۱۹۱مشاهدات
تقرير خاص لموقع "تابناك"؛

إنتفاضة الشبان السوريين الغيورين ضد الإرهابيين/ ماذا حدث في المناطق الساحلية؟

ستظهر التطورات المستقبلية أن الشباب السوريين الغيورين لن يصمت في وجه الضعف الداخلي والعدوان الخارجي، وهم قادرون على تغيير المعادلات على الأرض.
رمز الخبر: ۷۱۱۰۱
تأريخ النشر: 09 March 2025

القسم الدولي لموقع "تابناك": أعلنت بعض وسائل الإعلام المحلية في سوريا، يوم الخميس 6 مارس 2025، أن قوى المقاومة في المناطق الساحلية نصبت كميناً لقوات تنظيم هيئة تحرير الشام الإرهابي، وقتلت 5 منهم على الأقل. وبعد هذه الحادثة، وصل الصراع المسلح في اللاذقية وطرطوس وحمص إلى أعلى مستوياته. وخلال تلك الاشتباكات سقطت السيطرة على بعض الثكنات ونقاط التفتيش والمراكز الحكومية بيد قوات المقاومة. كما تمكنوا من القبض على بعض العناصر التكفيرية.

في المقابل، واصلت العناصر التابعة للجولاني سياسة القتل في اللاذقية وقرية "جبلة" العلوية. حاول هؤلاء المرتزقة فرض الأحكام العرفية من الساعة العاشرة صباحًا حتى العاشرة مساءً. وتحوّل لواء "شاهين" للطائرات من دون طيار، بدعم تركي، إلى أداة لقمع المتظاهرين السوريين، وانتشر استخدام هذا السلاح بسرعة في مختلف أنحاء سوريا. وذكرت قناة العربية أن قوات بقيادة الجولاني توجهت من إدلب ودمشق إلى غرب سوريا من أجل استعادة السيطرة على شؤون المنطقة.

وبحسب آخر التطورات الميدانية، تدور اشتباكات عنيفة في محيط مشفى ابن سينا في اللاذقية بين قوات سوريا الديمقراطية والتكفيريين. وبحسب مصادر عبرية، قُتل أكثر من 70 شخصاً وأصيب العشرات خلال أول 24 ساعة من الصراع فقط. وصل مستوى القمع الذي يتعرض له الشعب العلوي في منطقة الساحل إلى درجة أن مجموعات مختلفة من الناس تجمعوا أمام قاعدة حميميم الجوية السورية وطالبوا الروس بحماية المدنيين.

ويرى بعض المحللين أن تنظيم هيئة تحرير الشام الإرهابي ربما قرر قمع العلويين بعد فشله في التعامل مع الأقليتين الكردية والدرزية من أجل الحفاظ على وصوله إلى البحر الأبيض المتوسط. وهناك أيضاً إمكانية قيام الدعاية التكفيرية باستغلال الظروف القائمة لتحديد "العدو الداخلي" للتغطية على نقاط الضعف وخلق تحالف مصطنع.

إحباط الشعب السوري من حكومة الإرهابيين

الدولة الوطنية السورية هي أحد الأنظمة السياسية المصطنعة التي نشأت في قلب المشرق العربي تحت تأثير الخطوط التي رسمتها اتفاقية سايكس بيكو. منذ الأيام الأولى لتأسيس البلاد تحت الانتداب الفرنسي، كان هناك انقسام بين "الأغلبية والأقلية" في هذه المنطقة. إن غياب الدولة الطبيعية في هذه المنطقة الجغرافية أتاح دائماً الفرصة للجهات الإقليمية والعابرة للحدود لاكتساب نفوذ كبير في كل أو جزء من الأراضي السورية. لقد أدى إنشاء نظام البعث إلى احتواء جزء كبير من التدخل الأجنبي وتمكين البلاد من العمل في محيطها. وعلى وجه الخصوص، اكتسبت لبنان والأردن وفلسطين المحتلة نفوذاً كبيراً. لكن سوريا اليوم تكافح عمليا خطر التفكك، والأحداث المقبلة قد تغيّر خريطة هذا البلد العربي إلى الأبد!

إن فشل جماعة هيئة تحرير الشام الإرهابية في مواجهة التهديدات الإقليمية، مع استمرار المشاكل الاقتصادية وعدم الانفتاح الجاد في قضية العقوبات، دفع الناس العاديين إلى الاحتجاج قريبًا والمطالبة بمحاسبة الحكام الجدد في دمشق. وفي نظر الناس العاديين، ورغم المشاكل الاقتصادية، كانت حكومة بشار الأسد تتمتع بمثل هذه السلطة النسبية بدعم من المقاومة، لدرجة أنها لم تسمح للنظام الصهيوني بتجاوز "خطوط الحدود الحمراء" استناداً إلى اتفاق عام 1974. والآن يشهد الشعب السوري الاحتلال العملي للجنوب السوري.

في الوقت نفسه، على الحدود الشرقية، لا يزال نحو خُمس أراضي سوريا تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية. وفي ظل هذه الظروف قررت جماهير الشعب النزول إلى الشوارع والمطالبة بمطالبها في الساحات. من ناحية أخرى، فإن حكومة جماعة هيئة تحرير الشام الإرهابية، التي تدرك عجزها عن الوفاء بجزء كبير من الوعود التي قدمتها، لا ترى أي خيار آخر سوى القمع الواسع النطاق للشعب. ويأتي هذا في الوقت الذي وعد فيه تميم بن حمد آل ثاني باستثمار 20 مليار دولار في سوريا، كما استخدم الأتراك جزءاً كبيراً من قوتهم الاقتصادية واللوجستية في سوريا للمساعدة في استقرار حكومة الجولاني. في الآونة الأخيرة، تم إرسال محطة طاقة عائمة تركية إلى سواحل سوريا بهدف زيادة الرضا العام عن الحكومة الجديدة من خلال ربطها بشبكة الكهرباء في الدولة العربية!

وفي الوقت نفسه رفع الاتحاد الأوروبي بعض العقوبات التي فرضها على سوريا لإظهار دعمه للحكام الجدد في دمشق وطمأنة الرأي العام السوري بأن مستقبلاً أفضل ينتظرهم من الماضي! كما استضافت السعودية ودول أخرى زعيم جماعة هيئة تحرير الشام الإرهابية. في هذه الأثناء، وعدت الرياض بتزويد المصافي السورية بالنفط. ورغم الدعم الخارجي لنظام الجولاني، يبدو أن الناس العاديين لم يتلقوا بعد رداً مناسباً على مخاوفهم الاقتصادية والأمنية، وينتظرون إجراءات جدية لتحقيق مطالبهم.

ما يحدث في المستقبل

إن نجاح أو فشل انتفاضة العلويين في المناطق الساحلية من سورية يعتمد على رد فعل أو عدم رد فعل الأقليات الكردية والدرزية والمسيحية. في مواجهة "مركزيي دمشق"، تسعى الأقليات السورية إلى استعادة "النظام الفيدرالي" في كل أنحاء سوريا. وفي هذا الوضع الميداني، فإن أي نوع من التنسيق بين الأقليات السورية سوف يزيد من فرص نجاحها على المدى المتوسط. إذا كانت الأقليات المتواجدة على حدود سوريا تريد الحصول على امتيازات أكبر من خلال "الحوارات الوطنية" أو "المجلس الدستوري"، أو إذا كانت تريد الحصول على قدر كبير من الاستقلال السياسي أو العسكري على أرض الواقع، فليس أمامها خيار سوى الاتحاد والتنسيق.

النتيجة

ورغم الجهود المتواصلة التي تبذلها الحكومات الغربية والعربية لإظهار عودة الاستقرار إلى سوريا، فإن هذا البلد العربي فقد وحدته أكثر من أي وقت مضى، وبات عرضة لخسارة أراضيه بسبب المنافسة الإقليمية والدولية الشديدة. وستظهر التطورات المستقبلية أن الشباب السوريين الغيورين لن يصمت في وجه الضعف الداخلي والعدوان الخارجي، وهم قادرون على تغيير المعادلات على الأرض.

رایکم