۵۲۳مشاهدات

حقوق الإنسان تنزف بعد 9 سنوات من ثورة البحرين

ويجب عليهم أن يفكروا فيما إذا كان يتعين عليهم تعليق دعمهم للقطاع الأمني إلى أن تفرج البحرين عن المعتقلين ظلما بسبب انتقادهم للسلطات.
رمز الخبر: ۴۴۳۰۵
تأريخ النشر: 04 March 2020

مرت 9 أعوام على ثورة البحرين في فبراير/شباط 2011. وشارك حينها عشرات الآلاف في تظاهرات شملت مدن وبلدات في جميع أنحاء البلاد للاحتجاج على قبضة أسرة "آل خليفة" الحاكمة على السلطة، والاعتقالات التي طالت الناشطين السياسيين.

وجاءت ثورة 2011 نفسها بعد 10 أعوام من استفتاء عام 2001 الذي صوت فيه المواطنون بأغلبية ساحقة لصالح "ميثاق العمل الوطني". ووعد الميثاق بإصلاحات ديمقراطية أساسية، بما في ذلك جمعية وطنية منتخبة شعبيا.

وعلى الرغم من فترة "شهر العسل" بعد اعتماد ميثاق العمل الوطني، عادت البحرين تدريجيا إلى ماضيها القمعي. وبحلول عام 2010، كانت السلطات تحتجز نشطاء المعارضة البارزين وتغلق منظمات المعارضة، وكانت تقارير تعذيب المحتجزين تظهر على نحو متكرر.

نمط مماثل بعد الثورة

وفي الأعوام التي تلت الثورة الأخيرة، تفاقمت أزمة حقوق الإنسان في البحرين. وأظهرت السلطات سياسة من عدم التسامح المطلق مع أي فكر سياسي حر ومستقل، وسجنت أو نفت أو أسكتت أي شخص ينتقد الحكومة.

ومنذ البداية، نفذت السلطات البحرينية حملة انتقامية ممنهجة، مستخدمة القوة المميتة لتفريق الاحتجاجات، واعتقلت الآلاف، وطردت من العمل المئات من موظفي القطاع العام المشتبه في دعمهم للمطالب الديمقراطية للمتظاهرين.

وأكدت لجنة التحقيق المستقلة في البحرين، في تقريرها الصادر في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، "وجود خطة تشغيلية" لترويع المتظاهرين، وخلصت إلى أن غياب المساءلة أدى إلى توسع "ثقافة الإفلات من العقاب".

ومن الأمثلة على ذلك قضية "نبيل رجب"، أحد أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين وعضو اللجنة الاستشارية لـ"هيومن رايتس ووتش" في الشرق الأوسط، الذي ظل في السجن منذ يوليو/تموز 2016 بسبب انتقاده السلمي لسجل البحرين في مجال حقوق الإنسان. وبالرغم أنه لا ينبغي أن يكون "رجب" في السجن أصلا، إلا أن المحاكم رفضت مرارا وتكرارا استئنافه لقضاء عقوبة غير الحبس بدلا من السجن لمدة 5 أعوام.

ولا تعد قضية "رجب" فريدة من نوعها. فهو واحد من العشرات من المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين وقادة المعارضة والصحفيين الذين تم سجنهم ظلما منذ أن قمعت الحكومة احتجاجات 2011.

وفي أكتوبر/تشرين الأول، برزت أخبار حول أن السلطات البحرينية تحرم السجناء السياسيين البارزين الذين يحتاجون إلى رعاية طبية عاجلة من العلاج، وتعرض حياتهم للخطر في بعض الحالات. وفي أحد الأمثلة، تدهورت بشكل كبير صحة "عبد الجليل السنكيس"، وهو من الشخصيات البارزة في المعارضة، ويقضي عقوبة بالسجن المؤبد بسبب دوره في احتجاجات 2011.

وكان "السنكيس" مصابا بشلل الأطفال، وهو بحاجة إلى عكازين للمشي. وقالت ابنته إنه يعاني من ألم شديد في الصدر، ورعشة في يده اليسرى. ورفضت سلطات السجن نقل "السنكيس" لحضور مواعيده الطبية لأنه يرفض ارتداء زي السجن أو القيود خلال تلك المواعيد، ويعتبره شيئا مهينا. وقال خبراء دوليون في مجال حقوق الإنسان إن استخدام القيود المفروضة على المسنين أو العجزة الذين لا يشكلون خطر الهروب يعد معاملة لا إنسانية ومهينة.

ولقد وثقنا في "فورين بوليسي إن فوكس" التعذيب الروتيني في سجون البحرين، خاصة أثناء الاستجوابات. ويصف المحتجزون تعرضهم للصدمات الكهربائية والتعليق في أوضاع مؤلمة والوقوف القسري والبرد الشديد والاعتداء الجنسي.

ويستخدم المدعون والقضاة البحرينيون الاعترافات التي يتم الحصول عليها تحت وطأة التعذيب لإدانة المحتجزين، وحتى للحكم عليهم بالإعدام.

وفي يوليو/تموز، أعدمت السلطات رجلين شابت محاكمتهما مزاعم التعذيب وانتهاكات خطيرة للإجراءات القانونية الواجبة. وفي 8 يناير/كانون الثاني، أقرت محكمة الاستئناف عقوبة الإعدام ضد اثنين آخرين، حتى بعد أن قدمت هيئة إشراف بحرينية أدلة "أثارت الشكوك" بأن الرجلين تعرضا للتعذيب.

وبينما تقوم السلطات بمقاضاة الأشخاص لمجرد ممارستهم حقهم في حرية التعبير، كان هناك عدد قليل من الملاحقات القضائية الجادة لأفراد الأمن المتورطين في انتهاكات واسعة النطاق ضد المحتجزين. وتضمنت المحاكمات القليلة ضباط ذوي رتب منخفضة، وأدت جميعها إلى تبرئة المتهمين أو معاقبتهم بعقوبات خفيفة بشكل غير متناسب.

ويبدو حلفاء البحرين، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، مترددين في مواجهة حقيقة ما يحدث في البلاد. وخلال عام 2019 فقط، وافقت وزارة الخارجية الأمريكية على 3 عمليات بيع كبيرة للأسلحة إلى البحرين بقيمة 3.4 مليارات دولار، على الرغم من السجل السيئ للحكومة بشأن حقوق الإنسان والاضطهاد الشديد للمعارضين. وفشلت الولايات المتحدة أيضا في إثارة مخاوف حقوق الإنسان علنا مع السلطات البحرينية.

وبناء على طلبات حرية المعلومات، تبين أن المملكة المتحدة قدمت 6.5 مليون جنيه استرليني من المساعدات الفنية إلى البحرين منذ عام 2012، بما في ذلك الدعم الذي يهدف إلى إصلاح قطاع الأمن والعدالة. ومع ذلك، فشلت هيئات الرقابة التي دعمتها المملكة المتحدة مرارا وتكرارا في مساءلة حراس السجون والضباط، وسط أدلة على الظروف اللاإنسانية والمهينة في سجون البحرين.

يحتاج حلفاء البحرين إلى التحقيق في مدى فعالية مبيعات الأسلحة والمساعدات إلى البحرين ونشر النتائج علنا. ويجب عليهم أن يفكروا فيما إذا كان يتعين عليهم تعليق دعمهم للقطاع الأمني إلى أن تفرج البحرين عن المعتقلين ظلما بسبب انتقادهم للسلطات.

رایکم