۳۳۸مشاهدات
رمز الخبر: ۵۰۶۶۲
تأريخ النشر: 14 April 2021

كتب إحسان کیاني الخبير في الشؤون السیاسیة في مقال نشر له علی موقع "مرکز تببین للدراسات" عن دور روسیا فی العام الإیراني المنصرم، حیث اتخذت موسکو نهجاً أکثر فعالية تجاه الملفات المحیطة بها، لا سیما نراع ناغورنو کاراخ والملفات البعیدة عنها کالازمة السوریة والصراع في لیبیا. کما أشار إلی التعاون الصیني وتعزيز العلاقات الثنائية مع الصين كعضوين دائمين في مجلس الأمن؛ حیث اتخذ بعداً آخر لسياسة موسكو الخارجية العام المنصرم الإیراني، والانتخابات الأمریکیة وتداخلها فیها بحسب مزاعم الإدارة الأمریکیة وقضیة "نافلیتي" لإیجاد ملفات ما يسمى بقضايا حقوق الإنسان في روسيا وانشغال روسیا بقضایا داخلیة بحتة.

خلص الكاتب إلى استنتاجٍ حول سجل روسيا في مجال حقوق الإنسان والبرنامج الإقليمي في أوروبا الشرقية، بما في ذلك الأزمة الأوكرانية، معتبرا إياها من بين القضايا التي تشكل سياسات الولايات المتحدة العدوانية ضد روسيا، فيما تردّ روسيا علیها من خلال توسيع برنامجها الصاروخي وعمقها الاستراتيجي في المنطقة وفي الوقت نفسه، تكثیف تعاونها مع الصين.

الترجمة الكاملة للمقال:

اتخذت موسكو نهجًا أكثر فعالية منذ عام 2020، وحاولت في المناطق المحيطة (بيلاروسيا وناغورنو كاراباخ) والمناطق البعیدة عنها (سوريا وليبيا) توسيع عمقها الاستراتيجي، بالإضافة إلى ذلك، كانت لديها خلافات وتوترات مع الغرب. فی حین أن روسيا، وبسبب تفوقها العسكري والسياسي، تعتبر قوة مهمة في منطقة آسيا وأوروبا الشرقية. إلا أنها قد تأثرت في العام المنصرم بشكل خاص، بتداعیات جائحة كورونا، ولا سیما في البعد الاقتصادي منها.

إن هبوط أسعار النفط قد أدی إلی بروز مشكلة خطيرة للاقتصاد الريعي في روسيا، فقد سعت روسيا إلى توسيع نفوذها الإقليمي علی صعید أربعة مجالات دبلوماسیة. حيث عملت روسیا، بخصوص ملفات المناطق المحیطة بها (بيلاروسيا وناغورنو كاراباخ)، وللمحافظة علی حلفائها، وحاولت تحذريهم بأن التطلع إلی الغرب لم يجلب لهم أي شيء ولم یکن في مصلحتهم. من جانب آخر وقفت روسيا في ملفات أخرى (سوريا وليبيا)، في وجه الولايات المتحدة وأوروبا وتركيا، بطریقة ما، وبينما كانت في إحدى الملفات إلى جانب الحكومة القائمة، وقفت في الأخرى ضدها.

على الصعيد الدولي، كانت هناك تقلبات مع الغرب، بما فی ذلك إلقاء التهم علیها لتدخلها في عملیة الانتخابات الأمريكية والخلافات مع بعض الحكومات الأوروبية علی صعید قضايا حقوق الإنسان، ولاسیما في قضية "نافالني".

بیلاروسیا:

واجه إعلان فوز "ألكساندر لوكاشينكو" في الانتخابات الرئاسية البيلاروسية في أغسطس 2020 موجة من الاحتجاجات الشعبیة؛ علی أثر شکوك بوجود عملیة التزوير في الانتخابات. سبقت أن توترت علاقات روسيا مع بيلاروسيا قبل فترة قصیرة من الانتخابات، بسبب وجود خلافات حول سعر صادرات النفط الروسي إلى مينسك وتصاعدت وتیرة الخلافات مع قيام الحكومة البيلاروسية باعتقال 30 عضوًا في شركة أمنية روسية خاصة تسمى "فاجنر"، والتي ادعی لوكاشينكو أنها كانت تنوي التدخل في الانتخابات.

وکان قد خضع لوكاشينكو لعقوبات الاتحاد الأوروبي منذ عام 2004 لأسباب تتعلق بحقوق الإنسان؛ لکن منذ عام 2013، سعى إلى تحسين العلاقات مع الغرب، مما أدى إلى رفع العقوبات المالية على الاتحاد الأوروبي عام 2016 وإعادة فتح السفارة الأمريكية في البلاد عام 2019. مع ذلك، فإن مزاعم التزوير الانتخابي واستمرار الاحتجاجات الشعبیة وضعت الاتحاد الأوروبي فی مواجهة لوكاشينكو مرة أخرى.

وکانت قد هنأت موسكو لوكاشينكو بفوزه في الساعات الأولى، لكنها لم تتخذ موقفاً مع أو ضد خصومه. وربما لأنها كانت تحتمل انتهاء النزاع من دون التدخل الغربي، ولا سیما أن فصائل لوكاشينكو المعارضة لم تكن بالضرورة مؤيدة للغرب ومناهضة لموسكو، ولم ترَ روسيا أي سبب لتصبح حكومة منبوذة في نظر المحتجين.

یبدو أن بیلاروسیا بالإضافة إلى أهميتها السياسية، لدیها أهمية اقتصادية كبيرة بالنسبة لروسيا؛ لأنها تستخدم من قبلها للالتفاف على بعض العقوبات الغربية. كذلك تستطیع روسیا من خلال الاستثمار في قطاع النفط والغاز في بیلاروسیا، اکتساب الکثیر من رافعات الضغوط ضد النفوذ الأوروبي.

وأخيرًا، أعطت الحکومة الروسیة ضمانات للحكومة البيلاروسية علی أنها ستوفر الأمن على حدودها، وتقدم بعض التوصیات للمساعدة لتعويض عجز میزانیة الحکومة. وقال لافروف أيضا أن حکومته ترحب بالنهج الداخلي وليس الفرض الخارجي للقیام بالحوار بين المعارضة والحكومة.

كاراباخ

أدت أزمة ناغورنو كاراباخ مرة أخرى في شهر اوکتوربر 2020، إلى نزاع عسكري بين أذربيجان وأرمينيا، وهذه المرة تمكنت القوات العسكرية في باكو، بدعم من أنقرة، من تحرير أجزاء مهمة منها.

موسكو، التي تعتبر لیرفان من الحلفاء التقلیدین ؛ وبعد أن أبدت عن تحملها قليلاً، وبعد سلسلة من الهزائم التي لحقت بالقوات الأرمينية، تدخلت ولعبت دورًا وسیطاً علی صعید وضع خطة تؤکد من خلالها علی تواجد القوات الروسية في ميدان النزاع كقوات حفظ السلام.

نظرا إلی أن روسیا تعتبر نفسها وريثة الاتحاد السوفيتي، لم تکن ترغب من خلال الانحياز إلى إحدى الجمهوريتين المتبقيتين في الحكومة السابقة، تقويض هيمنتها الإقليمية داخل القوقاز. في الوقت نفسه، وبسبب النهج الغربي لباشيني منذ عام 2018، حیث ظهر فی تشكيل حكومته ودعوة "دارون أجام أغلو" الخبير الأمريكي المعروف، لتنظيم الشؤون الاقتصادية؛ "للانضمام إليها، سببت بإبعاد روسيا عنه.

موسكو، التي سبقت أن وافقت على حل القضية في إطار مجموعة مينسك أثناء القرارات السابقة لمجلس الأمن، دخلت الآن في عملية توسيع عمقها الاستراتيجي علی صعید البعد الجيوسياسي للقوقاز، مستقلة عن الغرب وحتی في معارضتها الجزئية لمجموعة مينسك، کان لدیها تناغم نسبي مع تركيا.

لذلك تدخلت روسیا في حالة أرمينيا، كما في قضیة بيلاروسيا، بعد فترة من النزاع، حتى یدرك الحليفان بأن روسيا في نهاية المطاف هي دعیمتهما الرئيسية ولم يكن الغرب سند قوي لهم.

سوریا
دعمت موسكو الحكومة السوریة القائمة ونظام الرئيس بشار الأسد منذ دخولها العسکري الأزمة السورية في عام 2015. وکان توسع موقعها في البحر المتوسط والوصول إلى المياه المفتوحة، فضلاً عن منع انتشار حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، من أهم الأسباب الاقتصادیة والسیاسیة لدخول روسیا في الأزمة السوریة.

لم تساعد روسيا الجيش السوري عسكريًا، على فرض هیمنته علی الأراضي السوریة فحسب، بل من خلال الاتصال ببعض الکتل السياسية المعارضة للحکومة السوریة، سعت أيضًا إلى إظهار البُعد الدبلوماسي الاقوی لها في المنطقة. وكان من أهم مظاهر هذه المبادرات عقد اجتماعات اللجنة الدستورية بدعم من موسكو في صيف عام 2020. واستمرار محادثات أستانا علی مدار العام، حیث عُقد آخر اجتماع لها في شباط 2019، وکان هذا مظهر آخر من مظاهر الجهود الدبلوماسية الروسية لإدارة الأزمة السورية.

في الوقت نفسه، ساد الهدوء النسبي علی الأرض، بعد عملية ما یسمی بـ"سحر إدلب" في شتاء عام 2019، والتي أدت إلى تحرير أجزاء من هذه المحافظة المهمة، وباستثناء بعض الاشتباكات المتفرقة بين بعض الروس والقوات التركية وبعض الهجمات الانتحارية على قوافل روسية، لم يُلاحَظ وقوع أي نزاع خطير في سوریا.

لیبیا

تشهد ليبيا حربا أهلية دامية منذ سقوط معمر القذافي، ومنذ عام 2014 وقف الخليفة حفتر، أحد القادة العسكريين للجيش، في وجه الحكومة القائمة برئاسة فيصل السراج، وفي عام 2019، احتل أجزاء مهمة من المناطق الغنية بالنفط في جنوب ليبيا.

دعمت تركيا وقطر حكومة سراج ذات الميول الإخوانية، بينما دعمت مصر والسعودية والإمارات الخلیفة حفتر.

کان لروسیا من وراء تدخلها فی لیبیا ثلاثة أهداف رئیسیة: استعادة المكانة الدولية لهذه الحكومة كجهة فاعلة يجب الرجوع إليها لحل القضايا؛ توسع نفوذ الجغرافيا السياسية للبحر الأبيض المتوسط، حیث أن لها فوائد اقتصادية كبيرة في مجال الطاقة، وأخيراً الحفاظ على ليبيا في دائرة حلفاء روسيا، حیث تمّ ضمّ لیبیا في هذه الدائرة منذه فترة طویلة. في الوقت نفسه، فإنّ دعم روسيا لحفتر، خلافاً لمؤيديها الآخرين، ینبع أکثر من النهج البراغماتي لها، اکثر من المعادلات الأیدیولوجیة، ومن بين هذه الأسباب یمکن الإشارة إلی معارضة الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية وزيادة مستويات التواصل مع دول الخليج الفارسي.

وبسبب هذا النهج البراغماتي، سعت روسيا في سبتمبر 2020، وبعد الدعم العسكري لطرابلس ومنع سقوط العاصمة علی ید حفتر، إلى اتفاق مع تركيا حیث سعى كلاهما لتحقيق الاستقرار في ليبيا وذلك لکسب المصالح الاقتصادية ومعارضة توسع النفوذ الغربي في هذا البلد.

التعاون الصيني

كان تعزيز العلاقات الثنائية مع الصين كعضوين دائمين في مجلس الأمن بعدًا آخر لسياسة موسكو الخارجية العام الماضي، وهو أمرٌ مهمٌ بسبب تنافسهما العسكري والاقتصادي مع الولايات المتحدة.

وقّع العديد من البلدان وثائق التعاون فی مجالات نقل تقنيات الجيل الجديد للإنترنت والتجارة الإلكترونية والبرنامج النووي والزراعة، کان لدیهما مفاوضات في العام المنصرم بشأن نقل الطاقة فیما یخص إنشاء خطوط أنابيب الغاز وطاقات الكهرباء والفحم.

تُعدّ مبيعات الأسلحة الروسية إلى الصين، وتطوير التعاون المشترك في إنتاج الأسلحة الجديدة، والتعاون في بيع النفط الروسي للصين، وكذلك نقل التكنولوجيا النووية، من بين أهم العناوین التي تثیر مخاوف صانعي القرار في الولايات المتحدة.

الانتخابات الأمریکیة:

كانت الانتخابات الأمريكية من أهم الأحداث في السياسة الخارجية الروسية في العام المنصرم. وافقت لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ الأمريكي في مايو 2020 لصالح ترامب على تقرير المخابرات الأمريكية؛ بناءً على الإدعاءات بالتدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية لعام 2016. وبالتالي، كانت إحدى المحاور المنتقدة للحملة الدعائية للديمقراطيين ضد روسيا، إمكانية إعادة تدخل موسكو في الانتخابات الأمريكية .

تم تأكيد هذا الادعاء ليس فقط من قبل الحزبیین الديمقراطيين وإنما من قبل بعض المسؤولین أیضاً. كما حذّر رئيس مكتب التحقيقات الفدرالي ومدير الأمن القومي للولايات المتحدة في اجتماع مشترك في أكتوبر 2016 من أن إيران وروسيا تسعیان إلى ایجاد عمليات نفسية ضد الناخبين الأمريكيين على وسائل التواصل الاجتماعي حیث تم رفض الإدعاءات دوماً من قبل الكرملين. يمكن فهم هذا الحدث بالنظر إلى الأرجحیة الروسیة والنسبیة وفقًا لترامب مقارنة لبایدن.

وبغض النظر عن صحة هذا الادعاء، فإن علاقة ترامب الشخصية الإيجابية نسبيًا مع بوتين، وكذلك السياسة الخارجية للبيت الأبيض یعني" أمیرکا أولاً "، یشیر بوضوح إلی رغبة موسکو لفوز ترامب الذي مهد الطريق لتطوير طموحات موسكو للتنافس مع الناتو.

قضية نافالني

کان أليكسي نافالني، أحد قادة الاحتجاجات الأعوام بین 2011 إلى 2012 ضد بوتين، وتم تسميمه وفي أغسطس 2012 ثم نُقل إلى ألمانيا للعلاج. واتهمت الحكومات الغربية الكرملين بالتآمر لاغتياله، لکن روسيا نفت ذلك وعندما عاد نافالني إلى موسكو في يناير 2010، أعاد تأجيج التوترات في البلاد. ولکن تم القبض عليه ومن ثم حوكم واحتجاحاً على ذلك نظم مناصروه مظاهرات في أنحاء البلاد وطالبوا أیضاً الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بالإفراج عنه فوراً.

بالنظر إلی الظروف التي خرج نافالني من روسيا وتواجده في ألمانيا؛ حیث أدی الی انخفاض وتیرة التوترات فی روسیا من جهة، وعدم إصرار الحكومة الروسية على عودة نافالني ومحاكمته، من جهة أخری، يمکن التنبؤ بتدخل الحكومات الغربية لإقناعه بالعودة إلی موسكو وخلق توتر جدید في المجتمع الروسي. وذلك لأنه سیكون ذریعة مؤاتیة لإیجاد ملفات ما يسمى بقضايا حقوق الإنسان في روسيا من جهة، كما سیجعل إدارة بوتين مشغولة لعدة أيام في إدارة الأزمات الداخلية من جهة أخرى.

الاستنتاج:

إن المتغير الأكثر أهمية في التوقعات قصيرة المدى للسياسة الخارجية الروسية هو تغيير الحكومة في الولايات المتحدة. في حين اتخذ فريق السياسة الخارجية البایدنیة نهجاً أکثر تصادمي في کثیر من المجالات مثل "عدم انتشار الأسلحة النوویة" مع روسيا، وهو ما انعکس في تمديد اتفاقية "New Start "، فضلا عن اتباع نهج تفاعلي في مجالات مثل حقوق الإنسان والسیاسات الإقلیمة لموسکو فی شرق أوروبا. فیما شددت "كامالا هاريس"نائبة الرئیس الأمیرکي على ضرورة استعادة شبه جزيرة القرم.

يبدو أن سجل روسيا في مجال حقوق الإنسان والبرنامج الإقليمي في أوروبا الشرقية، بما في ذلك الأزمة الأوكرانية، من بين القضايا التي تشكل سياسات الولايات المتحدة العدوانية ضد روسيا، حيث يکون رد روسيا علیها من خلال توسيع برنامجها الصاروخي وعمقها الاستراتيجي في المنطقة وفي الوقت نفسه، تكثیف تعاونها مع الصين.

المصدر:

روسیه در سالی که گذشت؛ رویدادها و روندها

رایکم