۱۷۴مشاهدات
تقرير خاص لـ "تابناك"؛

"طوفان الأقصى" وعجز الصهاينة في القضاء على حركة "حماس"

انتهت أطول حرب في تاريخ إسرائيل على الإطلاق. أمضى الجيشُ الإسرائيلي في غزة 471 يوماً لم يترك خلالها استراتيجية قتال ولا سلاحاً، إلا واستخدمهما، ثم اضطر أخيراً لوقف إطلاق النار والنزول إلى صفقة تبادل أسرى.
رمز الخبر: ۷۰۹۳۳
تأريخ النشر: 28 January 2025

القسم الدولي لموقع "تابناك": انتهت أطول حرب في تاريخ إسرائيل على الإطلاق. أمضى الجيشُ الإسرائيلي في غزة 471 يوماً لم يترك خلالها استراتيجية قتال ولا سلاحاً، إلا واستخدمهما، ثم اضطر أخيراً لوقف إطلاق النار والنزول إلى صفقة تبادل أسرى، كان من الممكن أن يتم التوصل إليها عبر التفاوض، ومن خلال الوسطاء، من دون الحاجة إلى كل هذا القتال.

في اليوم الأول لهذه الحرب، أي يوم الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2023، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنه سيخوض حرباً شاملة، براً وجواً ضد غزة، وقال إن لهذه الحرب أهدافا ثلاثة: أولها استعادة الأسرى الذين تم اختطافهم ونقلهم إلى غزة، وثانيها إسقاط حُكم حركة حماس من غزة، وشل قدراتها وسحقها بشكل كامل، أما الهدف الثالث فهو تأمين مستوطنات غلاف غزة وإعادة سكانها الإسرائيليين إليها، بأمان ومن دون خوف.

بعد 471 يوماً من الحرب الدموية، أعلنت إسرائيل وقف إطلاق النار، وبدأت في عملية تبادل أسرى مع حركة حماس، وتبين أن نتنياهو لم يحقق أياً من أهدافه الثلاثة على الإطلاق، بل خرج مقاتلو الجناح العسكري لحركة حماس في موكب عسكري رهيب لتسليم الأسيرات الإسرائيليات الثلاث إلى الصليب الأحمر، ليتفاجأ العالم بأن الأسيرات الثلاث يظهرن وهنَّ في أفضل حال، تحملُ كلٌ منهن كيساً يحتوي هدية تذكارية، فضلاً عن أن السيارات المستخدمة في الموكب لم يبدُ عليها أنها تعرضت لأي أذى مطلقاً، بل إن المفاجأة الأكبر أن المقاتلين جميعاً ظهروا بملابس نظيفة ومرتبة وعلى هيئتهم التي كانوا عليها في اليوم السابق للحرب.. لم يتغير لديهم شيء. لم يتوقف مشهد اليوم الأول لوقف إطلاق النار في غزة عند هذا الحد، وإنما كان اللافت بعد الـ471 يوماً من هذه الحرب الدموية أن مئات الآلاف من الفلسطينيين خرجوا في استقبال المقاتلين في الشوارع والاحتفال معهم بانتهاء الحرب، فيما كان الأطفالُ يتهافتون على التقاط الصور التذكارية مع مقاتلي حماس، وهو مشهدٌ لم يكن أحد لا في إسرائيل ولا خارجها يتوقعه، إذ عادة ما يخرج الناسُ منهكين من أي حرب وناقمين على من تسبب فيها.. لكن هذا لم يحدث في غزة.

فشلت إسرائيل إذن في تحقيق أي من أهدافها في القطاع، فلا هي استعادت أياً من أسراها بالقوة أو عبر هذه الحرب، ولا هي أسقطت حكم حركة حماس، أو حتى زعزعت وجودها وشعبيتها في الشارع، بل إن الظاهر أن حجم التأييد والدعم في غزة لهذه الحركة قد اتسع وزاد بفضل الصمود الأسطوري الذي لم يكن أحدٌ يتوقعه.

أما الهدف الثالث لنتنياهو، وهو تأمين مستوطنات الغلاف والمناطق المحيطة في غزة وشل المنظومة الصاروخية التي تملكها حماس، فهذا أيضاً يبدو أنه تبدد في الهواء، إذ كشفت وسائل الإعلام العبرية مؤخراً نقلاً عن مصادر في الجيش الإسرائيلي وأجهزة الاستخبارات، أن حماس بدأت تعيد تشغيل مصانع إنتاج الصواريخ، وهي مصانع لم ينجح الإسرائيليون في الوصول إليها طيلة الـ471 يوماً للحرب، لكن الأكثر خطورة بالنسبة للإسرائيليين هو أنهم اكتشفوا بأن كمية كبيرة من الذخيرة التي ألقوا بها على رؤوس السكان في غزة لم تنفجر، وهذه الذخيرة وصلت إلى أيدي المقاتلين، الذين نجحوا في إعادة تدويرها واستخدامها، وهو ما يعني في نهاية المطاف أن حماس أصبحت تقاتل الإسرائيليين بسلاحهم أيضاً.

إخفاقات إستراتيجية

وتعددت القراءات التي ناقشت تفاصيل البنود التي شملها الاتفاق عبر مراحله الثلاث، خاصة النتائج السياسية المترتبة على هذا الاتفاق وما يتعلق باليوم التالي في حكم غزة، وكذلك مدى تحقيق الأهداف التي أعلنها الجيش الإسرائيلي في اليوم الأول من هذه الحرب.

فالباحث الإسرائيلي المختص في شؤون الشرق الأوسط باروخ يديد قال -في منشور له على صفحته في موقع "إكس"- إن الخط الدعائي الذي تقوده حماس الآن، وفي اليوم التالي للحرب لتثبيت انتصارها -حتى لو كان ظاهريا- يرتكز على الإخفاقات الإستراتيجية الخمسة التي مُنيت بها إسرائيل، وهي:

1ـ فشلت إسرائيل في تدمير البنى التحتية الحكومية لحماس.

2ـ فشلت إسرائيل في إطلاق سراح المحتجزين لدى حماس.

3ـ فشلت إسرائيل في تهجير سكان قطاع غزة إلى خارجه.

4ـ فشلت إسرائيل في الانتصار العسكري على حماس.

5ـ وفوق كل ذلك، فشلت إسرائيل في اقتلاع حماس من سيناريو "اليوم التالي" بعد الحرب على غزة.

"وجه النصر المطلق".. كيف تلقى الشارع الإسرائيلي مشاهد انتشار مقاتلي حماس في غزة

"نريد أن يتوقف هذا الجنون".. هكذا استهلت صحيفة هآرتس الإسرائيلية مقالاً أوضحت من خلاله آلية تسليم الرهائن من قبل عناصر حماس للصليب الأحمر. وقالت الصحيفة الإسرائيلية إنه وعلى الرغم من سقوط المزيد من القتلى في غارات قوات الجيش الإسرائيلي قبل دخول وقف إطلاق النار المؤجل حيز التنفيذ، فإن المزاج في غزة احتفالي، حيث رقصت الحشود ووزعت الحلوى، وأشاد البعض بـ "انتصار حماس". ونقلت الصحيفة منشوراً على منصة إكس للمركز الفلسطيني للإعلام تحت عنوان "بقيت حماس وانتصرت غزة"، الأمر الذي قالت الصحيفة الإسرائيلية إنه تحقق حتى ولو بعيون أهالي القطاع.

وأثارت آلية تسليم الرهينات حفيظة وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير الذي قدم استقالته من الائتلاف الحكومي فور دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، حيث شدد على ضرورة "استعادة المزيد من الرهائن بالقتل واستمرار الحرب ومنع المساعدات الإنسانية" وليس بما أسماه بـ "الرضوخ" لشروط حماس. بينما لم ينتظر حليفه في الائتلاف وزير المالية بتسئيل سموتريتش طويلاً لإبداء ردة فعله، وسرعان ما رفع صوته بالقول إن على الجيش الإسرائيلي "المسارعة بالعودة إلى الحرب في غزة واحتلالها وفرض حكم عسكري مؤقت لأن هذه هي الطريقة الوحيدة لهزيمة حماس".

وقال الصحفي الإسرائيلي جابي بيخور في منشور له على منصة إكس "أنتم تشاهدون اليوم التالي للحرب حيث تنتشر قوات حماس في جميع أنحاء غزة ويجري استقبالهم كالأبطال! واستطرد بيخور قائلاً "سندفع ثمن هذا باهظاً". وشهدت المنصات الإسرائيلية نبرة غضب واضحة، وطرحت العديد من التساؤلات حول الظهور المفاجئ لكتاب القسام. وتسائل المغردون الإسرائيليون: "من أين خرجوا.. ومن أين أتى عددهم هذا؟ وأين كانت كل هذه المركبات؟ وماذا كان يفعل جنودنا منذ أكثر من عام في غزة؟ وأضافوا قائلين بأن "هذا جنون لا يستوعبه العقل". ويقول محللون سياسيون بأن حالة الإحباط في الأوساط الإسرائيلية تنبع من اعتقادات تفيد بأن الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة لم تحقق أهدافها، خاصة بعد أن اضطرت تل ابيب إلى التفاوض لاستعادة الأسرى ضمن اتفاق سيؤدي إلى تحرير أكثر من 1700 أسير فلسطيني من السجون الإسرائيلية.

رایکم