۱۳۳مشاهدات
تقرير خاص لموقع "تابناك"؛

جنود الإحتلال الإسرائيلي تحت مرمى المحاكم الدولية/"وصمة الإبادة" على جبين مجرمي الحرب

بعد إصدار «المحكمة الجنائية الدولية» مذكرتَي اعتقال بحقّ كل من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ووزير أمنه السابق يوآف غالانت، انشغلت الأوساط السياسية والإعلامية في تل أبيب، بالتعامل مع التداعيات «الكارثية» التي باتت ترتّبها الشكاوى القضائية المرفوعة ضدّ جنود الاحتلال في الخارج من جانب جهات حقوقية متعددة، من أبرزها «مؤسسة هند رجب».
رمز الخبر: ۷۰۸۴۰
تأريخ النشر: 11 January 2025

القسم الدولي لموقع "تابناك": لا ينفك العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة يفرز مشكلات دولية لكيان الاحتلال، وخاصة على المستوى القضائي. فبعد إصدار «المحكمة الجنائية الدولية» مذكرتَي اعتقال بحقّ كل من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ووزير أمنه السابق يوآف غالانت، أواخر العام الماضي، انشغلت الأوساط السياسية والإعلامية في تل أبيب، نهاية الأسبوع الماضي، بالتعامل مع التداعيات «الكارثية» التي باتت ترتّبها الشكاوى القضائية المرفوعة ضدّ جنود الاحتلال في الخارج من جانب جهات حقوقية متعددة، من أبرزها «مؤسسة هند رجب»، التي تأسّست من قبل ناشطين فلسطينيين في بروكسل تكريماً لذكرى الطفلة هند رجب التي قتلها الجيش الإسرائيلي مع جميع أفراد أسرتها في حيّ تل الهوى جنوب غرب قطاع غزة، في كانون الثاني 2024. في ضوء توجّه منظمات حقوقية تُعنى خصوصاً بالدفاع عن حقوق الفلسطينيين، إلى جمع معلومات عن جنود إسرائيليين نشروا مقاطع مصوّرة لأنفسهم وهم يرتكبون جرائم في غزة، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبريّة أنّ «مؤسسة هند رجب» وحدها تقدّمت بطلبات اعتقال لألف جندي إسرائيلي من مزدوجي الجنسية في ثماني دول، بينها إسبانيا وإيرلندا وجنوب أفريقيا.

ولفتت إلى أنّ المؤسسة المذكورة جمعت معلومات وأدلّة على الاتهامات الموجّهة إلى الجندي الاحتياط التابع للواء «جفعاتي»، والذي تم التستّر على هويته في وسائل الإعلام، وأُعطي الرمز «ي». وأوضحت أن تلك الأدلة شملت مقاطع فيديو، وبيانات تحديد الموقع الجغرافي، وصوراً تُظهر المشتبه فيه شخصياً وهو يزرع متفجرات ويشارك في تدمير أحياء كاملة في غزة. وبحسب بيان صادر عن المؤسسة، فإّن الشكوى تتّهم المشتبه فيه بـ«المشاركة في أفعال تنطبق عليها قرائن الإبادة الجماعية والجرائم ضدّ الإنسانية بموجب القانون الدولي».

وأشارت «يديعوت أحرونوت» إلى أن التكتيك الذي تتبعه «مؤسسة هند رجب» في ملاحقة الجنود، يقوم على تفادي الإعلان عن أسمائهم حتى لا تكون لديهم الفرصة للهرب من الملاحقة، أو الحصول على إنذار مسبق من قِبَل حكومتهم لتلافي الاعتقال، علماً أنّ القنصلية الإسرائيلية في البرازيل نجحت أخيراً في تنبيه الجندي «ي»، بعد صدور مذكرة اعتقال بحقه من قِبَل القضاء البرازيلي، لحثّه على الهرب. ونبهت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن تصرفات «مؤسسة هند رجب» تسلّط الضوء على التهديدات القانونية المتزايدة التي يواجهها عناصر الجيش في جميع أنحاء العالم. يعتقد د. رائد أبو بدوية، أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في الجامعة العربية الأمريكية أن ما شهدته الساحة الدولية مؤخراً من تطورات لافتة في التعامل مع جرائم الحرب الإسرائيلية، حيث بدأت محاكم دولية، أبرزها في البرازيل وسريلانكا، اتخاذ خطوات جادة لمحاكمة الجنود الإسرائيليين المتهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، يُعد جزءاً من جهود دولية متزايدة لتفعيل مبدأ "الاختصاص العالمي"، الذي يسمح بمحاسبة مجرمي الحرب في المحاكم الوطنية للدول، بغض النظر عن جنسياتهم أو مكان ارتكاب الجرائم.

ويرى أبو بدوية أن تحرك البرازيل، على وجه الخصوص، بشأن محاكمة وملاحقة جنود إسرائيليين ارتكبوا جرائم إبادة في غزة يعكس نشاطاً جاداً من قبل المؤسسات الحقوقية الداعمة لفلسطين على المستوى العالمي. ويشير أبو بدوية إلى أن مؤسسة "هند رجب"، التي رفعت الشكوى في البرازيل، تعد مثالاً بارزاً على الجهود المنظمة للمؤسسات الحقوقية الدولية. ووفق أبو بدوية، فإن هذه المؤسسة تحمل اسم طفلة استشهدت في غزة، تنشط من مقرها في بلجيكا وتعمل على نطاق عالمي لتحريك الدعاوى الجزائية ضد مرتكبي جرائم الحرب. ويوضح أبو بدوية أن هذه الجهود تعزز فكرة تفعيل مبدأ الاختصاص العالمي في المحاكم الوطنية، والذي يسمح بمحاكمة مجرمي الحرب ومرتكبي جرائم الإبادة في محاكم الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، مؤكدا أن هذه التحركات تمثل بداية لتفعيل أوسع لهذا المبدأ، ما يُعد تطوراً مهماً في سبيل تحقيق العدالة الجنائية الدولية.

ويشير أبو بدوية إلى أن هذه الخطوات تأتي في سياق الضغوط المتزايدة على إسرائيل منذ صدور مذكرات الاعتقال الدولية بحق رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الحرب السابق يوآف غالانت. ومع تصاعد الجهود الدولية، أصبحت الشكاوى لا تقتصر على القادة السياسيين، بل بدأت تستهدف الجنود والضباط الذين شاركوا في العمليات العسكرية ضد الفلسطينيين. ويعتقد أبو بدوية أن هذه التحركات لا تشكل فقط ضغطاً قانونياً على إسرائيل، بل تسهم أيضاً في إحراجها دبلوماسياً على الساحة الدولية، وتحد من قدرة الولايات المتحدة على حماية إسرائيل من المحاسبة القانونية، حيث تصبح المحاكمة ليست فقط أمام المحكمة الجنائية الدولية. ويشير إلى أن هناك مشروع قانون أمريكياً قيد النظر يهدف إلى فرض عقوبات على كل من يتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، وهو ما يعكس حجم الضغوط السياسية التي تواجهها المحكمة، لكن تفعيل المحاكمات الوطنية في الدول يخفف ذلك الضغط عن الجنائية ويمكن أن يكون محاولة لإفشال الجهود الأمريكية الرامية للضغط على المحكمة.

تحرك إسرائيلي

وفي السياق ذاته، قالت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية إن وزير الخارجية غدعون ساعرعقد اجتماعا لفريق من وزراء المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية، لبحث حماية اليهود والإسرائيليين في الخارج. وأضافت الصحيفة أن الاجتماع جاء بعد انشغال ساعر بشكل شخصي في معالجة قضية أدت إلى تهريب جندي إسرائيلي من البرازيل. وأشارت إلى أن الاجتماع متعدد الأطراف هو الأول من نوعه ضمن سلسلة اجتماعات لمعالجة هذه القضية. وأوضحت "يديعوت أحرونوت" أن ساعر أصدر توجيهات خلال الاجتماع بوضع إجراءات عمل واضحة وفورية للتعامل مع مثل هذه الحالات. وبالإضافة إلى ذلك، وجّه ساعر بضرورة إبلاغ الجيش أن الجنود يجب أن يتلقوا تعليمات تمنعهم من نشر أي توثيقات للأنشطة العملياتية، كما أصدر توجيها بإجراء عمل منظم لمراقبة المنظمات التي تعمل ضد جنود الجيش الإسرائيلي في الخارج.

استنكار المعارضة

واستنكر زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد في منشور على منصة "إكس" حقيقة أن يضطر جندي إسرائيلي للهرب من البرازيل خشية اعتقاله لأنه قاتل في غزة، واعتبر أن ذلك فشل دبلوماسي هائل لحكومة بلا مسؤولية ولا تجيد التصرف. وتساءل لبيد عن كيفية الوصول إلى وضع يصبح فيه الفلسطيني أفضل من حكومة إسرائيل دوليا، وأن يخشى الجنود الإسرائيليون السفر مخافة الاعتقال. وكانت منظمات حقوقية في العديد من البلدان أعلنت أنها جمعت معلومات عن جنود إسرائيليين نشروا مقاطع مصورة لأنفسهم وهم يرتكبون جرائم في غزة، لمطالبة السلطات المحلية باعتقالهم. يذكر أن صحيفة "إسرائيل اليوم" كشفت أن أمهات جنود إسرائيليين بعثن رسالة حادة إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس الأركان هرتسي هاليفي يحمّلنهما فيها مسؤولية توفير الحماية القانونية لأبنائهن. وجاء في الرسالة أن "الجيش يخوض حرب استنزاف طويلة، وهو ما سمح للفكر المتطرف بالتغلغل داخله، وأن الأمهات حذرن مرارا من خطر المحاكم الدولية الذي يهدد الجنود، وأن الحكومة لم تفعل ما يكفي لحماية أبنائهن".

رایکم