۹۸۹مشاهدات
رمز الخبر: ۴۴۹۴۰
تأريخ النشر: 11 April 2020

حين سئل "جون وودن" مدرب كرة السلة الاميركي الشهير عن الفشل، اجاب (يمكنك ارتكاب الاخطاء لكنك لن تكون فاشلا الا عندما تبدأ بلوم الاخرين على تلك الاخطاء). يبدو ان الرئيس الاميركي دونالد ترامب مصر على تطبيق ما حذر منه "وودن" فيما يخص مواجهة فيروس كورونا.

ترامب يصوب نيرانه هذه الايام على منظمة الصحة العالمية والصين، محملا اياهما مسؤولية تفشي فيروس كورونا وانتشاره بشكل كبير داخل الولايات المتحدة. ترامب اعتبر ان المعلومات والتقييمات التي اعطتها منظمة الصحة لم تكن دقيقة وسمحت بانتشار الفيروس حول العالم. كما اتهم الصين بتعمد نشر الفيروس في العالم. هجوم لاقى استنكارا من منظمة الصحة العالمية التي دعت ترامب لعدم تسييس كورونا واعتبر مديرها "تيدروس ادهانوم" انه على ترامب ان يقود عملية مكافحة الفيروس اذا كان هو الاقوى كما يدعي.

لكن ترامب ليس الاقوى فيما يخص مواجهة كورونا. فهو يتخبط في الكثير من الاخفاقات والضياع على المستوى الاداري والصحي. وكما يقول الفيلسوف البريطاني "برتراند راسل" انه في زمن التحديات الجدية فإن "البحث عن عدو نلقي عليه اللوم في كل مصيبة هو دافع طبيعي". وهكذا وجد ترامب (الخائف على مستقبله السياسي لاسيما في انتخابات تشرين الثاني-نوفمبر) انه لا بد من توجيه اللوم لمنظمة الصحة العالمية والصين. خطوة اثارت انتقادات واستهزاء حتى عند الاعلام الاميركي. " بيتر بيكر"الصحفي في "نيويورك تايمز" علق على هجوم ترامب هذا بان الرئيس الاميركي وجد شريرا جديدا يحمله مسؤولية فيروس كورونا. فيما علق "جون كينغ" من شبكة " سي ان ان" با ترامب كان يبحث عن كبش فداء في قضية كورونا.

لكن اذا ما اجرينا قليلا من البحث فان الامور ستذهب في اتجاه مختلف عما يريده ترامب من خلال توجيه اصابع الاتهام واللوم الى الصين ومنظمة الصحة العالمية.

في شباط فبراير الماضي واثناء زيارته الى الهند قال ترامب للصحفيين ان فيروس كورونا تحت السيطرة وان الصين (التي يهاجمها الان) تقوم بكل شيء لاحتواء الفيروس. ومع انتشار الفيروس بقوة داخل الولاات المتحدة بدات تظهر الثغرات القاتلة في النظام الصحي والاداري والمالي الخاص بمكافحة الاوبئة. ليخرج ترامب ملقيا اللوم حينها على ادارة سلفه باراك اوباما وبعده على الصين ومنظمة الصحة.

غير ان الارقام والاحصاءات والمعلومات تثبت ان ادارة ترامب كانت في عالم اخر حين كانت التحذيرات تتوالى من خلل في مواجهة وباء عالمي.

= في العام 2017 نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا كان عنوانه كافيا لفهم ما يحصل وهو "ادارة ترامب غير مهيئة لمواجهة وباء عالمي".

= تقرير للاستخبارات الاميركية في كانون الثاني-يناير الماضي حذرت ادارة ترامب من تفشي فيروس كورونا في الولايات المتحدة. وزير الصحة الذي تلقى التقرير لم يستطع لقاء ترامب الا بعد ايام وابلغه بفحوى تحذيرات الاستخبارات. ما فعله الرئيس الاميركي هو انه ذهب في اليوم التالي للعب الغولف. (تقارير تقول انه بين منتصف كانون الثاني-يناير ومنتصف اذار-مارس لعب ترامب الغولف 6 مرات في منتجعاته السياحية بينما كان كورونا يتفشى بين الاميركيين)

= في نيسان-ابريل الحالي وقبل ايام فقط اصدر المحقق العام في وزارة الصحة الاميركي تقريرا يكشف ان تحقيقات واستقصاءات اجريت على اكثر من 300 مستشفى في الولايات المتحدة سجلت شكوى لدى جميع هذه المستشفيات من نقص في معدات الفحوص الخاصة بفيروس كورونا. جاء ذلك ليكذب كلام ترامب عن اجراء اكثر من مليون وثمانمئة الف فحص لكورونا حتى الان.

كل ذلك يترافق مع سياسة عدائية اعتمدها ترامب تجاه المؤسسات الصحية والطبية والعلمية في البلاد.

= فهو قام باغلاق "وحدة الأمن الصحي العالمي" التابعة لمجلس الأمن القومي. = كما انهى عمل "صندوق الأزمات المعقدة" الذي تبلغ قيمته 30 مليون دولار.

= ترامب ايضا قام بتخفيض الإنفاق الصحي الوطني بمقدار 15 مليار دولار.

= تمكن "مركز السيطرة على الأمراض" من تجهيز 3 فقط من بين 100 مختبر للصحة العامة لفحص فيروس كورونا. والسبب نفاد قسم الخدمات الصحية والبشرية من الأموال لتمويل عملية الاستجابة لتفشي الفيروس.

= في العام 2018 خفض المركز 80٪ من نشاطاته بسبب نقص التمويل. وحدد عمله في 10 دول فقط بعد ان كان يشمل 49 دولة.

كل ذلك يكشف من المسؤول عن الكارثة التي تواجهها الولايات المتحدة والتي يمكن اختصارها بمشهد الممرضات الاميركيات اللواتي ظهرن في الفيديو وهن يرتدين اكياس النفايات بسبب نقص الامدادات الطبية ليعلن لاحقا عن اصابتهن بفيروس كورونا. قد يكون هناك تقصير او ثغرات في عمل منظمة الصحة العالمية مع وباء استطاع شل معظم دول العالم. لكن الازمة والفشل الكبيرين في التعاطي مع الفيروس في الولايات المتحدة لا يمكن تحميل مسؤوليتهما الا للرجل الذي تبجح دائما بان "اميركا اولا" وبان كل شيء على ما يرام. ليجد نفسه في النهاية ترجمة فعلية لقول الكاتب الروسي الكبير "ليو تولستوي".. الإمرأة القبيحة تلقي اللوم على المِرآة.

رایکم