شبكة تابناك الإخبارية : معروف أنّ حكومة فرنسا مثلها
مثل بعض الدول الخليجية، وتحديداً السعودية وقطر، فتحت أراضيها، وساهمت
أجهزة استخباراتها في تقديم الدعم للجماعات «الجهادية».
وبديهي أنّ الجماعات «الجهادية» التي تستقطب عناصر من خارج سوريا، هي جماعات تابعة لتنظيم «القاعدة».
وبديهي أيضاً عندما يقدَّم الدعم للجهاديين وتتاح
الفرصة أمامهم وأمام الشبكات المرتبطة بهم لتجنيد المقاتلين من فرنسا
وغيرها، ويسمح لأئمة المساجد في فرنسا بالتحريض والتعبئة على القتال، بديهي
أن ينجم عن كلّ ذلك أن يتمكن هؤلاء من إقامة بنية تحتية في داخل تلك
الدول، وبناء خلايا نائمة، يجري تحريكها في التوقيت الذي تحدّده قيادة
الجماعات الإرهابية.
بهذا المعنى، فإنّ الهجمات التي استهدفت فرنسا، سواء
الهجوم على مجلة «شارلي إيبدو» أو على الكنيس اليهودي، والهجمات الجديدة
التي وقعت الأسبوع الماضي والتي هي الأوسع والأكبر منذ أحداث 11 أيلول في
الولايات المتحدة، سيكون لها تأثير على المواقف الفرنسية.
ومما لا شك فيه أنه إذا كان المقصود بالتساؤلات أن
تغيّر الحكومة الفرنسية الحالية موقفها من الأزمة السورية، أيّ أن تعيد
النظر بموقفها العدائي من الحكومة السورية وتتعاون مع الجيش السوري لمقاتلة
الجماعات الإرهابية، وعلى رأسها «داعش» الذي أعلن مسؤوليته عن هجمات باريس
وأسماها «غزوة باريس»، فإنّ ذلك لن يحدث، لأنّ الحكومة الفرنسية الحالية
لها ارتباطات وثيقة مع حكومة العدو والكيان الصهيوني، وهي تعمل بدأب لإرضاء
حكومة نتنياهو، ومعروف أنّ الكيان الصهيوني له مصلحة في استمرار الحرب في
سوريا واستنزاف طاقاتها. كما أنّ الحكومة الفرنسية لها صلات مع قطر
والسعودية، صلات قائمة على عقود الأسلحة، ولا تريد هذه الحكومة إلحاق أيّ
أذى بعلاقاتها مع البلدين للحفاظ على مصالحها في عقود الأسلحة وغيرها من
الصفقات التجارية.
لكن بكلّ تأكيد هذه الهجمات الإرهابية غير المسبوقة،
وحجم الضحايا الناجم عنها، والتداعيات والآثار التي ستتركها اقتصادياً،
ولا سيما على قطاع السياحة، من شأنها أن تؤلّب أكثر الرأي العام الفرنسي
ضدّ سياسة حكومته الاشتراكية الحالية، كما أنّ بعض الكتل النيابية والأحزاب
الفاعلة، وتحديداً المنافسة للحزب الحاكم، سوف توظف نتائج الهجمات
الإرهابية لإضعاف الحكومة الحالية، ومن شأن كلّ ذلك أن يخلق توازن قوى
جديداً داخل فرنسا، قد يرغم الحكومة الفرنسية على إعادة النظر بسياساتها
إزاء سوريا، أو على الأقلّ تعديل هذه السياسات والتخلي عن نهج المزايدة
الذي اعتمدته باريس منذ بداية الأزمة السورية، وسعيها إلى وضع العصي في
عجلة الحلول السياسية، وتوحيد الجهود لمكافحة الإرهاب.