۲۳۰مشاهدات
تقرير خاص لـ "تابناك"؛

إسرائيل تقف وراء الفوضى في سوريا/ أقوى تهديد ضد "الأسد"

تقول المصادر العبرية بأن هناك ارتباطًا جيدا بين هجمات الجماعات الإرهابية في سوريا ووقف إطلاق النار في لبنان، وأن هناك بصمات إسرائيلية في هذه الهجمات.
رمز الخبر: ۷۰۶۸۲
تأريخ النشر: 04 December 2024

القسم الدولي لموقع "تابناك": كانت الجماعات التكفيرية التي نشأت في الحرب السورية تحت رعاية ودعم الغرب ودول خليجية، تسعى إلى إضعاف سورية لكونها جزءًا من محور المقاومة، مما جعل سورية تمثل هدفًا إستراتيجيًا للمصالح "الإسرائيلية" والغربية. طوال سنوات الحرب، دفع الشعب السوري ثمنًا باهظًا من الأرواح والدمار، حيث خلّفت الحرب الآلاف من الضحايا ودمرت البلاد، إلا أن هذه الجماعات التكفيرية فشلت في تحقيق أهدافها المعلنة. في الوقت الحالي، تشن هذه الجماعات هجومًا على مدينة حلب، في خطوة قد تكون مرتبطة بتصريحات رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو الذي قال في أحد خطاباته الأخيرة، إن "بشار الأسد لعب بالنار"، وفق تعبيره، وهي إشارة واضحة إلى نوايا صهيونية بالتصعيد ضد سورية. وبذلك، أصبحت هذه الجماعات الإرهابية تنفذ أهدافًا "إسرائيلية" واضحة ومعلنة في ضرب سورية وإضعافها، باعتبار أن سورية تمثل الممر الرئيس لدعم المقاومة في لبنان، وهي أيضًا عمق إستراتيجي حيوي للمقاومة في المنطقة.

مدير مركز الاتحاد للأبحاث والدراسات هادي قبيسي أكد، أن الهجوم الذي تشنّه الجماعات التكفيرية على حلب يحمل أهدافًا واضحة، أبرزها قطع الطريق الواصل بين سورية ولبنان، وبالتالي عرقلة تدفق الإمدادات العسكرية إلى حزب الله في لبنان.  وفي حديث لموقع العهد الإخباري قال قبيسي: "إن هذا الهجوم يأتي مباشرة بعد وقف إطلاق النار في لبنان، ويعكس شعورًا "إسرائيليًا" بأن الفشل في لبنان قد يستدعي فتح جبهة جديدة في سورية".  وأضاف: "المعلقون "الإسرائيليون" بدؤوا يتحدثون عن استفادة "إسرائيل" من الوضع الحالي، زاعمين أن الهجوم على حلب قد يمثل خطوة كبيرة في إستراتيجية إضعاف محور المقاومة". في المقابل، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية موقفًا واضحًا بدعمها الكامل لسورية في مواجهة هذه الهجمات، وأكدت أنها لن تسمح للمؤامرة الصهيونية بالمرور.

هذه المواقف وفق قبيسي تعكس الاستعدادات لمواجهة هجوم حلب، والتي يتوقع أن تكون مواجهة كبيرة في المدينة وفي محيطها، بهدف إفشال الهجوم "الإسرائيلي"، وتكبيد المهاجمين خسائر كبيرة. وبيّن أن الصورة تبدو أكثر وضوحًا الآن؛ فالهجوم على حلب هو جزء من خطة "إسرائيلية" أكبر لعرقلة دعم المقاومة في لبنان. وأوضح أنه على الرغم من الضغوط العسكرية والسياسية، يبقى محور المقاومة في المنطقة متمسكًا بمواقفه، ويعزز تحالفاته لصد هذه الهجمات. وشدد مدير مركز الاتحاد في ختام حديثه لموقعنا على أن ما يجمع هذه القوى هو هدف مشترك في مواجهة المشروع الصهيوني في المنطقة.

بعد تهديده لسوريا: فصائل الشمال تُلبّي نداء نتنياهو

لم تنتهِ الحرب بعد، لكنّ واحدةً من أعنف الجولات وأكثرها إجراماً في التاريخ الحديث، قد أُوقِفتْ قسراً، عند قدم مقاومٍ لبناني باسلٍ في أقصى الجنوب. الإمبراطورية الأميركية، والغرب كلّه، وبعض العرب، وقفوا هناك في ظهر أدوات الدمار والوحشيّة الإسرائيلية، عاجزين عن التقدّم خطوةً واحدة، أو البقاء في أماكنهم لدقائق معدودات. ثمّة ملحمة قد حدثت بالفعل، وهي ملحمةٌ ما زالت مستمرة وتتجلّى بعض فصولها هذه الساعات، في مشاهد عودة الجنوبيين والبقاعيين وأهل الضاحية الجنوبية إلى أرضهم وما تبقّى من بيوتهم، برؤوس مرفوعةٍ وقامات منتصبة. لم ينسَ مجرم الحرب الإسرئيليّ، بنيامين نتنياهو، في خطاب العجز الذي ألقاه قبيل الإعلان عن الهدنة على جبهة شمال فلسطين، أنْ يعود إلى تهديد سوريا بشكل واضح (بل تهديد الرئيس السوريّ بشار الأسد شخصيّاً)، والتوعّد بمزيد من الاعتداءات والجرائم على أراضيها وضد شعبها، بسبب دعمها وإمدادها للمقاومة الإسلامية في لبنان. ولم يكد مجرم الحرب الصهيونيّ ينهي كلمته، حتى بدأ العدوان الجنونيّ بالفعل على جميع المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان، بما في ذلك استهداف أبنية ومقارّ الأمن العام على الجانبين، وكذلك النقاط الطبية التي أقامتها الدولة السورية مؤخّراً لاستقبال الوافدين اللبنانيين ورعايتهم.

وقد أدى العدوان إلى ارتقاء ستّة شهداء، بينهم عسكريان وأربعة مدنيين، وعدد من الجرحى على الجانبين السوري واللبناني، بينهم أطفال ونساء وعاملون في الهلال الأحمر السوري، ووقوع أضرار مادية كبيرة أدت إلى إغلاق جميع المعابر الحدودية المستهدفة.  وقد شمل العدوان معابر "الدبّوسية" و"جوسيه" و"جسر قمار" في ريف حمص، ومعبر "العريضة" في ريف طرطوس بشكل رئيسيّ، بالإضافة إلى نقاط حدودية في الريفين المذكورين وريف دمشق أيضاً، وكذلك في البقاع من الجهة اللبنانية، بعد أن ادّعت أوساط العدو استهداف شاحنات محمّلة بالسلاح عبرت الحدود من الجانب السوريّ. وكانت صواريخ العدو قد استهدفت قبل ساعتين من ذلك، منشآت تابعة للجيش العربي السوريّ في مناطق غربيّ حمص، ودائماً تحت الذريعة ذاتها، وهي وقف خطوط إمداد المقاومة.

لعلّ هدف تدمير المقاومة في غزّة ولبنان بشكل نهائيّ، يقع على رأس أهداف جبهة العدوان الممتدّة من واشنطن إلى "تلّ أبيب"، لكن هدف تقطيع أوصال محور المقاومة، وبالتالي إسقاطه بشكل تام أيضاً، هو الهدف الأبعد والأثمن لدى هؤلاء، لذلك تكون سوريا هي الميدان الأبرز الذي سيتجلّى فيه هذا الهدف في المرحلة القريبة المقبلة. من دون أنْ نغفل حقيقة أنّ الاعتداءات على سوريا لم تتوقّف منذ بدء معركة "طوفان الأقصى"، وظلّت وتيرتها تزداد باطّراد على مدى الأشهر الماضية.

وتكمن أبرز عناصر الخطة المعادية للوصول إلى ذاك الهدف، إلى جانب استمرر الاعتداءات الإسرائيلية وتصاعدها المتوقّع في هذه المرحلة، في دعم وتحريك الفصائل الإرهابية التي تسيطر على أجزاء من الأراضي السورية في الشمال والبادية خصوصاً، وتحريك خلايا نائمة ومتوثّبة بانتظار دور مرسوم، في الجنوب السوري. وقد حدثت بالفعل هجمات واعتداءات متزامنة ومُنّسقة بين العدو الإسرائيلي وتلك الفصائل، خلال الأشهر الفائتة، فقبل أيام من إعلان الهدنة على جبهة شمال فلسطين، وبالتزامن مع عدوان إسرائيليّ على ريف حمص، تحرّكت مجموعات من تنظيم "داعش" الإرهابي وهاجمت مواقع للجيش العربي السوري في البادية.

لكنّ اللافت جدّاً هنا، أنّه وبعد ساعات قليلة من خطاب رئيس وزراء العدو الذي سبق الهدنة، والذي هدّد فيه سوريا بمزيد من الاعتداءات، شنّت مجموعات إرهابية كبيرة، تتبع لفصيل "هيئة تحرير الشام" (القاعدة) الذي يتزعّمه أبو محمد الجولاني، مع فصائل أخرى، وبمشاركة كتائب من ما يسمّى "الجيش الوطني" الذي شكّلته تركيا، هجوماً كبيراً عند ساعات فجر يوم الأربعاء الأولى، هو الأعنف منذ العام 2020، وذلك على محاور ريف حلب الغربي، مستهدفة قرى "قبنان الجبل" و"الشيخ عقيل" و"بسرطون" و"بالا" و"السلّوم"، ومنطقة "الفوج 47" والنقاط العسكرية القريبة.

إعلام عبري: إسرائيل لها دور في تحركات الإرهابيين في سوريا

أعلن المحلل العسكري الإسرائيلي ران بن يشاي في صحيفة يديعوت أحرونوت مساء أمس: "من شبه المؤكد أن هناك صلة وثيقة بين الهجوم المفاجئ للجماعات المسلحة في سوريا ضد حلب وبين الهدنة التي تم إقرارها في لبنان". وأضاف المحلل أن "الهجمات المتكررة لسلاح الجو الإسرائيلي على سوريا خلال الأسابيع الأخيرة مهدت الطريق للإرهابيين لتحرير أنفسهم من الضغوط والتخطيط للهجوم". وأشار أيضًا إلى أن هذه الجماعات المسلحة ربما نسقت هجماتها بعد التشاور مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وكشف المحلل الإسرائيلي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عقد مساء الجمعة الماضية اجتماعًا أمنيًا استثنائيًا لتقييم تأثير التحركات المفاجئة في سوريا في ظل هجمات الجماعات المسلحة.

وأكد بن يشاي أن "الهجوم الذي شنته الجماعات المسلحة في شمال سوريا سيحقق فوائد لإسرائيل، على الأقل من ناحية تأخير تحرك الرئيس السوري بشار الأسد ضد إسرائيل". وفي سياق متصل، نقلت وسائل إعلام عبرية عن الجنرال الاحتياطي في الجيش الإسرائيلي دادي سمحي قوله خلال مقابلة مع قناة "كان": "من الجيد أن تؤدي عمليات الجماعات المسلحة في سوريا إلى إضعاف حكومة هذا البلد". من جانب آخر، ذكرت صحيفة معاريف نقلاً عن خبير في المجلس الوطني للعلاقات العربية الأمريكية أن "الولايات المتحدة وتركيا وإسرائيل تقف وراء الأزمة في سوريا". وأفاد التقرير بأن التحضيرات لهذا الهجوم بدأت منذ عدة أشهر، وتم تدريب هؤلاء الأفراد على أعلى المستويات، إلا أن تركيا وافقت على تنفيذ هذا الهجوم فقط بعد بدء الهدنة في لبنان. في غضون ذلك، وفي ظل تقارير عن تحركات الجماعات الإرهابية لإشعال الفتنة في سوريا، شهد يوم الأربعاء الماضي تزامنًا بين إعلان هدنة بين لبنان والنظام الصهيوني وتصعيد الهجمات من قبل الإرهابيين في ريفي حلب وإدلب. تزامنت هذه الهجمات مع تهديدات مباشرة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضد الرئيس السوري بشار الأسد، حيث قال: "على الأسد ألا يلعب بالنار". وبناءً على ذلك، تتضح بصمات الصهاينة والأمريكيين في هذه الفتنة الجديدة، وهو ما أكدت عليه السلطات السورية.

رایکم