شبکة تابناک الأخبارية: يترجم التجاهل المقيت الذي يعتمده مجلس الامن الدولي ومجلس التعاون لدول الخليج الفارسي، حيال المآسي الانسانية المروعة في البحرين، العنوان العريض لازدواجية المعايير والاستخفاف السافر بالحقوق المدنية والاجتماعية والسياسية لشعب هذا البلد الذي يسام اقسى اشكال القمع والاضطهاد والتمييز على ايدي حكامه وبدعم حاقد من آل سعود.
فبالتوازي مع تصاعد الاحتجاجات الشعبية المشروعة على لغة العسف والطائفية الخليفية ، نشاهد انحدارا فظيعا في المعايير الاخلاقية للاميركان والاوروبيين وعرابي "الجامعة" و"مجلس التعاون الخليجي" الذين يتقصدون التعامي عن الانتهاكات الصارخة لحقوق الانسان بالبحرين، فيما نجدهم يلقون بكل ثقلهم لتدويل الازمة في سورية ، وهم لا يتورعون عن استخدام جميع الوسائل الوضيعة لتفجير الاوضاع وافتعال الصراعات هناك اكثر فاكثر، حقدا علي مواقف دمشق المدافعة عن كرامة العرب والمسلمين، وتمسكها بخيار المقاومة بوجه المشروع الصهيوني.
واقع الحال في البحرين يظهر تناقضا كبيرا في سلوكيات ادعياء حماية الديمقراطية وحقوق الانسان والقيم الحضارية، خاصة اذا عرفنا ان هذا البلد قد تحول منذ سنوات طويلة الى محمية عسكرية اميركية كبرى، تمارس حكومة الولايات المتحدة من خلال مختلف النشاطات الاستخباراتية والارهابية لفائدة دعم السياسات الصهيونية العدوانية وتفريخ التوترات والنعرات القومية والطائفية في الخليج الفارسي والشرق الاوسط.
كما ان دخول اطراف مثل السعودية وقطر على خط التحولات الاقليمية الحاصلة بهدف ضرب محور المقاومة والممانعة في المنطقة، يقدم شاهدا فاضحا على الدور التدميري الذي تمارسه الدول الخليجية ومنها البحرين، منذ تلقي اسرائيل واميركا الهزائم النكراء ابتداء من تموز 2006 حتى يومنا هذا، وهو امر يقطع الشك باليقين، بان حكام البترول والمال العرب، لايضيرهم ان يذبحوا المقاومين والمجاهدين الذين اهدوا للامة الاسلامية اعظم الانتصارات يوم جعلوا "اسرائيل" مرمى لصواريخهم وضرباتهم المدوية.
ومن الواضح ان العقلية الطائفية المسيطرة على تفكير صناع القرار الخليجيين وعلى رأسهم آل سعود، جردت هؤلاء من كل صفة انسانية يمكن ان تتأثر بالمظلومية والعذابات التي يقاسيها الشعب البحريني والشعب السوري منذ نحو عام. فقيام الرياض بزج ما يسمى بقوات درع الجزيرة في البحرين بعيد ثورة الرابع عشر من شباط 2011 ضد ا لاستبداد الخليفي، وتمادي المملكة في تسليح التكفيريين والمخربين في سورية! يعكس الحالة الهستيرية التي تغلف المواقف والسلوكيات والقرارات الطائفية للقيادة السعودية.
ولايخفى على احد ان الحكام الخليجيين يضطلعون بوظيفة خدمة المصالح الغربية والصهيونية في العالم الاسلامي، وان تحاملهم المفرط على الشعب البحريني وعلى سورية الصامدة وعلى ايران المتألقة وعلى حزب الله في لبنان والمقاومة الباسلة في فلسطين، يندرج في سياق الثأر والانتقام من هذه المواقع الشريفة، كونها فضحت تبعيتهم وانقيادهم للاجندات الاميركية والاسرائيلية، وكشفت بذلك سوءاتهم امام جماهير الامة الاسلامية والعربية.
ان هذا الشكل من الحرب الطائفية المتسترة بلبوس الدفاع عن الحريات وحقوق الانسان في احداث سورية، وانتهاك هذه الحقوق في البحرين، لن يدوم الى الابد، لان دول مجلس التعاون مرشحة اكثر من غيرها بالتغيير والسقوط بسبب تواطئها السافر مع الغرب المتصهين في معاداة شعوب الصحوة الاسلامية المظفرة.
المؤكد ان الشعب البحريني المجاهد سطر اروع الامثلة في المعارضة السلمية والحضارية، ومارس اعلى مستويات ضبط النفس في مواجهة اساليب القمع الدموية ، وان في ذلك رسالة واضحة لآل خليفة من اجل ان يراجعوا حساباتهم، ويعلموا ان صبر البحرينيين لا بد وانه سينفد الا اذا خلع حكام المنامة عن انفسهم الثوب الطائفي في قيادة البلاد وساسوا العباد بالقسط والمساواة و الرحمة بعيدا عن التأثيرات الخارجية.