۳۲۹مشاهدات
تقرير خاص لموقع "تابناك"؛

دعوة "عبد الله أوجلان" لإلقاء السلاح/ ماذا بعد البيان؟

دعا مؤسس حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، الخميس، حزبه إلى حل نفسه وإلقاء السلاح. وقال أوجلان، في رسالة قرأها حزب مؤيد للأكراد في تركيا ووجهها من سجنه في جزيرة ببحر مرمرة، كافة المجموعات المسلحة إلى نزع سلاحها، مضيفا أنه يتحمل "المسؤولية التاريخية لهذه الدعوة".
رمز الخبر: ۷۱۰۷۱
تأريخ النشر: 02 March 2025

القسم الدولي لموقع "تابناك": دعا مؤسس حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، الخميس، حزبه إلى حل نفسه وإلقاء السلاح. وقال أوجلان، في رسالة قرأها حزب مؤيد للأكراد في تركيا ووجهها من سجنه في جزيرة ببحر مرمرة، كافة المجموعات المسلحة إلى نزع سلاحها، مضيفا أنه يتحمل "المسؤولية التاريخية لهذه الدعوة". 

ما هي رسالة أوجلان؟

وأعلن أوجلان: "وُلد حزب العمال الكردستاني في القرن العشرين، الذي كان أكثر العصور عنفًا في التاريخ، في ظل حربين عالميتين، والاشتراكية الواقعية، وأجواء الحرب الباردة التي شهدها العالم، وإنكار الواقع الكردي، والقيود المفروضة على الحريات، وعلى رأسها حرية التعبير. من الناحية النظرية والبرنامجية والاستراتيجية والتكتيكية، تأثر الحزب بشدة بالنظام الاشتراكي الواقعي في القرن العشرين. ومع انهيار الاشتراكية الواقعية في التسعينيات لأسباب داخلية، وتراجع سياسة إنكار الهوية في البلاد، والتطورات التي شهدتها حرية التعبير، فقد الحزب أهميته وأصبح يعاني من التكرار المفرط. ونتيجة لذلك، استكمل دوره مثل نظرائه، وأصبح حله ضرورة. على مدى أكثر من ألف عام، سعى الأتراك والأكراد إلى الحفاظ على وجودهم والصمود في وجه القوى المهيمنة، مما جعل التحالف القائم على الطوعية ضرورة دائمة لهم".

وأضاف: "لكن الحداثة الرأسمالية، على مدار المأتي عام الماضية، جعلت هدفها الأساسي هو تفكيك هذا التحالف. وقد تأثرت القوى المختلفة بهذا الأمر وسارت في هذا الاتجاه بناءً على أسس طبقية. ومع التفسيرات الأحادية للجمهورية، تسارع هذا المسار. واليوم، أصبح من الضروري إعادة تنظيم هذه العلاقة التاريخية التي أصبحت هشة للغاية، بروح الأخوة، مع مراعاة المعتقدات أيضًا. لا يمكن إنكار الحاجة إلى مجتمع ديمقراطي. إن تمكن حزب العمال الكردستاني، الذي كان أطول وأشمل حركات التمرد والعنف في تاريخ الجمهورية، من الحصول على القوة والدعم، كان نتيجة لإغلاق قنوات السياسة الديمقراطية. أما الحلول القائمة على النزعات القومية المتطرفة، مثل إنشاء دولة قومية منفصلة، أو الفيدرالية، أو الحكم الذاتي ، أو الحلول الثقافوية، فهي لا تلبي متطلبات الحقوق الاجتماعية التاريخية للمجتمع. إن احترام الهوية، وحرية التعبير، والتنظيم الديمقراطي، وبناء الهياكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لكل فئة وفقًا لأسسها الخاصة، لا يمكن أن يتحقق إلا بوجود مجتمع ديمقراطي ومساحة سياسية ديمقراطية."

أول تعليق من حزب العدالة والتنمية

وتأسس حزب العمال الكردستاني عام 1978، وتعتبره أنقرة وواشنطن والاتحاد الأوروبي إرهابيا، وأطلق تمردا مسلحا صد أنقرة عام 1984 لإنشاء دولة كردية. وخلف هذا الصراع أكثر من 40 ألف قتيل خلال أربعة عقود.

وكانت دعوتان سابقتان إلى الهدنة أطلقهما أوجلان في بداية القرن الحالي، ثمّ في العام 2013، قد باءتا بالفشل، ما أفسح المجال أمام تجدد أعمال العنف. وفي أول تعليق من حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، قال نائب رئيس الحزب إفكان علاء إن "جوهر الدعوة هو إلقاء السلاح وحل المنظمة الإرهابية. نحن ننظر إلى النتيجة." وأضاف: "إذا استجابت المنظمة الإرهابية لهذا النداء وألقت سلاحها وتجمعت وحلت نفسها فإن تركيا ستتحرر من قيودها."

ترحيب واسع بدعوة أوجلان لإلقاء السلاح

قوبلت الدعوة التاريخية التي أطلقها أمس الخميس زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان إلى حزبه لإلقاء السلاح وحل نفسه بترحيب إقليمي ودولي واسع. ورأى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في دعوة أوجلان حزب العمال الكردستاني الذي أسسه إلى إلقاء السلاح وحل نفسه "بارقة أمل لتحقيق السلام".

وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام إن "غوتيريش يرحب بهذا التطور المهم الذي يمثل بارقة أمل يمكن أن تقود إلى حل صراع طويل الأمد بين الحزب الكردي المسلح والسلطات التركية". كما رحبت الولايات المتحدة أمس بدعوة أوجلان، وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض بريان هيوز "هذا تطور مهم ونأمل أن يساعد في تطمين حلفائنا الأتراك بشأن شركاء الولايات المتحدة في مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية بشمال شرق سوريا، نعتقد أنه سيساعد على إحلال السلام في هذه المنطقة المضطربة".

وفي برلين، رحب المستشار الألماني أولاف شولتس بدعوة أوجلان، وقال شولتس مساء أمس الخميس إن "حزب العمال الكردستاني مصنف منظمة إرهابية محظورة في ألمانيا، وقد تسبب صراعه بالفعل في سقوط عدد كبير جدا من الضحايا". وأضاف السياسي الاشتراكي الديمقراطي أن "دعوة أوجلان الآن توفر أخيرا فرصة للتغلب على هذا الصراع العنيف وتحقيق تطور سلمي دائم للقضية الكردية".

وفي العاصمة العراقية بغداد، أصدرت وزارة الخارجية أمس الخميس بيانا رحبت فيه بالدعوة التي وجهها أوجلان إلى حزب العمال الكردستاني لإلقاء السلاح، معتبرة أن الخطوة "إيجابية ومهمة" لتحقيق الاستقرار في المنطقة. كما رحبت رئاسة إقليم كردستان العراق أمس بدعوة أوجلان، داعية المقاتلين الأكراد إلى "تنفيذها"، ومؤكدة عزمها دعم عملية السلام. وقال رئيس الإقليم نيجيرفان البارزاني في منشور على منصة "إكس" بالكردية "نرحب بحرارة برسالة السيد أوجلان ودعوته إلى نزع السلاح وحل حزب العمال الكردستاني، ونطلب من الحزب الالتزام بهذه الرسالة وتنفيذها".

وأكد البارزاني أن الإقليم "يدعم بشكل كامل عملية السلام"، مشددا على استعداده "للقيام بدور المساعدة والتعاون في كل ما يقع على عاتقنا لإنجاح هذه العملية". وقال البارزاني في كلمة له أمس" نؤكد موقفنا الثابت إزاء عملية السلام والتسوية في تركيا"، معلنا "دعما كاملا للعملية بكل ما يمكن، من منطلق رؤيتنا أن السلام هو السبيل الصحيح الوحيد لحل الخلافات"، وآمل أن تؤدي دعوة أوجلان إلى "نتيجة تصب في مصلحة جميع الأطراف".

ماذا بعد البيان؟

تعامل المجتمع الكردي مع البيان بإيجابية واضحة، حيث تم إقامة شاشات عملاقة في ولايتي ديار بكر وفان، لمشاهدة إعلان البيان، وطغت الأجواء الاحتفالية على تلك التجمعات، فرحًا بقرب طي صفحات تلك الحقبة تمامًا. على المستوى السياسي، أتى أول رد فعل من نائب رئيس حزب العدالة والتنمية، أفقان آلا "الذي كان وزيرًا للداخلية أثناء محاولة الحل عام 2013″، حيث أشار إلى أن البيان ليس موجهًا للسلطة الحاكمة، فجوهر الدعوة "هو إلقاء السلاح وحل المنظمة الإرهابية"، وأضاف: "نحن ننظر إلى النتيجة، إذا استجابت المنظمة الإرهابية لهذا النداء وألقت سلاحها وحلت نفسها فإن تركيا ستتحرر من قيودها".

بعبارة أخرى، فإن نائب رئيس الحزب الحاكم، ألقى بالكرة في ملعب حزب العمال، مشيرًا إلى أن بيان أوجلان ليس سوى البداية، وأن الحكومة لن تتحرك الآن إلا بعد أن يأخذ حزب العمال زمام المبادرة ويحول دعوة أوجلان إلى إجراءات ملموسة. عمليًا فإن دعوات إلقاء السلاح داخل تركيا، لم تعد مثل الماضي، إذ نجحت العمليات الأمنية المتعاقبة منذ عام 2015 في شلّ قدرات التنظيم، وإجباره على إخلاء معاقله التقليدية في ولايات الجنوب الشرقي، وفي المناطق الجبلية، والتي كان ينطلق منها لشنّ العمليات الإرهابية ضد قوات الأمن والمدنيين على حد سواء.

رایکم