخيف الايرانيين مما كان يسميه مرة بالرجعية السوداء في اشارة الى عمائم علماء الدين الذين كانوا يقودون الثورة الشعبية الاسلامية الايرانية المستقلة , وعندما كانوا يفشلون في ذلك كانوا يخيفونهم بما كانوا يسمونه وقتها بالرجعية الحمراء في اشارة مزدوجة لترويع الناس من الشيوعية مرة ومن الاتحاد السوفياتي السابق مرة اخرى في اشارة كان القصد منها ايضا وايضا اتهام الثورة والثوار بالارتباط بالخارج كما يحاولون اليوم مع ثورة مصر الكبرى ايضا !!
انها اساليب الطاغية والطغاة البلهاء نفسها عندما تفرغ جعبتهم من كل شئ ويجدون انفسهم وحيدين امام الجماعة والامة فيتذكرون كيف اتى بهم الخارج الى سدة الحكم في غفلة من الزمن وكيف يريد ان يستبدل بهم عميل بعميل او "وجه ببطانة" فيرمون الشعب بما هو من سنخ شخصيتهم وهويتهم الاصلية او كما يقول المثل الشعبي الايراني الشهير :" الكافر يقيس الناس على كفره".