۶۸۶مشاهدات
رمز الخبر: ۴۸۲۴۲
تأريخ النشر: 06 December 2020

منذ سنوات وفي ظل الحكومات التي ترأسها رئيس الوزراء في الكيان الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، انقلب هذا الكيان على السياسة المبنية على العمل بصمت وسرية وعدم تبني مسؤولية اي عمل مهما كانت طبيعته، كجرائم الاغتيال، او الاتصال مع زعماء الدول العربية من اجل التطبيع معها، حيث بات الضجيج والتبجح العنوان الابرز لسياسة نتنياهو.

لم يتعال الضجيج الاسرائيلي كما تعالى بعد جريمة اغتيال الشهيد محسن فخري زادة، حيث كانت تلميحات المسؤولين الصهاينة وعلى راسهم نتنياهو ورئيس جهاز الموساد ايلي كوهين، اكثر وضوحا من الاعتراف الصريح بوقوف الكيان الاسرائيلي وراء جريمة الاغتيال، حتى وصل التبجح الاسرائيلي حدا، ان "نقلت" صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية عما اعتبرتهم مصادر أمنية إسرائيلية، أن الموساد تمكن من زرع عميل له، منذ عام 1993 تمكن من التقرب من الشهيد فخري زادة، واستطاع تسجيل صوته وهو يتحدث عن المشروع النووي العسكري الإيراني!

هذه الرواية الجيمس بوندية، تناقلتها وسائل الاعلام العربية وعلى راسها السعودية "كقناتي "العربية والحدث" وزميلتهما الامارتية "سكاي نيوز- عربي" ، كإنجاز خارق لصاحبهم نتنياهو ورفيقه ايلي كوهن، ولكن فاتهم ان كذبة مثل هذه لا يمكن ان تنطلي على المخاطب الذي يمتلك الحد الادنى من القدرة على التحليل السياسي، فكيف يمكن للموساد ان يزرع جاسوسا يتقرب من الشهيد فخري زادة على مدى 27 عاما دون ان تكشفه ايران؟، وكيف تضحي "اسرائيل" بعميل بهذه الاهمية، تمكن من اختراق كل المنظومة الامنية الايرانية، بهذه الطريقة عبر الكشف عنه وحرق اوراقة؟، ثالثا واخيرا ، لماذا بات الموساد يكشف بهذه الطريقة عن عمله وعن جواسيسه؟.

من الواضح ان نتنياهو بات يبحث عن انتصارات، حتى لو كانت وهمية، بعد هزائمه وهزائم سيده ترامب، في فلسطين والعراق واليمن وسورية ولبنان وافغانستان وكل المنطقة، امام محور المقاومة. في العراق تعد القوات الامريكية الايام للخروج منه كما من افغانستان، ولم تدخل مرتزقتهم صنعاء وبات العمق السعودي هدفا للقوة الصاروخية اليمنية، ولم تسقط سورية وبات الارهاب الامريكي محصورا في جيب صغير سيتم تطهيره عاجلا ام اجلا، ولم تستسلم غزة التي فرضت على العدو الاسرائيلي معادلة الردع، وبقيت المقاومة في لبنان سيفا مسلطا على "اسرائيل" التي باتت تحسب الف حساب قبل طلاق رصاصة واحدة صوب لبنان، وقبل كل هذا وذاك لم يتمكن المجنون ترامب بكل ارهابه الاقتصادي، ولا عنتريات نتنياهو وكوهن، من تركيع ايران، ولم يتبق الا اسابيع قليلة ليخرج ترامب من البيت الابيض غير مأسوف عليه، ويحمل في قلبه حسرة اتصال هاتفي من ايران.

يعتقد نتنياهو ورفيقه كوهن، من كل هذا الضجيج الفارغ، انهما سيزرعان الشك والريبة في داخل المنظمة الامنية الايرانية، عبر الايحاء على قدرتهما على زرع جواسيس بين العلماء الايرانيين، وهو ما سيردع بالتالي هؤلاء العلماء عن القيام بنشاطهم العلمي، ولكن ما حدث بعد ساعات من جريمة الاغتيال الجبانة، جاء كصفعة مدوية على وجه الثنائي نتنياهو وكوهن، وذلك عندما صادق البرلمان الايراني على "المبادرة الإستراتيجية لرفع الحظر وحماية مصالح الشعب الإيراني، والزم الحكومة بالعمل على تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 بالمائة وان تضع منظمة الطاقة الذرية الايرانية في جدول اعمالها استخدام اجهزة الطرد المركزي من الجيلين 6 و 8 وكذلك انشاء مفاعل للماء الثقيل مماثل لمفاعل اراك السابق وبناء مصنع لتخصيب اليورانيوم الفلزي.

ضجيج جهاز الموساد الاسرائيلي في زمن نتنياهو، لم يختص بإيران فقط، بل اصبح سمة مميزة لعمله حتى وهو يحاول بناء علاقات سرية مع بعض الدول العربية الرجعية وعلى راسها السعودية، فلم تمر سوى ساعات على لقاء نتنياهو بولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مدينة نيوم السعودية، حتى تم تسريب خبر اللقاء الى الصحافة ، كما كشف نتنياهو شخصيا عن اللقاء، وهو ما اغضب ابن سلمان، الذي رفض بالمقابل استقبال وفد "امني اسرئيلي" برئاسة رئيس الموساد ايلي كوهين كان من المقرر ان يزور السعودية.

ان الضجيح العالي للموساد، يخفي وراءه عجزا واضحا وضعفا عن مجارات محور المقاومة، الذي بات يطبق على الكيان الاسرائيلي ويحاصره من كل الجهات، كما يكشف عن عجز اكبر يعيشه نتنياهو المطارد من قبل المحاكم لفساده، والعاجز عن تشكيل حكومة، للمرة الثالثة على التوالي، فلم يجد الا الضجيج واختلاق قصص واهية، والظهور بمظهر من اذل عرب الرجعية مثل ال سعود وال زايد وال خليفة، وجعلهم يلهثون للتطبيع معه، عسى ان يغطي عن عجزه وضعفه.

رایکم