۳۴۱مشاهدات

مقاربة الأداء التاریخي للولایات المتحدة في منطقة الخلیج الفارسي

رمز الخبر: ۵۸۶۹۹
تأريخ النشر: 16 October 2021

نظرًا للأهمية الاستراتيجية والجغرافية الاقتصادية لمنطقة الخليج الفارسي لدی استراتيجيات القوى العظمى، تسعى الکاتبة فاطمة محمدي، الخبیرة في مرکز دراسات السیاسة الدولیة، في هذا المقال، الذي نشره مرکز دراسات" السیاسة الدولية"، إلى مقاربة دور الولايات المتحدة علی صعید النموذج الأمني لمنطقة الخليج الفارسي، وذلک على أساس الترتيب الزمني والعقيدة لدى رؤساء الولايات المتحدة من عام 1969 حتى الوقت الحاضر.

 

1- 1974-1969: عقيدة نیکسون

بعد انسحاب بريطانيا من منطقة شرق السويس في عام 1968، أثيرت قضية استبدال الولايات المتحدة كضمان أمني لمنطقة الخليج الفارسي. ولكن أمیرکا بسبب انشغالها في حرب فيتنام وعدم إمکانية تواجدها المباشر في منطقة الخليج الفارسي، اتبعت سياسة من ركيزتين، حیث اعتمدت على حليفتيها، إيران والمملكة العربية السعودية، كركائز عسكرية واقتصادية، تحت إدارة "ريتشارد نيكسون". بعبارة أخرى، نظراً لاعتقاد نيكسون وكيسنجر بأن تعزيز إيران عسكريًا سيؤدي إلى استقرار منطقة الشرق الأوسط، فقد اختار نيكسون إيران كمدافع حيوي عن الولايات المتحدة في منطقة الخليج الفارسي في فترة السبعينيات.

2- 1977-1974: عقیدة فورد

سياسة فورد الخارجیة، هي استمرار لعقیدة نيكسون، لأن كلاهما استخدم "عقیدة كيسنجر" لتصميم إطار السياسة الخارجية. في هذا الصدد واصل فورد سياسات خفض التصعید مع الإتحاد السوفیاتي، وتحسين العلاقات مع الصين، ودعم الولايات المتحدة لفيتنام الجنوبية. کما أنه قام بحفظ وتعمیق العلاقات التسلیحیة مع ایران وكان هدفه الرئيسي في منطقة الشرق الأوسط دعم الحلفاء في مواجهة التهديدات السوفيتية.

3- 1981-1977: عقیدة کارتر

بعد غزو القوات السوفياتية، أفغانستان في ديسمبر 1979، ألقى جیمي كارتر خطابًا في يناير 1980 صرح فيه ان أي محاولة للسيطرة على منطقة الخليج الفارسي ستُعتبر هجومًا على المصالح الحيوية للولايات المتحدة وسیرد علی الهجوم، بأي شكل ممكن، بما في ذلك استخدام القوة العسكرية.

يمثل هذا الإعلان تغييرًا ملحوظاً في السياسة الخارجية للولايات المتحدة. في حین کانت منطقة الخليج الفارسي تحظی بأهمية استراتيجية عند عقيدة كارتر، ولعبت الولايات المتحدة دورًا مباشرًا في الدفاع عن منطقة الشرق الأوسط وذلک من أجل منع الهيمنة السوفياتية على المنطقة. بالتالي أدت عقيدة كارتر إلى تكوين قوی رد فعل سريع في المنطقة. في الواقع، استجاب كارتر للأزمة، باستخدامه صيغة بريجنسكي حیث تقول إن منطقة الشرق الأوسط وجنوب آسيا كانا عرضة للمغامرات السوفياتية.

4- 1989-1981: عقیدة ریغان

واجهت الولايات المتحدة خلال فترة تواجد ریغان في الحکم، أزمتين في منطقة الخليج الفارسي. الأولی صفقة السلاح السرية"، تلقي التسلیحات مقابل حریة المخطوفین"، أي "إيران كونترا" والثانیة "حرب ناقلات البترول" حيث أصحبت فيها ناقلات البترول الكويتية تحت الرعاية الأمريكية.

بعبارة أخرى، واصل ريغان، تطبیق عقیدة كارتر، الذي كان يقضي بتعزيز الأمن الإقليمي والسعي لتحقيق الأهداف العسكرية. كما زاد من عملیات نقل الأسلحة إلى المنطقة، ولا سیما إلى المملکة العربیة السعودية.

كما أنه خلال فترة الحرب العراقية الإيرانية، وبسبب تهديد المصالح الأمريكية، استندت سياسة ريغان إلی ثلاثة مبادئ: 1) خلق ضغط دولي لإنهاء الحرب ومنع انتشارها. 2) مساعدة الأصدقاء للدفاع عن أنفسهم ضد التهديدات الإيرانية. 3) التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي وسائر الحلفاء في مواجهة إيران، وذلک لحماية السفن التي ترفع العلم الأمريكي خلال عبورها مياه الخليج الفارسي.

5- 1993-1989: عقیدة بوش الأب

بالنظر إلی سقوط العديد من الأنظمة الشيوعية والسوفييتية في أوائل التسعينيات، تأثرت سياسات بوش في منطقة الشرق الأوسط، تحت وطأة هذا النظام العالمي الجديد. وکان النفط، الموضوع الوحيد الذي بإمکانه تحدي الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط. بالتالي كانت من أولويات الولايات المتحدة، المضي بعملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية واستمرار الوصول إلى نفط منطقة الخليج الفارسي. في حين واصلت أمیرکا سياسة التوازن بين العراق وإيران، للحفاظ على النفط.

في هذا الصدد صرح بوش في حديثه عن الأجندة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط بأننا سنحتفظ بقواتنا في المنطقة، وسنقوم بتوسیع الترتيبات الأمنية الثنائية، والمواد والمعدات الأساسية، وسنجري تدريبات مشتركة في المنطقة دفاعاً عن سيادة واستقلال ووحدة أراضي شركائنا. وسنواصل العمل لضمان الوصول إلى النفط ومنع الحرب والإرهاب والتخريب وتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي.

ولا بد هنا من الإشارة إلی نقطتین مهمتین خلال رئاسة بوش الإبن، وهما قربه من غورباتشوف وحرب الخلیج الفارسي. خلال هذه الفترة زاد بوش الأب من عدد قواته في منطقة الخليج الفارسي، خوفا من اختلال توازن القوی في المنطقة لصالح إیران وقام کذلک بإتمام عملية تحرير الكويت وإنزال الهزيمة علی العراق، وکان هذا الانتصار ذروة مراحل رئاسته في البیت الأبیض.

6- 2001-1993: عقیدة كلينتون

قام كلينتون خلال السنة الأولی من رئاسته، إلی رفع القیود عن الساحة الدولیة، وهذا یعني ظهور لاعبین جدد، وقدرات وتشکيلات جدیدة في هذه الفترة، لکن لم يكن هناک قواعد وقوانین جديدة. وصرح بیل كلينتون بشأن استراتيجيته الأمنية الوطنية: بأن لدی أمیرکا فوائد مستدامة في منطقة الشرق الأوسط لا سیما علی صعید تحقيق السلام في الشرق الأوسط وضمان أمن إسرائيل وأصدقائها العرب والحفاظ على التدفق الحر للنفط وبأسعار مناسبة.

استندت الكثير من استراتيجية کلینتون في منطقة الخليج الفارسي إلی الاحتواء الثنائي بهدف السيطرة على حكومتي إيران والعراق كدولتين سلبيتين. كان التركيز الرئيسي لإدارة كلينتون في منطقة الخليج الفارسي، "تقليل الفرص" لأي تهديد یواجه دول مجلس التعاون الخليجي ومؤازرة هذه الدول في الحفاظ على دفاعها الجماعي.

7- 2009-2001: عقیدة بوش الإبن

عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر، اتسع نطاق عمل قضايا السياسة الخارجية، في حین أعلن بوش الابن عشیة ليلة الحادي عشر من سبتمبر أن الولايات المتحدة ستعاقب المسؤولين عن ارتکاب هذه الأعمال الجبانة. بعبارة أخرى، صوبت الولايات المتحدة علناً على العقول المدبرة للهجمات، يعني القاعدة وزعيمها بن لادن.

خلال 17 سبتمبر 2001، تصاعدت عملیات الحرب ضد الإرهاب وصرح بوش الابن بأن التركيز أصبح الآن على أسامة بن لادن وتنظيمه. وأضاف أنه هناك إرهابيون آخرون في العالم وأناس يكرهون الحرية، هذا هو النضال من أجل الحرية". بالتالي محاربة الإرهاب أصبحت ذریعة لدی أمیرکا لغزو العراق، ومع مرور الوقت، سعت الولايات المتحدة، بصفتها القوة المحتلة، إلى نقل السلطة إلى الحكومة العراقية الجديدة، وقامت بتدریب غرف عملیات کمكافحة التمرد والإرهاب، والشؤون المدنية والإنسانية، حیث تطلب تواجداً عسكريًا كبيرًا في العراق. وخلال فترة ولاية بوش الابن، كانت الولايات المتحدة تهدف إلى إنهاء الإرهاب والتركيز على القانون والنظام الدوليين.

8- 2017-2009: عقیدة أوباما

في نهاية عام 2011، غادرت جميع الوحدات العسكرية الأمریكية الرئيسية، العراق وذلک لأسباب متنوعة، تتعلق بخفض التكاليف الاقتصادية الناجمة عن الحرب. في هذا السیاق وصف "باراک أوباما" الانسحاب العسكري من العراق علی صعید السياسة الکبری لإدارته عام 2008؛ بأنه تحول مهم نحو منطقة آسيا.

في الحقیقة، خلال فترة عشر سنوات تم الاهتمام بمکافحة الإرهاب من قبل الولایات المتحدة الأمیرکیة، ومن العوامل التي دفعت واشنطن إلی الانتقال إلی المحیط الهادیء منذ 2011 یمکن ذکر تزاید قوة الصين، وطموحات الهند العالمية، وعدم حل النزاع بین كوريا الشمالية والجنوبية، وضرورة طمأنة الحلفاء الاستراتيجيين التاريخيين مثل اليابان وأستراليا. ومع ذلك، وفقًا لتقرير وزارة الدفاع الأمريكية في عام 2014، ستستمر الولايات المتحدة في تواجدها العسكري في منطقة الخليج الفارسي، لأسباب کالحفاظ علی أمن الحلفاء، واحتواء تهديد الحكومات السلبية، والحفاظ على مضيق هرمز. جدیر بالذکر أنه بعد مرور 22 شهرًا من المفاوضات الرسمية والمكثفة بين إيران والاتحاد الأوروبي ودول (5 + 1)، تم التوقيع في تاریخ 14 يوليو 2015 على خطة العمل المشتركة الشاملة (CJAP) وأصبحت جاریة التنفیذ في تاریخ 16 يناير 2016.

9- 2021-2017: عقیدة ترامب

أصبحت المملكة العربية السعودية في عهد دونالد ترامب، المحور الرئیسي لنهج وأداء الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط. حیث أنه في أول زيارة دولية لترامب إلى المملكة العربية السعودية في مايو 2017، اتبع ترامب منطق أوباما نفسه في استراتيجيته الدفاع الوطني لعام 2018، واعتبر أن التحدي الرئيسي علی صعید أمن الولايات المتحدة سيكون من جانب القوى التي تبحث عن التجدد کروسيا والصين.

عملیاً، سحب ترامب بعض القوات الأمريكية من سوريا والعراق. وکذلک تراجع عن الاتفاق النووي الإیراني وفرض عقوبات اقتصادية صارمة على إيران وبحسب المحلليين فإن الانسحاب أحادي الجانب من الاتفاق النووي، كان أحد أكبر الاخطاء الاستراتيجية للولايات المتحدة في منطقه الشرق الأوسط منذ حرب العراق عام 2003، حیث ستبقی تبعاته لسنوات عدیدة. وفي سياق تطبیق نهج الضغوط القصوی على إيران، تم توقيع اتفاقية التطبيع مع الکیان الصهیوني من جانب البحرين والإمارات في البيت الأبيض، في سبتمبر 2020، حیث وصفها ترامب بـ "الفجر الجديد للشرق الأوسط". وتجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من التركيز على الصين وروسيا سياسياً وجيوغرافياً، إلا أن الولايات المتحدة تبقی القوة المهيمنة والضامنة لأمن الکیان الصهيوني ودول الخليج الفارسي في منطقة الشرق الأوسط.

ووفقًا لمحللين مثل "أنتوني كوردزمان" من معهد "البحوث الاستراتيجية"، أدت سياسة ترامب الخارجية لمدة أربع سنوات إلى زعزعة استقرار أمن منطقة الخليج الفارسي بشكل أكبر، ويجب على بايدن العمل على إنشاء بنیة تحتیة وإطار جدید قائم على منظومتي الردع والدفاع. حيث أن حصول النجاح في هذا الشأن یتعلق بحل الموضوعات مثل المجموعات المتطرفة كداعش، ومسألة البرنامج النووي الإيراني، وحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وإعادة بناء شراكاتها الأمنية مع الدول العربية في المنطقة.

10- 2021: عقیدة جو بایدن

بعد مرور أقل من عام على تشکیل حکومة جو بايدن، فإن التقييم العام للسياسة الخارجية الأمریکیة بشأن منطقة الخليج الفارسي یکاد يكون غیر واضح، لكن يمكن القول بأن السياسة الخارجية البایدنیة، من حيث الأسلوب واللهجة، تعتمد نوعاً ما، العودة إلی سیاسة أوباما والاستمرار بنهجه.

انتقد بایدن خلال حملته الانتخابیة، المملکة العربیة السعودية، الشريكة القدیمة لواشنطن في منطقة الخليج الفارسي، ودعا إلى إنهاء الدعم السعودي للحرب علی اليمن، واتهم محمد بن سلمان بعملیة اغتيال الصحفي السعودي خاشقجي.

في حالة اليمن، يسعى بايدن للحصول على مساعدات إنسانية أکثر للاجئين، مقارنة بالفترة السابقة. اما بالنسبة للکیان الصهيوني، فقد رأی أن إعادة دعم السلطة الفلسطينية ربما قد یساعد في تعزيز بعض الاتفاقات الجديدة بين الکیان الصهیوني ودول الجوار. وبالنسبة لموضوع العراق، كان بايدن بصفته أحد أعضاء مجلس الشیوخ، من مؤیدي جورج دبلیو بوش لغزو العراق عام 2003، لکن في سنة 2017؛ عارض بایدن زيادة القوات الأمريكية وتشدید الهجمات. وكان بايدن أحد مؤيدي استراتيجية مكافحة الإرهاب التي تم تشكيلها خلال إدارة أوباما لمحاربة الجماعات الجهادية والعسكرية في جميع أنحاء العالم. وکان الترکیز علی ایران، في محاولة للعودة إلی محور الدبلوماسية والتوافق النووي كأحد محاور التغییر علی صعید سیاسة بایدن الخارجیة في منطقه الشرق الأوسط والخلیح الفارسي.

بررسی تاریخی رویکرد ایالات متحده آمریکا در خلیج فارس

رایکم