۲۵۶مشاهدات
دخلت ايران من «البوابة» اللبنانية بقوة على «خط» التطورات المتسارعة في المنطقة، واذا كان اعلان الامين العام للمجلس الاعلى للامن القومي الايراني الادميرال علي شمخاني من بيروت عن هبة عسكرية للجيش اللبناني.
رمز الخبر: ۲۱۷۲۷
تأريخ النشر: 02 October 2014
شبكة تابناك الإخبارية : دخلت ايران من «البوابة» اللبنانية بقوة على «خط» التطورات المتسارعة في المنطقة، واذا كان اعلان الامين العام للمجلس الاعلى للامن القومي الايراني الادميرال علي شمخاني من بيروت عن هبة عسكرية للجيش اللبناني، قد سرق الاضواء لبنانيا من الجانب الاكثر اهمية لزيارته في محطتها السورية، فان من يعرف الرجل واهمية دوره في هذه المرحلة يدرك ان لهذه الجولة ابعاداً شديدة الاهمية سيبنى عليها الكثير من المعادلات في المرحلة المقبلة.
اوساط ديبلوماسية في العاصمة اللبنانية، لا تفصل «الهبة» العسكرية الايرانية عن سياق القرار الايراني المتخذ لتطوير العمل السياسي والميداني ضمن استراتيجية متكاملة يعمل على تفعيلها شمخاني في المنطقة . فزيارته القصيرة الى بيروت في طريقه الى دمشق، لها مدلولات كبيرة وترتبط اولا باهمية هذا المسؤول الايراني والملف الذي بين يديه، بعد ان تولى مؤخرا مسؤولية الادارة الكاملة للملفات الساخنة في المنطقة، والمعروف عنه انه أكثر الشخصيات جرأة على خوض غمار السياسة والأمن والحرب في الوقت ذاته، ويعرف «برجل» «المهمات الصعبة» كما ينظر اليه على انه الشخصية الاكثر قدرة على التكامل مع الدور الذي يقوم به قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني. وخصوم ايران يعرفون جيدا من هو شمخاني الذي تولى حقيبة وزارة الدفاع لثمانية أعوام متواصلة، وتم تعيينه عضوا في المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية ورئيسا للمركز الاستراتيجي للقوات المسلحة الإيرانية، وقد عمل أثناء توليه الوزارة على بناء القوة الصاروخية الإيرانية والبنية التحتية للمؤسسة العسكرية الايرانية، لكنه في المقابل يتمتع بحنكة ديبلوماسية رفيعة واطلاع شامل على قضايا المنطقة الشائكة، تساعده على ذلك اصوله الاهوازية ولغته العربية الجيدة.
ويعود لشمخاني الفضل في اعادة «المياه» الى «مجاري» العلاقات مع اقليم كردستان تقول الاوساط من خلال تدخل ايران العسكري لمساعدة الاقليم في مواجهة هجوم «داعش»، «ولعب» مؤخرا دورا مهما في صياغة التفاهمات السياسية في العراق، ووسط الاستعصاء السياسي والتدهور الامني، وتمسّك نوري المالكي بولاية جديدة، وصل شمخاني إلى بغداد والنجف»، وبعد لقائه المالكي، والمراجع الأربعة الكبار في النجف، اعاد «ترتيب الأوراق» وابصرت التسوية النور.
وفي هذا السياق، بدأت «بصمات» شمخاني تظهر بوضوح على الاستراتيجية الايرانية التي اصبحت اكثر جرأة في التعبير عن نفسها في مناطق الصراع مع الخصوم، تضيف الاوساط هذا ما حصل في اليمن، والعراق، وسيترجم اكثر في سوريا، ويمكن وضع عرض هذه الهبة العسكرية في هذا الاطار، فطهران لن تدع «خصومها» يتفردون في «اللعب» في اي ساحة، وثمة قرار بالتعامل بندية ودون «قفازات» بعد ان تجاوز الاخرون «الخطوط الحمراء».
اما في الشق الخاص «بالهبة» العسكرية، فتلفت اوساط في 8 آذار الى ان الجمهورية الإسلامية الإيرانية سبق واعلنت أكثر من مرة استعدادها لتزويد الجيش اللبناني بكل ما يحتاجه أو يطلبه من أسلحة نوعية تمكنه من مهمته في الدفاع عن لبنان والتصدي للاعتداءات والتهديدات الصهيونية، لكنها المرة الاولى التي تتخذ فيها هذه الرغبة الطابع العملاني في توقيت شديد الاهمية تمر فيه المنطقة ولبنان، واذا كانت الضغوط الأميركية قد منعت الحكومات المتعاقبة من الاستجابة الى «الرغبات» الايرانية، فان الحكومة الراهنة «محشورة» سياسيا واخلاقيا وامنيا، في ظل الوضع الحرج للمؤسسة العسكرية في مواجهة الارهاب، وفي ظل قبولها «المكرمة» السعودية التي لم تجد طريقها للصرف حتى الان. فما ستكون حجتها لرفض «الهبة» الايرانية؟
واذا كانت «المكرمة» السعودية للجيش اللبناني تحمل في طياتها الكثير من علامات الاستفهام حول اهدافها بحسب الاوساط نفسها، فان توقيت «الهبة» الايرانية يضع الدولة اللبنانية ومعها السعودية وفرنسا والولايات المتحدة في موقف حرج في ظل ما اعترى «المكرمتين» السعوديتين من عراقيل، اخرت وصول المساعدات العسكرية الى الجيش اللبناني، فيما تقنن الولايات المتحدة مساعداتها «الخجولة» الى المؤسسة العسكرية.
وللدلالة على الجدية الايرانية تلفت تلك الاوساط الى ملاحظتين في الشكل والمضمون، فعلى المستوى الاول حرصت طهران على التعامل في هذا الملف من دولة الى دولة ولم تدخل اي وسيط في هذه «الهبة»، وهذا يتناقض مع توظيف السعودية «للمكرمة» في تعويم رئيس الحكومة الاسبق سعد الحريري الذي تم تلزيمه شخصيا صرف المليار دولار التي وضعت في حسابه! فيما غرقت الملايين الثلاثة الاولى في «بحر» السمسارات والشروط الغربية والاسرائيلية التي تعيق حصول الجيش على الاسلحة المناسبة. وهنا تكمن اهمية مضمون الهبة الايرانية غير المحددة النوع والكمية.
ووفقا للاوساط في 8 اذار، فان المخازن الايرانية مفتوحة وطهران مستعدة لتزويد الجيش بكل ما يحتاجه من اسلحة نوعية، وهذا العرض الايراني السخي، يشير بوضوح الى ثقة ايرانية بعقيدة الجيش اللبناني، فطهران لم تتوقف عند الكلام المكرر من قبل المسؤولين اللبنانيين، الذي كان يغري الغرب لتسليح الجيش بمقولة مفادها، «ان السلاح النوعي للمؤسسة العسكرية سيجعله القوة الوحيدة على الأرض التي تتصدى للاعتداءات الإسرائيلية والمسيطرة على الوضع الأمني في البلاد، اي تكريس معادلة «تقوية الجيش مقابل اضعاف حزب الله». وهنا تأتي الهبة الايرانية لتطيح هذه المعادلة وتكرس معادلة اخرى تشير الى «التكامل» بين المقاومة والجيش، فيما الدول الغربية تمنع الجيش اللبناني من الحصول على سلاح نوعي، خشية وقوع هذا السلاح في يد حزب الله أو أن يُستعمل ضد اسرائيل.
وفي رأي تلك الاوساط، اذا ما صفت النيات، بامكان الدولة اللبنانية استخدام «الهبة» الايرانية «كسلاح» ضاغط في المفاوضات الشاقة مع الوفد الفرنسي العسكري، المعني بالبحث في آلية تنفيذ الهبة السعودية لتسريع المفاوضات التي تسير ببطء شديد، والمعلومات المتوافرة تتحدث عن مماطلة فرنسية في تسليم بعض المعدات إلى أعوام لاحقة، واقتصرت الموافقة فرنسية على تزويد الجيش بصواريخ مضادة للدروع، واخرى مضادة للطائرات، إلا أن مداها لن يتجاوز الخمسة كيلومترات، ما يحدّ من فعاليتها في مواجهة الطيران الإسرائيلي. والملفت ان بعض هذه الاسلحة لن يسلم قبل ثلاث سنوات!
وهنا يمكن للدولة اللبنانية بحسب الاوساط ان ترفع مستوى المطالب من خلال الاصرار على الحصول على التجهيزات والآليات المتطورة لتعزيز القدرات الدفاعية، على المستويين الامني والعسكري، والتمسك بمطلب الحصول على مصفحات ودبابات متطورة والتزود بصواريخ حديثة، جو ارض، وزيادة عدد طائرات الهليكوبتر المتطورة، وتعزيز البحرية اللبنانية وتزويدها السفن الجديدة والأعتدة المناسبة، من اجل حماية المصالح اللبنانية ومواكبة عملية التنقيب عن الغاز والنفط. أما على مستوى مواجهة العمليات الإرهابية، فلدى الجيش لائحة خاصة لرفع مستوى التجهيزات التقنية وتطوير قطاع الاستخبارات لوجستيا وتقنيا.
وبامكان المفاوض اللبناني الان تقول الاوساط في 8 آذار وضعها على الطاولة «وابتزاز» الطرف الفرنسي بالعرض الايراني، وفق معادلة جديدة تقول «كل ما ستتخلفون عن تقديمه سنأخذه من ايران». فهل تستخدم الدولة اللبنانية الورقة الايرانية لمصلحة الجيش؟ عام 2012 وفي احد الافطارات الرمضانية ابدى الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله استعداده للطلب من ايران تسليح الجيش اللبناني بأسلحة متطورة، وتحدث عن وجود استعداد ايراني لمساعدة المؤسسة العسكرية، لكنه قال صراحة «ان لدينا نظاماً سياسياً يخاف من الأميركيين». هل تتجرأ الدولة اللبنانية على كسر حاجز الخوف؟ وهل تغيرت الظروف بين 2012و2014؟ الايام المقبلة ستحمل الاجابة عن هذا السؤال؟ لكن بعد كلام شمخاني فعلى كل المشككين في النيات الايرانية ان «يصمتوا».
رایکم