منذ السابع من أكتوبر 2023، نفّذ الاحتلال نحو 14300 عملية اعتقال في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، ولايشمل الرقم أسرى قطاع غزة الذين تقدر أعدادهم بالآلاف ويمارس في حقهم سياسة الإخفاء القسري.
ووفق بيانات هيئة شؤون الأسرى والمحررين، فإن العام الماضي مثّل العام الأكثر دموية في تاريخ الحركة الأسيرة، إذ بلغ عدد الأسرى اشهداء 54، كان آخرهم خمسة أسرى من غزة استشهدوا خلال 24 ساعة.
وقال مدير العلاقات العامة في نادي الأسير رائد عامر في حديثه لوكالة "صفا"، بأن مؤسسات الأسرى ترجح وجود أسرى شهداء يتم إخفاء أسماءهم وأعدادهم من قبل الاحتلال، والمؤكد لغاية اليوم هو ما اعترف الاحتلال باستشهادهم، وهم 54 أسيراً، من بينهم 34 أسيراً من قطاع غزة و20 أسيراً من الضفة.
وأضاف أن الأوضاع التي يعانيها الأسرى داخل السجون ومراكز التحقيق، وعمليات التعذيب ووالتنكيل والتجويع المستمرة بوتيرة متصاعدة، تنذر باستشهاد المزيد من الأسرى إذا لم يتم وضع حد لجرائم الاحتلال.
قتل وتعذيب وإخفاء قسري
وأفاد عامر بأن الانتهاكات التي يرتكبها الاحتلال في حق أسرى غزة المحتجزين في مراكز التحقيق، تتجاوز أضعاف الواقع المأساوي الذي يواجه الأسرى في السجون الإسرائيلية.
وأوضح أن قوات الاحتلال اعتقلت الآلاف من أهالي القطاع خلال حرب الإبادة، ونقلتهم إلى مراكز للتوقيف والتحقيق، التي تعتبر مراكز للتعذيب والتنكيل والقتل بحسب شهادات أسرى محررين.
وبيّن أن الأسرى يتعرضون لشتى أنواع التعذيب طيلة الأشهر الماضية، وبغطاء قانوني إسرائيلي، إذ أدخل الاحتلال تعديلات على قانون المقاتل غير الشرعي مع بداية الحرب، ساهمت في ترسيخ جريمة الإخفاء القسري.
وأشار إلى أن الاحتلال يرفض الإفصاح عن أية معلومة تخص معتقلي غزة، أو أية معطيات تتعلق بأعدادهم، في مقابل لم تتمكن أية مؤسسة حقوقية دولية من مراقبة ملف الإخفاء القسري لأسرى غزة، فضلاً عن التجاوزات التي يرتكبها الاحتلال داخل المعتقلات.
وخلال الأيام القليلة الماضية، أفرج الاحتلال عن 20 أسيراً من غزة، وكانت أجسادهم منهكة تنيجة التعذيب والجوع داخل السجن، بحسب ما أفاد به عامر.
وأضاف أن أهالي المفقودين في القطاع يتواصلون مع مؤسسات الأسرى عبر الرابط المخصص لأسرة غزة، وهي بدورها تقوم بمتابعة هذا الملف عبر مراسلة إدارة السجون من خلال طواقم المحامين.
وبيّن أن الاحتلال يتلاعب في الردود على معظم الطلبات لتحديد أماكن معتقلين، ويرفض الإفصاح عن المعلومات المتعلقة في أسرى قطاع غزة، في حين يبقى الآلاف من المفقودين دون معرفة مصيرهم إذا ما كانوا شهداء، أو داخل السجون مهددين بالإعدام في أي لحظة.
وقال عامر "إن ما يتعرض له الأسرى من تعذيب وتجويع وإعدام مستمر منذ أكثر من 15 شهراً، في ظل صمت وعجز مؤسسات حقوق الإنسان الدولية، ينذر بالمزيد من الشهداء".
شهادات لأسرى غزة
ونشرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، شهادات جديدة لمعتقلين من غزة في سجن (النقب الصحراوي)، عن تفاصيل مروّعة وصعبة، تعرضوا لها خلال عملية اعتقالهم، وخلال فترة التّحقيق.
ووعكست شهادات الأسرى مستوى التوحش غير المسبوق الذي يمارسه الاحتلال في حق الأسرى، كما ركزت على استمرار انتشار مرض الجرب الذي تستخدمه منظومة السجون أداة تعذيب بحق المعتقلين.
وبحسب تقرير الهيئة ونادي الأسر، فإن غالبية الأسرى الذين تمت زيارتهم، أجسادهم مغطاة بالدمامل، وحضروا للزيارة وهم يرتجفون من شدة البرد، خاصة أن بعضا منهم محتجزون في قسم الخيام.
وجاء في إفادة الأسير (م، ر): "تعرضت للاعتقال من الممر الآمن في مدينة الشيخ في شهر آذار/ مارس 2024، ومنذ اللحظة الأولى على اعتقالي تعرضت لكل أشكال التّعذيب والتّنكيل، وقد شاهدت الموت ألف مرة، ثم جرى نقلي إلى أحد المعسكرات في غلاف غزة، وبقيتُ هناك (82) يوماً، وخلال فترة احتجازي فيه، بقيتُ مكبلاً ومعصوب العينين على مدار 24 ساعة، ممنوع من الحركة، وعلى المعتقل أن يجلس 16 ساعة باليوم ويمنع عليه الحديث".
واشار الأسير إلى الظروف المأساوية في سجن النقب بسبب انتشار مرض الجرب، ومعاناة معظم الأسرى من الالتهابات والدمامل والحكة الشديدة التي تمنعهم من النوم.
وفي شهادة للمعتقل (م، ح)، أفاد بتعرضه لكافة أشكال الضرب والتعذيب بعد اعتقاله من مستشفى كمال عدوان.
وقال: "جرى نقلي ومعتقلين آخرين إلى مكان آخر، وألقوا علينا مياه عادمة، وتبولوا علينا، ثم جرى نقلنا إلى معسكر لمدة (27) يوماً"
وأجبر طوال الوقت على البقاء راكعاً على ركبيته ومعصوب العينين ومقيد الأيدي والأرجل، قبل نقله وأسرى آخرين إلى سجن النقب، حيث يواجهون الموت البطيء في كل لحظة، بحسب شهادة الأسير.
ولفت تقرير الهيئة ونادي الأسير إلى أن المعتقل (م، ح) حضر إلى الزيارة بملابس ممزقة وخفيفة رغم البرد القارس، وجسمه مغطى بالدمامل إثر إصابته بمرض السكايبوس.