شبکة تابناک الاخبارية: إلى جانب مؤشرات عدة على وجود فتور في العلاقات المصرية السعودية، اعتبر مراقبون هجوم محمد حسنين هيكل على المملكة مؤشراً على بلوغ التوتر ذروته، فيما يرى آخرون أن هيكل لا يمثل سياسة مصر الرسمية وأن له ثار قديم مع آل سعود.
وأعادت تصريحات نارية للصحفي والكاتب المصري المعروف حسنين هيكل ضد السعودية موضوع العلاقات السعودية المصرية مجددا إلى دائرة الضوء مع استمرار الفتور الذي يسود هذه العلاقات منذ بضعة شهور.
هيكل الذي يلقبه معارضوه بـ"عراب الانقلاب العسكري" قال في مقابلة صحفية مع جريدة السفير اللبنانية إن النظام السعودي غير قابل للبقاء وانتقد الملك سلمان بن عبد العزيز شخصيا، قائلا إنه "ليس حاضرا بما يكفي" وتحدث عن "المأزق السعودي في اليمن". وبالمقابل كشف هيكل خلال الحوار أن مصر تسعى للتقارب مع إيران وأن ضغوطا تمارس على الرئيس المصري لثنيه عن تحقيق هذا التقارب.
تصريحات هيكل ورغم أن علاقاته بالسعودية لم تكن يوما جيدة، أثارت جدلا من جهة لأنها تأتي من صحفي له وزن في المشهد المصري ويعتبر من أبرز مستشاري عبد الفتاح السيسي، ومن جهة أخرى لأنها جاءت في فترة تشهد فيها العلاقات بين البلدين فتورا منذ تسلم الملك الجديد لمقاليد الحكم، ويرى بعض المراقبين أن هذا الفتور وصل إلى مرحلة الجفاء في الفترة الأخيرة.
مؤشرات عديدة على الأزمة
حوار هيكل مع صحيفة السفير ليس أول إشارة على توتر العلاقات السعودية المصرية، بل سبقته مؤشرات عديدة وقرارات وتوجهات سياسية تظهر أن التحالف بين البلدين لم يعد متينا كما كان يبدو في الأمس القريب قبل وفاة الملك السعودي السابق عبد الله بن عبد العزيز.
كما وتأتي هذه التصريحات بعد زيارة قام بها رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إلى السعودية، وهي الزيارة التي أثارت استياءَ في مصر، إذ قرأ فيها المتابعون تراجعا سعوديا عن اتفاق سابق مع مصر على محاربة الجماعات التي تصنفها القاهرة كـ"جماعات إرهابية"، هذا رغم تأكيد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير على أن زيارة مشعل كانت لأداء مناسك العمرة، وليست زيارة ذات طابع سياسي.
زيارة مشعل فسرها مراقبون بكونها رد فعل سعودي على استقبال الحكومة المصرية لوفد يمثل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، والسماح بتنظيم معرض في مصر يضم صورا لضحايا "العدوان" السعودي في اليمن، نظمته جهات مقربة من الحوثيين، كما أن السلطات المصرية لم تتدخل لفض مظاهرة نظمت أمام السفارة السعودية رفعت فيها شعارات مناهضة للرياض وللملك سليمان.
ورغم كل هذه الإشارات يقول سعد بن عمر رئيس مركز القرن العربي للدراسات إن تصريحات هيكل وما سبقها لا تعبر عن أن العلاقات المصرية السعودية في أزمة كما يروج، ويشرح ذلك في مقابلة مع DWعربية قائلا "تصريحات هيكل لا أهمية لها ولا تعبر سوى عن موقفه. هي لا تؤثر أو تمثل السياسة الخارجية المصرية، فهو ليس له منصب حكومي وحديثه عن اليمن ليس دقيقا، فهو لم يزر اليمن منذ عقود طويلة، كما أنه يتحدث بمنطق الستينات ونحن اليوم في عام 2015".
ويضيف الخبير السعودي، "كلام هيكل ليس جديدا فهو ينتقد السعودية منذ سنة 1967 في كل كتاباته، وهذا أمر طبيعي فهو من بقايا الناصرية المعادية للسعودية"، في إشارة منه إلى أن هيكل كان جزءا من نظام الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر، الذي كان يناصب العداء للنظام السعودي.
لكن الدكتور محمد الخشن أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة يتبنى رأيا مختلفا، فهو يعتقد أن تصريحات هيكل تعبر عن توجه نظام السيسي، ويقول في حديث لـ DWعربية "أكيد أن ما قاله حسنين هيكل، الذي يعتبر من رموز نظام السيسي، يعد مؤشرا على توتر في العلاقات بين البلدين، بدءا منذ تولي الملك سلمان للحكم واتخاذه توجها جديدا في التعامل مع الملف المصري".
ويضيف الخبير المصري أن هذه التصريحات تعبر عن رغبة نظام السيسي وليس عن الواقع، ملفتا إلى أن"الحديث عن أن النظام السعودي الحالي في طريقه إلى السقوط أمر غير عقلاني، بالعكس فهو متجذر الآن أكثر من أي وقت مضى، إذ يحظى الملك الحالي بتأييد شعبي كبير سواء داخل السعودية أو في منطقة الخليج، وهذا يعطيه قوة أكبر".
علاقات إستراتيجية
ويعتقد بن عمر أن العلاقات المصرية السعودية تحكمها "المصلحة العربية العليا" و "الأمن القومي للمنطقة العربية" وبالتالي ـ والكلام مازال للخبير السعودي ـ فمهما اختلفت وجهات النظر بخصوص بعض القضايا لا يمكن أن تصل هذه العلاقات إلى الأزمة.
ومن جهته يرى الخبير المصري محمد الخشن أن السعودية "ورغم استيائها الكبير من السياسة المصرية في عدة نقاط منها عداوتها المبالغ فيها لحماس وموقفها في ليبيا الذي كان متوجها نحو شن الحرب وغيرها من النقاط، إلا أن السعودية في ضوء المعطيات الحالية لا يمكنها أن تذهب أكثر مما ذهبت إليه في الفتور مع مصر بسبب الدعم الأمريكي والإسرائيلي الذي يحظى به النظام المصري الحاكم".
أما استقبال المسؤولين السعوديين لوفد من حركة حماس، التي تعتبر الرديف لجماعة الإخوان المسلمين، فيقول بن عمر "السعودية لديها اتصال بحماس منذ أن بدأ الملك السابق محاولة المصالحة بين الأطراف الفلسطينية، وبالتالي فهذه الزيارة أمر طبيعي، كما أن جذب حماس نحو السعودية يبقى أفضل من أن تلجأ حماس لإيران، فهذا فيه خطر حتى على مصالح مصر نفسها". وذكَّر الخبير السعودي بما قاله المسؤولون السعوديون بأن زيارة مشعل هي لأداء مناسك العمرة، "مع أننا نتمنى أن تكون هناك زيارات لمباحثات سياسية".