۴۰۳مشاهدات

جولة جديدة من الاحتجاجات الشعبية في البحرين.. الأبعاد والعواقب

على المستوى الشعبي، من المهم أن نلاحظ أنه مع زيادة الحكومة البحرينية سيطرتها على مصادر القوة، سواء بوسائل قسرية أم لا ...
رمز الخبر: ۵۵۴۰۱
تأريخ النشر: 11 August 2021

في الأشهر الأخيرة، تصاعدت بشكل ملحوظ الاحتجاجات المدنية من قبل المواطنين في البحرين للمطالبة بالإفراج غير المشروط عن السجناء السياسيين. ورفع المتظاهرون، الجمعة، لافتات ورددوا شعارات تطالب بالإفراج عن المعتقلين لدى الحكومة البحرينية وتؤكد على الحق غير المشروط في حرية التعبير. وكان من بين الشعارات التي رددها المحتجون "عار علينا سكوتنا وترك أسيرنا يموت" و "أطلقوا سراح أبنائنا في سجنوكم". ومن بين الصور التي حملها المحتجون صورة حسن مشيمع، أحد أبرز المعتقلين السياسيين في البحرين، والناشط والمدافع عن حقوق الإنسان عبد الجليل السنكيس، والذي اعتبرته منظمة العفو الدولية يوم السبت الماضي أبرز معتقل رأي في العالم.

الوضع السيئ للسجناء السياسيين في البحرين
كانت البحرين مسرحًا للاعتقالات والسجن والعقوبات غير القانونية والتعذيب للمتظاهرين منذ 14 فبراير 2011، عندما اندلعت انتفاضة المواطنين المحبين للحرية لإقرار العدالة والقضاء على التمييز وإقامة نظام منتخب. وبحسب جلال فيروز، النائب السابق في البرلمان البحريني، فإن أكثر من 3500 من معارضي نظام آل خليفة يتعرضون للتعذيب في سجون النظام. كانت هناك تقارير سابقة تفيد بأن الظروف في سجن البحرين الرئيسي، المعروف باسم جو، مزرية جداً. يضم السجن عددًا كبيرًا من السجناء السياسيين الذين صدرت بحقهم أحكام طويلة وتعرض الكثير منهم للتعذيب. سجن جو، سعته الرسمية 1201 نزيل، ولكن يقدر عدد نزلائه الآن 2700 نزيل. يُحتجز السجناء في زنازين صغيرة ويشتكون من تعرضهم للضرب المستمر على أيدي الحراس. لطالما تم الإبلاغ عن التعذيب الجسدي والنفسي الممنهج في السجون البحرينية. في عام 2015، شهد السجن احتجاجات واسعة من قبل النزلاء على ظروف الاحتجاز اللاإنسانية.

استمرار نهج القبضة الحديدية وتطرف المطالب الشعبية
انتهج نظام آل خليفة سياسة قمعية تجاه مواطنيه منذ بداية موجة الصحوة الإسلامية في هذا البلد عام 2011. حقيقة الأمر أنه خلال العقد الماضي استمر التعذيب والمداهمات الليلية والاعتقالات وانتهاكات حقوق الإنسان وتجريد المواطنين البحرينيين الحقيقيين من هويتهم من قبل نظام آل خليفة. بعبارة أخرى، صعدت ديكتاتورية آل خليفة، بدعم من الحكومات الأمريكية والسعودية المتعاقبة، من حملتها القمعية ضد المعارضين والاحتجاجات الشعبية السلمية على مدى العقد الماضي. المدافعون البارزون عن حقوق الإنسان وقادة المعارضة السياسية هم إما في المنفى أو السجن. لا توجد وسائل إعلام مستقلة في البلاد، ولا يُسمح إلا للجماعات السياسية الموالية للحكومة بالعمل، كما تُحظر جميع مكاتب المنظمات الدولية لحقوق الإنسان.

ومع ذلك ، تجدر الإشارة إلى أن مسؤولي الحكومة البحرينية ارتكبوا خطأً استراتيجيًا كبيرًا في قراءة المعادلات السياسية للبلاد، وقد يؤدي ذلك إلى ثورة شعبية والإطاحة بالديكتاتور آل خليفة في المستقبل القريب. في الواقع، إذا كان أساس الاستقرار السياسي في بلد ما هو المشاركة السياسية وتقسيم السلطة بين الجماعات والفصائل السياسية، فيمكننا الإشارة إلى ثلاثة أضرار سياسية أساسية فيما يتعلق بالحكومة في البحرين.

على المستوى الشعبي، من المهم أن نلاحظ أنه مع زيادة الحكومة البحرينية سيطرتها على مصادر القوة، سواء بوسائل قسرية أم لا، ستزداد مقاومة الناس لهيكل السلطة الاستبدادية بيد واحدة. فعلا؛ كلما استمر نظام آل خليفة في زيادة قوته وتركيزه للسلطة، زادت الاحتجاجات واستياء المواطنين البحرينيين. في المستقبل غير البعيد، قد يؤدي تخلف المؤسسات السياسية في هذا البلد إلى أزمات سياسية واجتماعية واقتصادية عميقة ويجعل من الصعب على الحكام الحفاظ على السلطة؛ لأن استمرار الحكم يتطلب إقامة مؤسسات ودولة القانون وليس قمع الأصوات المعارضة.

على المستوى الثاني، فإن عدم اهتمام نظام آل خليفة بالاختلافات وتجزئة الهوية الدينية في البحرين يمكن أن يمهد الطريق لانقسام اجتماعي كبير في البلاد. فقد تجاهلت الحكومة البحرينية الشيعة، الذين يشكلون غالبية السكان، على مدى العقود الماضية ومنعتهم من حقهم في السلطة. في المستقبل غير البعيد، قد يؤدي ذلك إلى انقسام داخلي لا يمكن التوفيق فيه بين السكان السنة والشيعة في البلاد. في الواقع، طالما أن نظام آل خليفة يتجاهل الاختلافات الهوية الدينية في هذا البلد، فلا يمكننا التحدث عن الاستقرار الاجتماعي والأمن الدائم فيه. على مدى العقود الماضية، أدت سياسات البحرين التمييزية تجاه الشيعة إلى تآكل ثقة الجمهور بحكومته، الأمر الذي أدى على المدى الطويل إلى تفاقم الانقسامات الاجتماعية ويمكن أن يمهد الطريق لانتفاضة مدنية ضد استمرار النظام الحاكم الخليفي. في هذا الصدد، يمكن أن يكون المثال التاريخي للنظام البعثي في العراق مثالًا مهمًا لحكام هذا البلد في المستوى الثالث، حيث من الضروري أيضًا الانتباه إلى حقيقة أن الطبقة الحاكمة في البحرين ليس لديها موقف صحيح تجاه جمعية الوفاق -كممثل للشيعة في البحرين- جمعية الوفاق هي القوة السياسية الإصلاحية الوحيدة المحبة للحرية في البحرين، لكن نظام آل خليفة، الذي يرى أي حريات مدنية ومشاركة سياسية تهديد لوجوده، يرفض الاعتراف بالجماعة. بالنظر إلى المطالب الشعبية للبحرين على مدى السنوات القليلة الماضية، فإن الواقع هو أنه إذا لم يغير نظام آل خليفة عقليته وموقفه تجاه مطالب المحتجين، فإن النظام السياسي في البلاد سيواجه أزمة وجود في المستقبل البعيد؛ لذلك، في رسم المنظور المستقبلي، يمكننا التحدث عن تطرف الاحتجاجات الشعبية في البحرين.
المصدر: الوقت

رایکم