شبکة تابناک الاخبارية: نشرت صحيفة «واشنطن بوست» تقريرًا كتبه «دانا ميلبنك»، يسرد فيه بعض الشواهد الصارخة التي تدلل على دخول أمريكا في مرحلة استبداد يصفها بـ«الاستبداد الأخرق»، فهل الديمقراطية الأمريكية مهددة حقًّا منذ تولي ترامب الرئاسة؟
يذكر الكاتب أن لجنة القوانين بمجلس الشيوخ، والتي انعقدت في قاعتها المبهرجة في الطابق الثالث من مبنى الكابيتول ليلة الاثنين الماضي، أرسلت مشروعي قانونين إلى قاعة المجلس وفقًا لقواعد «نهائي» المتبعة؛ إذ يكون التشريع المرسل بالكامل غير قابل للنقاش أو التعديل ولو بمقدار فاصلة. وهو ما يرفع عدد القوانين النهائية في هذا الكونجرس إلى 84 قانونًا، متغلبًا بذلك على الرقم القياسي للكونجرس السابق الذي صدر عنه 83 قانونًا مغلقًا عام 2014، وذلك حسب إحصائية الديمقراطيين؛ إذ إن إحصاءات الجمهوريين تظهر عددًا أقل من ذلك. ويحاول الكاتب تنبيه الشعب الأمريكي إلى أنه «بقي للجمهوريين سبعة أشهر أخرى في هذا الكونجرس لرفع هذا الرقم».
«روجر ستون»
يقول الكاتب إن هناك تفسيرات عدة لهذا الأمر، إلا أن من وجهة نظره فإن التفسير الأقرب من الناحية العملية، أن غالبية الجمهوريين قد استخدموا مناورات برلمانية لعرقلة التصويت على تعديلات تشريعية من شأنها أن تُمرر بدعم واسع من كلا الحزبين، وذلك في كل من الوظائف الخارجية، والهجرة، وأمن السلاح، والإغاثة في حالات الكوارث، والضمان الاجتماعي، والرعاية الصحية، والبيئة، وكلفة العقاقير الطبية، والإعانات الدراسية، والأمن القومي، وإصلاح العدالة الجنائية، ومزايا المحاربين القدماء، ومياه الشرب، وتغذية الطفل، والصحة الإنجابية.
إلا أنه يشير إلى أن هذا الاستحواذ الكبير لم ينتج منه الكثير، إذ أُقر 14 مشروع قانون فحسب، ليس من بينها قانون مراسمي أو رافض لوائح سابقة. ويذكر أيضًا أن في الأسبوع الماضي، أسقط جمهوريون محافظون مشروع قانون زراعي، والذي يُعد تشريعًا شائعًا في الأوضاع الطبيعية، يرجع السبب في ذلك إلى خلافات بينهم وبين قادة جمهوريين، حول مشروع قانون منفصل آخر حول الهجرة.
ويضيف الكاتب أن في الوقت الذي تحذر فيه هيلاري كلينتون من حدوث «أزمة شاملة في الديمقراطية الأمريكية»، تصدر تحذيرات ريكس تيلرسون، وزير الخارجية الأمريكي السابق الذي أُقيل بأمر من الرئيس ترامب، حاليًا بأن «المواطنين الأمريكيين يسيرون على درب التنازل عن حريتهم»، ويعقب الكاتب على تصريحه قائلًا: «للأسف الشديد لم تصدر هذه التصريحات عندما كان في منصبه».
استبداد ستاليني.. أم أخرق؟
يرى الكاتب أنه بشكل أو بآخر، يبدو كلا الطرفين على صواب، ولكن الخوف المتولد في الوقت الراهن من تحول الولايات المتحدة إلى نظام شمولي ليس صحيحًا بالكامل. إذ يصف حشد الجمهوريين الآن بأنه حشد «أخرق»، وأبعد ما يكون عن السلطوية الستالينية؛ بل الأحرى أن الولايات المتحدة الأمريكية تتحول إلى «جمهورية الموز».
يسرد الكاتب بعض الأحداث التي حسب رأيه تدل على مسار التحول الديمقراطي في أمريكا، فعلى سبيل المثال، أصدر رئيس الولايات المتحدة أمره لوزارة العدل بالتحقيق مع خصومه السياسيين، وبدورها، استجابت وزارة العدل لهذا الأمر. ويضيف أن حسب تقرير نشرته «واشنطن بوست»، حث الرئيس مدير عام هيئة البريد الأمريكية على مضاعفة قيمة الرسوم التي تدفعها شركة أمازون، ومن الواضح أن السبب في ذلك عدم رضاه عن تغطية الصحيفة الذي يملكها «جيفري بيزوس» مؤسس أمازون.
ومن ناحية أخرى يقول الكاتب إن ترامب يسعى إلى تسوية النزاع التجاري مع الصين وفقًا لشروطه، والذي يقول حلفاؤه عنها أنها في صالح الصين، في غضون ذلك، يشير تقرير نشرته صحيفة «فاينانشيال تايمز» إلى أن بنكًا صينيًّا مملوكًا للدولة طلب من عملائه دفع مبلغ 150 ألف دولار لحضور حملة تبرعات مع ترامب. علاوة على ذلك، يهدد «مايك بومبيو» وزير الخارجية الأمريكي، بفرض «أشد العقوبات في التاريخ» على إيران، في حين يقترح وزير الاقتصاد الفرنسي أن تقاوم أوروبا العقوبات الأمريكية بتعويض الشركات الأوروبية التي تتضرر من جراء تلك العقوبات.
وبعد أيام قليلة من قول ترامب إن «الجميع» يعتقدون في أحقيته بجائزة نوبل للسلام على ما حققه من إنجازات في مفاوضاته مع كوريا الشمالية، تلقى رسالةً من بيونغيانغ جاء فيها أنها لن تتخلى عن برنامجها النووي، متذرعةً «باشمئزاز» جون بولتون، مستشار الأمن القومي.
ويستكمل الكاتب سرد بعض الأحداث المقلقة مؤخرًا في أمريكا، إذ بلغت حصيلة ضحايا آخر حادث إطلاق نار في مدرسة بتكساس 10 قتلى، في حين يلقي «أوليفر نورث» رئيس الاتحاد القومي للأسلحة، باللوم على عقار الريتالين المنبه، وفي السياق ذاته، ألقى «دان باتريك»، نائب حاكم ولاية تكساس باللوم على عمليات الإجهاض. ومن ناحية يقول «روجر ستون»، أحد المقربين من الرئاسة لفترة طويلة: إنه مُتأهب لتلقي اتهمات بارتكابه بعض «الجرائم الغريبة» المختلقة، في إطار تحقيقات المستشار الخاص «روبرت مولر الثالث».
ويردف الكاتب قائلًا: إن الأعضاء الجمهوريين في اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ عقدوا اجتماعًا في 17 مايو (أيار)، والذي يوافق الذكرى السنوية الرابعة والستين للحكم التاريخي في قضية «براون ضد مجلس التعليم» الذي منع الفصل العنصري بالمدارس، لمناقشة الترشيح القضائي لـ«ويندي فيتر»، التي رفضت القول بأن قرار براون كان صحيحًا أم لا.
وحسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز، التقى دونالد ترامب الابن قبل ثلاثة أشهر من الانتخابات الرئاسية بممثلي أمراء المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة الأثرياء، والذين عرضوا المساهمة في حملة والده الانتخابية.
أما عن «رودولف جولياني»، المحامي الرئاسي المعين حديثًا، والذي كان قد كشف في وقت سابق أن الرئيس قد دفع أموالًا مقابل صمت ممثلة إباحية، يُقال إنه كان على علاقة غرامية معها، وصف «مايكل أفيناتي» محامي الممثلة بـ«القواد»، في حين أن «أفيناتي» نشر على حسابه في موقع تويتر مقطع فيديو التقط عام 2000، لجولياني مرتديًا ملابس نسائية؛ بينما يحاول ترامب إغوائه.
وعلى صعيد آخر، يقول الكاتب إن في الوقت الراهن، تشهد الولايات المتحدة الأمريكية محاولة الهيئة التشريعية الوطنية وضع معايير جديدة لمفهوم عدم القدرة على العمل. ومن جانبهم، يشير الجمهوريون إلى أن استخدام القوانين «المغلقة» قد تضخم في يد الديمقراطيين الذين يرفضون اقتراحات التعديلات على عدد من القضايا. وأشاروا أيضًا إلى أنهم -الجمهوريين- عندما يطرحون مشاريع القوانين للتعديل، فإن الديمقراطيين يقترحون الكثير من التعديلات، تجاوزت الألف حتى الآن، وهو ما يفوق ما سمح به الديمقراطيون عندما كانوا في السلطة.
ويختتم الكاتب تقريره قائلًا: بغض النظر عن ما سبق، فإن إغلاق باب النقاشات يعني انعدام فرصة تمرير تشريع يحظى بتأييد واسع لدى الشعب الأمريكي، وإذا ما طُرح للتصويت، فسوف يلقى تأييدًا جارفًا من ممثليهم في المجلس. ويستبعد الكاتب احتمالية أن الأغلبية الجمهورية كان بوسعها وضع أجندة خاصة بها، لا سيما عندما تتمثل في 142 مشروع قانون «معلق» غير مثيرٍ للجدل، مثل أسماء مكاتب البريد، من أصل 172 مشروع قانون تم إقراره حتى الآن. وبالتالي فإن الديمقراطية الأمريكية قد تكون تحت تهديد «استبداد أخرق».
مترجم عنThe Banana States of Americaللكاتب Dana Milbank
النهایة