۶۷۶مشاهدات
تقرير خاص لـ "تابناك"؛
الاغتيال لا يكسب حربًا، ولا يؤشر إلى كسب الحرب. فحدوده فردية في اغتيال القادة، وتأثيراته معنوية. ولكنها لا تغيّر في موازين القوى السياسية والعسكرية التي تحكم الحرب عمومًا.
رمز الخبر: ۷۰۲۶۷
تأريخ النشر: 30 September 2024

القسم الدولي لموقع "تابناك": قام الكيان الصهيوني مؤخرا وفي عملية جبانة بإغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني السيد حسن نصرالله مما أدى إلى ردود فعل كبيرة. تتوالى ردود الفعل بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله الجمعة في غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية. وندد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السبت بالهجمات الإسرائيلية الأخيرة على لبنان التي قال إنها جزء من سياسة "الإبادة الجماعية والاحتلال والغزو" التي تنتهجها إسرائيل، ودعا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والهيئات الأخرى إلى وقف إسرائيل. وقال أردوغان في منشور على إكس دون تسمية نصر الله إن تركيا تقف مع الشعب والحكومة اللبنانيين، وقدم تعازيه في قتلى الضربات الإسرائيلية، مطالبا العالم الإسلامي بأن يظهر موقفا "أكثر تصميما". ونددت وزارة الخارجية الروسية بقوة باغتيال إسرائيل لنصر الله، ودعت إسرائيل إلى وقف الأعمال القتالية في لبنان. وقالت الوزارة في بيان "هذا الفعل العنيف ينذر بعواقب وخيمة أشد وطأة على لبنان والشرق الأوسط بأكمله". في لبنان، نعى السياسي المسيحي اللبناني البارز جبران باسيل نصر الله وقال إن مقتله خسارة كبيرة، وذكر أنه وقت عصيب على جميع اللبنانيين، مضيفا "بمواجهة العدو الإسرائيلي، لا خيار إلا أن نكون معا كلبنانيين". 

وقال ميشال عون الرئيس اللبناني السابق في بيان "باستشهاد سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، يفقد لبنان قائدا مميزا وصادقا... ما يشهده وطننا من مخاطر نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر، يتطلب الارتقاء إلى أعلى مستوى من التضامن الوطني الذي يحمي وحدتنا ويحصّنها، لأن بهاالخلاص الحقيقي". من جهته، قال سعد الحريري رئيس الوزراء اللبناني الأسبق إن "اغتيال السيد حسن نصر الله أدخل لبنان والمنطقة في مرحلة عنف جديدة. إنه عمل جبان مدان جملة وتفصيلا، نحن الذين دفعنا غاليا من أحبتنا حين صار الاغتيال بديلا للسياسة. رحم الله السيد حسن وأخلص التعازي لعائلته ورفاقه. اختلفنا كثيرا مع الراحل وحزبه، والتقينا قليلا لكن كان لبنان خيمة الجميع، وفي هذه المرحلة البالغة الصعوبة تبقى وحدتنا وتضامننا الأساس".

ما جاء في رسالة الإمام الخامنئي المنددة بإغتيال السيد حسن نصرالله 

جاء في رسالة الإمام الخامنئي في التنديد بإغتيال السيد حسن نصرالله أنه لقد نال المجاهد الكبير، ورافع راية المقاومة في المنطقة، والعالم الديني الفاضل، والقائد السياسيّ المدبّر، سماحة السيّد حسن نصر الله، رضوان الله عليه، شرفَ الشهادة في أحداث لبنان مساء أمس، وحلّق نحو الملكوت. لقد تلقّى سيّد المقاومة العزيز ثوابَ عشرات الأعوام من الجهاد في سبيل الله، وتحمّل صعوباته خلال معركة مقدّسة، وقد استُشهد بينما كان منهمكًا بالتخطيط للدفاع عن الناس العُزّل في ضاحية بيروت، وبيوتهم المهدّمة، وأعزّائهم الذين تقطّعوا إربًا إربًا، كما جاهد لعشرات الأعوام من أجل الدفاع عن أهالي فلسطين الذين تعرّضوا للظلم والجور، وعن مدنهم وقراهم المغتصبة، وبيوتهم المدمّرة، وأعزّائهم الذين قضوا في المجازر... وكان شرفَ الشهادة حقَّه المسلّم به بعد كلّ هذا الجهاد.

وأردف: لقد فَقَدَ العالم الإسلامي شخصيّةً عظيمة، وفقدت جبهة المقاومة رافعَ رايةٍ بارز، وفقد حزب الله في لبنان قائدًا قلّ نظيره، لكنّ بركات تدبيره وجهاده على مرّ عشرات الأعوام لن تنتهي أبدًا. إنّ الأساس الذي أرساه في لبنان، ووجّه من خلاله سائر مراكز المقاومة، لن يزول بغيابه فحسب، بل سيزداد قوّةً وصلابة ببركة دمائه ودماء سائر الشهداء... وإنّ ضربات جبهة المقاومة على الجسد المتهالك والمتآكل للكيان الصهيوني ستغدو بحول الله وقوّته أكثر دكًّا وتدميرًا. لم تحقّق الذات الخبيثة للكيان الصهيوني النّصر في هذه الحادثة، إذ لم يكن سيّد المقاومة مجرّد شخص، بل كان نهجًا ومدرسة، وهذا النهج سيستمرّ. وكما لم تذهب دماء الشهيد السيّد عبّاس الموسوي هدرًا، فلن تذهب دماء الشهيد السيّد حسن هدرًا أيضًا..

وأضاف قائلا: إنّني أتقدّم بالتعزية والتبريك إلى الزوجة الفاضلة للسيّد العزيز، التي قدّمت من قبل أيضًا نجلها السيّد هادي في سبيل الله، وإلى أبنائها الأفاضل، وإلى عائلات الشهداء في هذه الحادثة، وكذلك إلى كلّ فردٍ في حزب الله، وإلى الشعب العزيز وكبار المسؤولين في لبنان، وإلى كلّ أرجاء جبهة المقاومة، وإلى الأمّة الإسلاميّة جمعاء، باستشهاد نصر الله العظيم ورفاقه الشهداء، وأُعلن الحدادَ العامّ لخمسة أيام في إيران الإسلاميّة. أسأل الله أن يحشره مع أوليائه.

حزب الله أمام مرحلة جديدة

إن ما يشهده لبنان، في الأيام العشرة الأخيرة يجيء مع الذكرى السنوية الأولى لعملية "طوفان الأقصى" الكبرى المجيدة، في تاريخ المقاومة الفلسطينية، بل حتى على مستوى ما عرفه عصر حركات التحرر الوطني من مقاومات، الأمر الذي يشير إلى أن الحرب الضروس بدأت على الجبهة اللبنانية، لتمتد إلى مدى أسابيع وأشهر، وربما أكثر.

فالكيان الصهيوني لا يستطيع أن يتوقف أمام إغراءات ما أنجزه حتى الآن، بالنسبة إليه. الأمر الذي سيفرض عليه الاستمرار في عمليته، بما في ذلك احتلال أجزاء من جنوب لبنان. وهو يظن أن بإمكانه أن يحقق نصرًا على حزب الله، بعد استشهاد السيد حسن نصر الله. فحزب الله، وهذه الحالة، سوف يتماسك، ويضمد جراحه، ويواصل الطريق الذي خطّه السيد حسن نصر الله بإيمان وحكمة، خصوصًا في حرب 2006 وفي تحرير جنوب لبنان.

كان حزب الله قد فقد من قبل قائده، وشهيده، السيد عباس الموسوي الذي كان له الدور القيادي الفاعل. ولكن ثبت أن اختيار السيد حسن نصرالله، من بعده أبقى الحزب على قوته وفاعليته. ثم زوده بفاعلية أكبر، مع تطور موازين قوى أتاحت له الوصول إلى تحرير جنوب لبنان، والانتصار في حرب 2006، وصولًا إلى اليوم. فالحزب الذي بني منذ العام 1982/1983 أصبح مؤسسة، وذا تقاليد راسخة، واتسعت صفوفه لتشمل الآلاف وعشرات الآلاف. فضلًا عن قيادات عسكرية وسياسية قادرة على مواصلة مسيرته، مهما بلغت الخسائر واشتدت الصعوبات. وهذا طبعًا ما ستثبته الأيام القادمة.

المهم أن الحرب دخلت مرحلة جديدة كليًا مع دخول شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2024. ولن تكون من حيث ما تشكله من معادلة جديدة، إلا بحجم ما شكلته عملية "طوفان الأقصى"، وما تداعى في إثرها من تطورات طوال العام الفائت. الاغتيال لا يكسب حربًا، ولا يؤشر إلى كسب الحرب. فحدوده فردية في اغتيال القادة، وتأثيراته معنوية. ولكنها لا تغيّر في موازين القوى السياسية والعسكرية التي تحكم الحرب عمومًا.

فحزب الله، ولا شك، أُثخن بخسارة عدد هام من قادته الكبار. ولكن قدراته العسكرية، ومكانته الشعبية، وحاضنته السياسية، وعدالة القضية التي يحملها، ما زالت غير متأثرة، بالخسائر الناجمة عن الاغتيال. وهو ما يفترض بها، بناءً على التجارب السابقة. طبعًا، القول الفصل في تأكيد ما تقدّم، ينتظر الأيام والأسابيع القادمة بالنسبة إلى حزب الله. وذلك عندما يعود إلى زمام المبادرة، في استخدام ما يمتلكه من قدرات وإمكانات، فضلًا عما لديه من القادة والكوادر، والحلفاء والتأييد الشعبي.

رایکم
آخرالاخبار