بعد مضي أكثر من أربع وعشرين ساعة على الهجوم الصاروخي الذي شنه الحرس الثوري الإيراني على القواعد الأمريكية في العراق، كانت الخسائر التي تكبدتها الولايات المتحدة جراء الضربة من بين الموضوعات التي أثارت اهتمام الناس ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي. وبالطبع يحمل هذا الموضوع نقطة مهمة في طياته، وهي ان الأغلبية الساحقة من أبناء الشعب الايراني ، وحتى الخبراء الأجانب يجزمون بدقة وقوة الصواريخ الإيرانية ، ولكن وبالنظر إلى أن القوات المسلحة والرئيس الأمريكي قد أعلنوا أنه لا يوجد أي أميركيين قد أصيبوا في هذا الهجوم ، فالسؤال المهم هو لماذا لم يثبت الجيش أو الحكومة الأمريكية هذا الادعاء عملاً علنًا من خلال دعوتهم لوسائل الإعلام يوم الأربعاء؟.
يشير الصمت الأمريكي الذي دام قرابة 20 ساعة لشرح الهجوم والتصريحات الموجزة والغامضة في الميدان إلى أنهم يفضلون ان يقوم فريق عملياتهم النفسية والدعاية وبث الشائعات بإنتاج مواد اعلامية وقذف الكرة الى الجانب الإيراني حتى يجبروا أنفسهم على إرسال وسائل الإعلام إلى داخل القاعدة. وفي الوقت نفسه ، فإن الرقابة السريعة على الأخبار المنشورة على تويتر أو على بعض وسائل الإعلام الأمريكية هي أيضًا تزيد من هذا الخوف.
وبالتأكيد وبعد مرور بضعة ساعات على الهجوم ، أظهرت صور الأقمار الصناعية أن 8 نقاط على الأقل في قاعدة عين الأسد الجوية في العراق قد أصيبت بالصواريخ الإيرانية بشكل دقيق، وان هذه الإصابات الدقيقة كانت من قبل مزيج من صواريخ من طراز فاتح 313 وقيام 1 والتي نالت إعجاب العديد من خبراء الدفاع في جميع أنحاء العالم. لكن الأميركيين يواصلون الادعاء بأن أياً من قواتهم لم يقتل أو يصب أثناء الهجوم. وفي الوقت نفسه ، كانت أبواب القاعدة مغلقة تمامًا ولم يُسمح حتى للسلطات العراقية بالوصول إليها.
لماذا كانت BNDGE 53 تتوجه إلى ألمانيا؟
تشير بعض العلامات والحوادث يوم الأربعاء إلى وقوع إصابات وخسائر فادحة في الجيش الأمريكي والذي يسعون جاهدين الى إخفائها بأسرع وقت ممكن , وعلى سبيل المثال ما حدث في الساعات الأولى من يوم 8 يناير 2020 حيث غادر طاقم رحلة BNDGE3 لطائرة الشحن الاستراتيجية الامريكية C-17 في مهمة اسعافية، المقر في بغداد وهبط في قاعدة ريمشتاين الجوية في جنوب ألمانيا. فلدى الولايات المتحدة منشآت طبية جيدة التجهيز في تلك المنطقة ، حيث يتم نقل عدد كبير من القوات الأمريكية المصابة أثناء النزاع في غرب آسيا أو إفريقيا الى هناك.
ان الطائرة (C-17) هي واحدة من الأصول الثمينة لسلاح الجو الأمريكي التي تقوم بأدوار النقل المختلفة بما فيها موضوع نقل المصابين لمسافات طويلة. ويمكن أن تحمل الطائرة ما يصل إلى 54 مريض في الحالة الطبيعية أثناء أداء دور الإسعاف الجوي. وفي الأيام الأخيرة ، لم ترد أي تقارير عن وقوع خسائر في الأرواح او إصابات في صفوف القوات الأمريكية في العراق والتي تحتاج الى طائرة خاصة ، وفي الوقت نفسه يبدو أن ظروف الطيران تحقق أقصى استفادة من قدرتها على نقل الإصابات أو القتلى حتى لا تثير حركة الذهاب والاياب المستمرة للطائرة الحساسيات والشكوك.
وفي ذات الوقت ، يشير تشغيل طائرة ثقيلة وعالية السعة مثل C17 والتي تلعب دوراً في الإسعاف الجوي إلى وجود عدد كبير من الإصابات. ومن ناحية أخرى ، بعد سنوات من تواجد الامريكيين في العراق بالتأكيد قاموا ببناء منشآت طبية كافية في هذا البلد ، فإن نقل المصابين إلى أماكن مثل المركز الطبي للقوات الجوية الأمريكية في جنوب ألمانيا يدل على خطورة الإصابات التي يجب معالجتها والذين يحتاجون الى رعاية طبية عاجلة أو أنهم غير راغبين بإبلاغ الجانب العراقي أو بلدان المنطقة بقوة الرد الصاروخي الايراني.
وفي ضوء هذا وبعض الأدلة الأخرى ، مثل الحجر الصحي الكامل لقاعدة عين الأسد ، فإنه يدل على أنه على الرغم من أن قضية الإصابات الأمريكية المرتفعة في الهجوم تمت معالجتها بسرية شديدة من الجانب الآخر مثلها مثل العديد من القضايا الأخرى في البداية, ولكن يتم الان فهم الأدلة والأرقام الفعلية للضحايا إلى حد ما وبشكل تدريجي، ولن تكون جهودهم الإعلامية والأمنية لتغطية مثل هذه النتيجة المهينة طويلة.
المصدر: الوقت