۱۲۴۴مشاهدات

«سعد الفقيه» لـ«ساسة بوست»: ابن سلمان متحمِّس للتطبيع أكثر من ترامب.. وليس تابعًا لابن زايد

ربما تضطر السعودية للتحالف مع إخوان اليمن.. هل تحالف مثل هذا قد يغير في شكل التحالفات الدولية في المنطقة؟ خصوصًا تحالف السيسي وابن زايد وابن سلمان؟
رمز الخبر: ۳۷۵۹۹
تأريخ النشر: 05 February 2018

شبکة تابناک الاخبارية: ابن سلمان لن يتحالف مع إخوان اليمن، وتقديم التنازلات للحوثيين أهون عليه من التحالف معهم. إنه يحاول خداعهم الآن بالاستفادة من قوتهم في اليمن، ثم التخلص منهم!

أحد أبرز المعارضين السعوديين، تمرد باكرًا على الأسرة الحاكمة في السعودية، فانتقل إلى لندن منذ عام 1994 مع زوجته وأبنائه الأربعة. وقد كانت هذه الهجرة بعد أن أسدى بالنُّصح للملك السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز، داعٍ إلى الإصلاح.

الطبيب «سعد الفقيه» أحد أبرز الإسلاميين الإصلاحيين، الذي بعد جسدًا عن وطنه السعودي، وبقي حاضرًا بقوةٍ في كل أحداثه، يشارك من لندن بالإفصاح عن الأسرار السياسية في المملكة، عبر شبكات التواصل الاجتماعي التي يعدُّ هو نجمها الأول، إذ لا يكفّ عن نشر التغريدات والفيديوهات التي تقدم للمواطن السعودية الرؤية الحقيقة للشأن السعودي، «ساسة بوست» في السطور التالية يحاور المعارض السعودي الكبير، سعد الفقيه؛ للوقوف على تطورات الشأن السعودي.

علمًا أن المحاورة أجريت قبل أسبوعين.. أثبتت نجاعة وقوة تحليلاته بعد أن وافق الواقع تحليلاته.

1- بعد الأزمة الخليجية لحقت اتهامات عدة بالمعارضة السعودية، وصلت إلى شخصكم الكريم، ما رأيك في هذه الاتهامات التي تتحدث عن دعم قطر المعارضة السعودية؟

الاتهامات قديمة ومتعددة، وسبق أن زعموا أننا مدعومون من صدام وإيران وإسرائيل وأمريكا وبريطانيا وليبيا وقبلها وبعدها قطر. أي اتهام بدون دليل ليس له قيمة.

2- ما رأيك في الأصوات المعارضة للحكومة السعودية عبر الإنترنت، هل أصبح لها تأثير يمكنه أن يغير مجرى الأمور؟

التحول في صوت المعارضة في الإنترنت أخذ مسارين مؤخرًا، المسار الأول: ظهور مزيد من الشخصيات الحقيقية التي تقدم أعمالًا نوعية، وتستهدف شرائح مختلفة من الشعب بطريقة مؤثرة جدًا، وتغير مفاهيم، وتساهم في فضح الفساد والنفاق، وتسقط هيبة شخصيات لا تستحق الهيبة.

والمسار الثاني يتمثل في تنامٍ تدريجي في جرأة المشاركين عمومًا في وسائط الاتصال وخاصة «تويتر»، إذ تغلّب صوت النقد ورفض التوجهات الرسمية، على أصوات الموظفين المكلفين من قبل الجهات الرسمية، والتي سميت بـ«الذباب الإلكتروني».

3- قال الكاتب والإعلامي السعودي جمال خاشقجي: إنه «لا توجد حياة سياسية في المملكة العربية السعودية»، هل تعتقد أن خروج صوت مثل خاشقجي مهمّ للمعارضة السعودية؟ وما توقعاتك حول قوة المعارضة أو ضعفها بعد التطورات الأخيرة؟

تحول شخص مثل جمال خاشقجي لا شك مهم لسببين:

أولًا: لأنه كان جزءًا من المؤسسة الإعلامية الخادمة للنظام؛ فيكون تحوُّله ضدهم مؤذيًا لهم، حتى لو كانت لغته هادئة؛ لأنه بمثابة «شاهد من أهلها».

وثانيًا: لأن له حضورًا قويًّا في الإعلام الأوروبي والأمريكي الذي يبذل النظام المليارات من أجل أن يضلله عن حقيقة الوضع في البلد، فيكون طرح جمال الناقد للوضع محرجًا للنظام؛ لأنه يهدم كل ما يبنون بهذه المليارات.

لكن يجب أن ندرك أن جمال ما يزال مواليًا لآل سعود العائلة، وتحوله لا يزيد على تحفظ على مبالغات «محمد بن سلمان» في التهور والاستبداد. 

4- هل تظن أن تسريبات «مجتهد» و«العهد الجديد» بشأن قرب تولِّي ابن سلمان سدة الحكم صحيحة؟ ولها تأثير في المجتمع السعودي والعالم الذي يرى فيها تحركات كانت مخفية عن الأسرة الحاكمة؟

نعم هي صحيحة، ويبدو أنه كان على وشك أن يعلنها أكثر من مرة. ويبدو أن سبب التأجيل أن بعض من حوله نصحوه بأن الوقت لصالحه، ما دام والده في السلطة ولن يخسر شيئًا من المزيد من الانتظار.

5- كيف ستكون ردة فعل الشارع السعودي الذي هلل لخبر القبض على الأمراء بذريعة الفساد، إن أفرج عنهم بعد التنازل عن ثرواتهم؟ هل يمكن أن يُضيّع ابن سلمان هذا النجاح الجزئي ويخسر الشارع السعودي؟

الشعب فرح بها شماتةً بآل سعود الذين تسلطوا عليه عقودًا طويلة، وليس تصديقًا بأنها حملة ضد الفساد، فالشعور الغالب لدى الناس أن محمد بن سلمان يريد الاستيلاء على هذه الأموال لنفسه، والدليل أن الشعب والوطن لم يستفيدا منها شيئًا، إذ فرض المزيد من الضرائب، ورفعت أسعار المحروقات والخدمات، وتفاقمت البطالة، إلى غير ذلك من الأدلة على عدم ضخ أي مزيد من المال بطريقة تحرك الاقتصاد بما يستفيد منه المواطنون.

6- لم تنجح القمة الخليجية السابقة في تحقيق انفراجة في الأزمة القطرية.. فهل يؤشر ذلك على إطالة أمد الأزمة بين الدول الخليجية؟ ما توقعاتك بخصوص تلك الأزمة؟

كل الدلائل تدل على استمرار الأزمة، وعلى أن ابن سلمان وابن زايد يريدان إثبات أن موقفهما الأول في حصار قطر كان صحيحًا، وآخر ما صدر مما يدل على مزيد من التصعيد وليس التراجع، هو إقفال المنفذ البري مع قطر بالكامل بعد أن كان مفتوحًا للحالات الإنسانية، كما طرد من بقي من القطريين من البلاد بمن في ذلك زوجات السعوديين. والقريبون من ابن سلمان يتحدثون عن إصراره على تركيع قطر مراهنًا بكل قوة على موقف ترامب.

7- بعد الأزمة اللبنانية، ماذا عن المستقبل بعد فشل ابن سلمان في أزمة الحريري؟ إلى أين ستصل الأمور من خلال قراءتك لمواقف ابن سلمان؟

تصرف ابن سلمان لم يكن موجهًا إلى لبنان بقدر ما كان حيلة لإجبار الحريري على أمرين:

الأول: تسليم ما لديه من أموال كسبها من نشاط شركات «سعودي أوجيه» على مدى عقود من العمل في المملكة.

والثاني: الاعتراف بما لديه من معلومات عن بقية شركائه من الأمراء، خاصة أبناء الملك السابق عبد الله والوليد بن طلال، أما عرض القضية كما لو كانت تخصّ لبنان، فكان مجرد غطاء لهذه العملية، واللوم ليس على ابن سلمان؛ بل على الدول الغربية التي تزعم احترام سيادة الدول. كيف تسمح باعتقال زعيم دولة واستجوابه بهذه الطريقة البلطجية، وتعلم عن كل ما تعرض له ولم تكشف شيئًا من ذلك.

8- تحدثت دكتور في حوار صحافي عن خلاف التيارات الإسلامية العاملة على الساحة السعودية، الأمر الذي دفعك نحو الاهتمام أكثر بتيارات فكرية أكثر انفتاحًا، ما المطلوب لإيجاد تيارات معارضة تنقذ الوضع السعودي؟

المشكلة لم تكن خلافًا فقط؛ بل كانت أفقًا ضيقًا وعجزًا عن المعايشة السياسية والاستراتيجية والعمل على طريقة تكرار تجربة السابقين دون خطة شاملة. ما نقوم به نحن من طرح شامل، ومنهجية منضبطة، وخطة سياسية مفصلة، واستراتيجية واضحة، ومواقف محددة تجاه النظام والمؤسسات والأحداث هو في نظرنا ما يناسب. وسواء اتفق معنا المتابع لنا أو اختلف، فلا أظنه ينكر أن طرحنا مبني على منهجية وخطة ومواقف واضحة.

9 – تحدثتم عن «خطاب المطالب» و«مذكرة النصيحة»، وهما يعدان أول عرائض إصلاحية وحقوقية نشرت في السعودية، قدمت إلى الملك فهد بن عبد العزيز، هل تغير الآن البرنامج الإنقاذي للحركة الإصلاحية، وما رؤيتكم لمعالجة الفساد المالي واسترجاع الأموال المسروقة الآن؟

كان الخطاب والمذكرة مبنيين على مخاطبة من الداخل لصاحب السلطة، وقد تجاوزنا هذه المرحلة منذ أن قرر النظام السعودي قطع كل الطرق على الإصلاح من الداخل، فأصبح الخطاب لا يوجه إلى الحاكم بل يوجه إلى الشعب.

وبعد أن كان الخطاب فيه شيء من المجاملة؛ لأنه مقدم إلى صاحب السلطة، وربما يفهم منه فهمًا غير مباشر اعترافًا بالسلطة، فالخطاب الآن خالٍ من المجاملة ومبني على رفض كامل للنظام، وهدفه الرئيسي استبدال هذا النظام الامتلاكي المستبد الظالم المبدل للدين على نظام قائم على الشورى والعدل والشفافية والصدق في التعامل مع الدين والأمة.

10- ما رأيك بالتطبيع السعودي مع إسرائيل؟ هل سيأخذ منحى أخطر في المستقبل القريب؟ وكيف تقرأ موقف السعودية من القرار الأمريكي بنقل السفارة؟

المعلومات تقول إن التنسيق خلف الكواليس مع إسرائيل وأمريكا تنسيق كامل، وإنَّ ابن سلمان متحمِّس له أكثر من ترامب نفسه، ومستعد أن يدفع المليارات لإقناع المعارضين في فلسطين وغيرها.

أما التطبيع العلني، فقد تنامى تناميًا سريعًا ووظفت السلطات السعودية المؤسسات الإعلامية مثل «العربية» و«إم بي سي» والشخصيات المتصهينة في الإعلام لأجل أن تكتب وتتحدَّث في مواقع التواصل الاجتماعي، والفضائيات لتهيئة الشعب لخطواتٍ تطبيعية صريحة، تبدأ بالتجارة وتسهيل التنقل بين البلدين، وتنتهي بالسفارات والتحالف العسكري السياسي المعلن.

11- برأيكم.. كيف سيكون شكل المملكة إذا أُعلن ابن سلمان ملكًا للسعودية؟ خصوصًا أن ابن سلمان يغير كثيرًا مما تعارف عليه السعوديون على المستوى السياسي والاجتماعي والديني؟

إذا استقر له الأمر فسيواصل تنفيذ التغييرات الاجتماعية والدينية والاستفراد بالحكم، لكن السؤال الأهم هل سيستقر له الأمر؟ وسبب هذا التساؤل هو أن القريبين من العائلة الحاكمة يقولون إن سبب سكوت الأجنحة المختلفة في العائلة هو احترام والده الذي كان حاضرًا في المشهد السياسي على مدى 50 سنة، ففرض هيبة مرتبطة بشخصه حتى مع عجزه العقلي. وهم يقولون إنهم لن يواصلوا السكوت بعد تنحي الملك سلمان أو وفاته، إذ لا يشكل وجود محمد بن سلمان سببًا كافيًا لمنعهم من التحرك.

12- هل ترون أفقًا للمعارضة ولتغيير النظام في ظل دعم ترامب شبه الكامل لابن سلمان؟

إن كان المقصود بالمعارضة نشاطنا نحن، فنحن لم نربط نشاطنا بمن يدعم النظام السعودي، وسواء أكان ترامب أم غيره فنشاط المعارضة مستمر، أما إن كان المقصود المعارضة من داخل الأسرة الحاكمة، فنعم، يشكل دعم ترامب ترجيحًا قويًا لكفة محمد بن سلمان؛ ولكن ترامب نفسه وضعه مهزوز.

13- ماذا إذن لو أعلن ابن سلمان التطبيع الكامل مع إسرائيل؟ هل تتوقعون أن يتحرك الشعب السعودي ضد هذا القرار؟

الشعب حاليًا لا يملك الأدوات والآليات التي يترجم بها غضبه الفوري ضد قرار التطبيع، لكن القرار سيزيل البقية الباقية من الشرعية الدينية، وبقايا تقدير النظام، ويتراكم في الوجدان الشعبي النزعة للتغيير الشعبي، سواء سلمًا أو عنفًا. ونظرًا إلى أن ثقافة التغيير السلمي ليست شائعة في بلدنا فمن المتوقع التحول إلى استخدام العنف.

14- ربما أصبح الآن الحلف واضحًا: السعودية والإمارات ومصر.. كيف يؤثر هذا الحلف في المعارضة السعودية؟ وهل يجعل هذا الحلف ابن سلمان قويًّا؟

النظام السعودي الحالي لا يحتاج الإمارات ومصر لمواصلة الحرب مع المعارضة؛ لأنّ الوسائل الأمنية والإعلامية والمالية والمخابراتية التي بيد النظام كافية، والمبالغة في الحديث عن هذا الحلف ربما يضعف النظام أكثر؛ وقد يضره بسبب السمعة السيئة لمصر والإمارات.

15- كيف ترى مستقبل هذا الحلف؟

بما أن الحلف قائم على تقديس قيادات الدول الثلاث لترامب وإسرائيل ومرتبط بهما؛ فالأرجح أنه سيستمر وربما لن يتفكك إلا إذا تعرض ترامب نفسه لمشكلة في أمريكا.

16- ربما تضطر السعودية للتحالف مع إخوان اليمن.. هل تحالف مثل هذا قد يغير في شكل التحالفات الدولية في المنطقة؟ خصوصًا تحالف السيسي وابن زايد وابن سلمان؟

أستبعد أن تتحالف السعودية مع إخوان اليمن، بل إن محمد بن سلمان يرى تقديم التنازلات للحوثيين أهون عليه من التعاون مع إخوان اليمن. وأما الاتصالات التي جرت معهم فهي لأجل خدعاهم بالاستفادة من قوتهم في اليمن، ثم التخلص منهم.

17- بعض التقارير والتحليلات تتحدّث عن ما يشبه «التبعية» من ابن سلمان لابن زايد؟ هل لديكم معلومات أو تحليلات مغايرة؟

لا أعتقد أن ابن سلمان يتبع ابن زايد. صحيح أن ابن زايد له فضل عليه في تقوية الصلة مع نتنياهو وترامب ونفعه بخبرته في استخدام البلاكووتر والمرتزقة. لكنه فيما عدا ذلك مجرد تشابه التوجهات والأذواق، وتطابق الموقف من الإسلاميين والشعوب والعروبة. كلاهما يكره الإسلام، ويكره العروبة، ويؤمن بعظمة الصهاينة، وأنهم هم الذين يضمنون السلطة.

رایکم