۴۱۰مشاهدات

العملية العسكرية تنهي شهرها الأوّل بانجازات ميدانية تقابلها عقبات بوجه الخطة الروسية

أنهت العملية العسكرية الروسية في اوكرانيا، شهرها الأوّل، بتحقيق عدد من الانجازات الميدانية على جبهات القتال المختلفة، لاسيما لجهة ربط المناطق الجنوبية الشرقية بالمناطق الشمالية الشرقية، والتمدد منها نحو العاصمة كييف، رغم بروز صعوبات على صعيد تحقيق بعض أهداف الخطة المرسومة من قبل القيادة العسكرية الروسية.
رمز الخبر: ۶۴۹۶۷
تأريخ النشر: 26 March 2022

ينقضي الشهر الاول من العملية العسكرية الروسية في اوكرانيا، بتحقيق عدد من الانجازات الميدانية في جبهات القتال الممتدة على عشرات الكيلومترات، يقابلها اخفاقات في تحقيق بعض أهداف الخطة العسكرية المرسومة من قبل القيادة العسكرية الروسية، نتيجة إجتماع أسباب متعددة، بعضها يعود الى طبيعة المعركة التي فرضت على القوات الروسية تغيير التكتيكات العسكرية الآنية، ولاسيما لجهة القدرات التي تتميز بها القوات الخاصة الاوكرانية، والتدفق الكبير للمنظومات الدفاعية المضادة للدبابات والمدرعات التي تتلقاها هذه القوات عبر المناطق الحدودية الغربية، لاسيما من دول حلف الناتو، الذي رغم تأكيد قادته أنّه لن يكون طرفا في الحرب الاوكرانية، ولكنهم بالمقابل، أعلنوا بوضوح توريد الأسلحة والمنظومات الدفاعية.

العملية العسكرية الروسية، التي وضعت من ضمن اهدافها الاستراتيجة ابعاد حلف الشمال الأطلسي عن التمدد الى حدودها، سعت الى عزل اوكرانيا براً وبحراً وجواً، لمنع تدفق السلاح اليها، وجعل اوكرانيا دولة خالية من السلاح من مقابل ضمانات أمنية، اضافة الى تحرير المناطق الواقعة في اقليم دونباس الشرقي الذي يتضمن جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك الشعبيتين، المعترف بهما من قبل روسيا، وربط هذه المناطق بالأرضي الروسية، بطرق برّية آمنة، فضلاً عن القضاء على ما تصفه موسكو بـ"النظام النازي المتطرف والمجموعات القومية المتطرفة"، على الأراضي الاوكرانية.

اللحظات الأولى من الهجوم الروسي، شهدت هجمات جويّة وبحرية مركّزة، تمكنت خلالها القوات الروسية من تدمير عشرات المقرات العسكرية، والقواعد الجوية، والمنظومات الصاروخية، والتي ساعدت هذه القوات على تحقيق تقدّم برّي سريع خلال الاسبوع الأوّل من العملية العسكرية، لاسيما على الجبهتين الشمالية الشرقية، والجنوبية الشرقية، وشكّل ذلك دافع للقوات الروسية، للتقدّم باتجاه العمق الاوكراني عبر محاور مختلفة، مخترقة المناطق المتاخمة لنهر دنيبر، باتجاه العاصمة كييف، قبل أن تعيد الوحدات الخاصة الاوكرانية تنظيم صفوفها في المدن الرئيسية، ملحقة خسائر كبيرة في القوات الروسية المتقدمة من مناطق متباعدة في العمق الاوكرانية، ومن ثمّ تصاعد نشاط هذه الوحدات مع تلقيها المنظومات الدفاعية المحمولة المضادة للدبابات، من الدول الغربية.

الأحداث الميدانية المتصاعدة أعادت رسم خارطة التحركات الروسية. فالقوات الروسية التي استطاعت عزل المجال البحري لاوكرانيا جنوباً، حيث أصبحت حركة السفن واقعة تحت مرمى العين الروسية، بعدما تمكنت من السيطرة على ميناء مدينة ماريوبول الاستراتيجي المطل على بحر آزوف، قبل ان تنتقل المعارك الى داخل احيائها في الآونة الأخيرة، عمدت هذه القوات الى اعتماد اساليب جديدة، في مواجهة نشاط القوات الاوكرانية المتصاعد ميدانيا، لاسيما في الاسبوع الثاني من العملية العسكرية.

التكتيكات الجديدة التي اعتمدتها هذه القوات، تمثلت بمحاولة السيطرة على الطرق الرئيسية وتقاطعات الطرق المؤدية الى تلك المدن، بالتزامن مع اطباق الحصار عليها، مستعيضة بذلك عن محاولات الدخول الى تلك المدن، وذلك لحماية طرق الامدادات الروسية، وتجنّب استنزاف هذه القوات في حرب شوارع مع الوحدات الاوكرانية المدافعة، فضلاً عن اعادة تكثيف الضربات الجوّية على القواعد العسكرية الاوكرانية، لاسيما في المناطق الغربية، المتاخمة للحدود مع بولندا وسلوفاكيا، التي شكّلت ممرا أساسيا للاسلحة الغربية والمقاتلين الأجانب الى الأراضي الاوكرانية ومنها الى العاصمة كييف.

وبموازة العمل على اعادة تنظيم الوحدات الروسية المنتشرة على الأراضي الاوكرانية، استعادت هذه القوات زخم نشاطها القتالي الميداني في الأسبوع الثالث من العملية العسكرية، الذي شهد تقدّماً وسيطرة روسية على مناطق استراتيجة، أتاحت لها ربط هذه المناطق على جبهات متعددة، وتأمين الطرق الرئيسية، والسيطرة على عدّة مدن استراتيجية، بعد احكام الحصار عليها.

على الجبهة الجنوبية الشرقية، استطاعت القوات الروسية إحكام السيطرة على مقاطعة خيرسون بالكامل، وتوجهت منها غربا مدينة ميكولايف الواقعة شمال غرب خيرسون، آخر مدينة تفصل القوات الروسية عن مدينة اوديسا،والتي لا تزال تشهد معارك مع القوات الاوكرانية، لكنها استطاعت اختراق الدفاعات الاوكرانية،ووصلت الى مدينة فوزنيسينسك غرباً، القربية من الحدود مع ملدوفيا التي تشهد هدوءًا ميدانيًا نسبياً، في حين شقت وحدات منها طريقها الى مدينة كروبينيتسكية، في محاولة للالتقاء بالقوات المتقدمة من محور سومي باتجاه النهر، لتشكل قوة دعم أساسية للقوات التي تشق طريقها باتجاه العاصمة كييف، في وقت واصلت القوات الروسية تعزيز وحداتها على الطرق الرئيسية المؤدية من مدينة كوتيفا الى مدينة شركاسي، وسط البلاد، حيث تحاول ربط الطرق الموصلة من الجهات الشمالية والجنوبية والشرقية، عبر شبكة تسمح لها بإحكام الطوق على هذه المدن الرئيسية، ومنع دخول أي امدادات عسكرية اليها.

أمّا على المحور الثاني من الجبهة الجنوبية الشرقية، فقد تمكنت القوات المتقدمة من خيرسون شرقاً، من السيطرة على المحطة النووية في مدينة زابوروجيا الواقعة جنوب شرقي اوكرانيا. واستطاعت تحرير بلدة فولنوفاكا الاستراتيجية، الواقعة جنوب غرب دونيتسك، والتي تتميز بموقعها على مفترق طرق، تصلها بماريوبول، كما انّ السيطرة على فولنوفاكا، ساهم في تحقيق احد أهداف العملية العسكرية بربط اقليم دونباس شرقي اوكرانيا، براً بالأراضي الروسية، عبر جزيرة القرم المستقلة، كما تساعد القوات الروسية المتقدّمة من الجهة الجنوبية عبر مدينة ميكولايف من إحكام السيطرة على الطرق الموصلة الى مدينة دينبرو، حيث تسعى هذه القوات للالتقاء بالقوات المتقدمة من الجهة الشرقية عند حدود دينبرو، لتشكل نقطة دعم للوحدات التي تشق طريقها باتجاه المناطق الواقعة وسط البلاد، وصولاً الى العاصمة كييف.

بالموازاة، تمكنت قوات جمهورية لوغانسك الشعبية من تحرير أكثر من 93% من أراضيها بدعم من القوات المسلحة الروسية، كما تمكنت قوات جمهوية دونيتسك من السيطرة على 54 بالمئة من اراضيها، محررة العديد من المدن والقرى، من الوحدات الخاصة الاوكرانية.

وعلى المحور الثالث للجبهة الجنوبية الشرقية، فإنّ القوات الروسية المتقدمة من مدينة باشتانكا، واصلت شقّ طريقها الى مدينة كيروفوهراد وسط البلاد، والتي تتقدّم اليها القوات القادمة من الجبهة الغربية والتي اخترقت مدينة بافلوجراد، وتستكمل طريقها باتجاه مدينة نيبروبيتروفيسك.

وتسعى القوات الروسية المتقدّمة من بشتانكا شمالاً للسيطرة على مفترق الطرق المؤدية الى اوديسا، وبالتالي عزلها من أي محاولة لامدادها بالسلاح، كما يحاول جزء من هذه القوات الالتفاف غربا باتجاه مدينة أوديسا، لاحكام الطوق على المدينة الساحلية، الواقعة على البحر الأسود، والتي يُشكل السيطرة عليها خطوة استراتيجية باتجاه عزل اوكرانيا بحريا، في حين تواصل القوات تقدّمها من حدود اوديساً جنوباً على امتداد 300 كيلومتراً باتجاه العاصمة كييف، مروراً بالمناطق التي دخلتها القوات الروسية. وتكمل هذه القوات اطباق الحصار البحري على مدينة أوديسا الاستراتيجية المطلة على البحر الأسود، حيث تفيد التقارير، أنّ معركة السيطرة على المدينة، التي كانت تحوي أكبر قاعدة عسكرية اوكرانية تنتظر، الانتهاء من معركة ماريوبول.

على الجبهة الشمالية الشرقية، وبعد هدوء نسبي سيطر على مقاطعة خاركيف، تمكنت هذه القوات من السيطرة بشكل كامل على مدينة إيزيوم في الوقت الذي تزال هذه القوات تحاصر مدينة خاركيف، الواقعة على الحدود مع سومي، والتي تعد ثاني أكبر المدن الأوكرانية من حيث المساحة بعد العاصمة كييف، حيث تتعرّض المنشآت الحيوية فيها لقصف مركز، بعدما تمّ احكام الطوق عليها، نظرا لأهميتها الاستراتيجة على الحدود مع روسيا، وتشكل ممراً آمناً يربط مقاطعة سومي بجمهوريتي لوغانسك ودونينتسك، الواقعتين في اقليم دونباس شرق البلاد، واللتين اعلنتا انفصالهما عن اوكرانيا بدعم عسكري روسي، وتشهدان تقدّما متواصلاً للقوات الشعبية بوجه القوات الاوكرانية.

وعلى المحور الثاني من الجبهة الشمالية الشرقية، شقّت القوات المتقدمة من مدينة سومي على محورين متوازيين باتجاه المدن الواقعة على ضفتي نهر دنيبر، لتكمل طريقها باتجاه العاصمة كييف، من دون أن تحاول دخول المدن الكبرى الرئيسية، التي تكتفي بحصارها، والالتفاف حولها، في محاولة لتجنب الدخول في حرب شوارع، ويتجه المحور الاول من سومي باتجاه كونوتوب ووصولاً نزهين ونويفكا، ومنها الى بروفاري التي تبعد عشرين كيلومترًا من العاصمة كييف، حيث تلتقي بالقوات المتقدّمة من المحور الثاني للجبهة التي تنطلق من مدينة سومي باتجاه مدينة رومني ومنها الى بريلوكي، لتلتف هذه القوات من بروفاري باتجاه القرى الواقعة جنوبي كييف وشمالها، والتي لا تزال تشهد معارك متقطعة مع القوات الاوكرانية المدافعة عنها.

على جبهة العاصمة، يلاحظ انّ القوات الروسية واصلت محاولاتها لإحكام الطوق على كييف، ففي حين استطاعت القوات المتقدمة شمالاً الى الوصول قرى الواقعة جنوبي كييف وشرقها، منطلقة من مدينة بروفاري، في حين تواصل هذه القوات تجميع وحداتها في محيط مدينة تشيرنيهيف المحاصرة المحاذية لنهر ديسنا، التي تبعد ستين كيلومتراً من الناحية الشمالية للعاصمة كييف، ويبدو أنّ القوات المتقدمة من ناحية سومي تحاول الالتقاء بالقوات التي تتمركز في محيط مدينة تشيرنيهيف، لتساعد في التقدّم نحو كييف واحكام الحصار عليها من الناحية الشمالية.

أمّا على المحور الغربي للعاصمة، فقد واصلت القوات الروسية تعزيز قواتها في مطار انتونوف في غوستوميل الذي يبعد خمسة وعشرين كيلومتراً شمال غرب كييف، والقريب من حدود مدينة اربن التي وصلت القوات لروسية الى حدودها جانب مدينة ستويانكا، ويشكل المطار بالتالي نقطة دعم رئيسية للقوات المتقدمة نحو العاصمة، والذي تمكنت من السيطرة عليه اضافة الى مدينة بوتشا الواقعة جنوبي المطار، ويشهد الخط الواصل بين مدن بوتشا ، اربن وستويانكا، معارك بين القوات الروسية المتقدّمة، والقوات الاوكرانية المدافعة عن الحدود الاداية للعاصمة، حيث تسعى القوات الروسية، الى الالتفاف حول العاصمة من الجهات الاربعة لاحكام الحصار عليها.

بموازاة التقدّم الميداني، كثّفت القوات الجوّية والبحرية الروسية، هجماتها على المنشآت العسكرية الاوكرانية، وذلك في محاولة للحد من فاعلية المنظومات الصاروخية الدفاعية، التي تتلقاها اوكرانيا من الدول الغربية، وفي السياق، تمكنت القوات الجوّية من تدمير أكبر قاعدة وقود من قواعد الوقود المتبقية لدى القوات الأوكرانية، والتي كانت توفر الوقود للوحدات العسكرية المتمركزة وسط البلاد، وفق ما أفادت وزارة الدفاع الروسية، التي أعلنت أنّ الضربة تمّ توجيها على مستودع وقود في منطقة كالينوفكا في ضواحي كييف، باستخدام صواريخ مجنحة من طراز "كاليبر"، كما دمّرت المقاتلات والمروحيات الروسية 51 هدفا عسكريا أوكرانيا.

وأدّت هذه الضربات خلال الاسبوع اللآخير الى تعطيل مطارين عسكريين في لوتسك وإفانو- فرانكوفسك ومركز للتدريب في منطقة لفيف غرب أوكرانيا، والمركز الـ 72 الرئيسي الخاص بالعمليات الإعلامية النفسية التابع للقوات المسلحة الأوكرانية داخل العاصمة كييف، اضافة الى العديد من القواعد العسكرية والمنظمومات الصاروخية، فيما بلغ إجمالي ما تم تدميره منذ بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة، 261 طائرة مسيرة، و204 منظومة صواريخ دفاع جوي، و1587 دبابة وعربات مدرعة أخرى، 163 راجمة صواريخ، 636 مدفع وهاون، بالإضافة إلى 1397 قطعة من المركبات العسكرية الخاصة، وفق ما ذكرت احصائيات وزارة الدفاع الروسية، التي أكّدت ىمقتل 1351 جندياً روسيا، واصابة 3825.

مكاسب القوات الروسية خلال الشهر الاوّل من لعملية العسكرية، تُظهر تمكّن هذه القوات من الربط الى حد كبير بين الجبهتين الجنوبية الشرقية والجنوبية الشمالية، والتقدّم عبر شبكة من الطرق من هذه المناطق باتجاه العمق الاوكراني ومنها الى العاصمة التي تسعى القوات الروسية احكام الطوق عليها، ولكنّ هذه القوات بالمقابل، لا تزال تواجه مقاومة عنيفة في المدن المحاصرة لاسيما في كييف وخاركيف وميكولايف.

واذا كانت القوات الروسية استطاعت فرض السيطرة البحرية على المناطق الساحلية الجنوبية المطلة على بحري آزوف والأسود جنوبا، الا أنّ الحدود الغربية مع بولندا وسلوفاكيا ورومانيا، التي تشهد حركة كثيفة على صعيد توريد السلاح والمنظمومات الدفاعية الى اوكرانيا، وبالتالي تشكل أحدى اصعب العقبات أمام تحقيق اهداف الخطة الروسية، من العملية العسكرية في الأراضي الاوكرانية.

المصدر:يونيوز

رایکم