شبکة تابناک الأخبارية: عمدت أمية وحلفاؤها بقيادة ابي سفيان الى انتهاج سياسة البطش والاغتيال والنفاق منذ أن اتسع نطاق الدعوة الاسلامية في الجزيرة العربية وأحست مرة اخرى بالخطر الذي يداهم جاهليتها من قبل بني هاشم سادة وقادة العرب.
فاتفقت أمية مع أبناء عمومتها يهود المدينة من بني النظير وقريظة وقنيقاع وغيرهم وخططت في بادئ الأمر لاغتيال الرسول الآعظم (ص) مرات عديدة في مكة المكرمة والمدينة المنورة وما عملية اغتياله (ص) في "ليلة المبيت" والتي بات الامام علي بن أبي طالب عليه السلام مكان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في بيته بمكة إلا بداية لمسلسل الاغتيالات التي تعرض لها خاتم الانبياء والمرسلين (ص) طيلة حياته من قبل هذا الخط الارهابي الاموي الخطير .
واستمرت هذه السياسة الدنيئة والنفاقية الدموية تتواصل لاغتيال أوصياء الرسول (ص) وأبنائه وأحفاده الميامين من بني هاشم الواحد بعد الآخر كلما بلغوا الامامة لهداية الأمة الاسلامية نحو النور والعدالة والهداية والاسلام المحمدي الاصيل الآخر وذلك على يد أبناء وأحفاد أمية وآل سفيان
، حيث بدأوها باغتيال القرآن الناطق سيف العدالة السماوية والحق والحقيقة دموياً بسيف الخارجي "بن ملجم المرادي" في صباح يوم التاسع عشر من شهر رمضان المبارك بعد أن اغتالوه سياسياً في "سقيفة بني ساعده" في صبيحة يوم الخميس "آه من رزية الخميس" كما يقولها بن عباس ، عندما سرقوا منه الخلافة رغم تنصيبه وتعيينه من قبل البارئ تعالى بأنه الخليفة بلا فصل بعد الرسول (ص) على الأمة خلال واقعة الغدير والتي روتها كتب العامة قبل غيرها جملة وتفصيلا .
ووصف الامام علي أمير المؤمنين عليه السلام "رزية الخميس" في نهج البلاغ عبر خطبته الشهيرة "الخطبة الشقشقية" وهو يقول" أمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ تَقَمَّصَهَا ابن أبي قحافة وَ إِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنْهَا مَحَلُّ الْقُطْبِ مِنَ الرَّحَى يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ وَ لَا يَرْقَى إِلَيَّ الطَّيْرُ فَسَدَلْتُ دُونَهَا ثَوْباً وَ طَوَيْتُ عَنْهَا كَشْحاً وَ طَفِقْتُ أَرْتَئِي بَيْنَ أَنْ أَصُولَ بِيَدٍ جَذَّاءَ أَوْ أَصْبِرَ عَلَى طَخْيَةٍ عَمْيَاءَ يَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ وَ يَشِيبُ فِيهَا الصَّغِيرُ وَ يَكْدَحُ فِيهَا مُؤْمِنٌ حَتَّى يَلْقَى رَبَّهُ.."
ولم يتحمل بنو أمية وحلفاؤهم من عرب الجاهلية ويهود المدينة عدالة الامامعلي أمير المؤمنين (ع) خلال خلافته التي لم تدم أكثر من أربع سنوات ليردوه شهيداً مضرجاً بدمائه الطاهرة وهو قائم يصلي في المحراب بعد أن انهدرت عليه التهم والسباب على يد "معاوية" وانصاره وحلفائه في الشام طيلة عقود متمادية ومتواصلة استمرت لقرون حتى يومنا هذا بأمر ودعم من أحفاد أمية وسفيان التكفيريين والتقتيليين والدمويين في كل بقاع العالم الاسلامي ب"بترودولار" الرجعية العربية التي يتزعمها يزيد السعودية وابن مرجانة قطر وحرملة البحرين ليستبيحوا بفتاوى وعاظ سلاطينهم الجهلة دماء شعوبنا الابرياء في العراق وسوريا وفلسطين وافغانستان وايران وباكستان والسودان وفي كل مكان يصدر منه صوت مطالب بالعدالة والمساواة والحرية والديمقراطية في ظل صمت مطبق لادعياء الديمقرطية ومتمشدقو حقوق الانسان من الغربيين وغيرهم.
لقد عقد الاحفاد العزم على المضي قدماً على نهج اسلافهم في تمزيق الأمة الاسلامية والعمل على عودتها الى عصر الجاهلية خدمة لمصالح أبناء عمومتهم الصهاينة اليهود وسعياً منهم لتمزيق محور المقاومة الصامد أمام الأطماع التوسعية الامبريالية- الصهيونية التي تطال الأمة الاسلامية والعمل على أبعاد شعوبنا الاسلامية عن الاسلام المحمدي الاصيل الذي يرفض كل نوع من الفرعنة والطغيان والظلم وطأطأة الرأس للعدو الأجنبي المحتل والغادر.
وقد عرف اعداء الاسلام جيداً من أنه لم يبق بعد صبيحة تلك الصيحة التي سمعها أهل الأرض والسماء من محراب مسجد الكوفة حيث خرَّ أمير المؤمنين الامام علي بن أبي طالب (ع) صريعاً متشحطاً بدمه الطاهر قائلاً :" فزتُ وربّ الكعبة" ، وبعد يوم الحادي والعشرين من شهر رمضان المبارك يوم استشهاد العدالة السماوية وقرآنها الناطق وسيف الله (سبحانه وتعالى) وقتال العرب ، لم يبق مدافعاً للانسانية والعدالة والاسلام المحمدي الاصيل واليتامى والنساء الثواكل والمظلومين من يعينهم ويستندوا اليه فاخذوا يعيثون في الأرض فساداً ويحرقون الأخضر واليابس طمعاً بسطوتهم
وسلطنتهم على رقاب العباد.
لقد كان لاغتيال الامام علي أمير المؤمنين عليه السلام اغتيال للانسانية جمعاء ،وللايمان کله ،وللفکر والاخلاق والمثل العليا ..واغتيال للبطولة والاباء والکرامة ،وللحق ،ولعقيدة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وللاسلام الذي بناه بجهده وجهاده وكيانه ودمه ، واغتيالاً للأمة حيث فقدت خليفة وقائداً إسلامياً فذّاً ، وقمة شامخة في العلم والفضل والجهاد ، وكان جبلاً راسخاً من الثبات والاستقامة والشجاعة والبطولة ، وعَلَماً من أعلام الدين وإماماً للمتقين .. واغتيال للقرآن الناطق كما سماه المحب والعدو .
فلم تعرف الانسانية في تاريخها الطويل رجلاً - بعد الرسول الأعظم (صلى الله عليه و اله) أفضل من علي بن ابي طالب (عليه السلام) ولم يسجّل لإحد من الخلق بعد الرسول (صلى الله عليه و اله) من الفضائل والمناقب والسوابق، ما سجّل لأمير المؤمنين (عليه السلام)، وكيف تحصى مناقب رجل كانت ضربته لعمرو بن عبد ود العامري يوم الخندق تعدل عبادة الثقلين، وكيف تعد فضائل رجل اسرّ اولياؤه مناقبه خوفا، وكتمها أعداؤه حقداً، ومع ذلك شاع منها ما ملأ الخافقين، وهو الذي لو اجتمع الناس على حبه - كما يقول الرسول (صلى الله عليه و اله) - لما خلق الله النار.
ولا يسع المقال والوقت للتطرق عن فضائل هذه الشخصية العظيمة التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: "ياعلي لا يعرفك الا الله وانا".
وقال (ص) ايضا "علي مني وانا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي" ، وايضاً:"انا مدينة العلم وعلي بابها".
وقد اعترف أعداؤه ومن أنكر حقه بالخلافة بعد النبي (ص) بلا فصل قبل غيرهم بمكانة هذه الشخصية العبقرية الاسلامية الوحيدة بعد الرسول محمد (ص)، فقد قال الخليفة ابو بكر "اين مثلك يا ابو الحسن" ، وقال الخليفة عمر بن الخطاب "لولا علي لهلك عمر"، فيما قالت زوجة الرسول (ص) عائشة : "علي اعلم الناس بالسنة" ، وقال معاوية لما بلغه أمر مقتل الامام عليه السلام لقد ذهب الفقه والعلم بموت ابن ابي طالب " .. وهو اعتراف صريح وواضح ممن حمل راية العداء وغصب الحق في الخلافة وحاربه ظلماً وجوراً وزوراً على مكانته المرموقة والرفيعة التي لا يسمو غيره محلها .
وقال الامام الشافعي "ما اقول في رجل اخفت أولياءه فضائله خوفا واخفت أعداؤه فضائله حسدا وشاع له من هذين ما ملىء الخافقين".
قال الامام احمد بن حنبل "ما جاء لاحد من أصحاب رسول الله من الفضائل كما جاء لعلي بن ابي طالب "، وقال ايضا "من ابغض عليا فهو في الدرك الأسفل من النار" وقال ابن الاثير "مناقبه لا تحصى ".
وقال الجوزي" فضائل علي اشهر من الشمس والقمر واكثر من الحصى والمدر". وقال الفخر الرازي "ومن اتخذ عليا إماما لدينه فقد استمسك بالعروة الوثقى في دينه ونفسه ".