۳۷۸مشاهدات

عام من الخيانة الإماراتية لفلسطين.. هل يمكن للعدو أن يكون صديقا؟

رمز الخبر: ۵۵۶۵۰
تأريخ النشر: 16 August 2021

مر عام واحد على توقيع اتفاق التطبيع بين العدو الصهيوني القاتل وكل من الإمارات والبحرين دون قراءة أي من بنوده، بعد فشل الأخيرتين في تبرير تحالفهما مع تل أبيب بذرائع واهية، حيث أصبحت بذلك أبو ظبي "عرابة الخيانة" وضمت إلى حلفها الخانع كلاً من البحرين والمغرب والسودان، ولم يترك أبناء الراحل زايد بن سلطان، أول رئيس لدولة الإمارات، فصلاً من فصول الخيانة إلا وارتكبوه بحق الفلسطينيين، بعد العلاقة التي كانت توصف بالدافئة في عهد والدهم، حيث عملوا على تقويض تلك العلاقة وتمادوا في معاداة فصائل المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، في خيانة كبرى لأهم قضية عربية وإسلامية ودولية.

من المعروف أن الإمارات هي من عبدت طريق الرضوخ والخنوع من جديد في المنطقة، باعتبار أنها كانت الدولة العربية الأولى التي توقع اتفاقية للاستسلام مع العدو العنصري، منذ أن وقع الأردن في عام 1994 معاهدة مماثلة، وتُوجت هذه الموجة من الخيانة بتوقيع اتفاق العار بین كل من الامارات والبحرين وتل أبيب في البيت الأبيض، في 15 سبتمبر/ أيلول 2020، بحضور واحتفاء من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، بمشاركة رئيس وزراء الكيان السابق، بنيامين نتنياهو، ووزيري الخارجية الإماراتي، عبدالله بن زايد، والبحريني عبداللطيف الزياني.

وفي هذا الشأن، كان الهدف الأبرز من اتفاقيات التطبيع الأميركية هو تمرير "صفقة القرن" التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، وقد جوبهت بانتقادات واسعة من أغلب الأطراف المعنية بما في ذلك الدوائر الدبلوماسية الغربية والدولية، ورفض شديد من قبل السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس التي انتقدت الإمارات، وكذلك الفصائل الفلسطينية، والجامعة العربية التي لم تتبنَها بشكل علني، كما أن إدارة بايدن لم تتبن الصفقة بعد خسارة ترامب الانتخابات الرئاسية في أميركا، رغم أنها لم تتراجع عن قرار نقل السفارة الأميركية للقدس، لكنها أعادت بعض المساعدات التي كانت أوقفت في عهد ترامب، وأعادت التواصل مع رام الله، وبذلك فشلت محاولة أبو ظبي وتل أبيب في إيجاد بديل لعباس مثل القيادي المفصول في حركة فتح، محمد دحلان، المقرب من الإمارات.

الهدف الآخر للإمارات، تمثل بالتقارب مع واشنطن بشكل أكبر، لكن قربها أكثر مما ينبغي من الدوائر الأميركية اليمينية، انعكس بشكل سلبي عليها و جعل علاقتها المميزة أكثر ترتبط بالجمهوريين، فيما بدا أن الديمقراطيين غير مرتاحين لتلك المسألة، ورغم أن العلاقات الإماراتية – الأميركية لم تنهار في عهد جو بايدن إلا أنها فقدت كثيراً من القوة التي كانت تتمتع بها في عهد ترامب.

أيضاً، تعتبر أبو ظبي أنها كسبت موافقة تل أبيب لتمرير صفقة المقاتلات الأميركية "أف 35"، ومراعاة مخاوف تل أبيب فيما يتعلق بالحفاظ على التفوق العسكري النوعي لها في المنطقة، حيث اقترحت الإمارات إشراف طيارين صهاينة على قيادة المقاتلات الأميركية لصالح الإمارات، خلال فترة زمنية محددة، على أن يتولى هؤلاء الطيارون بعد ذلك تدريب نظرائهم من الإماراتيين، وهو تسليم إماراتي بشكل كامل للعدو تحت وطأة التحالف، من دون الإمساك بأي أوراق ضغط تضمن توازن العلاقات بين الطرفين، وذلك على الرغم من إدخال تعديلات على النسخ من تلك المقاتلات أو غيرها التي تسلم للدول العربية، تقلل بدرجة كبيرة من قدراتها القتالية عن تلك التي يتسلمها الكيان المجرم.

بالمقابل، ضحت الإمارات من التطبيع في علاقتها مع بعض الحلفاء العرب الكبار وتحديداً مصر والسعودية، لأن الاستعراض الإماراتي في الخيانة بشكل شبه يومي وعلى كافة المستويات، وحديثها عن ريادتها الاقتصادية والحداثية في المنطقة مع الكيان الباغي أغضب الرياض بشدة، وهذا أحد أهم الأسباب التي أدت إلى خلافات بينهما خرجت للعلن بشكل علني مؤخراً، كما أن العلاقات مع القاهرة تراجعت بشكل لافت، رغم كون مصر أول دولة عربية تطبع مع عدو العرب والمسلمين الأخطر، إلا أن الحكومة المصرية قلقة من فكرة ظهور منافس لها في الوساطة بين العرب والصهاينة أو وسيط في ما تُسمى "عملية السلام"، بالإضافة إلى أن العلاقات الوثيقة بين الإمارات والعدو الغاصب وبالأخص مشاريع التنسيق الامني في البحر الاحمر من العوامل التي أقلقت مصر وجعلتها تخفف وتيرة تحالفها مع الإمارات.

كذلك وبحجة التطبيع، ذهب النظام الإماراتي أكثر من حد التعاون الشامل مع العدو المستبد، عقب منحه السيطرة الكاملة على بعض المجالات الحيوية والحساسة في البلاد ما أدى إلى تغلغله فيها رغم خطورة ذلك، وقد مهدت العلاقة المتنامية بشدة بين الإمارات والعدو الصهيوني لمثل هكذا اختراق، بعد أن شكلا تحالفاً جديداً يزداد نمواً بشكل سريع للغاية، وفي الفترة الأخيرة قامت أبو ظبي بتتويج خيانتها بشكل مؤسف للغاية، حيث كشفت وسائل إعلام عالمية حجم التعاون الأمني مع تل أبيب، إضافة لحصول آلاف الإسرائيليين على الجنسية الإماراتية، حيث يعمل حكام الإمارات بكل ما أوتوا من قوة لتحقيق أحلام الكيان الغاشم الذي يمثل عمق المصالح الأميركية والغربية في المنطقة، وقد شرعت الإمارات أبوابها للصهاينة بشكل كامل وساندتهم في كافة فعالياتهم ومشاريعهم الخطيرة، لدرجة أن الصهاينة باتوا يشعرون الآن بأن الإمارات تمثل "جنة جديدة" لهم.

ويشار إلى أن الإمارات في الأشهر القليلة المنصرمة، احتفت بـ "الهلوكوست" أو الإبادة الجماعية التي وقعت خلال الحرب العالمية الثانية وقُتِل فيها ما يقارب ستة ملايين يهودي أوروبي على يد النظام النازي، لأدولف هتلر والمتعاونين معه، وفتحت مؤسساتها الإعلامية للصهاينة بعد أن افتتحت مدارس دينية لنشر الأفكار والمفاهيم الصهيونية ومحاولة تغيير مفاهيم وثقافة أبناء الشعب الإماراتي المعادي للكيان، كما فتحت فنادقها للسياح الصهاينة في كافة أرجاء البلاد إضافة للمطاعم اليهودية، بعد أن تحولت إلى أرض تستقبل تجار المخدرات الصهاينة الفارين من الأراضي الفلسطينية المحتلة.

خلاصة القول، كيف لمن وقع على اتفاق لا يعلم محتواه أن يجني ثماره؟، وحكام الإمارات الخائنين والأنظمة العميلة يُدركون جيداً أن كل اتفاقيات وفعاليات الذل مع العدو الصهيوني لا يمكنها أن تُغير صحة التاريخ واتجاهه، ولن تصنع قبولاً له في وعي الشعوب الحرة والواعية، ولن تحرف بوصلة المقاومة التي تستفحل لحظياً، وإن الإمارات ومن يدور في فلكها هم الخاسرون أولاً وأخيراً، والتاريخ أكبر شاهد على أن العدو لا يمكن أن يكون صديقا.

المصدر: الوقت

رایکم