شبکة تابناک الاخبارية: شهد عقد التسعينات من القرن الماضي بداية تقسيم أكبر دول البلقان وهي "يوغوسلافيا" التي هيمن عليها الحكم الشيوعي منذ الحرب العالمية الثانية واستطاع حتى تلك اللحظة من المحافظة على وحدة سبع دول مهمة هي: كوسوفو وصربيا وكرواتيا وسلوفينيا والجبل الأسود ومقدونيا والبوسنة والهرسك.
وبوفاة الزعيم اليوغسلافي الشهير يوسيب بروز تيتو بدأت أولى معالم تفكك عقد الإتحاد اليوغوسلافي تظهر للعلن مع اتساع رقعة نشاط الحركات القومية في البلاد وإزدياد الأصوات المطالبة بالإنفصال عن يوغوسلافيا الأم.
سلوفينيا هي أول الدول التي إنفصلت عن يوغوسلافيا في العالم 1991 تلتها كرواتيا ومن ثم مقدونيا، لكن؛ عندما الدور إلى مسلمي البوسنة وأعربوا عن رغبتهم بالإنفصال قابلهم صرب البوسنة الموالون لصربيا بالرفض وهددوهم بالقتل والتهجير من أرضهم ووطنهم.
وقد بدأ صرب البوسنة بقيادة رادوفان كارادجيتش بالفعل بتنفيذ تهديدهم وشنوا عمليات قتل واغتصاب وتطهير عرقي وتعذيب اعتبرت الأعنف على الإطلاق بعد الحرب العالمية الثانية.
ومن بين الممارسات التي عرفتها الحرب الوحشية التي شنها الصرب على مسلمي البوسنة فصل الجماعات بعضها عن بعض وقصف السكان المدنيين ومنهم سكان سراييفو، وكذلك القرى المحاصرة، إلى جانب تنفيذ مجازر أثناء الغزو ونفي المدنيين لتغليب عرق معين في مناطق معينة.
وشهدت الحرب أنواعا من التعذيب ضد السكان العزل في معسكرات الاعتقال وأشهرها معسكر أومارسكا في مقاطعة برجدور حيث نفذت القوات الصربية في هذه المعسكرات عمليات الاغتصاب المنظم والإعدامات الفورية والاستيلاء على الممتلكات ونهبها والتدمير المنظم للإرث الثقافي والديني واستخدام المعتقلين دروعاً بشرية في الخطوط الأمامية وفي ميادين المعارك وتم تجويع المدنيين، وغيرها من الممارسات التي تعتبر إنتهاكاً للقوانين الدولية وحقوق الإنسان وتهدف كلها إلى محو أي أثر لأي شيء غير صربي في الأراضي المستولى عليها.
وشكلت مجزرة مدينة سربرنيتشا أبشع جرائم الصرب في البوسنة حيث قتل فيها ثمانية آلاف من الرجال والشباب المسلمين البوسنيين على يد القوات الصربية.
فقد حاصر الصرب في شهر يوليو/تموز 1995 سربرنيتشا التي كانت تعتبر محمية من قبل منظمة الأمم المتحدة وتحت إشراف القوات العسكرية الهولندية التابعة لهذه المنظمة ومن ثم قاموا بإقتحامها فيما لم يتمكن الهولنديون من حماية المسلمين الذين لجؤوا إلى قاعدتهم العسكرية والبالغ عددهم 25 ألف مسلم، فقام الصرب بإرتكاب المجزرة بحق هؤلاء وقتلوا آلاف المسلمين ودفنوهم في مقابر جماعية داخل المعسكر في ظل صمت إقليمي وعالمي مستغرب.
وفي الوقت الحاضر وبالرغم من نيل البوسنة لإستقلالها وتمتعها بالأمن والإستقرار داخل المجتمع الأوروبي وتحقيقها للإنتعاش الإقتصادي والسياحي وتمكنها من إستقطاب الإستثمارات المختلفة إلا أن شوارع وجدران مدنها وقراها لازالت تحمل بصمات الوحشية التي مارسها بحقها أدعياء التقدم الحضاري والتفوق العرقي في قلب القارة الأوروبية.