۲۸۷۰مشاهدات
رمز الخبر: ۴۱۳۹۶
تأريخ النشر: 23 May 2019

شبکة تابناک الاخبارية نقلا عن شفقنا: إذا كانت الحرب الكلامية الحالية بين الولايات المتحدة وإيران تبدو وكأنَّها قديمة وتعود لعام 2017، فذلك يُعزى إلى أنَّ الولايات المتحدة تستخدم استراتيجية قديمة في التعامل مع إيران.

إذ تستخدم إدارة ترامب مع إيران قواعدَ اللعب التي استخدمتها مع كوريا الشمالية، بحسب ما ورد في تقرير لشبكة CNN الأمريكية.

التعامل مع إيران بناء على تجربة كوريا

المشكلة أن ترامب يعيد استخدام نفس الاستراتيجية باعتبارها قد نجحت مع كوريا، متغاضياً عن المخاطر التي واجهت هذه الاستراتيجية، ودون فحص حقيقي إذا كانت هذه الاستراتيجية قد نجحت أصلاً مع بيونغ يانغ.

وتم استخدام نفس الاصطلاحات التي استُخدمت مع طهران مع بيونغ يانغ من قبل مثل- حملة «الضغط الأقصى» – لتضييق الخناق على الخصم، ثم حاوِل التفاوض. استجب لأي تهديد بتصعيد تهديدك الخاص، ثم تفاوض لتخفيف التوترات وتحقيق النصر.

إنذار «النار والغضب» كاد يورط أمريكا بحرب نووية

في حالة كوريا الشمالية، كان إنذار «النار والغضب» سيئ السمعة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو ما أثار التوترات الأكبر: «من الأفضل لكوريا الشمالية ألَّا تهدد أمريكا، لأنَّهم سيواجهون ناراً وغضباً لم يشهد العالم مثلهما من قبل»، وكان يهدد بشدة وهو في حالة غير عادية.

وجاء التهديد الموجَّه إلى إيران في صورة تغريدة نُشرت الأحد الماضي: «إذا أرادت إيران القتال فستكون النهاية الرسمية لها، لا تهدِّدوا الولايات المتحدة مرةً أخرى أبداً».

وفي حديثه إلى شبكة CNN، قال فان جاكسون، المسؤول السابق في وزارة الدفاع في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، ومؤلف كتاب On the Brink: Trump, Kim, and the threat of Nuclear War، إنَّ ترامب «خاض مقامرةً بتوجيه تهديداتٍ إلى كوريا الشمالية، ولم يدفع أي ثمن مقابل هذا حتى الآن، ولذا يظن الآن أنَّه مقامر جيد».

وأضاف جاكسون: «ليست لدى ترامب فكرة عن أنَّ الأزمة النووية مع كوريا الشمالية كانت أقرب مرة أوشكت فيها الولايات المتحدة على خوض حربٍ نووية منذ عام 1962. يقوده ذلك الجهل إلى تكرار نفس الأخطاء المتهورة، التي أوشكت على أن تتسبب في كارثةٍ عام 2017».

إنجاز على مستوى الكلام فقط

أبدت لهجة ترامب أمام الكاميرات رغبةً أقل في القتال خلال مقابلةٍ مع قناة Fox News بُثت الأحد.

فقد قال عن إيران: «أريد ألا يمتلكوا أسلحةً نووية فحسب، ولا يمكنهم تهديدنا».

وأضاف: «مع كل ما يحدث، فلستُ الشخص الذي يريد خوض حرب؛ لأنَّ الحرب تضر الاقتصادات، والأهم من ذلك أنَّها تقتل الناس، وهو الشيء الأهم على الإطلاق».

لكنَّ المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية آية الله علي خامنئي نفى أكثر من مرة اتجاه إيران لتصنيع قنبلةٍ، وقال إنَّ أسلحة الدمار الشامل محرمة في الإسلام.

وإجابةً على نفس السؤال، أشار ترامب إلى قضية كوريا الشمالية باعتبارها نصراً دبلوماسياً.

قال ترامب: «عندما ذهبتُ إلى كوريا الشمالية، كانت هناك اختبارات نووية في كل وقت، وكانت هناك صواريخ تُطلق على الدوام، وكنا نواجه أوقاتاً صعبة حقاً، ثم توافقنا. سوف نرى ما يحدث الآن».

وأضاف: «في الوقت الحالي، لا أعتقد أنِّي أخبرته عندما غادرتُ فيتنام حيث عقدنا القمة، قلتُ إلى الرئيس كيم، وأعتقد أنَّ الأمر مهم للغاية، إنَّه ليس مستعداً لعقد صفقة، لأنَّه أراد التخلص من موقع أو موقعين، لكنَّه يملك خمسة مواقع. فقلت له، ماذا عن الثلاثة الأخرى؟ ذلك ليس جيداً، (إذا) كنا سنعقد صفقة، لنعقد صفقة حقيقية، لكنَّهم لم يجروا أي اختبارات خلال العامين الأخيرين».

تكمن المشكلة في أنَّ الحكم لم يصدر بعد حول ما إذا كانت استراتيجية ترامب تجاه كوريا الشمالية ستؤتي ثمارَها أم لا، وفي الوقت الحالي لا تبدو استراتيجيةً جيدة.

إذ قال فيبين نارانغ، الأستاذ في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وخبير الانتشار النووي: «يبدو واضحاً تماماً أنَّ استراتيجية الرئيس هي تكثيف الضغط على إيران، لإجبارها على التفاوض حول خطة العمل الشاملة المشتركة (المعروفة بالاتفاق النووي)، التي يعتقد أنَّها كانت معيبة، لأنَّها سمحت لإيران بامتلاك سياسة خارجية (عدائية إقليمياً بكل وضوح) وبعض بقايا القدرة الدفاعية (مثل الصواريخ)، وبسبب البنود المؤقتة لحدود التخصيب».

انسحب ترامب رسمياً من الاتفاق، في مايو/أيار 2018، مما أثار استياء إيران والموقعين على الاتفاقية من الدول الأوروبية.

وأضاف نارانغ: «من الخطر استخدام نفس اللعبة مع إيران بناءً على اعتقادٍ خاطئ بأنَّها نجحت مع كوريا الشمالية، في الوقت الذي تبدو فيه الأدلة مختلطةً بكل تأكيد، إذا لم تكن متناقضةً تماماً».

هل نجحت هذه الاستراتيجية مع كوريا؟

غادر الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وترامب قمَّتهما المُنعقدة في فبراير/شباط، في العاصمة الفيتنامية هانوي، من دون التوصل إلى اتفاق، وكانا مختلفين تماماً بكل وضوح حول البنود المطلوبة لإتمام أي اتفاق.

ضغط ترامب من أجل التوصل إلى اتفاقيةٍ مع كيم تكون شاملةً تماماً بالنسبة للطرفين، إذ تفكك بموجبها كوريا الشمالية ترسانتها النووية وبرامج الصواريخ الباليستية الخاصة بها كلها، مقابل رفع جميع العقوبات.

وأوضح كيم أنَّه ليس سعيداً بالطريقة التي مضت بها المفاوضات، نظراً إلى أنَّه فشل هو وترامب في التوصل إلى اتفاقية في هانوي. ففي خطابٍ إلى حزب العمال الحاكم في كوريا الشمالية خلال الشهر الماضي، قال كيم إنَّه سينتظر حتى نهاية العام الحالي «ليرى إذا كانت الولايات المتحدة ستتخذ قراراً شجاعاً أم لا».

ها هي تواصل إطلاق الصواريخ قصيرة المدى

وقال جاكسون: «الادعاء بتحقيق نصرٍ على كوريا الشمالية حينما تكون النتيجة غير ذلك يُعتبر شيئاً خطيراً من ناحيتين: مع كوريا الشمالية، نظراً إلى أنَّ كيم سوف يواصل على الأرجح انتهاجه تدريجياً للسلوك التصعيدي الذي ستجده الولايات المتحدة استفزازياً، ومع إيران، لأنَّ ترامب يبدو متشبعاً بروايته البعيدة عن الواقع، والمتعلقة بالسحر الذي نجح مع كوريا الشمالية».

ما يثير استياء كثيرين في واشنطن أنَّ بيونغ يانغ واصلت اختبارات إطلاق صواريخها الباليستية قصيرة المدى، التي يمكنها أن تحمل رؤوساً نووية. وافق كيم فقط على إيقاف اختبارات الصواريخ طويلة المدى التي تهدد الأراضي الأمريكية، لكنَّ الصواريخ قصيرة المدى تهدد نظرياً جيران كوريا الشمالية والقوات الأمريكية المتمركزة هناك.

التعامل مع إيران

وقال ترامب بعد الاختبار إنَّه لا يعتقد أن كوريا الشمالية كانت «مستعدة للتفاوض».

ألمحت بيونغ يانغ إلى أنَّها كانت تتطلع إلى عمليةٍ تتم خطوةً بخطوة على مراحل، كي تبني الثقة بين الجانبين، وينتاب القلق واشنطن من أنَّ هذا النهج يمكن أن تستغله كوريا الشمالية بكل سهولة.

وتكمن المفارقة في أنَّ كوريا الشمالية سوف تتخلص على الأرجح من برنامجها النووي إذا كانت تتمتع بعلاقةٍ تتسم بالاستقرار والثقة مع الولايات المتحدة، والولايات المتحدة سوف تُنشِئ علاقة طبيعية مع كوريا الشمالية إذا تخلَّت الأخيرة عن برنامج أسلحتها النووية.

فمن يكون صاحب الخطوة الأولى؟

وما فعله ترامب مع إيران وضعه بموقف صعب مع كوريا

لعل ترامب لا يملك الوقت الكافي لبناء تلك الثقة، وانسحابه من الاتفاق النووي الإيراني -بالرغم من الحقيقة التي تقول إن َّالوكالة الدولية للطاقة الذرية وجدت أنَّ طهران تمتثل لبنود الاتفاقية- تضعه في موقفٍ تفاوضي أصعب.

جادل أنصار ترامب بأنَّ الانسحاب من الاتفاق الإيراني يمكن أن يرسل رسالةً واضحة إلى كيم جونغ أون، حول نوعية الاتفاقات التي يمكن أن ترغب إدارة ترامب في التفاوض عليها.

فالحب بينه وبين صديقه كيم غير كاف الآن

لكنَّ نقّاده يقولون إن انسحابه منها أثبت لبيونغ يانغ وطهران وأي طرف عازم على التفاوض مع الولايات المتحدة، أنَّ أي اتفاقية لن تدوم إلا إذا كان الرئيس هو الذي وقَّعها.

يشكل ذلك عائقاً لأي رئيسٍ يروج لقوة العلاقات الشخصية في التوصل إلى الاتفاقيات، وهو ما وصل إلى حدِّ قوله إنَّه «وقع في حب» كيم.

ربما لا يتقيد الحب بحدودٍ زمنية، غير أنَّ ترامب يتقيَّد بهذه الحدود حقاً، حدود مدة منصبه.

رایکم