۱۵۳مشاهدات
تقرير خاص لـ "تابناك"؛

محادثات مسقط؛ أجواء بناءة بين طهران وواشنطن في ظل تمسك طهران بثوابتها الثورية

رغم إصرار إيران على عدم التنازل عن برنامجها النووي، تعتبر طهران المفاوضات فرصة لتخفيف الضغوط السياسية والاقتصادية، بل وأيضاً لتحسين العلاقات الدولية من خلال صياغة ترتيبات تسمح لها بالحفاظ على وجودها ونفوذها في المنطقة. لكن هذا لا يجعلها تتنازل عن ثوابتها الثورية والإيديولوجية.
رمز الخبر: ۷۱۲۵۳
تأريخ النشر: 13 April 2025

القسم الدولي لموقع "تابناك": إنتهى يوم الأمس المحادثات الثنائية غير المباشرة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية و الولايات المتحدة الأمريكية بشأن الملف النووي الإيراني في جو متفائل حيث أكد الجانبان أن المحادثات الأولية كانت بناءة وإيجابية. في هذا الصدد قال وزير خارجية بلادنا السيد عباس عراقجي، في إشارة إلى عقد الجولة الأولى من المحادثات غير المباشرة مع الفريق التفاوضي الأمريكي، أجرينا محادثات غير مباشرة لمدة ساعتين ونصف تقريبًا بفضل جهود وعمل وزير خارجية عمان". وكان الوفدان يتبادلان الرسائل، وقد حدث هذا حوالي أربع مرات. وقال: "كانت المحادثات بناء، وعقدت في أجواء هادئة ومحترمة". وستقام الجولة الثانية يوم السبت المقبل.

وقال وزير الخارجية: "لم يتم استخدام أي لغة غير لائقة، وقد أظهرت الأطراف التزامها بدفع هذه المحادثات إلى الأمام حتى يتم التوصل إلى اتفاق مرغوب فيه لكلا الطرفين ويستند إلى المساواة". وأضاف: "لا نحن ولا الجانب الآخر نريد مفاوضات عقيمة، ومحادثات من أجل المحادثات، ومفاوضات تآكلية". ولن تكون هذه مهمة سهلة بالتأكيد، لأنها تتطلب الإرادة اللازمة من الجانبين. وبذل الجانب الآخر جهودا كبيرة لإظهار رغبته في التوصل إلى اتفاق عادل. وردا على سؤال عما إذا كانت المحادثات السبت المقبل ستكون على نفس المستوى، قال وزير الخارجية: "نعم ستعقد على نفس المستوى، ولكن المكان قد يكون في مكان آخر، ولكن سلطنة عمان ستستضيفها".

وفيما يتعلق بالجدول الزمني للمحادثات، تابع: "اليوم كانت أجواء الاجتماع من النوع الذي ضمن الاستمرارية". وفي الاجتماع القادم سنحاول التطرق إلى جدول المفاوضات الذي سيكون له أيضًا جدول زمني. ما يهم هو المحتوى والأساس الذي نتفاوض عليه. وفي اجتماعنا اليوم، اقتربنا كثيرًا من التوصل إلى أساس للمفاوضات. إذا تمكنا من تحديد الأساس في المستقبل، فيمكننا إجراء محادثة بناءً على ذلك. وقال عراقجي عند مغادرتنا مقر التفاوض التقينا بالوفد الأميركي وتحدثنا لبضع دقائق مع مراعاة الأطر الدبلوماسية.

دول عربية ترحب بالمحادثات الإيرانية- الأميركية

قالت وزارة الخارجية السعودية في بيان: نرحب بالمحادثات الإيرانية الأميركية وندعم هذه الجهود ونهج الحوار لإنهاء كافة الخلافات الإقليمية والدولية. وتابع البيان: تعبر المملكة عن تطلعها بأن تفضي نتائج هذه المحادثات إلى دعم العمل المشترك لتعزيز الأمن والاستقرار. وفي الكويت، رحبت وزارة الخارجية الكويتية بالمحادثات وعبرت عن أملها في أن تسهم في تعزيز السلم والأمن والاستقرار في المنطقة. وأكدت الوزارة في بيان على منصة "إكس" دعمها "للحوار والحلول الدبلوماسية لتسوية المسائل الخلافية والنزاعات على الصعيدين الإقليمي والدولي"، مشيدة "بالمساعي الحميدة والجهود الدبلوماسية التي تقوم بها السلطنة في هذا الخصوص".

وفي الدوحة، قالت وزارة الخارجية القطرية في بيان إن "قطر ترحب بالمحادثات بين أميركا وإيران وتؤكد دعمها لنهج الدبلوماسية والحوار لحل كافة القضايا العالقة بين الطرفين". كما رحب البديوي بالمحادثات وعبر عن تطلعاته "في أن تسفر هذه المحادثات البناءة إلى نتائج جيدة تسهم في فتح آفاق جديدة للتعاون بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، بما يخدم الأمن والاستقرار في المنطقة". وكان وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي قد صرح بأن الجولة الأولى من المفاوضات بين إيران وأميركا في مسقط جرت في أجواء "ودية".

وأضاف البوسعيدي عبر منصة "إكس" أن وساطة عمان بين طهران وواشنطن تستهدف التوصل إلى اتفاق "عادل وملزم" بين الطرفين. وتابع: "سنواصل العمل مع الأطراف وبذل المزيد من الجهود لتحقيق السلام والأمن والاستقرار الإقليمي". کما رحبت مملكة البحرين باستضافة سلطنة عُمان الشقيقة محادثات رفيعة المستوى بين الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، مؤكدة تقدير المملكة للجهود الدبلوماسية العمانية ودعمها للمبادرات الرامية إلى حل الخلافات وتسوية النزاعات بالطرق السلمية، آملة أن تسهم هذه الخطوة في ترسيخ الأمن والاستقرار والسلام على الصعيدين الإقليمي والدولي.

عطوان: إيران نجحت في مُباراة صِراع الإرادات وأمريكا تحوّلت إلى مهزلةٍ كُبرى!

قال رئيس تحرير صحيفة راي اليوم في مقال تطرق فيه الى المفاوضات النووية الايرانية - الامريكية التي جرت في عمان: نجحت إيران في تسجيلِ هدفٍ كبيرٍ في المرمى الأمريكي في مُباراة صِراع الإرادات التي بدأت بالامس في العاصمة العُمانيّة مسقط بإصرارها على أن تكون المُفاوضات “غير مُباشرة” على عكس ما يُريده خصمها الأمريكي، أي مُفاوضات “مُباشرة”، مثلما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مُؤتمره الصّحافي في حُضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأسبوع الماضي، الذي فُوجئ بهذا الإعلان الصّدمة بالنّسبة إليه.

الوفد الأمريكي الذي يتزعّمه ستيف ويتكوف مُستشار الرئيس ترامب، يُشارك في هذه المُفاوضات من الموقع الضّعيف المُنكَسِر خاصَّةً بعد فشل المشروع الأمريكي في فرض ضرائب جُمركيّة على أكثر من 200 دولة وكيان في العالم، وباتت أمريكا بُدون أصدقاء، بل وتحويل الأصدقاء إلى أعداء، وخاصَّةً في أوروبا وجنوب شرق آسيا (كوريا الجنوبيّة واليابان).

الإيرانيّون الذين يُمثّلهم في المُفاوضات عباس عراقجي وزير الخارجيّة المُخضرم الذي قاد مُفاوضات الاتّفاق النووي الأوّل مع الدّول السّت الكُبرى عام 2015، ويملك خبرات عالية جدًّا في فُنون التّفاوض واستراتيجيّاته لم يرضخوا لسياسة “التّهديد والتّرهيب” التي يتبنّاها الرئيس ترامب ضدّهم، وفرضوا شُروطهم بالكامل على خصمهم الأمريكي عندما أصرّوا على حصر المُفاوضات في المِلف النّووي فقط، وعدم التطرّق إلى مِلفّاتٍ أُخرى مِثل منظومات الصّواريخ والمُسيّرات، وقطع العلاقة مع أذرع المُقاومة في غزة ولبنان واليمن والعِراق، وكانَ لهُم ما أرادوا.

من طلب العودة إلى الحل الدبلوماسي للأزمة الإيرانية- الأمريكيّة، وتراجع عن تهديداته بالضّربة العسكريّة التدميريّة السّاحقة هو الرئيس ترامب، عندما أدرك أنّ التّهديدات بالضّربات العسكريّة، وإرفاقها بإرسال ثلاث حاملات طائرات أمريكيّة، وأسراب من القاذفات العِملاقة B.52 أعطت نتائج عكسيّة، عندما لم تُرهب الإيرانيين، بل دفعتهم بالرّد عليها من قِبَل السيّد علي الخامنئي قائد الثورة الاسلامية عندما أعلن بنفسه حالة الطّوارئ في الجيش الإيراني، ووضع منصّات الصّواريخ العِملاقة، والغوّاصات المُتطوّرة، والقوّات البريّة والبحريّة في حالة التأهّب القُصوى، وهدّد بتدمير جميع القواعد العسكريّة المُحيطة ببلاده (10 قواعد) ويتواجد فيها 50 ألف جندي، وإغلاق مضيق هرمز ومنع صادرات النّفط الخليجيّة إلى العالمِ بأسرِه.

إيران لن تتخلى عن أصولها وأصدقائها في المنطقة 

رغم إصرار إيران على عدم التنازل عن برنامجها النووي، تعتبر طهران المفاوضات فرصة لتخفيف الضغوط السياسية والاقتصادية، بل وأيضاً لتحسين العلاقات الدولية من خلال صياغة ترتيبات تسمح لها بالحفاظ على وجودها ونفوذها في المنطقة. لكن هذا لا يجعلها تتنازل عن ثوابتها الثورية والإيديولوجية.

وفي سياسة إيران الخارجية، وإن كان ذلك بحاجة إلى تفصيل أكبر، تمتلك مقوّمات تفاوضية متينة تجعلها لاعباً محورياً في المباحثات، من أهمها الموقع الجيوبولوتيكي والاستراتيجي لإيران، والذي له تأثير في السياسة الخارجية بشكل مباشر وغير مباشر، من نواحٍ عدة. كما أنه يحدّد بدرجة كبيرة المجال الحيوي المباشر لسياسة الدولة الخارجية، وكذلك مواردها الاقتصادية المتعددة والغنية كالنفط والغاز والموارد المعدنية الأخرى التي تُعتبر عالمياً موادَّ حيوية أو مواردَ استراتيجية.

رایکم