۲۳۵مشاهدات
تقرير خاص لـ "تابناك"؛

ما دلالات أول زيارة "عبدالفتاح السيسي" لأنقرة منذ 12 عاما؟

حظيت زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أنقرة باهتمام إقليمي ودولي واسع كونها أول زيارة رسمية له إلى تركيا منذ تولّيه الحكم في 2014.
رمز الخبر: ۷۰۰۹۱
تأريخ النشر: 08 September 2024

القسم الدولي لموقع "تابناك": حظيت زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أنقرة -أمس الأربعاء- باهتمام إقليمي ودولي واسع كونها أول زيارة رسمية له إلى تركيا منذ تولّيه الحكم في 2014، وجاءت بعد زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى القاهرة في فبراير/شباط الماضي التي كانت الأولى له منذ 12 عاما.

مثلت هذه الخطوة تحولا جوهريا في مسار العلاقات بين البلدين بعد سنوات من الفتور والتوتر. وفتح اللقاء بين السيسي وأردوغان صفحة جديدة في مساعي الجانبين لتعزيز التعاون الإستراتيجي، في وقت تشهد فيه المنطقة تحديات تستدعي توحيد الجهود، وتضعهما على مسار جديد نحو بناء شراكة قادرة على التأثير في معادلات الإقليم.

وقّع الرئيسان التركي والمصري بيانا مشتركا عقب الاجتماع الأول لمجلس التعاون الإستراتيجي الرفيع المستوى بين البلدين. وأكد البيان أهمية رفع مستوى الشراكة بينهما إلى مستوى إستراتيجي بمناسبة الذكرى المئوية للعلاقات الدبلوماسية في 2025، مشددا على تعزيز التعاون في مجالات متنوعة مثل الاقتصاد، والطاقة، والتنمية المستدامة، مع الالتزام بمبادئ القانون الدولي.

ورحب الطرفان بتوقيع 17 مذكرة تفاهم في مجالات التعليم العالي، والسكك الحديد، والطيران المدني، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتعاون العلمي والاقتصادي والفني في الزراعة، والصحة والعلوم الطبية، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتطويرها، والسياحة والثقافة، والمواضيع المالية والاقتصادية، والعمل والتوظيف، وحماية البيئة، والتطوير العمراني.

قفزة نوعية للعلاقات

وفي هذا الصدد، أكد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد العرابي أن زيارة السيسي لتركيا تعد قفزة نوعية للعلاقات في مختلف المجالات بين البلدين، وخطوة مهمة نحو تعزيز العلاقات، لافتاً إلى أنها تجسد التطور الملحوظ في العلاقات المصرية التركية التي شهدت تسارعاً في الفترة الأخيرة، معتبراً دعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للرئيس السيسي إشارة واضحة على رغبة الطرفين في رفع العلاقات إلى أعلى مستوياتها وتوثيق التعاون بينهما.

توقيت دقيق

كما أوضح أن الزيارة مهمة جداً وجرى الإعداد الجيد لها من الطرفين، مشيراً إلى أن التوقيت أيضاً يحمل الكثير، خاصة أن الإقليم في حالة اضطراب كبيرة، وعندما تلتقي مصر وتركيا يعني ذلك احتمالات كبيرة لخفض التوتر وتوحيد الرؤى لدولتين مهمتين في الإقليم ولهما تداخلات وتقاطعات مع كل الأزمات المزمنة في المنطقة.

بداية صفحة جديدة لعلاقات اقتصادية وسياسية بين تركيا ومصر

يرى النائب خالد عبد المولي،  أمين سر لجنة الطاقة والبيئة بمجلس النواب المصري، أن العلاقات المصرية التركية تشهد منحى ومسار مختلف مقارنة بالعقود الماضية، التي كان لاصوت يعلو فوقها سوى الجمود من قبل الطرفين، إلا أن الدبلوماسية المصرية لعبت دورا بحكمة وخبرة، لتنطلق من جديد بديعة قوية لحسم الكثير من الملفات الشائكة والمشتركة.

وأوضح أمين سر لجنة الطاقة بمجلس النواب، في تصريحات، أن العلاقات المصرية التركية تمتد لجذور تاريخية وثقافية عميقة، وتستند إلى مصالح مشتركة تخدم البلدين، على الصعيد الاقتصادي والسياسي والعسكري، خاصة أن السوق التركي من الأسواق الهامة للغاية، في ضوء مساعي الطرفين لتحديث اتفاقية التجارة الحرة بينهما مما يسهم في زيادة حجم التجارة البينية لتصل إلى 15  مليار دولار.

وأشار إلى أن  هذه الزيارة تحمل دلالات هامة لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين مصر وتركيا في وقت يشهد فيه العالم تحولات جيوسياسية واقتصادية كبيرة، خاصة في ظل التوترات بالمنطقة جراء الحرب على غزة، والازمات المتلاحقة في ليبيا، مما يستلزم تعاون مشترك بين الجانبين لحسم تلك الملفات وتوحيد الموقف السياسي .

ونوه بأن زيارة الرئيس السيسي لتركيا تعد خطوة إيجابية نحو جذب المزيد من الاستثمارات التركية إلى السوق المصري، خاصة في ظل الفرص الواعدة التي يقدمها الاقتصاد المصري في مجالات مختلفة مثل الصناعة، والطاقة، والسياحة، والبنية التحتية.

كما قال النائب عمرو القطامي، أمين سر لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب المصري، إن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى لتركيا، والمشاركة في ترأس المجلس الاستراتيجي بين مصر وتركيا وبحث الاتفاقيات بين البلدين، تاريخية خاصة وأنها تحظى باهتمام دولي وإعلامي كبير، وهو ما يعكس دور المحوري للدولة المصرية في المنطقة.

وأوضح أمين سر لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، أن الزيارة تُعد هي الزيارة الأولى له منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسى، حكم مصر، ومن ثم فهى تمثل التقارب الشديد الذي شهدته العلاقات بين البلدين خلال الفترة الأخيرة، خاصة وأن التقارب بين دولتين كبيرتين قويتين بحجم مصر وتركيا يحقق مكاسب اقتصادية وسياسية كبيرة في المنطقة بالكامل.

آفاق اقتصادية جديدة

على الصعيد الاقتصادي، اتفق البلدان على رفع حجم التبادل التجاري بينهما إلى 15 مليار دولار، بزيادة ملحوظة على الرقم الحالي الذي يقدر بنحو 10 مليارات دولار، كما تسعى تركيا لتعزيز استثماراتها في مصر التي تجاوزت 3 مليارات دولار. وتأتي مصر في المرتبة الـ19 بقيمة 294 مليون دولار من إجمالي رصيد الاستثمار المباشر التركي في الخارج الذي يبلغ 46.5 مليار دولار، كما تحتل المرتبة الـ36 في حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة القادمة إلى تركيا بمبلغ 45 مليون دولار من إجمالي 130 مليار دولار، بحسب وكالة الأناضول.

وفي العام الماضي، صدّرت تركيا إلى مصر ما قيمته 3 مليارات دولار، بينما بلغت وارداتها منها 3.1 مليارات دولار، ليصل إجمالي حجم التجارة الخارجية بينهما إلى 6.1 مليارات دولار. وأعرب أردوغان عن ثقته أن التحسن الإيجابي في العلاقات بين تركيا ومصر سيسهم في تعزيز قطاع السياحة بينهما، وقال "نسعى لتوسيع تعاوننا في مجالات الغاز الطبيعي والطاقة النووية والمتجددة. وقعنا العديد من الاتفاقيات التي تهدف إلى تعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات". وأشار إلى أن مصر تعد من بين أكبر 5 شركاء تجاريين لتركيا، مؤكدا أن البلدين يحرزان تقدما جيدا في هذا الشأن، مع العمل على زيادة حجم التبادل التجاري بينهما في المستقبل القريب.

وأكدت مصر وتركيا تطابق موقفهما بشأن عدد من القضايا الإقليمية الحساسة، إذ دعتا إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، وأدانتا بشدة النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية، كما أكدتا دعمهما الثابت لحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود 1967.  وشدد الطرفان على ضرورة مكافحة الإرهاب في سوريا وتعزيز الاستقرار في العراق وليبيا والسودان، مع الالتزام بمواصلة جهودهما المشتركة لتعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، بما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي.

 

رایکم