اقيمت بجامعة الزهراء بطهران يوم الاثنين، مراسم تكريم الدكتور نادر نظام طهراني، لترجمته ديوان الشاعر الايراني الكبير حافظ الشيرازي الى اللغة العربية شعراً حيث ستصدر الترجمة العربية لديوان حافظ قريباً.
وأعرب الدكتور "سعيد واعظ" الاستاذ الجامعي الايراني، خلال هذه المراسم، عن تقديره للترجمة القيمة التي انجزها الدكتور نادر نظام طهراني، قائلاً: ان الدكتور نظام كان في ترجمته لهذا الديوان وفياً للنص الرئيسي.
وأضاف، ان الشعر غير قابل للترجمة وان فصاحة وبلاغة لغة ما لايمكن ترجمتها الى لغة اخرى، معتبرا اتقان الدكتور نظام للغة الشعر والعروض ومعرفته التامة بصعوبات الترجمة هي من الخصائص التي منحت هذا الاستاذ الجرأة اللازمة لترجمة هذا الاثر الفاخر.
وأشار الى انه انجزت ترجمات عديدة لديوان حافظ الى مختلف اللغات، معتبرا ترجمة الدكتور نادر نظام لديوان حافظ فريدة ومنقطعة النظير، قائلاً: لم يجرؤ أحد الى الآن على ترجمة هذا الديوان شعراً.
وفي هذه المراسم أشار الدكتور "نادر نظام طهراني" الى جهوده المتواصلة لترجمة هذا الاثر، قائلا، في الحقيقة حينما بدأت بالترجمة كنت خائفاً ألا ان استطيع ان اتممها ولكن الله تعالى والحمد لله اعطاني القوة لأستطيع ان انهي هذا العمل الكبير. أما كيف قمت بهذا العمل؟ في الحقيقة، بدأت اولاً بقراءة الشروح المختلفة، والسيد الدكتور واعظ وضع مكتبه تحت تصرفي وأخذت كل شيء منها وبدأت أقرأ الشروح المختلفة حتى أستطعت ان ادرك حافظ جيداً أي اصبح حافظ العصر.
وأضاف: ثم بدأت بالترجمة والحقيقة كان عملاً شاقاً جداً كنت اجلس في كل يوم من الصباح حتى المساء لأقوم بترجمة غزل واحد وهكذا تابعت العمل، كل يوم افعل هذا حتى حينما كنت اجلس للغداء مع زوجتي كنت افكر بحافظ، كانت تكلمني احياناً ولا انتبه لكلامها، في الليل ايضاً كنت دائما بين الصحو والنوم وأنا افكر بحافظ أي عشت في حافظ اكثر من ثلاث سنوات حتى استطعت ان اترجمه بهذه الدقة. اعتقد أنه لا توجد ابداً ترجمة بهذه الدقة لحافظ في أي لغة في العالم.
وقام الدكتور "نادر نظام طهراني" خلال هذه المراسم بقراءة اشعاره المترجمة لغزليات حافظ، حيث لاقت هذه الترجمة ترحيباً حاراً من قبل الحاضرين.
وصدرت الترجمة العربية لديوان حافظ من قبل دار "آواي خاور" للطباعة والنشر، حيث ستباع قريباً في الاسواق مرفقةً بشريط صوتي جرى تسجيله بصوت الاستاذ نادر نظام طهراني.
من هو نادر نظام طهراني؟
يعتبر الأستاذ الأديب الشاعر نادر نظام طهراني، من الشعراء الإيرانيين الذي ينظم بالعربية، تشمل أشعاره شتى المواضيع، ومختلف الأغراض؛ والمتتبع لأشعاره يلمس صبغة العلوم القرآنية، والروائية فيها بشكل واضح، حيث استخدم التلميح، والاقتباس خير استخدام.
استطاع بسموّ شخصيته، وبساطتها أن يصوّر عاطفته الدينية النقية بالاستدلالات القرآنية، والمفاهيم السامية بشكل إبداعي رائع. ومن ناحية أخري، فهو شاعر يقدّس الوجود الإنساني، حيث إن الإنسانية، والتطرّق لمصير البشر في شعره، يصور نزعته السياسية الهادفة لتكريم الإنسان بما هو إنسان؛ إلا أنه مع ذلك، لم ينأ عن عنصري الطبيعة، والخيال؛ فالطبيعة في أشعاره تحتل منزلة خاصة إذ استخدم صورها في معانٍ كثيرة، خصوصاً عندما تكون استعاراته، وتشبيهاته مستوحاة منها بشكل بديع، يسحر لبّ كل قارئ ذوّاق للشعر.
ولد الشاعر، الناقد، المترجم، والأديب المعاصر الاستاذ الدكتور نادر نظام طهراني عام 1933 في العاصمة السورية دمشق. وبدأت مسيرته الدراسية الابتدائية في هذه المدينة في عام بمدرسة المحسنية، وأكمل المتوسطة، والاعدادية في ثانوية أسعد عبد الله، حتى عام 1953، والتحق بعدها بجامعة دمشق، ليدرس اللغة، والادب العربي هناك. أما دراسته العليا على مستوى الدكتوراه، فقد أكملها في جامعة طهران ليحصل عام 1970، على شهادة الدكتوراه في اللغة والادب العربي منها.
رحل الى إيران، عام 1964، وبدأ بالتدريس في كلية الترجمة، وفي عام 1972، قام بتأسيس فرع اللغة العربية في هذه الكلية، كما قام بتأسيس فرع اللغة العربية في المدرسة العليا للغات الاجنبية. كما حصل على درجة أستاذ مساعد عام 1996 ودرجة أستاذ فقد حصل عليها عام 2002.
ومن أهم خصائص شخصيته التي تجدر الإشارة إليها، تواضعه الذي يشهد به القاصي والداني، وكذلك تفسيره أشعار كبار الشعراء العرب، حيث إنه يوضح أكثر الابيات تعقيدا، ببيان سلس، وجميل، وينقدها نقداً منطقيا لا نظير له، يسحر السامع بكلماته العذبة.
وبشكل عام، فهو شاعر من الطراز الاول، ومتقد القريحة، يهب شعره كالنسيم العليل فينعش الجسد، ويبهر الروح بعذوبته، ولطافته. وهو ناقد دقيق يجذب الذهن، لآرائه ببحوثه المتكاملة التي تكون حجة، وعبرة. وهو مترجم بارع، ينطبق عليه لقب شيخ المترجمين لرصانة تعابيره، وتطابقها.
شعره
أي قارئ يتصفح ديوان هذا الشاعر الكبير، فإنه دون شك سوف يدرك أنه قد أنشد شعراً في مختلف الاغراض الشعرية، لذلك نجد ديوانه يتناول مواضيع متنوعة مثل: المديح، والرثاء، والوصف، والحكمة، وما إلي ذلك من أغراض شعرية. كذلك نلاحظ تأثير القرآن، والدين، والبيئة التي يعيش فيها علي قصائده. وفي الواقع يمكن القول إن نظام شاعر قد استنشق عبق علوم الدين، وروعة الادب من بيئته.
الشاعر في قصيدته "قضية فلسطين، قضية المسلمين" يدعو الامم لرص الصفوف، والاتحاد لأنها طريق النصر الوحيد، إن أرادوا ذلك، فيقول:
يا سادتي يا أمتي عودوا إلى واستيقظوا ودعوا التخاذل والخنا
مستعصمين بحبل الله حولهم حبل الإله ودافعوا بالمنكب
فالفجر يشرق من عيون الغيهب أبناء شعب كريم الأصل والشيم
فالشاعر نادر نظام، كأي مسلم آخر، يؤرقه ما حل بفلسطين، باعتبارها مصيبة القرن العشرين ولايسكت عما وقع من ظلم، واضطهاد في هذا البلد المسلم، وهو ليس كعبيد الدينار والدرهم من بعض العرب الذين لاهم لهم سوى بطونهم.
فهو لا يرى أن قضية فلسطين قضية عربية، بل يعتبرها قضية دينية، ويدعو مخاطبيه الى التوحد، ورص الصفوف. فيعلن اعتراضه على تلك البلدان التي تعتبر هذه القضية كسائر القضايا الجغرافية، المحدودة بمنطقة الشرق الاوسط:
ليست قضيتنا قضية يعرب ليست قضيتنا قضية أجنبي
إن القضية سادتي أدهي وأعـ ـظم من شعار في مسيرة موكب
يا مسلمون توحدوا فالشر كل الشر يكمن في شتات المآرب
ومن أشهر أشعاره عن الموت تحت عنوان "شعاع"
لازلت أبحث في اضطراب النفس عن أسرار ذاتي
ألقى وجودي في غموض من ظنون الغائبات
ما واقعي؟ ما بعد يومي؟ ما بقايا الذكريات؟
جسمي يذوب ووعي فكري يعتلي فوق الرفات
فإلى متى أبقى حبيساً بإنتظار يد الممات
أ إلى الفناء يؤول عقلي في تراب الكائنات
أنا لا أصدق ذاتي أن تستحيل إلى شتات
إني سأبقى خالداً كخلود سحر الأمسيات
في مُدلهمّ الموت أبرق كالنجوم اللامعات
وأطوف كالملك المجنح في طيوف الامنيات
أنا لن أخاف الموت يوماً فهو جزء من حياتي
فلترقصي يانفس دوماً في ربوع زاهرات
ولتهزجي نغم السلام لكل منجاب وآت
فأنا شعاع سابح في كائنات زائلات
أبرز مؤلفاته
1ـ نصوص من النظم والنثر في العصر الجاهلي، بالتعاون مع الدكتور سعيد واعظ، منشورات جامعة العلامة الطباطبائي، 1993.
2ـ العروض العربي، منشورات جامعة العلامة الطباطبائي، 1990.
3ـ العروض العربي وتطوره، منشورات جامعة العلامة الطباطبائي.
4ـ نصوص من النظم والنثر في العصر الحديث، بالتعاون مع الدكتور سعيد واعظ، منشورات جامعة العلامة الطباطبائي، 1992.
5ـ نصوص من النظم والنثر منذ صدر الاسلام حتى سقوط بغداد، بالتعاون مع الدكتور سعيد واعظ، منشورات جامعة العلامة الطباطبائي، 1999.
6ـ نصوص من النظم والنثر في عصر الانحطاط، منشورات جامعة العلامة الطباطبائي، 2000.
7ـ تأريخ الادب في عصر الانحطاط، منشورات فرهيخته، 2001.
8ـ المختصر في تأريخ الادب الفارسي، منشورات جامعة العلامة الطباطبائي،2004.
9ـ النقد عرض وتحليل، منشورات كلية الاداب في جامعة العلامة الطباطبائي.
10ـ اللحن الخالد (ديوان شعري)، مطبعة كرم، دمشق، 1962م.
11ـ نفحات شعرية (ديوان شعر)، منشورات فرهنك منهاج.
12ـ قاموس نادر (أربعة مجلدات)، فارسي ـ عربي، منشورات جامعة العلامة الطباطبائي.
أبرز مقالاته
1- ابن الفارض والخمرة الروحية، مجلة العلوم الإنسانية (وزارة التعليم العالي)، 1991. ، الأعداد 1و 2
2- الشيخ طاهر الجزائري، لغة وأدب، فصلية كلية الأدب الفارسي واللغات الأجنبية في جامعة العلامة الطباطبائي، السنة الأولى، العدد 1، ربيع 1996.
3- روّاد غزل المجون القصصي في الشعر العربي، مجلة البحوث العلمية بكلية الآداب، جامعة طهران، العدد 155 ، الدورة 3، خريف 2000.
4- اللغة العربية وظاهرة السجع في الجاهلية والإسلام، منشور خاص بكلية اللغات الأجنبية في جامعة تربيت معلم، السنة التاسعة، العدد 33 ، شتاء 2001.
5- تأريخ الأدب الفارسي، الموسوعة الأدبية بدمشق، 1996 م.