في الذكرى السنوية الثالثة والثلاثين لاقدام البحرية الاميركية على جريمة اسقاط طائرة الخطوط الجوية الايرانية في مياه الخليج الفارسي بتاريخ 3/7/1988 علينا التأكيد على ان وجود الاساطيل الغربية في المياه الاقليمية كان ولازال سبباً للتوتر وانعدام الامن في المنطقة.
فالعملية الارهابية التي قامت بها البارجة الاميركية فينسن بتفجير طائرة مدنية ايرانية كان تقل 290 مسافرا منهم 66 طفلا هي جريمة حرب بمعنى الكلمة ودليل قاطع على ان الولايات المتحدة لا تقيم وزنا للارواح البريئة مهما تشدقت بدعاوى الدفاع عن حقوق الانسان.
من المعروف ان الجريمة المنظمة في سجل النظام الاميركي ليست تاريخا حديثا بل هي متعشعشة في الثقافة العسكرية والسياسية للولايات المتحدة التي لا تتردد في ارتكاب ابشع المجازر تحقيقا لاهدافها القذرة، وان تفجيرها قنبلتين ذريتين في هيروشيما وناكازاكي باليابان كان مؤشرا واضحا على خطورة السلوكيات الاميركية التي تجلت ايضا في العام 1988 عندما استهدفت بحريتها المجرمة بصاروخ بحر - جو طائرة نقل مسافرين كانت في رحلة من مدينة بندر عباس الى دبي بالامارات.
من المؤكد ان سلطات الولايات المتحدة التي بررت هذه الجريمة على انه خطأ في التقدير، لايمكن ان تنزع عن نفسها صفة ملاصقة وقرينة بها وهي انها زعيمة الارهاب الدولي وان خبراءها العسكريين والامنيين يبررون هذا الارهاب على انه اسلوب لاستخدام العنف لتحقيق غايات سياسية من خلال تخويف الناس ونشر الرعب في صفوف المدنيين.
لقد كانت المنطقة في ذلك التاريخ تشهد ارهاصات توقف الحرب الصدامية المفروضة على الجمهورية الاسلامية وكانت المفاوضات الدولية والاقليمية قائمة على قدم وساق لبلورة صيغة القرار 598 الصادر عن مجلس الامن، بيد ان واشنطن عمدت الى ارتكاب هذه العملية الاجرامية البشعة لاظهار انها صاحبة القول الفصل في انهاء هذه الحرب دون امتياز تحقيق النصر للطرفين المتصارعين.
من الواضح ان السلطات الاميركية في عهد الرئيس رونالد ريغن ومعاونه جورج بوش الاب كانت تسعى الى اذلال الجمهورية الاسلامية عبر هذه الجريمة الجبانة التي استنكرها العالم كله، بدليل ان هذه السلطات قدمت وسام الشجاعة لقائد البارجة فينسن تكريما لدوره المباشر في اسقاط الطائرة الايرانية الذي تسبب في تناثر اشلاء المواطنين الابرياء نساء ورجالا واطفالا في اعماق مياه الخليج الفارسي.
بيد ان الجمهورية الاسلامية تجاوزت هذ المحنة بعد سنوات عندما ارغمت نظام صدام البائد على الاعتراف بانه هو البادئ بالحرب وتسجيل ذلك في الامم المتحدة ومجلس الامن. كما استطاعت طهران ان تطور جهوزيتها وقابلياتها العسكرية البحرية والجوية والبرية بقفزات جبارة وها هي ايران اليوم قوة اقليمية وعالمية عظمى ترفض وجود الاساطيل الاميركية والغربية في المياه الاقليمية وهي تراقب تلك التحركات المشبوهة في اطرافها وتتصدى لها اذا لزم الامر.
كما ان الجمهورية الاسلامية ردت على الجريمة الارهابية الجبانة باغتيال القائدين الاسلاميين الكبيرين الشهيد قاسم سليماني والشهيد ابو مهدي المهندس من خلال دك قاعدة عين الاسد الاميركية بالصواريخ القاصمة وانذار الولايات المتحدة بانها لن تكون بمنأى عن مثل هذه الضربة من جديد اذا ما سولت لها نفسها التعرض للمصالح الايرانية. وهي تحذر بحزم واصرار من استمرار التواجد العسكري الاميركي في المنطقة باعتباره مصدر زعزعة السلام والاستقرار والامن في جنوب غرب آسيا.
بقلم - حميد حلمي البغدادي