۴۲۸مشاهدات

صِراع الإصلاح والأزمات في العراق؛ مَن سينتصر؟!

السبت الماضي كانَ نقطة تحول في خارطة الأزمة السياسية، فالمئات من المتظاهرين أقتحموا قاعة البرلمان العراقي، نتيجة لسخط شعبي أو أثر تدخل خارجي، المهم أن النتيجة واحدة، مجلس النواب العراقي قد تعرض لضغطٍ غير مسبوق، وهو أمام مسؤولية كبرى.
رمز الخبر: ۳۲۰۸۸
تأريخ النشر: 04 May 2016
شبکة تابناک الاخبارية - شفقنا: بَقيَّ المشهد العِراقي مُعقداً، تَعقيد الأزمات ورَكنها الدائِم ولَّد حالة مِن الإنفجار السياسي، فالأزمة الراهنة ليست وليدة اللحظة، وإنما هي نِتاج طبيعي لُجملة مِن المُشكلات السابقة، حكومية كانت أو سياسية، لكنها وعلى مَرِّ السنوات السابقة كانت تتعرض لِحالة مِنَ التسويف الممل، حتى وصلت إلى ماهي عليه الآن..

بدأت الأزمة معَ بداية التَصويت على الدستور العِراقي عام ٢٠٠٥، ورغم أنهُ كانَ ضامناً حقيقياً للعملية الديمقراطية والتنوع المكوناتي في العِراق، إلا أنَّ البعض من القوى السياسية أعتبرت بعض مواده تُرسخ لحالة المحاصصة السياسية، بالتالي لا يمكن لهُ أن يؤسس لجبهة مُعارضة سياسية واقعية، كما يحدث في بعض البلدان المتطورة.

وعلى الرغم من الدستور يُمثل خطوطاً عريضة للنظام السياسي العام، وأنهُ يخلو من أي مادة مباشرة تُكرس نقطة الخلاف أعلاه، إلا أن البعض يُشير أليه بأصابع الإتهام، ويطالب دوماً بإخضاعه للتغيير، وهنا يكمن جوهر المشكلة التي تراها بعض القوى السياسية، فيما يتعلق بعدة بنود مُعطلة أهمها التوازن بين المكونات، وإعطاء الصلاحية للمحافظات، والقوانين التي تخص إدارة موارد الدولة، والجيش والقوى الأمنية، والتي سُحبت عواقبها إلى التشريع البرلماني.

نِظام الحكم البرلماني في العراق؛ أيضاً هوجم بقوة، معَ أنه يحفظ حقوق الشعب في تقرير مصيره، إلا أن المطالبات بالنظام الرئاسي كانت سبباً آخر لبداية الأزمة الحالية، إضافة إلى مطالبات المرجعية الدينية العليا في النجف الدائمة بالقضاء على الفساد، محاسبة الفاسدين، إرجاع الأموال المسروقة، إنهاء ملفات التعيين بالوكالة، والإلتفات لمصالح الشعب، شكلت بمجموعها دائرة مطالب حقة، قابلها الشعب بتظاهرات كبيرة، وفشلت الحكومة إلى حدٍ ما بإتخاذ أجراءات واقعية وسريعة وجذرية، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع وأزدياد عمق الأزمة.

السبت الماضي كانَ نقطة تحول في خارطة الأزمة السياسية، فالمئات من المتظاهرين أقتحموا قاعة البرلمان العراقي، نتيجة لسخط شعبي أو أثر تدخل خارجي، المهم أن النتيجة واحدة، مجلس النواب العراقي قد تعرض لضغطٍ غير مسبوق، وهو أمام مسؤولية كبرى.

إنقسام البرلمان إلى جبهتين مُختلفتين في الرؤى، ومتفقتين على إجراء الإصلاح، هو التحدي الأكبر حالياً، فكلٌ من الجبهتين يدعي أنه صاحب الأغلبية، فيما فشل كلاهما من تحييد الطرف الآخر على الأقل، أو اللجوء إلى نقاط وسط تلتقي عندها الأراء، ما ينذر بصعوبة إنعقاد الجلسة البرلمانية المرتقبة، والتي عنونت بالتصويت على التغيير الوزاري.

الحلول الجذرية التي طالبت بها المرجعية العُليا هي الحل الأمثل للأزمة؛ فمجرد التصعيد لا يخدم جميع الأطراف، بلحاظ الحرب التي يقودها الشعب العراقي ضِد تنظيم داعش الإرهابي، وما قد يتسبب بأنهيار الوضع الأمني في حالة حصول فراغ سياسي، كما حصل في مدينة السماوة جنوبي بغداد مؤخراً، أو أحداث منطقة السيدية عشية زيارة الإمام الكاظم (عليه السلام).

قد تكون دعوة المرجعية وتصاعد الأزمة الحالية؛ نقطة قوة نكتشفها في المُستقبل القريب، فالقوى السياسية الوطنية بدأت جدياً بالدعوة إلى مراجعة حقيقية للنِظام السياسي الحالي، محاولةً تصحيح المسار جذرياً، بدون حلول ترقيعية قد تأتي ثمارها حالياً، وتتسع فجوتها بعدَ وقتٍ قصير، وما الخطوط العريضة التي رسمتها المرجعية الدينية إلا بلسماً، يُشافي الجُرح السياسي، ويؤسس لخدمة حقيقية للمواطن العراقي.

النهاية

رایکم