۱۵۵۶مشاهدات
ورقة سياسية؛

الإبراهيمية الجديدة: خديعة أمريكية صهيونية

رمز الخبر: ۶۱۷۰۶
تأريخ النشر: 23 December 2021

منذ قرون، سعى زعماء الدول الى إبعاد الدين عن السياسة اتباعًا للمدرسة الواقعية التي ترفض وجود أي دور للدين في العملية السياسية وحملت شعار فصل الدين عن الدولة. ولكن اليوم يشهد العالم مدًّا جديدًا كمحدّد للعلاقات والتوازنات والتفاعلات داخل السياسة الدولية فجاء اليوم مفهوم "الدبلوماسية الروحية"، مفهوم يؤكّد أنّ الدين مصدر الصدام قد تغيّر وتطوّر ليكون مدخلاً للحلّ والتسوية، وبدأ الحديث عن "السلام الديني العالمي" المقرّر الوصول إليه عبر مفهوم "الدبلوماسية الروحية" وما ستقدّمه من حلّ غير تقليدي للصراعات الدينية.

فتمّ طرح ما يسمى بـ"الديانة الإبراهيمية الجديدة" يشير إلى الأديان السماوية الثلاثة، ضمن مفهوم جديد يتم تداوله بهدف "حل النزاعات والصراعات الممتدة والقائمة على أبعاد دينية."

فما هي الإبراهيمية الجديدة؟ وما هي أهداف هذا الدين الجديد ومن هم المروجين لهذه الفكرة والجمهور المستهدف؟ لماذا أعاد حكام الدول ادخال الدين في السياسة؟ وما هي الإجراءات التمهيدية للترويج لهذا الدين؟ ما هي توقعات النجاح ونسبته؟ وما علاقة المشروع الأمريكي الصهيوني فيه؟ نقدم لكم أجوبة على هذه الاسئلة مع توصيات، ضمن هذه الورقة.

لمحة عن الإبراهيمية الجديدة

 

بدأت الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني بتنفيذ تكيتيك جديد يساعدها على تحقيق استراتيجيتها الكبرى "توسع النفوذ والسيطرة على العالم"، فوجدت في "الدين" كلمة السر التي تفتح المغاليق، وفي حجّة نشر "الود والتسامح" متنفسًا لمخططاتها في المنطقة وفي غرب آسيا.

روّج الأمريكي-الصهيوني لمفهوم "الإبراهيمية الجديدة" كديانة مستحدثة تشتق نواميسها من الأديان السماوية الثلاث –اليهودية، المسيحية، الإسلامية- ونسبته الى النبيّ ابراهيم {ع} تدعو الى نشر التسامح وقبول الآخر، مستهدفةً الجيل الجديد.

والجدير بالذكر ان مصطلح "الديانة الإبراهيمية" مستحدث، ولكن استثمار رمزية النبي ابراهيم {ع} قد بدأ منذ عام 1881 في ما يعرف الميثاق الابراهيمي (The Abrahamic covenant) الذي يجمع بين "المؤمنين"  في الغرب،  وكان أول من رسّخ ذلك المستشرق الفرنسي الكبير "لويس ماسينيون" في مقالة نشرها عام 1949 تحت عنوان: " الصلوات الثلاث لإبراهيم، أب كل المؤمنين" ثمّ تحوّلت الديانات الإبراهيمية الى حقل دراسات مستقلة.

وبداية قصة الدين الابراهيمي الجديد كانت في تسعينات القرن العشرين، حيث قامت الإدارة الأمريكية بإنشاء برنامج أبحاث لدراسات الحرب والسلام، وبدأت في اختبار المفهوم الإبراهيمي، عن طريق جامعة هارفاد حيث قامت الجامعة بإرسال فريق من الباجثين الأمريكيين المتخصصين الى دول في منطقة الشرق الأوسط محاولين اختبار فرضية وضع نبي الله ابراهيم {ع} كعنصر تتجمع حوله الدول المختلفة، من أجل وضع دين يساعد على حلّ القضية الفلسطينية والاعتراف باسرائيل كدولة من خلال هذا التجمع حول الدين الإبراهيمي الجديد. وقد توصل هؤلاء الباحثون الى الثقافة الدينية والرأي العام في المنطقة سواء كان يهوديًّا أو مسيحيًّا أو مسلمًا يحمل مكانة كبيرة للنبي ابراهيم {ع}.

كما أنه بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001، قد ثارت نقاشات جدية موسعة أكثر حول إمكانية جمع شتات المنتمين الى الأديان الكبرى الثلاث تحت راية الديانة الإبراهيمية بحثًا عن أواصر السلام المشتركة روحيًّا.

 

أهداف الترويج للديانة الإبراهيمية الجديدة

 

  1. تصفية القضية الفلسطينية.
  2. تبرئة جرائم الاحتلال الاسرائيلي.
  3. تجريم مقاومة الاحتلال.
  4. إتمام مشروع اتفاق إبراهام و إعادة تشكيل الشرق الأوسط.
  5. إخفاء معالم العروبة والإسلام لصالح الرؤية التوراتية الصهيونية.
  6. قبول دور "إسرائيل" الحالية في المنطقة.
  7. التهيئة للتنازل المستقبلي عن أراضٍ واسعة من الشرق الأوسط.
  8. صناعة حالة من السذاجة والسطحية الثقافية لدى شعوب المنطقة.
  9. تزييف التاريخ وتشويه وعي الأجيال القادمة.

 

المروجون للديانة الإبراهيمية الجديدية

 

  1. الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر عام 1985 في كتاب "دم ابراهام" تحدّث عن مناقشة الشترك الإبراهيمي بين ابناء المنطقة للوصول الى السلام.
  2. الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش أثناء خطبته عام 1990 عن "النظام العالمي الجديد" عقب انهيار الاتحاد السوفياتي والحرب الأميركية ضدّ العراق خلال حرب الخليج الثانية روّج لفكرة اجتماع الأديان تحت الراية الابراهيمية.
  3. الوزارة الخارجية الأمريكية حيث أنشأت فرق من القادة الروحيين، أسر السلام، مراكز الفكر الإبراهيمية لنشر الفكرة بين المجتمعات المختلفة.
  4. مراكز أبحاث صهيونية وأمريكية مثل المركز العالمي للدبلوماسية الروحية، مركز EMERGY .
  5. هيلاري كلنتون خلال حكم الرئيس بيل كلنتون قدّم مشروعاً يحمل اسم "دولة إبراهيم الفدرالية"، كمشروع يهدف إلى خدمة الأمن القومي الأميركي في منطقة الشرق الأوسط، بوصفه الحلّ الامثل لضمان "السلام".
  6. الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي علق على العلاقات الإماراتية الإسرائيلية بمصطلح سُمع للمرة الأولى؛ حيث وصف الاتفاق بين الجانبين بـ"الاتفاق الإبراهيمي"، وظهرت موجة متقطعة من جانب دوائر فكرية أمريكية أبرزها معهد بيس آيلاندز، اتخذت من دعوتها لبلدان عربية للتطبيع مع إسرائيل، منفذًا للدعوة إلى توحيد الأديان السماوية تحت دين واحد يسمى "الدين الإبراهيمي".

 

 اجراءات تمهيدية

 

ووفقًا لأحد الدراسات البحثية هناك عدد من الإجراءات تم تنفيذها على الأرض للتمهيد لهذا المشروع السياسي منها:[

▪︎مؤتمر دافوس، الذي عُقدت على هامشه لجنة المائة التي تهدف بدورها إلى الوصول للمشترك الإبراهيمي، والتقارب بين القيادات الروحية والسياسية وتوفير سبل الدعم الممكن.

▪︎قامت الولايات المتحدة عام 2013، بإنشاء فريق عمل حول الدين والسياسة في وزارة الخارجية بقرار من "هيلاري كلينتون"، يضم 100 عضو نصفهم رجال دين من الديانات الثلاثة، يعملون جنبًا إلى جنب مع الدبلوماسيين بالوزارة، واستمر هذا الفريق قائمًا في إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب.

▪︎تزكية الصراعات الدينية القائمة على الأرض بين أنصار الدين الواحد، وأهمها الصراع السني-الشيعي، فهو الممهد لقبول هذا الفكر باعتبار أن سلوك أتباع الدين الواحد هو دليل على غياب التسامح داخل هذا الدين، وهو ما سينفر أتباعه، وسيجعلهم يقبلون بالمشترك الإبراهيمي.

▪︎التواصل مع الشباب، باعتبارهم أساس الحركة المجتمعية، وهم المستقبل، على أن يتم تدريبهم مع غيرهم من أتباع الأديان الإبراهيمية، والوصول إلى طقوس دينية جديدة مستحدثة بين الأديان الثلاثة للبدء في إقناع مجتمعاتهم بتطبيقها بالفعل داخل دور العبادة.

▪︎إقامة مجمعٍ يَضُم معابدَ للأديان الثلاثةِ في مكانٍ واحد، وتجاوز الأمر إلى فكرة طبع القرآن الكريم، والتوراة، والإنجيل في غلاف واحد.

▪︎انتشار الجمعيات النسائية، باعتبارها أهم سبل تحرير المرأة بالمنطقة، خاصة التي تعاني من تهميش اقتصادي، حيث تحتل المرأة مكانة مهمة داخل هذا الفكر لأنها أساس الأسرة خاصة بمنطقة الشرق الأوسط ففي بعض الدول العربية تعاني المرأة من تهميش يؤثر على صحتها النفسية لتصل الى مرحلة الهروب من الواقع واللجوء الى التحرر التي ستجده في الديانة الابراهيمية عبر الجمعيات النسائية، وبدورها ستربي أولادها والجيل الجديد على هذه الديانة التي ستعتبرها ملاذها الآمن.

▪︎قامت الخارجية الأمريكية بإنشاء "شبكة الشبكات" والذي يتضمن (القادة الروحيين، أسر السلام، مراكز الفكر الإبراهيمية) لنشر الفكرة بين المجتمعات المختلفة، مثلما قامت أسر السلام بإزالة الألغام من منطقة غور الأردن تحت شعار السلام العالمي، ومثلما قامت جامعة فرجينيا بإنشاء مركز الدراسات الإبراهيمية.

▪︎حاولت منظمة الأونروا فور وصول "ترامب" إلى السلطة حذف عبارة "القدس عاصمة فلسطين" من المقررات الدراسية للصف الأول إلى الرابع الابتدائي بمدارسها لتحل محلها عبارة "القدس المدينة الإبراهيمية"، كمحاولة لتغيير وتغييب هوية الأطفال خلال مرحلة التشكيل ليكونوا نواة التطبيق للمخطط المستقبلي، وتمهيدًا لزرع مفهوم الإبراهيمية.

كل هذه وغيرها من الإجراءات حدثت وتحدث وستحدث، لتنفيذ خطة صهر الأديان وإهدار المقدّسات، وفرض السيطرة لدين جديد، يكرّس لسيطرة اليهود على المسار المزعوم "المسار الإبراهيمي"، ولكن حجر العثرة أمام هذا المخطط هو الشعوب ومدى وعيها ويقظتها للمؤامرات التي تُحاك لها ولدينها.

عن التكتيك الجديد المتبع: لماذا وكيف؟

 

فشلت أغلب الأدوات التكتيكية للولايات المتحدّة في المنطقة من الثورات الملونة الى الحروب العسكرية الى دعم الارهاب وغيره من الأدوات لذلك لجأت الى استخدام أداتها الجديدة ألا وهي "اقامة دين جديد". رأى الأمريكي أن الأدوات السابقة أدت الى شيطنة الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني، وأحرجتهم داخليًّا، بينما اذا تم استخدام سيكولوجية الخداع عبر الترويج للديانة الابراهيمية الجديدة سترمم وتجمّل صورة الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني وتشوّه صورة معارضين هذه الديانة وتحقق أهدافها.

كما رأى الأمريكي – الصهيوني أن الديانة الجديدة تلعب دورًا كبيرًا في نشر مفهوم "الدبلوماسية الروحية" بوصفها مسارًا من مسارات التفاوض يستهدف حل النزاع أو منع حدوثه من أجل بناء سلام ديني عالمي، يتم عبر الجمع بين القادة الروحيين والساسة داخل آلية المسار الثاني للمفاوضات، باستخدام المدخل النفسي لدحض الأصولية في الأديان الثلاثة، والتباحث حول القضايا الحساسة محل النزاع بهدف التوصل إلى حل مشترك عبر تقارب بين الأديان السماوية الثلاثة (الإسلام والمسيحية واليهودية) أو ما يسمى "الديانات الإبراهيمية". ومن الجدير ذكره، أنّ  قضية "حوار الأديان" حضرت منذ مرحلة ما بعد الحرب الباردة كمصطلح يُشير إلى التفاعل البنّاء والإيجابي بين الناس، وتحويل حوار الأديان إلى خدمات تُقدّمها الأديان من شأنها بناء جسور تربط بين الشعوب، كمكافحة الملاريا وحملات الإغاثة، فلن يعود دور الأديان إدارة النزاع أو الصراع، وإنّما يغدو فاعلاً على الأرض لخلق سلام ديني عالمي، "الديانة الابراهيمية".

وفي سبيل تطبيق المفهوم، يتمّ استحداث عدد من الأدوات العالمية التي توظّف على أرض الواقع، منها: المنظمة الأممية وفي مقدمتها منظمة اليونيسكو، المؤتمرات الدولية والقمم العالمية، القوى العظمى والمعسكر الغربي، السياحة الدينية المشتركة، مشروعات ريادة الأعمال، التواصل مع الشباب، التعاونيات النسائية.

أمّا مؤسسات "الدبلوماسية الروحية"، فتتنوّع بين برامج أو معاهد أكاديمية، مؤسسات مجتمع مدني، جمعيات دوائر طلابية لبناء الكوادر الجديدة، وجميعها تهتم بالتأصيل النظري للفكر الجديد عبر تأويل النصوص بالأديان الثلاثة. ومن أبرز تلك المؤسسات: المركز العالمي للدبلوماسية الروحية، منظمة الأديان من أجل السلام، مشروع الأرض الجديدة، رؤية ابراهيم، مركز العلاقات اليهودية- الاسلامية، اتحاد تراث ابراهيم، إعادة اتحاد عائلة ابراهيم..).

أمّا تمويل هذه المؤسسات ومشاريعها في مختلف مناطق العالم، فيتمّ من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة من خلال التمويل الحكومي والتبرعات الخاصة والمنح وتمويل الجامعات وتمويل من الدول العربية المطبعة.

كما تطرح جامعة فلوريدا الأميركية، مشروع "الولايات المتحدة الإبراهيمية" عبر مركزها البحثي  EMERGY  المعني بدراسة القضايا البيئية والمستقبلية ومستقبل الطاقة واستدامة الموارد الطبيعية المتاحة، حيث نوقش المقترح في المؤتمر السنوي للمركز عام 2015.

لم يُقدّم المشروع بوصفه مبادرة سياسية، بل كرؤية استشرافية من أجل صمود المنطقة المهدّدة بالجفاف وندرة الموارد خلال المستقبل القريب، مع الإشارة الى أنّ منطقة الشرق الأوسط هي منطقة شديدة الجفاف في العالم. وتُقدّم الرؤية نموذجاً لهيكل سياسي عملي، ورمزاً موحّداً يجمع كل الأطراف في الأرض بين نهري دجلة والفرات ونهر النيل، عبر إقامة اتحاد فدرالي يجمع 18 دولة عربية و"إسرائيل". أي ما سيُعرف بإسم الولايات المتحدة الإبراهيمية، أو ببساطة "الأرض المقدسة".

تقود عملية التكامل الفدرالي، "إسرائيل" بحكم امتلاكهما للموارد والتكنولوجيا في ظل "جهل" عربي. أمّا التمويل لإقامة الدولة والربط الإقليمي سيكون من جانب دول الخليج بسبب "التهديد الايراني".

هذا المشروع من شأنه أن يحقق "السلام العالمي مع اسرائيل" والاستراتيجية الأمريكية في المنطقة دون قطرة دم وبتكاليف مادية أقل مكتسبةً الصورة الجميلة أمام شعبها في الداخل وأمام العالم في الخارج.

توقعات نجاح الديانة الإبراهيمية

 

بالرغم من أن بعض المجتمعات المحلية ستدعم هذا المفهوم وخصوصًا الدول العربية المطبعة عبر ما يسمى بأسر السلام، و"الحوار الخدمي"، وأن هناك عدد من الكيانات العلمية الداعمة للفكرة، كجامعات الدولية مثل "جامعة هارفارد"، إلا أن هذه الفكرة أو الدعوة مرفوضة بنسبة عالية من قبل اليهود المحافظون والمسيحيون كذلك قبل المسلمين، إلا أن خطورة توسع هذه الدعوة وقبولها تكمن في أن الصهيونية العالمية تغذي هذه الفكرة، والقصور في التوعية ومواجهة المشاريع الممهدة لهذه الدعوة يمكن أن تجرّ وراء هذه الديانة الملايين من الشرق والغرب.

مع بدء تنفيذ الخطط والمشاريع المتعلقة بالديانة الابراهيمية سارعت مختلف الجهات الدينية الى إعلان عن موقفها اتجاه الديانة الابراهيمية، حيث انعقد مؤتمر دولي أول بتنظيمٍ من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ورابطة علماء المسلمين ورابطة المغرب العربي حول موقف الأمة الإسلامية من الديانة الإبراهيمية التي اقرتها حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة بالتعاون مع اسرائيل، شارك فيه تسع عشرة دولة، وأبرز ما تمّ مناقشته في هذا المؤتمر هو الرفض الشديد لكل الخطط والمشاريع المرجو للديانة الابراهيمية واعتبرت هذه الديانة هي بوابة للتطبيع الديني كما التطبيع السياسي.

كما أكّد شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، أن التآخي بين الديانات الثلاثة "الإسلامية  والمسيحية واليهودية"، يختلف تمام الاختلاف عن امتزاج الديانات وذوبان الفروق الخاصة بكل منهما، مُعلنًا رفضه التام لـ"الديانة الإبراهيمية الجديدة". وقال الطيب إن الدعوة لـ"الإبراهيمية" تبدو في ظاهر أمرها دعوة للاجتماع الإنساني والقضاء على أسباب النزاعات والصراعات، وهي في الحقيقة دعوة إلى مصادرة حرية الاعتقاد وحرية الإيمان والاختيار. ويرى شيخ الأزهر، أن الدعوة إلى توحيد الدين دعوة أقرب إلى "أضغاث الأحلام" منها لإدراك حقائق الأمور وطبائعها، لأن اجتماع الخلق على دين واحد أمر مستحيل في العادة التي فطر الله الناس عليها". كما أن رأي الكنيسة يوافق تمامًا رأي الأزهر حيث أعلن القمص بنيامين المحرقي، الأستاذ بالكلية الإكليريكية بالأنبا رويس، رفضه للدعوة إلى الديانة الإبراهيمية، لأنها دعوة مخادعة مشيرًا إلى أنه "لن يقبل أحدًا مزج جميع الديانات تحت ديانة واحدة، كما لن تقبله أي من الديانات خاصة المسيحية أو الإسلام، لأن هذا معناه العودة إلى اليهودية، لما قد يحدث فرقة داخل المجتمع."

ومن الجيد ذكر حدث مهم، يثبت أن المجتمع العربي لا يزال بعيد عن فكرة قبول الديانة الإبراهيمية وهو "التلاحم الشعبي الذي حصل أثناء معركة سيف القدس"، حيث تعاطف وندد أغلب شعوب المنطقة مع فلسطين المحتلة، واستنكرت الدول العربية والغربية بقاداتها وشعبها على ما حصل مع الشعب الفلسطيني، لذلك ليس من السهل أبدًا تقبل هذه الخدعة الصهيونية – الأمريكية.

التوصيات

  1. إن هدف الديانة الإبراهيمية ليس السلام العالمي، وإنما ضياع المنطقة والحق العربي للمسلمين والمسيحيين معاً.
  2. أخذ الحذر وعدم الانخداع خلف الشعارات الدينية الجذّابة والأخوة الإنسانية والتسامح المزيّف.
  3. الوعي والمقاومة المجتمعية هو الأساس والتماسك واللحمة هي المدخل الرئيسي للتصدّي للأفكار الهدّامة.
  4. رفض تسمية اتفاقات التطبيع بإتفاقات (ابراهام أو ابراهيم) من حيث المبدأ، وعدم الترويج لها.
  5. التصدي لأي مشروع أو فكرة يخدم في الترويج للديانة الابراهيمية.
  6. الحذر من المخططات التآمرية على هذه المنطقة وعدم الاستهانة بالديانة الابراهيمية فوثيقة "هنري كامبل" بدأت عام 1907، وبعد 113 عاماً تحولت إلى واقع تعيشه المنطقة هو "وعد بلفور".
  7. التأكيد على أن الديانة الجديدة المقترحة تأتي تتويجًا وتكريسًا، لما ورد في كتاب الشرق الأوسط الجديد لشمعون بيريز، حيث تقوم فكرته الاقتصادية على مزاوجة العقل اليهودي مع رأس المال العربي.
  8. التأكيد على أن الديانة الابراهيمية الجديدة، والتي يسعى الكيان الصهيوني إلى تحويلها إلى دولة ابراهيمية، هي تجسيد لما يسمى صفقة القرن.
  9. الحذر من الانجرار وراء المصطلحات البراقة حيث اختار الأمريكي – الصهيوني المصطلحات التي تكون عنوانًا لدعواتهم المشبوهةِ بشكل مدروس وبعناية كبيرة، ومنها مصطلح "الإبراهيمية" الذي يتّسِم بالبريق، والإغراءِ الكامن في استغلال الاسم النبويِّ، ورمزية ومكانة النبي إبراهيم {ع}، والخداع المتَستّر بالحديث عما يسمونه "المشترَك الإبراهيميّ"، الذي يُوارِي حقيقةَ المشروعات والتوجّهات الخطيرةِ المدَمِّرة.
  10. أن خطورة فكرة الديانة الإبراهيمية ليست فقط على المستوى السياسي كما يراد لها، وإنما خطورتها الكبرى تكمن في الجانب والهوية الدينية، حيث يحاول القائمون على الفكرة إعادة تشكيل الوعي الاسلامي والعربي والإسلامي ليكون أكثر تقبلاً لوجود "اسرائيل" المحتلة بغطرستها، وبما يخدم تنفيذ مخططاته.
رایکم