۹۵۰مشاهدات

بصمة الرياض في تطورات السودان

رمز الخبر: ۴۱۰۷۲
تأريخ النشر: 15 April 2019

تمر السودان في المرحلة الحالية بسلسلة من التطورات السياسية التي من شأنها أن ترسم مرحلة جديدة للبلاد بعد عزل الرئيس السابق عمر البشير وتعيين الفريق أول ركن عوض بن عوف رئيساً للمجلس العسكري الانتقالي، ليتنازل الأخير عن منصبه ويفسح المجال للفريق أول عبد الفتاح برهان لقيادة هذه المرحلة الحساسة من تاريخ السودان.

هذه التغيرات حدثت خلال فترة وجيزة إلا أنها في الحقيقة نتاج لحراك شعبي بدأ في فبراير/شباط الماضي واستمر حتى الاطاحة بالرئيس البشير وبن عوف ولا نعلم ما اذا كان البرهان سيتمكن من ادارة البلاد على نحو جيد، والأهم هل سيحظى رئيس المجلس العسكري الانتقالي الجديد بثقة الشعب الذي يطالب بقيادة مدنية وليس عسكرية أم أن الشعب سيبقى عند مطالبه ويطالب بتنحي البرهان؟.

من هو الفريق أول عبد الفتاح برهان

رئيس المجلس العسكري الانتقالي السوداني الجديد، هو المفتش العام للقوات المسلحة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، الذي عينه البشير، نهاية فبراير/شباط العام الماضي، ضمن تغييرات عسكرية واسعة داخل صفوف القوات المسلحة.

أصدر البشير قرارا بتعيينه وترقيته من رتبة الفريق الركن إلى رتبة الفريق أول، وعينه مفتشا عاما للقوات المسلحة، في 27 فبراير 2018.

وبحسب تقارير إعلامية، عاش البرهان أكثر حياته مؤخرا متنقلا ما بين دولتي "اليمن، والإمارات".

ومساء الجمعة، أعلن بن عوف، تنازله عن منصبه رئيسًا للمجلس العسكري، بعد أقل من 24 ساعة من أدائه اليمين رئيسًا للمجلس، عقب عزل رئيس البلاد عمر البشير، وإعلان فترة انتقالية من عامين.

يؤكد مقربون من البرهان أنه ليس له ارتباط بأي تنظيم سياسي، مما يعزز من فرص نجاحه في الوقت الراهن. ويختلف الناشطون حول كونه شخصية مقبولة من الشعب السوداني من عدمه.

البرهان هو قائد القوات البرية السابق، المشرف على القوات السودانية في اليمن بالتنسيق مع محمد حمدان دقلو، قائد قوات الدعم السريع السودانية.

اذن البرهان لديه ارتباطات جيدة مع السعودية وهذا الأمر قد يكلف السودان الكثير على اعتبار البرهان سيتخذ خطوات يتقرب فيها من المملكة السعودية ليحظى بالدعم والغطاء السياسي ما فعل عمر البشير في السابق، ولكن يجب أن يحذر البرهان لأن البشير الذي أدار ظهره للعلاقة مع ايران وجمد العلاقات معها كرمى لعيون السعودية، تخلت عنه المملكة عندما اتخذ رأيا حياديا تجاه الأزمة الخليجية ولم يقطع علاقاته هذه المرة مع قطر وبالتالي لم تكن السعودية راضية عما كان يقوم به البشير.

بالنسبة للسعودية ورقة البشير احترقت ولابد من ايجاد البديل ولن نبالغ اذا قلنا أن المملكة ستقدم اغراءات للبرهان لجذبه نحوها، واعادة فتح صفحة جديدة ولا نستبعد أن يتم توريط السودان مجددا في الحرب اليمنية وهذا بطبيعة الحال يعتمد على الشعب السوداني ومطالبه.

في الحرب اليمنية ، وضع الجيش السوداني عددًا كبيرًا من الجنود في خدمة التحالف السعودي للمشاركة في الحرب ضد الشعب اليمني ، وكانت معظم خسائر الحرب من الجنود السودانيين، حيث تم ارسالهم إلى جبهات القتال ليكونوا كبش فداء لمخططات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وبعد أن قتل أكثر من 1000 جندي سوداني في اليمن بدأت تعلو الأصوات في السودان للانسحاب من التحالف السعودي الذي لم يجلب لهم سوى الفقر والقتل والخلافات الداخلية، حتى أن البشير لم يحصل على أي مساعدة مالية من المملكة على عكس مصر.

في النهاية أجبر الضغط الشعبي البشير على سحب القوات السودانية من المشاركة في تحالف آل سعود، لكن الأمور لم تقف عند هذا الحد، إذ بدأت المظاهرات تجوب شوارع السودان للمطالبة بإطاحة حكم العسكر التي كان من المقرر أن يحكم لفترة مؤقتة حتى يتم تعيين رئيس جديد للبلاد.

اعتقد البشير أنه يستطيع الاعتماد على حلفائه السابقين ، جماعة الإخوان المسلمين والعمل مع البلدان القريبة منهم ، لحل بعض المشاكل الاقتصادية وإبطاء الاحتجاجات الشعبية، والتفت إلى قطر وتركيا ، وهذا الأمر كان سببا في استياء جارته مصر من ذهابه في هذا الاتجاه، وبالطبع كانت السعودية والإمارات غاضبتين وحاولتا شن انقلاب ضد عمر البشير بطرق مختلفة.

في البداية ، حاولوا إقناع رئيس المؤسسة الأمنية السودانية باتخاذ إجراء ضد البشير، لكنهم فشلوا ، ثم لجأوا إلى وزير الدفاع ونجحوا على ما يبدو في ذلك.

الآن ، وصل العسكريون إلى الحكم في السودان ، بينما يطالب الناس بحكومة مدنية ، ويبدو أن الجيش مصمم على قمع الاحتجاجات بحكم عسكري وإلغاء الدستور ، لكن يجب أن نرى ما إذا كان الشعب السوداني سيكون على استعداد لقبول هذا السيناريو المتكرر، ام لا.

في الختام؛ من اللافت جداً أن جميع حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية وآل سعود تؤول بهم الامور على الشكل الذي انتهى به عمر البشير وأقسى من ذلك في بعض الأحيان، والأهم من هذا أن كُثر في هذا الشرق الأوسط لا يتعلمون مما يحصل.

المصدر: الوقت

رایکم