۸۹۸مشاهدات
رمز الخبر: ۳۳۳۶۰
تأريخ النشر: 15 October 2016
شبکة تابناک الاخبارية: لم يكن التوجه الأميركي نحو مزيدٍ من التوتر مع الرياض عن عبث. فالحديث عن ضررٍ سيلحق بالأمن القومي الأميركي، هو حديثٌ لا يزيد عن كونه وجهة نظر. بل إن العين الأميركية على منطقة الشرق الأوسط، ما تزال موجودة لكن بتوجهاتٍ جديدة. توجهات تدعم كافة المساعي الحقيقية والعلنية، للمزيد من التقارب بين الدول والكيان الإسرائيلي. وهو ما سيكون أحد أهم نتائج القانون الأميركي بحق السعودية. فماذا في قانون جاستا والحديث الأميركي حوله؟ وما هي تبعاته المباشرة؟ وكيف يمكن تحليل تبعاته الحقيقية والإستراتيجية؟

قانون جاستا والحديث الأميركي حوله

قانون جاستا هو القانون الأميركي "العدالة ضد رعاة الإرهاب". وهو القانون الذي سيؤثر على العلاقات الأميركية السعودية لعدة أسباب أهمها أن هذا القانون يُتيح مقاضاة السعودية من أسر ضحايا هجوم 11 أيلول على الرغم من عدم وجود أدلة تُدين السعودية أو تُثبت تورط حكومتها حتى الآن. وهو ما دفع الرئيس الأميركي باراك أوباما، ليستخدم حق النقض الفيتو ضد جاستا، بسبب اعتباره ذلك خطراً على الأمن القومي الأميركي.

وكان قد اقر الكونغرس الأميركي الأسبوع الماضي قانون جاستا، بعد نقضه للفيتو الرئاسي. في حين خرجت الصحف الأميركية وتحديداً "نيويورك تايمز"، لتتبنى وجهة نظر الرئيس أوباما معتبرة أن هذا القانون سيؤدي الى نتائج خطيرة يأتي في مقدمتها أنه سيقضي على العلاقة الأميركية السعودية. فيما ستساند العديد من الدول العربية السعودية. كما أن للقانون تكلفة باهظة، ستدفعها أميركا فيما يتعلق بمواطنيها ودبلوماسييها في الخارج.

جاستا وأهدافه الظرفية

إن للقانون الأميركي عدداً من الأهداف الظرفية والمباشرة، سنشير لها بالتالي:

أولاً: يُقدّم القانون صورة جديدة عن العلاقة الأميركية السعودية للرأي العام العالمي لا سيما الأميركي والغربي. وهو ما يمكن إيجازه بأن السعودية باتت بعيون الأميركيين الراعية الأولى للإرهاب في العالم، وهو الأمر الذي كان يقتصر على الإبتزاز اللسياسي في حين بات اليوم توجهاً إعلامياً أميريكياً سنجد نتائجه ستنعكس على الداخل الأميركي كما الغربي.

ثانياً: إن المرحلة الحالية، ستكون عُرضة لإبتزاز متبادل بين الطرفين السعودي والأميركي، في حين تُعتبر أموال السعودية في أميركا والتي تُقدر بمئات مليارات الدولارات تحت تصرف الطرف الأميركي القادر على حجزها تحت مُبررات التعويض لأهالي قتلى وأسر ضحايا 11 أيلول.

ثالثاً: وضَع القانون العلاقة الأميركية السعودية في مرحلة خطيرة تتجاوز السياسة وتصل الى الإقتصاد. حيث أن المفاعيل القانونية لهذا القرار ستؤثر على التجارة بين السعودية والغرب الى جانب أميركا. وهو ما سيُؤثر على الإقتصاد العالمي بشكل عام. في حين ستدخل معاملات السعودية التجارية مرحلة من الخطر خصوصاً لما ستعكسه التبعات القانونية على علاقاتها الثنائية مع أي طرف.

الأهداف الأميركية الحقيقية

 لا شك أن لهذا القانون آثاراً ونتائج غير مباشرة، لكنها تُعتبر حقيقة التوجه الأميركي والسبب الأساسي لدفع العلاقة مع السعودية بهذا النحو. وهنا نُشير لهذه الأهداف والتي نعتبرها الأهداف الحقيقية بالتالي:

أولاً: هدفت واشنطن من إقرارها القانون الأميركي منع الإبتزاز السعودي. خصوصاً أن الرياض لمَّحت لما أثار دهشة العديد من الخبراء، من إمكانية قيامها بسحب أموالها من البنوك والأسواق الأميركية. وهو ما يعتبره الكثيرون خطراً وفِعلاً غير مدروس. في حين لا تقبل واشنطن أن تكون موضع إبتزاز أحد وتحديداً السعودية، مما دفعها لإقرار القانون، الأمر الذي يسمح لها بإدارة ملف أموال السعودية بالطريقة التي تراها مناسبة والتي لا نجد أنها ستخرج عن دائرة التوافق بين الطرفين. فالمسألة لا تتعلق فقط بالسياسة بل هناك تبعات إقتصادية لها على صعيد البلدين.

ثانياً: أثبت السلوك السعودي، إمكانية قيادته لتحالفٍ عربيٍ إسرائيلي يخدم السياسة الأميركية ضد إيران وحلفائها وسياستهم المتعاظمة. ذلك على الرغم من وجود سخط لدى العديد من الدول العربية والخليجية من سياسة السعودية على الصعيد الإقليمي والدولي وطريقة تعاطيها وإدارتها للملفات. في حين بدأ التوجه السعودي العلني نحو تل أبيب وما لحقه من توجه بعض الدول العربية، ليبدأ مع التوتر في العلاقات الأميركية السعودية نتيجة توقيع الغرب للإتفاق النووي مع طهران. لذلك وجدت واشنطن بأن دفع العلاقة للتوتر مع الرياض، بالإضافة الى أهدافه التكتيكية فهو يحمل هدفاً إستراتيجياً يتعلق بدفع العلاقة السعودية الإسرائيلية نحو مزيد من التقدم. وهو ما يبدو أنه سيحصل خصوصاً في ظل تطور العلاقة بين الطرفين وخروجها الى العلن.

ثالثاً: إلحاقاً بالهدف الثاني، فمن غير المنطقي أن تصل العلاقة بين أميركا والسعودية الى مرحلة القطيعة. بل إننا نعتبر أنها تدخل مرحلة غير مُعتادة بين الطرفينلا أكثر. فالمراقب للسلوك الأميركي يجد أن واشنطن لا تتعاطى مع حلفائها بمنطق الإرضاء، بل تتعاطى على أساس المصلحة. وهو ما حصل مع الكثير من الدول في المنطقة كالعراق أيام صدام وليبيا، ويحصل اليوم مع كلٍ من السعودية وتركيا. لذلك فمن الضروري الإلتفات الى أن واشنطن تعتبر الرياض تابعاً لها، وتنظر للأمور من باب مصلحتها الإستراتيجية. وهنا فإن أميركا تجد في توجه الرياض نحو تل أبيب، أمراً يجعلها في موقع يمتلك المزيد من الأوراق السياسية في ظل خساراتها العسكرية المتلاحقة في المنطقة.

رابعاً: إن مسألة إنشاء حلف عربي - إسرائيلي تقود السعودية فيه الأطراف العربية، هو من الأمور التي سيكون لها انعكاسات بنيوية على شكل السياسة الدولية في منطقة الشرق الأوسط. وهو ما يعني أن هذه المسألة وبعد أن باتت بعيدة عن انتقاد العرب، بل باتت محط تأييد البعض، ستُصبح مجالاً للتنافس بين الدول العربية مما سيُدخل الجميع في مرحلة من التصارع حول هدف جديد وهو إرضاء الكيان الإسرائيلي خدمة للسياسة الأميركية. ليكون المستفيد الأول الكيان الإسرائيلي فيما ستخسر حتما الأنظمة العربية.

خامساً: إن المساعي الأميركي لا يعني نجاحها، خصوصاً في ظل وعي الشعوب العربية، والتي باتت بعيدة عن توجهات أنظمتها وتحديداً في مصر والسعودية. كما أن الخلافات العربية - العربية، سيكون لها دور في تحديد التوجهات والظروف الجديدة. خصوصاً أن المصالح بين الدول العربية لم تعد واحدة فيما تتركهم السياسة الأميركية يتصارعون فيما بينهم. وهو ما يعني أن الأمور ستتجه نحو مزيدٍ من اللاإستقرار في المنطقة. في حين سيستمر محور المقاومة في تأمين متطلبات الصراع مع الإحتلال الإسرائيلي والإستكبار الأميركي. وهو ما يُعتبر الورقة الأقوى والتي ستُسقط الرهانات الأميركية والمساعي السعودية العربية.

إذن لا شك أن القانون الأميركي سينعكس سلباً على العلاقة الأميركية السعودية. لكن الرياض لم تكن يوماً طرفاً فاعلاً تؤمن به أميركا، بل كانت دوماً في خانة التابع للسياسة الأميركية التي لا تؤمن بالحليف بل بالأداة. وهو ما يعني بشكل واضح، أن التوجه الأميركي الحالي لم يكن دون دراسة، وإن توقَّف الكثيرون عند مفاعيله الإقتصادية، بل جاء نتيجة حاجة واشنطن لعلاقات أقوى بين تابعيها من العرب والكيان الإسرائيلي. كل ذلك في ظل مساعٍ لتنصيب تل أبيب كوجهةٍ جديدة لحلفاء واشنطن في المنطقة. لنقول أن "جاستا" ليس سوى قانون ابتزاز للرياض لدفعها نحو تل أبيب!
رایکم