شبكة تابناك الاخبارية: رصد الكاتب الصحفي إيشان ثارور محرر الشئون الخارجية بصحيفة واشنطن بوست الأمريكية سياسات الاضطهاد التي تمارس بحق الأقلية المسلمة في بورما، والتي تعرف باسم الروهينجيا.
وأعاد ثارور في مقاله الذي جاء تحت عنوان: "لماذا تكره هذه الأمة ذات الأغلبية البوذية المسلمين” الرسالة التي بعث بها القنصل العام لبورما في هونج كونج في عام 2009 إلى الصحف المحلية وإلى نظرائه من الدبلوماسيين المتواجدين في المقاطعة الصينية.
تلك الرسالة التي عبر فيها القنصل العام عن مخاوفه بشأن معاملة سكان الروهينجيا اللاجئين في بورما، والذين يمثلون الأقلية المسلمة البنغالية التي تعاني تهميشًا في البلاد منذ فترة طويلة.
غير أن مينت أونج، المبعوث البورمى في هونج كونج، عمل على إثناء الآخرين عن الشعور بالتعاطف مع أقلية الروهينجيا بطريقة تعكس عنصريته المروعة بحسب وصف الكاتب. أونج وصف الروهينجيا في رسالته بأنهم أقلية قبيحة كما الغيلان، مضيفًا أنهم لا يتشاركون ذات البشرة الناعمة والجميلة للجماعات العرقية البورمية الأخرى.
وخلص القنصل العام البورمي إلى أن الروهينجيا ليسوا من شعب ميانمار، وبأنهم لا يشكلون إحدى المجموعات العرقية في ميانمار. إنهم دخلاء حسبما يرى، ولا يستحقون حقوق المواطنة.
تبدو الأمور في بورما الآن أفضل مما كانت عليه منذ عام ونصف. فالمجلس العسكري الديكتاتوري الذي سيطر يومًا ما على البلاد سمح ببعض الانفتاح وإن كانت الأجواء الديمقراطية قد تقلصت بشكل كبير. أيضًا، فقد تم إطلاق سراح ونغ سان سو كي، الحائزة على جائزة نوبل، بعد عقود من الإقامة الجبرية في منزلها، وهي الآن الزعيمة الرئيسية للمعارضة
غير أن الحالة البائسة لأقلية الروهينجيا عديمي الجنسية ما تزال على حالها. لم لا وقد وصفتها الأمم المتحدة بواحدة من أكثر الأقليات اضطهادًا في العالم. تقدر أعداد تلك الأقلية بحوالى 1,3 مليون نسمة. تتمركز الغالبية العظمى منها في ولاية راخين في بورما على الحدود الغربية مع بنجلاديش والهند، وتناضل من أجل الحصول على خدمات الدولة الأساسية، ناهيك عن نزوح 140,000 إلى مخيمات متداعية مهملة من قبل الحكومة نظرًا للصراع العرقي والطائفي في عام 2013.
حتى إن دعوات الأمم المتحدة الأخيرة للحكومة في بورما لمنح الروهينجيا حقوق المواطنة الكاملة، بما في ذلك قرار الجمعية العامة الصادر في ديسمبر الماضى قوبلت بردود فعل عدائية. ردود فعل عكستها مسيرات غاضبة ضد الروهينجيا أثنت الحكومة عن خططها المؤقتة لإعطاء الأقلية المسلمة وثائق مؤقتة تسمح لهم بالتصويت في الاستفتاء القادم.
أبرز المجموعات المناوئة للروهينجيا في بورما هم الرهبان البوذيون المتشددون الذين يمثلون جماعات تلعب دورها في تأجيج المشاعر العدائية بحق الروهينجيا. ينظر الرهبان البوذيين إلى الروهينجيا باعتبارهم بنغال مهاجرين غير شرعيين بدلًا من كونهم مجموعة عرقية بورمية.
وكان ويراثو، وهو راهب بوذي سيئ السمعة لخطابه المعادي للأجانب، قد دعا في إحدى خطاباته إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد المسلمين، محذرًا من "الجهاد ضد الرهبان البوذيين”. وقد ظهر ويراثو على غلاف أحد أعداد مجلة التايم، تحت عنوان "وجه الإرهاب البوذي”.
في المقابل، يرى البعض أن ويراثو ومن على شاكلته يتبنون خطابات عدائية ضد المسلمين في بورما، بما في ذلك غير المسلمين الروهينجيا. وشهدت السنوات الأخيرة مقتل المئات من المسلمين وسط أعمال شغب وهجمات انتقامية تعكس التداعيات المقلقة في بلد خرج لتوه من قيد الحكم الاستبدادي.
ولعل الدلالة الأكثر إحباطًا من محنة الروهينجيا هو الصمت النسبي لسو كي، الرمز العالمي للديمقراطية وحقوق الإنسان والحائزة على جائزة نوبل للسلام، والتى تتماهى مع سياسة الحكومة البورمية، برفضها حتى وصف الأقلية المسلمة بالروهينجيا.