۸۸۱مشاهدات

مريض نفسي يحاصره الخوف

صادق خنافر
رمز الخبر: ۳۴۳۴
تأريخ النشر: 26 February 2011
شبکة تابناک الأخبارية: ملك ملوك أفريقيا، إمام المسلمين الأوحد، القائد الأممي، الزعيم، وعميد الحكام العرب، هكذا يصف معمر القذافي نفسه، وهو من وجد حلاً للأزمة الكردية والكورية، وهو مبدع مشروع إسراطين، وهو من أقام مؤتمرات للأميركيين الأصليين (الهنود الحمر)، وهو من استحدث عيداً لجز الغنم، وهو صاحب مشروع النهر الصناعي العظيم. سنته من تسعة أشهر وبأسماء جديدة، وهو الداعي للوحدة مع أفريقيا السوداء، وهو داعم بوكاسا آكل لحوم البشر، وهو بالطبع مؤلف أسطورة الكتاب الأخضر.. ثم الكتاب الأبيض، ودافع تعويضات لوكربي "التافهة"، ومنظم اللقاء الشهير في إيطاليا مع فتيات اختار مواصفاتهن بنفسه لدعوتهن الى الإسلام، وهو من أنكر ما أجمع عليه المسلمون...وعجائب وعجائب لا تخطر على بال عاقل.

بطاقة شخصية..
"الأخ القائد" معمر محمد عبدالسلام أبو منيار القذافي من قبيله القذاذفة. المولود في 7 حزيران/يونيو عام 1942 في قرية اسمها "جهنم" بالقرب من (شعيب الكراعية) في وادي جارف بمنطقة سرت. معروف في الأوساط الإعلامية العالمية منذ اعتلائه رئاسة ليبيا بالانقلاب العسكري، بمواقفه وممارساته وطقوسه وتصريحاته التي تدعو إلى التندر والتفكه أحيانا كما هو الحال مع خيمته المتنقلة، ما دعا بالكثيرين إلى وصفه بـ "المجنون" كما فعل أنور السادات وريغان وغيرهما. القذافي شخص مثير للجدل والتعليقات والتعليقات المضادة.

"الصخرة الصماء"..
يضفي القذافي على نفسه دوماً نعوت العظمة وألقاب الزعامة كقوله انا "صخرة صماء تحطمت عليها أميركا"، ولن يتنحى لأنه "قائد ثورة، والثورة تعني التضحية دائما وأبدا حتى نهاية العمر".. "أنا المجاهد الأكبر.. معمّر القذافي مجد، تاريخ، مقاومة، وتحرر... القذافي ليس رئيساً ورجلاً عادياً لنقتله بالسم... هذا مجد لا تفرط فيه ليبيا ولا الشعب الليبي ولا الشعب العربي والإسلامي".

"الاب الذي خانه اولاده"..
من "جنون العظمة" الذي يعيش في طواياها القذافي كان لا بد لنا من اللجوء الى علم النفس لمحاولة التعرف إلى هذه الشخصية وما وراءها. الدكتور أحمد عياش الطبيب النفسي والباحث الاجتماعي اعتبر أن "الانتفاضة الليبية فضحت مكامن وخبايا شخصية الرئيس معمر القذافي الذي طالما كان محور تساؤل الاخرين، فإذا بهذا القناع يسقط عند أول مفترق طرق". وقال: "لقد بدا تحت تأثير الصدمة النفسية كالأب الذي خانه أولاده وهو المقتنع بأنّ له من الجميل الكثير على أبناء الشعب الليبي، وهو المؤمن بأن صورته يجب أن تكون إلى جانب صور الثوار الكبار وليس الى جانب الطغاة. هذه صدمة نفسية ممتزجة بالخيبة والمرارة ومشاعر اللامتوقع من التاريخ الليبي".

"مذهول من هول المصيبة"..
وأكد عياش في حديث لموقع قناة المنار أنه "مما لا شك فيه أن القذافي ما زال في مرحلة إنكار الحدث من حوله ومذهول من هول المصيبة، ففي وعيه يعتقد أن على الشعب أن يكرّمه وأن يقدس شخصيته. فهو الضابط الذي رأى فيه الرئيس جمال عبد الناصر شبابه، وهو الخصم العنيد للإمبريالية، وهو صديق حركات التحرر، فكيف لهذا الجيل الجديد أن لا يعترف له بعظمته وعلّوه في المجتمع الدولي وهو المنظّر للنظرية الثالثة بعد الاسلام والماركسية".

مريض نفسي..
"لقد بدى جرح نرجسيته واضحاً، ونزفُ الأنا المتعبة بدت كأنها قررت النهاية. فإذا اضفنا لتاريخ شخصيته العسكرية انتماؤه للقبائل العربية والدم الافريقي، فالاستنتاج واضح. لقد قررت الأنا النرجسية المريضة والمتضخمة والرافضة للحقائق من حولها أن تموت ميتة الفرسان على ارض المعركة"، يقول الدكتور عياش ويضيف: "من عادة أصحاب الشخصية المريضة بالبارانويا أن تختار زمان ومكان و طريقة نهايتها وبما أن القذافي يعاني من هذه الشخصية ذات سمات الشك والحذر المفرط والايمان بعظمتها الى حدّ الاعتقاد بالدور الإلهي والإنساني، أن تلجأ للعنف المفرط مع أخصامه ولو أن الذكاء سمة من سمات هذة الشخصية المريضة".

"الموت يقترب منه"..
وحول توقعه لنهاية هذه الشخصية المريضة حسب وصفه، قال عياش: "بيدو أن الخوف يحاصره والموت يقترب منه، لذلك علينا توقع نهاية مأساوية له مع الشعب الليبي الذي بِصَمتِه المَرضي والمزمن قد ساهم بطريقة أو بأخرى بتحوّل هذا القائد من مشروع ثائر إلى طاغية منقطع عن أحوال الناس وتطلعات الجيل الجديد الذي لا يعرفه".

"ثعلب عجوز مذعور"..
القذافي شخصية يبدو أنها من الصعب التكهن بمكنوناتها ولكن من السهل وصفها حيث شبّهَه الكاتب البريطاني روبرت فيسك بـ"الممثل الكوميدي الذي تسبب في مأساة خطيرة في أيامه الأخيرة"، مؤكداً انه الآن في طريقه النهائي للخروج من المسرح. ووصف فيسك القذافي قي مقالة نشرت في صحيفة "الاندبندت" الاربعاء بالثعلب وقال إن القذافي "ثعلب عجوز مذعور وشخصية مخبولة وديكتاتور سيسقط على يد شعبه مثلما حدث في مصر وتونس". وتطرق فيسك إلى جنون وغرابة أطوار القذافي، مشيراً إلى أنه قبل أيام قليله من اندلاع الغضب الشعبي في ليبيا، التقى ولمدة 20 دقيقة بعرافة عربية عجوز وسألها عن جرّاح جيد ليجري له عملية تجميل للتجاعيد التي أصابت وجهه، وقال فيسك: "الرجل ببساطة مجنون".

"غريب الاطوار"..
"شخصية زئبقية وغريب الأطوار، يعاني من عدة أنواع من الرهاب، يحب رقص الفلامنغو الإسباني وسباق الخيل، يعمل ما بدا له ويزعج الأصدقاء والأعداء على حد سواء... "يصاب بنوبة من الخوف اللاإرادي من المرتفعات لذلك فهو يخشى الطوابق العليا من البنايات، كما أنه يفضل عدم الطيران فوق الماء. ولا يسافر إلى الخارج بدون ممرضته الأوكرانية إضافة إلى حياة التقشف التي يعيشها"، هكذا وصفته برقية دبلوماسية اميركية نشرت مؤخراً.

الخطِر..
وبقليل من البحث بين أوراق كتب التحليل النفسي، نجد أنه إذا تم استبعاد إغراء الإشارات الكثيرة عن غرابة الأطوار لدى الشخص، القذافي في هذه الحالة، فإنه حتماً يملك تركيبة معقدة من المواصفات أهلته للبقاء في السلطة أكثر من أربعين عاما، وهي تقوم على التوازن بين المصالح وأساليب السياسة الواقعية. ولكن لا بد من الاشارة أيضاً الى أن "اخطر ما في الجنون ان لا تعترف بأنك مجنون" ولذلك يشكل القذافي خطرا على نفسه وشعبه وأمته على حد سواء.
رایکم