شبکة تابناک الأخبارية: رغم مرارة الهجرة عن الوطن وقسوة العيش في مجتمعات مختلفة بعيدا عن الأهل والأصحاب، إلا أن كثيراً من السعوديين يتلهفون لجنسية بلد بديل يغنيهم عن فقر وبطالة وتهميش وعدم تقدير للكفاءات ، فما هي حكاية هجرة السعوديين إلى الخارج ؟ وما مدى تفاعلها داخل المجتمع السعودي
تقول صحيفة المدينة السعودية إن أكثر من 130 ألف مبتعث رغم بعد المسافات بين الدول التي تم ابتعاثهم إليها .. إلا أن هناك حلم واحد يجمعهم وهو «التوظيف». يحلمون بالعودة إلى الوطن والانضمام إلى كتائب الموظفين سواء في القطاع الخاص أو الحكومي.
ونقلت الصحيفة عن الشاب مشاري دليم عيد العتيبي خريج جامعة نيوكاسل باستراليا قوله عند عودتي من الابتعاث العام الماضي كنت آمل أن أجد وظيفة في وقت قياسي وتقدمت للكثير من الشركات وللأسف لم يكن هناك أي تجاوب يذكر.
أما عبدالإله الزهراني ماجستير تسويق من جامعة نيوكاسل فقال: عشت خلال فترة الابتعاث حلم التوظيف والأبواب المفتوحة لنا بعد العودة من جانب القطاعات الحكومية والخاصة، وقد تقدمت إلى أكثر من 20 شركة ولم أجد سوى عبارة «يصير خير».
إغلاق أبواب سوق العمل في وجه الكفاءات السعودية كان أحد الاسباب الرئيسة وراء هجرة السعوديين وتفضيلهم الحصول على جنسيات أخرى حيث يتجه عدد كبير من السعوديين العائدين من الابتعاث في الخارج للبحث عن فرص عمل أفضل في الدول المجاورة، التي تقدم لهم بدورها عروضا مغرية.
المثقف السعودي الدكتور محمد الأحمري من بين كثيرين تنازلوا عن الجنسية السعودية وحملوا جنسية دولة أخرى هربا من صعوبة العيش ومساحة حرية الرأي الضيقة في بلاده.
هناك إشاعات تقول بأن الدكتور محمد الأحمدي أخذ الجنسية القطرية، طبعاً لم يطلع فيها تصميم من عندك ولا من الحكومة القطرية ولا من الحكومة السعودية، نحن نسأل هل فعلاً د. محمد الأحمدي يحمل الجنسية القطرية.
نعم أحمل الجنسية القطرية ودخلت بالجواز القطري... وهل هذا معناه أنك أنت تنازلت عن الجنسية السعودية... نعم
وبعد أن كثرت حالات التخلي عن الجنسية السعودية أكدت وزارة الداخلية السعودية على قرارها منع السعوديين والحاصلين على الجنسية السعودية، من السعي إلى الحصول على وثائق الدول الأجنبية أو الاحتفاظ بها.
وجاء قرار الداخلية السعودية الذي نشر نهاية الشهر الماضي في صحيفة أم القرى الرسمية بعد أنباء عن تسرب العديد من مواطنيها لدول مجاورة وحصولهم على جنسياتها.
ويظهر تقرير بثته شبكة البي بي سي البريطانية مؤخرا أن المملكة السعودية لم تعد تؤمن بيئة العمل المناسبة التي طالما حلم بها الشباب السعودي الذي فضل الهجرة إلى دول عربية للعمل فيها .
خالد العقيلي شاب سعودي بحث عن فرص العمل الأفضل والتطوير والتدريب خارج حدود وطنه بعد ان فشل للوصول إلى ذلك في الداخل، مثله في ذلك مثل عشرات الألف من الشباب السعودي الذين تضيق بهم دولة تعتبر موقع الاستقطاب الأكبر لليد العاملة في الشرق الأوسط ليكون السوق العمل السعودي مركزاً للتناقض، فلا الاستيعاب للكفاءات الوطنية إلا لنحو مئة وأربعون ألف مواطن في مقابل استقدام عاملة تفوق أكثر ثلاثة أضعاف هذا العدد سنوياً بسبب انخفاض أجورها مقارنة بالعمالة السعودية.. للأسف ربما أحبط بعضهم فلم يجدوا مكان كي يفتح أبوابه لهم، فبالتالي ذهبوا لمكان وجدوا فرصة في مكان آخر. ولم تكن تجربة العقيلي هي استثناء في التاريخ السعود الذي كان يرحل أبناء قراها ومدنها على السواء للبحث عن فرص العمل في الهند والعراق والشام قبل أن يظهر النفط وتنقلب الآية، ولهذه التجربة اليوم إيجابيات وسلبيات متنوعة، لكن ذلك لا يلغي أهميتها كتجربة لها دوافع عدة.. الوظيفة ليس لها لا بلد ولا جنسية، هذه الإنسان متى ما وجد الراحة النفسية أو العوائد المادية فهو سينتقل لها.. ويبقى موضوع البحث عن فرصة عمل في الخارج بسبب غياب الفرص في الداخل أو البحث عن التطوير أم لا يتاح لكل من يرغب فيه ولخصت منال الشريف دوافع الشباب السعودي في الهجرة والتخلي عن الجنسية السعودية بعدم وجود التقدير والرعاية الصحية والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص في العمل بلا بيروقراطية أو واسطة والحياة الأفضل من توفر الخدمات العامة ورعاية وتعليم الأطفال وضمان الحريات الشخصية.
وفي حال العلماء والتخصصات النادرة، الهجرة تكون قسرية في ظل شح الدعم للبحث العلمي ، وفي ظل عدم توفر مراكز مطورة للبحث العلمي تستوعب هذه العقول، أضف إلى ذلك الشعور بالغبن الذي يقع فيه السعودي حين يرى الأجنبي الذي يماثله في الشهادات والخبرة ومهام العمل، يفوقه في الراتب والحوافز وحتى التقدير.
وقال العميد المتقاعد فوزي بدران عن ظاهرة البطالة والفقر وضيق الحريات في المملكة السعودية : الموضوع الأساس موضوع النظام أي نظام، وأنا قلت لك سابقاً أنني أحترم سيادة كل دولة في أن تقوم بما تشاء ضمن أراضيها، لكن كباحث سياسي وكمراقب لأزمة ما، أعتقد ان الحكم أي حكم الذي أسميته فردي، ملكياً كان أم غير ملكياً، يعطي امتيازات لأصحاب العائلة الحاكمة أو لإمارة أو الحزب الحاكم، امتيازات تفوق بكثير حقوق القاعدة وبالتالي ليس هناك توزيعاً عادلاً للثروات، هناك كما كان قبل الثورة الفرنسية طبقة النبلاء وطبقة الفلاحين في خدمتها، وهذا لا يمكن أن يستمر إلى الأبد، فيشعر السعودي في بلده التي هي أغنى احتياط للنفط في العالم، وأغنى البلدان في العالم وفيها القواعد العسكرية كلها تهافتت عليها للحفاظ على النظام وعلى النفط، فيجد السعودي نفسه أنه في درجة ثانية، أي أجنبي كفاءته إذا كانت ككفاءة السعودي يتقاضى أضعاف راتبه، وفي نفس الوقت من يخرج من السعودية إلى الخارج ويتعلم وأول فرصة يصادفها للبقاء خارجاً يبقى، لأنه يعلم ان حقق الإنسان في السعودية لا تحقق له ما يريد.
وعن كثرة التخلي عن الجنسية السعودية اعتبر العميد فوزي بدران: موضوع التخلي عن الجنسية أعتقد ان الإحصاءات الدول، موضوع تأثير الجنسية على مواطنين هذا البلد، نحن نعلم تماماً أنه بعد أحداث 11 أيلول كيف تأثرت السعودية بعد اتهام تنظيم القاعدة بتفجيرات 11 أيلول، ولذلك أعتقد ان السعودي أكثر ما يفكر فيه عندما يريد التخلي عن جنسيته السعودية، ينتقل إلى قطر بسبب تنافس الموجود بين الدولتين، وهناك نقطة أن هذا التنافس يعطي السعودي امتيازاً، السعودي الذي يذهب إلى قطر الدولة تعطيه امتيازاً "عفواً بهذه الكلمة" نكايةً بالسعودية، فتعزز وضعه لتشجيع غيره على هذا.