الطريقة الفوضوية التي تعامل بها الرئيس الاميركي الاخرق دونالد ترامب مع نتائج الانتخابات الرئاسية ولمّا تعلن بعد ، تكشف عن حقيقة الواقع السياسي الفارغ في الولايات المتحدة ، فبصرف النظر عن ما سيترتب عن هذه الانتخابات فان المعطى العام لها يعزز القناعة لدى الرأي العام حول مدى الانحدار الذي صار يسري في عالم السياسة الاميركية التي يسيطر علی قراراتها كبار الرأسماليين الامبرياليين.
من اللافت ان تصرف دونالد ترامب المسكون بجنون العظمة والرافض لاي منطق عقلاني يدلّ على طغیان حدّة التناقضات في تفاصيل الحياة بالولايات المتحدة على الرغم من الصورة الظاهرية القشرية للديمقراطية التي يتبجح بها صناع القرار في واشنطن.
فلقد اثبت ترامب انه فقاعة سياسية ومظهر هش للقيم الديمقراطية الاميركية وانه مستعد للتوسل بجميع الاساليب الخبيثة والمنحطة لفرض فوزه المزعوم على منافسه الديمقراطي جو بايدن، وهما بالمناسبة وجهان لعملة واحدة.
ولئن كانت الانتخابات الرئاسية الاميركية في الماضي يغلب عليها طابع من التفاهم بين الجمهوريين والديمقراطيين على تبادل الادوار والوظائف وفقا لمقتضيات السياسات العليا الا ان الرئيس دونالد ترامب خرق هذه المعادلة بشكل جعل فيه التنافس الرئاسي يتجاوز اساليب المافيات حتى يمكن اعتبار ترامب زعيما للبلطجة السياسية في الولايات المتحدة والشخص المستعد للجنوح الی اي وضاعة وزيف وخداع لتحقيق الفوز رغما عن انف الاخرين.
لقد اثار تصريح ترامب بفوزه قبل الاعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية في 4/11/2020 مخاوف كبيرة في الاوساط السياسية الغربية الاوروبية خشية ان تقود الاوضاع المتشنجة التي اوجدها ترمب مرشح الجمهوريين دونالد الى انفجار هائل في داخل الولايات المتحدة الاميركية وهو ما تجسد في تصريح وزيرة الدفاع الالمانية انيغريت كارينباور الذي اعربت فيه في لقاء مع قناة ZDF عن "ان هذا الوضع قابل للاشتعال بشدة ويمكن ان يؤدي الى ازمة دستورية في الولايات المتحدة مثلما يقول الخبراء، وهذا امر يثير قلقنا البالغ بالطبع".
من الواضح ان الرئيس ترامب شوّه الديمقراطية ومسح مبادئ الحضارة التي تتشدق بها الولايات المتحدة بالوحل، ومن غير المستبعد جدا ان تكون نتائج سلوكياته الهوجاء ماساوية وربما تأتي على كل ما حققه الآباء المؤسسون خلال ثلاثة قرون من تاريخ أميركا.
صفوة القول ان الديمقراطية الاميركية المزعومة مرشحة الان اكثر من اي وقت مضى للتفكك وهذه هي النتيجة الطبيعية لدولة لم توفر اية وسيلة للاعتداء والبغي والظلم ضد الاخرين تحت ذريعة الدفاع عن الديمقراطية والحريات وها هي اليوم كشفت المستور وبيّنت للعالم كله كيف تدار بها اسرار الديمقراطية وذلك عند ممارسة الارهاب السياسي بحق الشعب وبحق القيم الحضارية.