۳۸۷مشاهدات

نظرة إلی السیاسة الشرق أوسطیة للألمان من بعد حکم أنجلا مرکل

رمز الخبر: ۶۰۹۲۴
تأريخ النشر: 27 November 2021

المصدر: مرکز دراسات "جریان"

الکاتب : سهراب سعد الدين

التاریخ: 11/11/2021

 

ستنتهي في غضون أشهر قليلة، فترة الستة عشر عاماً لحکم "أنجلا ميركل" في ألمانيا، وتبع ذلک سیثار سؤالاً حول كيفية تأثير هذا التغيير على السياسة الخارجية الألمانية في محافل السياسة الدولية. جدیر بالذکر إلی أنه تم التوصل إلى اتفاق لتشكيل حكومة ائتلافیة في المستقبل، حيث تضمن تحالفًا من الاحزاب الاشتراكيين الديمقراطيين والخضر والديمقراطيين الأحرار بقيادة الاشتراكيين الديمقراطيين.

في هذا المقال سنلقي أولا نظرة على بعض النقاط البارزة في السیاسة الشرق أوسطیة للألمان في السنوات الأخيرة ثم نقوم بدراسة مواقف الأحزاب التي ستشكل الحكومة الجديدة في هذا البلد.

الترجمة الکاملة للمقال:

کانت قضية مبيعات الأسلحة من أبرز النقاط في السیاسة الشرق أوسطیة للألمان في السنوات الأخيرة. وکانت متابعة المصالح الاقتصادیة تطغى على الأولويات المعلنة الأخرى للسياسة الخارجية الألمانية، مثل تعزیز قضیة حقوق الإنسان.

علی وجه التحدید، کانت ألمانیا في فترة حکم میرکل وفي السنوات الأخیرة من أهم البائعین الأساسیین للأسلحة في منطقة الشرق الأوسط. علی سبیل المثال، بین عامي 2016 و2020. كان حوالي 4٪ من الأسلحة المستوردة  إلى منطقة الشرق الأوسط باعتبارها المنطقة الأکثر طلباً علی الأسلحة، تأتي من جانب برلين. هذا الرقم يجعل ألمانيا في موقع رابع أكبر مصدر للأسلحة إلى منطقة الشرق الأوسط.

جدیر بالذکر أن قيمة صادرات الأسلحة الألمانية إلى السعودية بلغت 3.3 مليار يورو (ما يعادل 3. 87 مليار دولار) خلال السنوات التسع الماضية. كما صادرت ألمانيا كميات كبيرة من الأسلحة إلی الدول المتورطة في حربي اليمن وليبيا.

کذلک وافقت ألمانيا في عام 2020 علی بیع أسلحة ومعدات عسكرية لمصر بقيمة 752 مليون يورو، وقطر (أكثر من 305 مليون يورو)، والإمارات العربية المتحدة (51. 3 مليون يورو)، والكويت (23. 4 مليون يورو)، وتركيا (حوالي 23 مليون يورو).

النقطة المهمة الأخری حول السیاسة الشرق أوسطیة للألمان التي يجب أخذها بعین الاعتبار هي دعمها الكامل للکیان الصهیوني. على الرغم من أن ألمانیا في الصراع العربي الفلسطیني دعمت خطة حل الدولتين، إلا أن موقفها كان يدل علی دعم الکیان الصهیوني في أكثر المحطات.

وفي سياق متصل، تجدر الإشارة إلى أن الکیان الصهیوني، اشتری كمية كبيرة من الأسلحة من ألمانيا، لا سيما في عهد ميركل، مما جعل هذا البلد ثاني أكبر مصدر للسلاح إلى الكيان الصهيوني، وعلی وجه التحدید بین عامي، 2009 و2020، حيث کان 24٪ من مجموع الأسلحة المستوردة لإسرائيل تصدر من ألمانيا.

لذلک، فإن أولوية السیاسة الشرق أوسطیة للألمان في حفظ السلام والاستقرار ومنع الحروب لم تمنع البلاد من إیجاد تغيير جاد علی صعید سياسة بيع الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية والکیان الصهیوني، ويعود سبب ذلک إلی أنه لم يكن هناك نقاش جاد في هذا الشأن في الداخل الألماني والرأي العام، بالتالي لم يكن هناك ضغط على الحكومة لتغيير قراراتها في هذا الشأن.

بشكل عام، یمکن القول إن الهدف الرئيسي للسیاسة الشرق أوسطیة للألمان هو الحفاظ على الاستقرار السياسي والأمن في المنطقة، حيث يمكن لألمانيا في هذا الإطار متابعة مصالحها الاقتصادية، وطبعًا توفير أمن الکیان الصهیوني. کذلک في السنوات الأخيرة،  کانت محاربة الجماعات الإرهابیة الإسلامية المتطرفة مثل داعش بمعنی الحفاظ على الأمن في منطقة الشرق الأوسط.

في سیاق متصل، الحفاظ علی الأمن والاستقرار في المنطقة من وجهة نظر السياسة الخارجية الألمانية، سیکون أيضًا عائقًا أمام دخول المهاجرين إلى البلاد، لأن اندلاع الحروب والاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط سيجعل هذا البلد دومًآ هدفاً للمهاجرين. كما أن جهود الحكومة الألمانية لتحقيق الملف النووي والحفاظ عليه يأتي في هذا السياق.

 

-السياسة الشرق أوسطیة للأحزاب الحکومة المستقبلیة الألمانیة

إيران:

إن أهم موضوع يتعلق بالسياسة الخارجية للأحزاب الواردة في هذا التقرير هو السياسة التي ستنتهجها هذه الأحزاب تجاه إيران. وبشکل عام بحسب ما ورد في البرنامج الانتخابي ومواقف هذه الأحزاب، یعتبر الحزب الاشتراكي الديمقراطي أن مسألة حصول ضمان ثبات الاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط، والمفاوضات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية بشأن برنامجها النووي، لها أهمية كبيرة في هذا الصدد وتعد نوعًا من الاستمرار للنهج الحالي للحكومة الألمانية في فترة حكم ميركل. كما تم التأکید على ضرورة بذل الجهود لضمان عدم قيام إيران بتوسيع برنامجها الصاروخي، بحیث یمکنها استهداف اسرائیل وأوروبا.

 فيما يتعلق بحزب الخضر، تجدر الإشارة إلى أنه بشكل عام، سيعطي أهمیة أکثر للقضايا المعيارية وحقوق الإنسان والبيئة في سياسته الخارجية مقارنة بالأطراف الأخرى. لذلك، إذا كانت إدارة السياسة الخارجية الألمانية بيد حزب الخضر، من المتوقع أن یتم زيادة ضغوط مؤسسات حقوق الإنسان من جانب الحكومة الألمانیة على إيران.

فضلاً عن ذلک، شددت سیاسة حزب الخضر على ضرورة إجراء مفاوضات لإحياء الاتفاق النووي واعتبرت خطوة إيران المحتملة لصنع القنبلة الذرية، والتي لطالما رفضت من جانب إيران، الخطر الذي يجب تجنبه تمامًا.

وحسب البرنامج الانتخابي لحزب الخضر، تم التأكيد على ضرورة قیام الحکومة الألمانیة بالوساطة بين إيران ودول الخليج الفارسي من أجل منع التصعيد وتخفيف التوتر بين الطرفین، إلی جانب الحفاظ علی الاتفاق النووي.

أما فيما يتعلق بالحزب الديمقراطي الحر، لا بد من القول إن الحزب لم یأت باسم إيران في برنامجه الانتخابي، ومن المتوقع أن تكون الإدارة الرئيسية للسياسة الخارجية الألمانية تجاه إيران بيد حزبي الاشتراكي الديمقراطي والخضر.

الکیان الصهیوني:

فيما يتعلق بالصراع العربي الفلسطيني _بشكل عام_ يمكن القول إن هناك نوعًا من الإجماع بين الأحزاب الألمانية في هذا الشأن، ولا ينبغي توقع أي تغيير علی صعید السياسة الألمانية في الحكومة الجديدة. شدد الحزب الديمقراطي الاجتماعي علی وجه التحدید على ضرورة الحفاظ على أمن الکیان الصهیوني وثباته، واعتبر الهدف من خلال ذلک إجراء مفاوضات تؤدي الی تشکیل دولتين دائمتين بشکل سلمي.

كما يدعو الحزب علی غرار الحکومة الحالیة إلى بيع الأسلحة إلی الکیان الصهیوني. من جهة أخری فإن موقف الحزب الديمقراطي الحر لا یختلف كثيراً عن موقف الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وکلا الحزبین یشددان علی ضرورة إحياء محادثات السلام مع تأكيدهما على حق الکیان الصهیوني في الدفاع عن النفس.

لکن هناك اختلاف بسیط في الموقف فيما يتعلق بحزب الخضر_بعبارة أخرى_ بينما يشدد حزب الخضر أيضًا علی حق الکیان الصهیوني في الدفاع عن النفس والحفاظ على أمن الكيان الصهيوني، كما يبدو أنه لديه ملاحظات محدودة بشأن مبيعات الأسلحة للکیان (بالإضافة إلى امتلاكه ملاحظات جدیة بشأن مبيعات الأسلحة إلی المملکة  العربیة السعودیة).

كما أن حزب الخضر یشدد على ضرورة التعاون الوثيق مع الولايات المتحدة علی صعید عملية السلام بين الکیان الصهیوني وفلسطين.  كما يعتمد مدى استمرار مبيعات الأسلحة إلی الکیان الصهیوني بالمعدل الحالي في الحكومة الألمانية الجديدة، على ما إذا كانت السياسة الخارجية الألمانیة تجاه إسرائيل في مفاوضاتها بين الأحزاب المكونة تنسجم أکثر مع وجهة نظر حزب الخضر، أو مع وجهة نظر الديمقراطيين الاشتراكيين.

طبعًا الجدیر بالذکر أن هذا الاختلاف في المواقف لم يكن اختلافاً مهماً وملحوظاً ولم یظهر أن حزب الخضر يعارض مبيعات الأسلحة إلی الکیان الصهیوني.

الهجرة:

استقبلت ألمانيا بعد حدوث الثورات العربیة حوالي 800 ألف نازح من منطقة الشرق الأوسط مما فتح الباب لمناقشة موضوع الهجرة في سياسة ألمانيا الشرق أوسطیة. بشکل عام تسعی ألمانیا، لحفظ الاستقرار والثبات في منطقة الشرق الأوسط وذلک لمنع المزيد من موجات الهجرة الی أراضیها.

ولکن بشکل أکثر تحديدًا، يتبنى حزب الخضر نهجًا أكثر انفتاحًا بالنسبة لنزوح أفراد أسرة المهاجرین الحاليین ویدافع عن المزید من نزوح العمال من المهنيين وذوي الکفاءة إلى ألمانیا. وسیسعی أیضًا إلی تسريع عملية اتخاذ القرار بشأن الهجرة. ومع ذلك، لا یعني هذا وجود تغيير جوهري علی صعید سياسة الهجرة الحالية في ألمانيا.

 إن الحزب الديمقراطي الاجتماعي، الذي لدی زعيمه سجل جيد بشأن إدارة المهاجرين في هامبورغ، يؤيد سياسة الهجرة الحالية للحكومة الألمانية، وبالتالي، لا ينبغي توقع تغيير ملحوظ في الإدارة المقبلة في هذا الشأن. وبالرغم من التناوب الذی سيتم في الحكومة القادمة من الوسط الأيمن إلى اليسار الأوسط، إلا أنه من الممکن أن يتم تسهيل بعض إجراءات الهجرة للمهاجرين في منطقه الشرق الأوسط.

الاستنتاج:

في تقييم عام، یمکن القول إن السیاسة الشرق أوسطیة للألمان تتمحور حول دفع سياسة عدم الانتشار النووي، والدفاع عن وجود الکیان الصهیوني وآلية حل الدولتين، ودعم الاتفاق النووي، وتعزيز الاستقرار والأمن الإقليميين، وحفظ المصالح الاقتصادیة للألمان فیما یتعلق ببحث الطاقة ومکافحة الإرهاب ومنع موجات الهجرة من المنطقة إلى ألمانيا.

في هذا الصدد، وبالنظر إلى المواقف التي أعلنتها الأحزاب المشارکة في الحكومة الجديدة، لا ينبغي توقع تغيير ملحوظ في حکومة میرکل علی صعید سياسة ألمانيا في منطقة الشرق الأوسط. ومع ذلك، یمکن حدوث تغييرات محدودة في بعض الحالات، منها تأکید المکرر للحكومة الجديدة على قضايا مثل حقوق الإنسان أو مزيد من الملاحظات في موضوع مبیع الأسلحة.

تجدر الإشارة فيما يتعلق بسياسة ألمانيا الشرق اوسطیة في السنوات القادمة، إلی أن التضاد یبقی کما هو فیما یتعلق بالسياسات المتعلقة بتعزیز حقوق الإنسان والديمقراطية -باعتباره العنوان الرئيسي في السياسة الخارجية الألمانية- مع حفظ المصالح الاقتصادية والسياسية لهذه الحكومة وبالتالي علی الحكام الألمان بذل الکثیر من الجهود لمواجهة هذا التوتر.

سیاست خاورمیانه‌ای آلمان پس از مرکل

رایکم