۳۵۴مشاهدات
هذا ويتصدّر الإسلام السياسي المشهد العنفي ويبدو أنه المتهم الأساسي في انفلاش تلك الظاهرة، وهي برزت بعد ثورات الربيع العربي التي قامت في عدد من البلدان العربية ضدّ سطوة الحكام واستبدادهم.
رمز الخبر: ۲۶۰۸۲
تأريخ النشر: 03 February 2015
شبكة تابناك الاخبارية: يتحدّث السيد محمد حسن الامين عن مبدأ العداوة في الإسلام فيؤكد أن لا عداوة دينية يتضمنها الاسلام، بل إن من يعتدي ويبغي على الآخر هو من يصبح عدوًّا، وإسرائيل هي عدوّ لأنها دائما معتدية، غير أن قتال حزب الله دفاعًا عن نظام مستبد في سورية غير جائز وهو استعدى غالبية الشعب السوري الثائر.

تتنامى ظاهرتا الكراهية والعنف ضدّ الآخر في العديد من المجتمعات العربية والإسلامية، الأمر الذي أدّى إلى تفشي الإرهاب ذي المنشأ الديني، بحسب تصنيف بعض علماء الاجتماع والدارسين المهتمين في الشأنين الديني والسياسي في بلادنا.

هذا ويتصدّر الإسلام السياسي المشهد العنفي ويبدو أنه المتهم الأساسي في انفلاش تلك الظاهرة، وهي برزت بعد ثورات الربيع العربي التي قامت في عدد من البلدان العربية ضدّ سطوة الحكام واستبدادهم.

فتشكّل على إثرها في بعض أقطار سورية والعراق واليمن ومصر وليبيا وحتى في لبنان، جماعات مسلّحة تكفيريّة سلفيّة وسّعت دائرة "العداوة” لتشمل من يخالفها في الدين والمذهب وحتى في الرأي.

حول الخلفية الإسلامية لتلك الظواهر السلبية ولفهم مبدأ "العداء الديني”، تحدّثنا مع سماحة العلامة المفكر الإسلامي السيّد محمد حسن الأمين، فكشف "أن مبدأ العداوة في الإسلام غير موجود، بالأخص في الشأن المتعلق بالإيمان وبالعقيدة وباختلاف المذاهب. فإن اختلاف العقائد لا يشكّل مصدرًا مشروعًا لأيّ صورة من صور العداء، وهذا ما يؤكّد أن الإسلام ليس دين قومية معينة، أو عنصرية معينة، وإنما هو دين الإنسانية أو بالأحرى هو الدين الذي يطمح لأن تكون الإنسانية فريقًا واحدًا، بل أمة واحدة، رغم ما تقرّره الآية القرآنية الكريمة: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم}. أي أن كون الناس أممًا وشعوبًا مختلفة لا يمنع السعي ليكونوا أمة واحدة عن طريق التعارف الذي أشارت إليه الآية القرآنية”.

ولكن متى يتوجّب على المسلمين أن يقاتلوا؟ يوضح العلامة الأمين: "إن العداوة المشروعة في الإسلام تنشأ عن العدوان الذي يتوجّه من فريق إلى فريق، وهو نوع من البغي والتميّز الذي يدفع فريقاً يرى في نفسه القوة والتفوق ليعتدي على فريق آخر بقصد التجبّر والهيمنة والسيطرة، وهذا ما يحدث بين الشعوب والأمم كما يحدث بين الأفراد، فالعدوّ هو المعتدي، والذاهب في عدوانه إلى الحدود القصوى والأئمة، وهو الذي يجوز اعتباره عدوًّا، ويجوز قتاله، وفي هذه الحالة يكون هذا القتال نوعًا من "الجهاد”. وكما أشرنا دائمًا، فإن الجهاد في الإسلام هو جهاد دفاعيّ وليس جهادًا هجوميًّا. وعلى هذا الأساس فإن الصراع مع العدوّ الصهيوني من وجهة نظر إسلامية هو صراع مشروع وربما يكون واجبًا، ولكن أوّلًا ليس بوصف الإسرائيليين يهودًا بل معتدين، لأن اليهود بتصنيف الإسلام هم أهل الكتاب الذين قرّر الإسلام احترامهم واحترام شعائرهم وحريتهم في ممارسة هذه الشعائر، والصهاينة بوصفهم يمارسون أعلى صور العداء للمسلمين عمومًا وللعرب والفلسطينيين خصوصًا ويغتصبون الأرض ويصادرون الثروات، ويرتكبون الجرائم والعدوان الحربي، أي قتال المسلمين، وبالتالي فإن مثل هذا العداء من قبل المسلمين هو رد فعل وجهادنا لهم هو جهاد دفاع وليس جهاد عدوان”.

نسأل استطرادًا: بالنسبة إلى تدخل حزب الله في سورية هل يمكن اعتبار القتال مناصرة للأنظمة المستبدة، مشروعًا بحجة الدفاع عن المقاومة أو المذهب؟ وهل يمكن أن نعتبر أن الثوار في سورية المختلفين عنا في المذهب أعداء لنا؟

يجيب السيّد: "القتال دفاعًا عن الأنظمة المستبدة غير مشروع، ولو كان هناك اختلاف في المذهب والدين، أو بين المسلمين وغيرهم. والقتال لا يكون إلا دفاعًا عن النفس، ونحن لا نعتقد أننا في لبنان نتعرض لعدوان من المعارضة السورية التي تشكل شريحة كبيرة من شعب سورية المختلف الأديان والطوائف والمذاهب. أما الموقف من العنف باسم الإسلام الذي يمارس من قبل تنظيم داعش الارهابي مثلًا، فهذا مدان إدانة قاطعة، ليس سياسيًّا فحسب بل دينيًّا أيضًا، والمعارضة السورية ليست أقلّ من غيرها تعرضًا للعدوان من قبل هذه الشراذم التكفيرية. ومن وجهة نظري، فإن حزب الله كحركة مقاومة شريفة في تاريخ الصراع بينه وبين العدو الإسرائيلي، قد أرتكب خطأً كبيرًا في الانحياز إلى النظام السياسي في سورية وقد أضعف ذلك المكان المميز لهذه الحركة في الأوساط العربية وكثير من الأوساط الإسلامية. الأمر الذي يستدعي فعلًا إعادة النظر في موقف الحزب من نهضة الشعب السوري، وفي أقل الافتراضات، فإن بوسع هذا الحزب إما أن يتخذ موقف الحياد المطلق في النظام والمعارضة، أو أن يمارس دورًا فاعلًا في المساعدة بالحلول السياسية التي يمكن أن تحقق قدراً كبيراً من إصلاح ذات البين، دون أن يعني ذلك بقاء النظام السوري على حاله كنظام حاكم غير ديموقراطي. إذ يجب الإقرار بأن هذا النظام لا بد أن يتغير إن لم نقل بصورة كلية فبصورة جزئية لجهة التحول إلى نظام ديموقراطي وليس نظام حكم الحزب الواحد”.

وحول العملية الأخيرة في مزارع شبعا، التي قام بها حزب الله ضد جنود العدو الإسرائيلي ثأرًا لشهداء غارة القنيطرة، يؤكّد السيد الأمين أنها "عمليّة مشروعة لأنها جاءت ردًّا على عدوان إسرائيلي سافر سواء وقع على الأرض السورية أو اللبنانية، وهذا ما يؤكد رؤيتنا بأنه يجب البقاء بحالة جهوزيّة دائمة لمواجهة العدوان الإسرائيلي المحتمل كل لحظة، وهو ما يقتضي من المقاومة التفرّغ لمثل هذه المواجهة، وهي مواجهة أكثر من مشروعة، إنها مواجهة واجبة ضد العدو الحقيقي، والمقاومة بالكاد تستطيع صدّ العدوان وقتال هذا العدو الغاشم في حال تفرّغها الكامل لهذه المواجهة”.

النهاية
رایکم