شبکة تابناک الأخبارية - حمید حلمی زادة: ادى سقوط الانظمة التقليدية الموالية للنظام الغربي ــ الصهيوني، ولاسيما في مصر وتونس وليبيا واليمن، وذلك نتيجة للثورات الشعبية المناهضة للاستكبار العالمي، الى ايجاد خلل كبير في المعادلة الجيوسياسية لصالح تيار الصحوة الاسلامية المباركة، وبالضد من الاستراتيجية الاميركية ــ الاسرائیلیة في الشرق الاوسط.
لقد خلق هذا التحول وقائع جديدة على الارض، منها على وجه التحديد تعاظم الدور الاسلامي في المنطقة، وما يمكن ان يشكله من تحدّ مصيري خطير لـ"اسرائيل" ومستقبلها الهش، باعتبارها كيانا مصطنعا جيء به لممارسة وظيفة خدمية للمصالح الرأسمالية والاحتكارات العالمية، عبر اساليب العدوان والغدر واثارة الفتن والخلافات والنزاعات في العالم الاسلامي.
وليس ثمة شك في ان ايران بامكاناتها المتقدمة ومنجزاتها المتلاحقة، تمثل ــ بشهادة الاعداء قبل الاصدقاء ــ قطب الرحى في مسيرة الصحوة الاسلامية المعاصرة، ومرجعا اصيلا لكل قوى التحرر والعدالة والقيم الثورية الحضارية، وهي شهادة تعتز بها طهران دون ان يداخلها ذرة من غرور او كبر.
فقد جاهدت الثورة الاسلامية خلال الاعوام الثلاثة والثلاثين من عمرها الحافل بالعطاءات من اجل ان تكون ايران الحاضنة والراعية الاولى لحركة الوعي الاسلامي ولمسيرة مكافحة معاقل (التحالف الاميركي ــ الصهيوني) في الشرق الاوسط، الامر الذي حملها مسؤوليات جسيمة على صعيد مقاومة شتى اشكال الضغوط والحصارات والتضییقات السياسية و العسکریة والاقتصادية والاعلامية.
المؤكد وباعتراف غالبية المراقبين السياسيين والخبراء الاستراتيجيين هو ان براعة الجمهورية الاسلامية، تجسدت خلال العقود الماضية، في انها تمكنت رغم كل الظروف العصيبة من قلب السحر على الساحر، والخروج مرفوعة الرأس على الدوام من الازمات والمعضلات، اضافة الى تعزيز قدراتها ومكاسبها وابداعاتها في مختلف الاختصاصات، ولاسيما تلك التي يحتكرها النظام الرأسمالي الغربي لنفسه، دون ان يسمح لدول العالم الثالث بالتعرف على اسرارها.
و بفضل علمائها وخبرائها وكوادرها الرساليين المؤمنين، استطاعت ایران، اختزال اشواط هائلة على مستوى تنمية الصناعات الثقيلة والاختراعات العلمية الحديثة، كما نجحت في فك الغاز "الحروب الالكترونية"، بل وتقدمت على كثير من البلدان الغربية في هذا الاتجاه.
لكن بما ان " الرأسمالية المتوحشة" لا تهتم سوى بعوامل الربح الخسارة، وبما ان "تعاظم الدور الاسلامي الايراني" يشكل عقبة كاداء امام مطامع اللصوص الدوليين، فقد عمدت الاطراف الصهيوغربية الى حشد المزيد من الضغوط والمخططات والالاعيب الشيطانية، ابتغاء اخضاع الجمهورية الاسلامية، واجبارها على التخلي عن ثوابتها الوطنية والاسلامية والانسانية.
قد يقال ان مصدر اختلافنا مع اميركا واوروبا، مرده توصل طهران الى العلم النووي وعالم الفضاء وتطور تسليحاتها الدفاعية واخيرا وليس آخرا تحكمها بشفرات الحروب الالكترونية، وهذا صحيح فی جانب محدود لكن دون افراط او مبالغة، باعتبار ان اية دولة تعتمد على قدراتها الذاتية ردا على الحصار واشكال الحظر ،وتلتزم نهج التوكل على الله تعالى، سوف تحقق ما حققته الجمهورية الاسلامية وزيادة.
واقع الامر ان اختلافنا مع الغرب بجميع مكوناته وتفاصيله وامتداداته واذنابه، يعود في الاساس الى التناقض التاريخي بين الخير والشر، وبين الحق والباطل. ولکی لا يكون كلامنا مجرد شعارات فضفاضة، فاننا نحيل ابناء الامة الاسلامية واحرار العالم الى شريط الاحداث والمجريات التي مرت بها ايران وشعوب المنطقة خلال 33 سنة خلت، وكيف ان الاستكبار العالمي لم يهدأ ولم يقر له قرار في محاربة الجمهورية الاسلامية وحلفائها بمحور جبهة قوى المقاومة والممانعة.
ومع ذلك فان الانتصار كان حليفنا دائما لاننا نرفض الظلم والطغيان والاحتلال والغزو والاضطهاد، ليس لنا وحسب، بل ولجميع اخواننا في الدين والتاريخ و الجغرافيا والانسانية جمعاء . من هنا يخطئ من يظن ان العبث بالمصالح الاستراتيجية والتراب الوطني والامن الاقليمي الاسلامي لايران، يمكن ان يمر دون رد او ردع او محاسبة شديدة .