۵۲۹مشاهدات

استشراف مخاطر: المشروع التركي الامريكي الجديد في العالم الاسلامي

رمز الخبر: ۵۵۲۶۵
تأريخ النشر: 08 August 2021

تابناك _ إنّ الميزات المشترکة في المجالات القومیة والدینیة والثقافیة واللغة تعد من أهم الأسباب الأساسیة للتقارب بین الدول والشعوب المختلفة في الساحات الدولية. فعلی هذا الأساس تبحث الحکومات عن تحقیق مصالحها الوطنیة إلی جانب التحالف مع الدول المتقاربة اليها. ومن هذا المنطلق تشکلت تحالفات متعددة علی مرّ التاریخ، منها جامعة الدول العربیة.
إنّ مشروع توران الذي یهدف إلی تقارب واتحاد الدول الناطقة باللغة الترکیة یقوم علی أساس الإشتراکات التي ذُکرَت آنفاً ولاسیّما اللغة والقومیة المشترکة. تتحالف الدول والشعوب ذوي القومیة واللغة  المشترکة في هذا المشروع لتحقیق الوحدة السیاسیة والثقافیة والإقتصادیة کما تسعی للدفاع عن حقوقها والمطالبة بها وأیضاً توسیع نطاق علاقاتها مع غیرها من البلدان المنضویة تحت المشروع.
تبدأ الحدود الجغرافیة لهذا المشروع من ترکيا وتنتهي حتی ترکستان الشرقیة في الصین کما یتضمن المشروع ستة عشرة دولة ناطقة باللغة الترکیة. وفي هذا السیاق قام الرئیس الترکي"رجب طیب اردوغان" بتغییر الشعار الرئاسي لهذه الدولة بوضع ستة عشرة نجمة، والتي تشیر إلی عدد الدول الأعضاء المشارکة في مشروع توران. واللافت، استخدام اردوغان شعار الستة عشر جندیاً في بعض استعراضاته العسکریة في القصر الرئاسي.
علی الرغم من أنّ اللغة المشتركة یعد المحور الأساسي لإئتلاف الدول الستة عشرة في هذا المشروع، لکن بما أنّ المذهب السني الحنفي یشکّل الغالبیة العظمی من سکان هذه البلدان -حیث تقدر نسبتهم مایقارب (70) في المائة-، فلابدّ أن یکون لعامل المذهب دور مهم في توطید وتقویة التحالف.
یتم متابعة هذا المشروع من قبل الحكومة المركزية التركية، وبدعم شامل من الدول الغربیة ولاسیما الولایات المتحدة الأمریکیة، أما الهدف الرئیسي من وراء هذا الإئتلاف الذي ادّی الی جلب الحمایة الأمریکیة هو اضعاف روسیا والصین وایران، لأن معظم مناطق هذا المشروع إما تقع في هذه الدول الثلاث أو تشمل المناطق التي تحت سیطرتها.
تقوم الولایات المتحدة الأمریکیة بتشجیع الدول الناطقة باللغة الترکیة وبناء تحالف معها وهي - التي تمتد حدودها من ترکیا حتی ترکستان الشرقیة-، وبالترکیز علی استخدام مفهوم القومیة الترکیة علی هیئة الذئاب الرمادیة. الی جانب هذا المشروع، یقوم الصندوق الوطني الأمریکي للدیمقراطیة (NED) بتنفیذ مشروعاً آخر یدعی (التفاح الأحمر) والذي یعتمد علی التعاون مع (نگاره هدایت آوای) الأوزبکي ودعم المخابرات المرکزیة لهذه الدولة (CIA).
 تهدف أمریکا من خلال الترکیز علی القومیة الترکیة الى زعزعة الأمن القومي في القوقاز وآسیا الوسطی. تبلغ المساحة الإجمالیة للدول المنضوية في هذا المشروع أکثر من (5/5) ملیون کیلومتر مربع.


· المستهدفون من خلال هذا المشروع

یغطي الاستهداف الأولي/المبدئي نحو (200) ملیون نسمة، حیث یبلغ عدد سکان الدول المنضوية في هذا المشروع (170) مليون نسمة حالیاً، بينما یصل عدد الأتراك (150) ملیون نسمة، وتشکل الطائفة السنیة (85) في المائة من سکان هذه البلدان.

_الدول المنضوية في هذا المشروع: ترکیا، آذربیجان، کازاخستان، قرغیزستان، ترکمانستان، اوزبکستان، منغولیا، شمال قبرص.

_الأقالیم الفدرالیة أو الأقلیات الترکیة التي تقطن وتتبع الدول المستهدفة في مشروع توران هي: ترکستان الشرقیة (الأویغور القاطنون في اقلیم شینجیانغ الصیني)، آذریو ایران، تتارستان، داغستان، إنغوش، الشیشان، قراشاي والشرکس، بشفیرستان، یاکوستان، قبردینو-بلقاریا من روسیا، ترکمان العراق وسوریا، تووا،جوواشیستان،جاجوزیا ( الواقعة على حدود منغولیا)، تریکا الغربیة (تقع في حدود ترکیا وبلغاریا)، شبه جزیرة قرم الأوکرانیة ومناطق أخری من هنغاریا، بیلاروسیا وطاجیکستان.
 
· مصمم مشروع توران
 ترکیا وبدعم من الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا.
 
· المنفذون
1.   الدولة الترکیة.
2.   مجلس تعاون الدول الناطقة باللغة الترکیة (ترکیا، آذربیجان، کازاخستان، قرغیزستان، اوزبکستان، منغولیا، شمال قبرص).
3.   التیارات القومیة الترکیة.
4.   صندوق الأمم المتحدة للدیمقرایطة (NED).
5.   مشروع (التفاح الأحمر) من خلال التعاون مع (نگاره هدایت آوا) الأوزبکي.
6.   المنظمات الغیر حکومیة (NGO`s) الإسرائیلیة والغربیة والتي تعد من منفذي هذا المشروع.
· الأهداف الرئیسیة لمشروع توران
- تطویر العمق الإستراتیجی بأبعاده التاريخية والجغرافية لإعادة تشکیل الدول الترکیة.
- التوازن والتنسیق بين الدول الأعضاء في الأمور الإقلیمیة والدولیة.
- توطید العلاقات الإقتصادیة والتجاریة والسیاسیة والأمنیة والعسکریة والثقافیة.
- محاولة إبعاد دول آسیا الوسطی والقوقاز عن روسیا، ایران والصین.
- استهداف ایران والصین وروسیا لاضعافها وتقسيمها.
- خلق منطقة غیر مستقرة في روسیا والصین وایران بهدف انشاء حالة من الصراع والمواجهة بین هذه البلدان.
- اتساع نطاق الأراضي الترکیة على حساب حالدود الصینية والروسیة باعتبارها دولة عضو في حلف الناتو.
- تعزیز الأنشطة المذهبیة مع دعم السنة المؤیدین لتحقیق أهداف المشروع.
 
· آثار تنفیذ مشروع توران الکبیر
1.الآثار الإستراتیجیة
- إزدیاد النفوذ الترکي والترکیز علی خطاب القومیة الترکیة.
- تضعیف محور الشرق ( ایران، روسیا والصین).
2.الآثار الأمنیة
- إزدیاد الصراعات القومیة والطائفیة في الدول المستهدفة.
- محاولات لإنفصال الأقلیّات الترکیة عن الدول المستهدفة.
- تعزیز الأنشطة المتطرفة داخل الدول المستهدفة والتي تحظی بدعم ترکي.
- خلق وزرع الخوف والکراهیة من روسیا والصین وایران.
- انعاش الجیش الموحد للدول الناطقة بالترکیة (ترکیا، آذربیجان، منغولیا، وکازاخستان).
3.الآثار الإقتصادیة
-  القضاء على مشروع طریق الحریر واستبداله بطریق اللازورد.
-  حذف خطوط الطاقة الروسیة والإیرانیة.
-  انشاء مجلس تعاون للتحالفات الإقتصادية بین الدول الناطقة بالترکية.
4.الآثار الثقافیة
-  الترکیز علی استقطاب النخب في الدول المستهدفة عن طریق انشاء مدارس محلیة واعطاء منح لطلبة الجامعات.
-  التوسع في اللغة الترکية الأسطنبولیة کلغة أم وكلغة أصلیة في مشروع توران (تعلیم وتدریس اللغة الترکیة الأسطنبولیة في معاهد تعلیم اللغة الإیرانیة في السنوات الأخیرة هي جزء من هذا المشروع).
-إزدیاد الإقبال والترکیز علی وسائل الإعلام الترکیة (کالمسلسلات، الأفلام و...).
- استهداف الدول من خلال جعل الثقافة الترکیة هي السائدة في تلک البلدان.
 
·  التدابیر التنفیذیة للمشروع
-  تکوین مجلس تعاون للدول الناطقة بالترکیة.
-  عقد اجتماعات علی مستوی رؤساء ووزراء الخارجیة ومحاولات لتوسیع عدد الأعضاء.
-  إقامة اولمبیاد ثقافیة وریاضيّة بین الدول الناطقة بالترکیة.
-  دعم المنح الدراسية للطلبة الأتراك  مع تقديم تسهيلات في ذلك (أخذ نصف تکالیف الدراسیة من الطلبة الأتراك والآذریین).
-  التدخل في المناطق التي تقع تحت السیطرة الروسیة والصینیة (ناغورن قارا باغ، شبه جزیرة قرم الأوکرانیة، اقلیم شینجیانغ الصیني) اضافة الی مختلف الدول التي لديها ارتباطات وعلاقات جيدة مع ايران(سوریا، العراق، لبنان، آذربیجان، افغانستان).
- تکثیف الأنشطة الثقافیة والتعلیمیة لمنظمتَي "یونس امره" و "تیکا" الترکیتین من خلال الترکیز علی بناء المساجد، والمراکز الطبیة وغيرها من المرافق.
-  البدء بإنشاء سکک حدیدیة تربط بین قارص-نخجوان ومدّ خطوط الأنابیب الغازیة بین نخجوان وارضروم.
-  اقامة المناورات المشترکة السنویة مع آذربیجان ودعم هذه الدولة في حرب قراباغ.
-  اجراء تعاون عسکري وأمني مع الدول الأعضاء في المشروع وتدریب عسكرييهم.
-  التکثیف من صناعة الأفلام والمسلسلات الترکیة في الدول المستهدفة.
- حضور إعلامي تركي قوي في الدول المستهدفة.
-  تمهید الظروف لإنشاء الجیش الترکي الموحد بین الدول الناطقة بالترکیة (ترکیا، منغولیا، آذربیجان، کازاخستان).
-  تهدید الأمن القومي الإیراني والروسي (استفزازات اردوغان، الزیارة الأولی لوزیر الدفاع الترکي "خلوصي آکار" والسیاسي والإقتصادي الترکي "مولود جاویش اوغلو" إلی شبه جزیرة قرم الأوکرانیة واللقاء مع النواب والممثلین الأتراك).
في اطار متابعة لمشروع توران التوسعي بقيادة تركيا، تركّزت جملة من الاجراءات-والتي يمكن تحليلها على المدى البعيد- لاستهداف العديد من المناطق في السنوات الاخيرة تحت صمت وتجاهل من قبل الولايات المتحدة الامريكية.
إنّ تدخلات ترکیا الأخیرة لاتقتصر علی المناطق الأمنیة المرتبطة بايران (كالعراق وسوریا ولبنان وآذربیجان وافغانستان  وغيرها من الدول) بل شملت مناطق تحت السیطرة الروسیة والصینیة وقد تبلور ذلك من خلال دعم الأتراك في شرق الصین والمساعي التركية الأخیرة في قراباغ، ولم تبدي أمریکا موقفا واضحا تجاه هذه التدخلات الترکیة. وربما يؤكد هذا الامر ضمنيا على التعاون  والتنسيق بین البلدین وعلى دور تركيا الخطير في مشروع الشرق الأوسط الکبیر. 
 

رایکم