شبکة تابناک الاخبارية: على وقع التطورات العسكرية في المنطقة، بات من الضروري القول بأنّ حزب الله، المقاومة الإسلامية في لبنان، أصبح يشكّل تهديدا حقيقيا للكيان الصهيوني، ليس على مستوى الإستعداد العسكري في أي مواجهة مقبلة فحسب، بل وكذلك على مستوى إستراتيجية "إدارة القوة" وهو الهاجس الحقيقي الذي يرعب الكيان الصهيوني في كل وقت.
لقد شكّلت الحرب النفسية قوة ردع حقيقية، بفضل التقنيات والأدوات التي إستعملها الحزب ولا يزال، والتي تشكّل اليوم هاجس رعب حقيقي في العقل الإسرائيلي المرعوب دوما.
قاد حزب الله حرب نفسية حقيقية ضد إسرائيل، بدأت بحملات على السوشيال ميديا، وذلك بنشر صور من داخل الكيان الغاصب تثبت وصول رجال الله الى أقصى مفاصل الكيان الصهيوني. إضافة إلى عرض مجموعة من الصور، تمكن الحزب من تصويرها من داخل المستوطنات الصهيونية، البعيدة عن الحدود، وصور جوية.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل اعتمد الحزب أسلوب إرسال الرسائل الواضحة، لمخاطبة العقل الإسرائيلي المرعوب والمذهول من قدرة الحزب، على الوصول إلى مناطق كانت تعتبر لوقت قريب مناطق خارج الصراع والاستهداف في أي معركة ضد الحزب، لتصبح اليوم، وبإعلان رسمي من المقاومة، على مرمى صواريخها في كل منطقة بالكيان. وكان من أشهر هذه الرسائل “لمن يظن انه يتعقب أثرنا.. لا تنس أن تنظر خلفك أيضا” والتي كتبت باللغتين العربية والعبرية، والتي أنشأت حالة من الفزع، إضافة إلى بعض الصور “السيلفي” التي نشرها بعض النشطاء والتي تثبت بما لا يدع مجالا للشك، بقدرة الحزب للوصول إلى داخل الكيان الصهيوني.
لا شك أن هناك حرباً نفسية قوية متبادلة بين “حزب الله” وإسرائيل، إذ أن هذه الأخيرة، تشن هذه الحرب لتحقيق أهداف عديدة من أهمها، توجيه رسالة أو رسائل لحزب الله أنها مستعدة لأي حرب. ومحاولة طمأنة الشعب الإسرائيلي، وسكان المستوطنات أن الجيش الإسرائيلي قادر على مواجهة أي حرب، وأنّ زمام المبادرة هي بيد اسرائيل دائماً.
وأنّ هناك مناورات عسكرية مستمرة لمحاكاة أي حرب محتملة مع حزب الله، مما يعني أن الوضع جيد، ولا داعي للقلق. إضافة الى ذلك، محاولة إثارة أعداء حزب الله في لبنان ليتحركوا ضد الحزب، ويمنعوا أي حرب قادمة قد تؤدي إلى دمار كامل للبنان. مع كل هذا، قيادة حرب إعلامية موسعة الهدف منها، التأكيد للعالم، أنّ حزب الله يشكّل خطراً على وجود إسرائيل، إضافة الى أمنها أيضاً، وبالتالي فهو تنظيم “إرهابي”!
طبعا هذا الأمر، يساعدها للحصول على مزيد من الأسلحة من أميركا من أجل تعزيز قوتها العسكرية، لا بل للحفاظ على تفوقها العَسكري. في مقابل ذلك، فإنّ حزب الله يشن حرباً نفسية ضد إسرائيل من خلال القول وتسريب معلومات، حول استطاعة حزب الله احتلال منطقة الجليل، ومن خلال استطاعته قصف مواقع حساسة في إسرائيل من شماله إلى جنوبه، وإمكانية مشاركة مئات الآلاف من المجاهدين ضد إسرائيل في الحرب القادمة.
أهمّ هدف لحزب الله من هذه الحرب هو “منع وقوع الحرب” من خلال إبلاغ إسرائيل بأنها لن تكون حرب نزهة بل ستكون حرباً مدمرة لإسرائيل. وأن العدو إن فكّر للحظة بالمغامرة، فعليه أن يدرك تماما، أنّ تهديداته سيحوّلها المقاومون لفرصة للقضاء على الكيان الغاصب وإنهائه من الوجود.
إن إعتماد الحرب النفسية لمخاطبة العقل الإسرائيلي، وعلى الرغم من كل الإمكانات التي يمتلكها العدو، إلا أنها إستطاعت أن تخلق حالة من الرعب الحقيقي لدى العقل الإسرائيلي، المدرك تماما لمصداقية سيد المقاومة السيد حسن نصرالله، ولإمتلاك الحزب اليوم لقدرات عسكرية وقتالية كبيرة جدا، وأنه بالفعل يخبئ مفاجآت كثيرة في المعركة المقبلة.
بات حزب الله يشكّل قوة ردع لا يستهان بها. وثمن الحرب هذه المرة لن يكون بسيطاً، ولن تكون المعارك مقتصرة على حزب الله، إذ أن محور المقاومة كله سيدخل المعركة أو ينظم اليها. مهما كانت حماقة السياسيين في الكيان الصهيوني، فهم مدركون تماما لقدرات حزب الله في قيادة أعظم وأشرس حرب نفسية وعسكرية على الإطلاق.