القسم الدولي لموقع "تابناك": ستشهد يوم الأحد 17 نوفمبر، محمد عفيف النابلسي، رئيس العلاقات العامة والناطق باسم حزب الله في لبنان، خلال الهجمات الجديدة للجيش الإسرائيلي الإرهابي. أكد "علي حجازي" أمين سر حزب البعث في لبنان نبأ استشهاد "محمد عفيف" المسؤول الإعلامي لحزب الله اللبناني إثر تفجير مكتب هذه الحركة في منطقة رأس النبع بيروت.
إنضم الشهيد محمد عفيف إلى حزب الله في خضم الحرب الأهلية اللبنانية عام 1983. ويُعرف بأنه أحد الأعضاء المؤسسين لهذه المجموعة المقاومة بين أنقاض ضواحي بيروت. لقد لعب دورًا فعالاً في هيكل الحزب منذ البداية، وبمرور الوقت أصبح أحد الشخصيات الرئيسية في هذه المنظمة. وفي عام 2014، تم تعيين شهيد عفيف في منصب مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله، وكان له دور مهم في نقل رسائل الحزب والتنسيق الإعلامي على المستويين المحلي والدولي، وخاصة في أوقات الأزمات والصراع مع الكيان الصهيوني.
عمل شهيد عفيف رئيساً لقسم الأخبار والبرامج السياسية في قناة المنار، الإعلام الرسمي لحزب الله، قبل أن يصبح المتحدث الرسمي باسم حزب الله. ومن خلال منصبه، أشرف على تطوير وتنفيذ الاستراتيجيات الإعلامية التي كان هدفها الأساسي تعزيز خطاب الحزب ودعم مواقفه السياسية.
بعد استشهاد "سيد المقاومة" كان العديد من مقاتلي حزب الله والمواطنين العاديين في لبنان في حالة طوارئ ومفاجأة. الحفرة العميقة التي أحدثها القصف العنيف على قلب بيروت، أفقدت اللبنانيين معنوياتهم، ونظروا إلى الأيام المقبلة بعين الشك. وفي مثل هذا الموقف، وقف محمد عفيف أمام عدسة الإعلام، مثل المجاهدين، وأعلن بصوت عالٍ أن حزب الله وشعب لبنان لا يخافون من قصف الكيان الصهيوني، ويقفون في وجه العدو بإرادة قوية. وعبّر هذا الشهيد الجليل في مؤتمره الصحافي الأخير عن حزنه لغياب السيد حسن نصرالله وقال: "أخجل أن أقف تحت منبركم وعلمكم ولم أعد أسمع صوتكم؛ ولدي عذر طويل وهو أن شهادتي قد تأجلت، رغم أن قلوبنا ضيقة في صدورنا.
ولم يكن حمد عفيف قائداً عسكرياً ولا شخصية سياسية بارزة فحسب، بل كان رئيساً لإحدى الوحدات الإعلامية في حزب الله. ومن خلال المقابلات وعقد المؤتمرات الصحفية، عرض استراتيجيات حزب الله ووجهات نظره للجمهور الدولي. إن هذا الاغتيال الجبان يظهر أكثر من قوة الكيان الصهيوني، فهو يظهر خوفه من أعضاء الجبهة الإعلامية المقاومين، الذين يبثون أصوات الشعب المظلوم في غزة ولبنان إلى العالم أجمع.
وما زاد من دافع الصهاينة لاغتيال محمد عفيف هو موقفه الرمزي بعد استشهاد الشهيد نصر الله. وبينما كان الكيان الصهيوني يبحث ليل نهار عن قادة المقاومة ويستهدفهم في مناطق مختلفة من بيروت؛ حاول الشهيد عفيف رفع معنويات قوات حزب الله من خلال ترديد تصريحات ملحمية، وفي الوقت نفسه روى الهجمات الصاروخية لمجاهدي حزب الله، وفي الوقت نفسه، الهجمات الخطيرة لقوات رضوان على الجيش الإسرائيلي في الجنوب لبنان.
ومن خلال استهداف مثل هذه الشخصية، كان الجيش الإسرائيلي ينوي استهداف أحد رموز المقاومة هذه الأيام، وبالتالي وقف انتشار صوت حزب الله في الفضاء اللبناني. لقد أظهرت التجربة التاريخية أنه نظراً لوجود "ثقافة الاستشهاد" بين فصائل المقاومة، فإن عاجلاً أم آجلاً سيحل شخص آخر مكان الشهيد عفيف في وحدة العلاقات العامة والإعلام في حزب الله ويصبح الصوت العالي للحزب. المقاومة اللبنانية في منتصف الحملة ستكون في حالة حرب مع الكيان الصهيوني ومؤيديه الغربيين.
إستشهاد محمد عفيف يظهر أهمية ومكانة "الإعلام" وتحوله إلى "صوت المقاومة" في منتصف الحرب. بعد أكثر من 410 أيام من الحرب، كان معظم الاهتمام دائمًا منصبًا على القادة السياسيين والقادة العسكريين والقوات الجهادية، لكن القليل من الناس انتبهوا للدور النشط لوسائل الإعلام والصحافة والصحفيين في هذا المجال الجهادي الكبير. إن دماء الشهيد عفيف وثيقة قوية تثبت أهمية ومكانة الإعلاميين. منذ بداية أزمة غزة، استشهد 175 صحفيًا خلال حرب غزة. وفي الشهرين الأخيرين فقط، استشهد ما يقرب من 10 صحافيين في لبنان. وتشير الإحصائيات المذكورة أعلاه إلى عداء الكيان الصهيوني لـ"حرية التعبير" واستعداد تل أبيب لاستهداف المدنيين في مختلف الوظائف.